أصدرت الدائرة "14" تعويضات – بمحكمة استئناف المنصورة، حكما قضائيا نهائيا يهم ملايين المتقاضين، ينظم العلاقة بين الموكل والمحامى في مباشرة اعماله، بإلزام المحامى بأن يؤدى لموكله 200 ألف جنيها كتعويضا بسبب إهماله في بذل العناية ما أدى لخطأ منه في مباشرة اجراءات دعوى لموكله نتج عنه خسارة القضية.
صدر الحكم في الإستئناف المقيد برقم 1929 لسنة 74 قضائية المنصورة، برئاسة المستشار محمد السيد الغازى، وعضوية المستشارين محمد عبد اللطيف، ومحمد أحمد فؤاد، وأمانة سر طارق مصطفى.
الوقائع.. الموكل يطالب المحامى بتعويض بسبب خطأ أدى لخسارته الدعوى
واقعة الدعوي ومستنداتها سبق وأن أحاط بها الحكم المستأنف وإليه تحيل المحكمة في شأن بيانها منعاً للتكرار غير أنه ربطا لسياق الوقائع توجزها في أن المدعي أقامها بموجب صحيفة قيدت مقلم كتاب محكمة أول درجة في 9 فبراير 2021، وأعلنت قانوناً للمدعى عليه طلب في ختامها الحكم بإلزامه بأن يؤدي للمدعي التعويض الذي تقدره المحكمة تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء خطأ المدعى عليه، وإلزامه بالمصاريف ومقابل اتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة.
على سند من القول أن المدعي كان يعمل مباشر تشغيل أول بشركة وسط الدلتا لإنتاج الكهرباء وتم إنهاء خدمته وبلوغه سن التقاعد بتاريخ 9 أغسطس 2015، وقام بتحرير توكيل رسمي عام في القضايا للمدعى عليه، وذلك بتاريخ 11 يناير 2016، وقام المدعي عليه برفع الدعوي رقم 80 لسنة 2016 عمال المنصورة، وقدم حافظة مستندات بها إسم الشركة التي كان يعمل بها المدعى، وفوجئ المدعي بقيام المدعي عليه باختصام شركة شمال الدقهلية لتوزيع الكهرباء وبعد ذلك قام باختصام شركة أخرى بتاريخ 18 يناير 2017 لم يعمل بها المدعي وبتاريخ 8 نوفمبر 2017 قام بتصحيح شكل الدعوي واختصام الشركة التي كان يعمل بها المدعى وندبت المحكمة خبيرا في الدعوي وقدر الخبير رصيد اجازات للمدعى عليه بمبلغ 152724 جنيه.
الموكل يكشف عن طبيعة الخطأ الذى أدى للتقادم الحولى
وفى تلك الأثناء - قامت الشركة التي كان يعمل بها المدعى بالدفع بسقوط حق المدعي بالتقادم الحولي لإختصام الشركة بعد الميعاد المقرر، وقضت محكمة أول درجة بسقوط حق المدعي بالتقادم الحولى، وقام المدعى بإستئناف الحكم، وقضي برفض الاستئناف، وتأييد الحكم المستأنف، ولما كان فعل المدعى عليه قد أصاب المدعى عليه بأضرار مادية وأدبية جسيمة أدت إلي حرمانه من حقه في المبلغ المقرر له كرصيد أجازات، كما أصابه أضرار أدبية من جراء ذلك ويحق له إقامة الدعوي للحكم له بالطلبات سالفة الذكر.
وبجلسة 25 يناير 2021 قضت محكمة أول درجة بإحالة الدعوي للتحقيق الاثبات ونفي ما تدون بمنطوق الحكم، ونفاذاً لهذا الحكم استمعت المحكمة لشاهدي المدعى، وقررا بأنهما كانا زملاء المدعي وقاما برفع قضايا للحصول على رصيد أجازتهم، وقاموا بصرف رصيد الاجازات الخاصة بهما، وأن المدعي قام بعمل توكيل المدعى عليه إلا أنه لم يحصل على رصيد أجازاته نتيجة خطأ المدعي عليه، وحيث أن المدعي قام بإدخال خصمين جديدين وهما "........، ......." بموجب صحيفة قيدت بقلم كتاب محكمة أول درجة في 9 أكتوبر 2011 وأعلنت للمدعي وللخصمين المدخلين بتاريخ 11 أكتوبر 2021 مع مأمور قسم ثان المنصورة وأخطروا بالمسجل رقم 27895 في 12 أكتوبر 2021 للحضور بجلسة 7 نوفمبر 2021.
وبتلك الجلسة حضر وكيل المدعي وحضر وكيل المدعي عليه ولم يحضر الخصمين المدخلين وقررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم بجلسة 30 يناير 2022، وبتلك الجلسة قضت محكمة أول درجة بقبول إدخال كلا من ".......،......."، ثانيا : بالزام المدعى عليهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعى مبلغ مائة الف جنيه تعويضاً ماديا وادبيا والزمت المدعى عليهم بالمصاريف ومبلغ خمسة وستين جنيهاً مقابل اتعاب المحاماة .
محكمة أول درجة تقضى بتعويض للموكل يقدر بـ 100 ألف جنيه
إلا أن المدعي المحكوم له لم يرتضي هذا الحكم، فطعن عليه بالاستئناف رقم 1929 لسنة 74 قضائية مدني المنصورة بموجب صحيفة قيدت بقلم كتاب المحكمة في 10 مارس 2022، وأعلنت قنونا للمستأنف عليهم، طلب في ختامها الحكم أولاً: بقبول الاستئناف شكلا، ثانيا: وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به ضد المستأنف عليهم، والقضاء بزيادة مبلغ التعويض المادي والأدبي المقضي به مع إلزامهم متضامنين فيما بينهم والزامهم بالمصاريف ومقابل العاب المحاماة عن الدرجتين.
المحامى يستأنف الحكم لإلغاءه.. والموكل يرد بإستئناف لزيادة التعويض
وقال في أسباب الاستئناف أولاً : من حيث الشكل فإن الاستئناف قدم في الميعاد فهو مقبول شكلاً، ثانياً: من حيث الموضوع فإن مبلغ التعويض المقضي به بالحكم المستأنف قليل ولا يتناسب وحجم الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالمستأنف، إذ أن تقرير الخبير في الدعوي رقم 80 لسنة 2016 عمال المنصورة قرر رصيد أجازات المستأنف قدرها 152725 جنيه فضلا عن مصاريف القاضي والأضرار الأدبية التي لحقت بالمستأنف مخالفا بذلك نصوص المواد 170، 221، 222 من القانون المدنى ويحق له إقامة الاستئناف للحكم له بالطلبات سالفة الذكر، وحيث أن المدعى عليه المحكوم عليه لم يرتضي قضاء محكمة أول درجة فطعن عليه بالاستئناف، وطلب في ختام الحكم:
أولاً: بقبول الاستئناف شكلاً، وثانيا: وفي الموضوع أصليا بتمسك المستأنف بالطعن بالطعن بالتزوير على توقيعه بصحيفة الدعوي رقم 80 لسنة 2016 عمال المنصورة محل دعوي التعويض واحتياطياً بإلغاء حكم أول درجة والقضاء مجددا برفض الدعوى، وذلك لنفى المسئولية وانتفاء رابطة السببية بتحقق السبب الأجنبى وهو خطأ المضرور.
والمحكمة تؤكد: المحامى ملزم ببذل عناية وليس تحقيق نتيجة
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث أنه من المقرر وفقا لنص المادة 699 من القانون المدني الوكالة عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل، وقد نصت المادة 703/1 من ذات القانون على أن الوكيل ملزم بتنفيذ الوكالة دون أن يجاوز حدودها المرسومة، ومن المقرر وفقا لنص المادة 704 من ذات القانون إذا كانت الوكالة بلا أجر وجب على الوكيل أن يبذل في تنفيذها العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة أنه أن يكفي في ذلك أرتكبه أزيد من عناية الرجل المعتاد، ومن المقرر وفقاً لنص المادة 163 من القانون المدني كل خطا سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه التعويض فعناصر المسئولية التقصيرية ثلاثة أولهما الخطأ، ثانيهما الضرر، ثالثهما علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
وأما عن صحيفة الدعوى قالت "المحكمة": إذ أنه ثبت من محضر جلسة الدعوى سالفة الذكر أنه حضر بجلسة 16 فبراير 2016 بصفته وكيلاً عن المستأنف "المدعى" بالتوكيل سالف الذكر، ولم يطعن على توقيعه على صحيفة الدعوي أمام المحكمة التي نظرت الدعوى رقم 80 لسنة 2016 عمال المنصورة، ومن ثم تقضي المحكمة في موضوع الاستئناف رقم 1929 لسنة 74 قضائية بتعديل الحكم المستلف بالتزام المستأنف عليه الأول بأن يؤدي للمستأنف تعويضاً ماديا وأدبيا قدره 200 ألف جنيه عما أصابه من أضرار مادية وأدبية .
الاستئناف تنصف الموكل وتلزم المحامى بتعويض 200 ألف جنيه
وبحسب "المحكمة": حيث أنه عن المصاريف فإن المحكمة للتزم بها المستانف عليه الأول بالمصاريف عملا بالمادتين 184/1، 240 من قانون المرافعات، وحيث أنه عن موضوع الاستئناف رقم 1940 لسنة 74 قضائية، فلما كانت المحكمة قضت في موضوع الاستئناف رقم 1929 لسنة 74 قضائية بتعديل الحكم المستأنف بالتزام المستأنف عليه الأول بأن يؤدي للمستانف مبلغ 200 ألف جنيه تعويضا ماديا وأدبيا عن الأضرار التي لحقت به من جراء خطأ المستأنف عليه الأول ومن ثم تقضى المحكمة في موضوع الإستئناف رقم 1940 لسنة 74 قضائية برفضه.
وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض حسام حسن الجعفرى، أن التزام المحامي في الوكالة بالخصومة هو التزام ببذل العناية الصادقة الواجبة الاتباع من خلال القوانين واللوائح والأعراف المتبعة في المهنة، حيث أن مهنة المحاماة تحتاج كثيرا من الجهد والبحث، وتهدف إلى تحقيق العدالة وحماية الحق أي كان موقعه واعلاء سيادة القانون بأعتباره وسيلة العدالة، ويجب على المحامي أن يلتزم بقسمه الذي يؤديه وأن يقوم بمهمته بكل أمانة وشرف وأن يحترم القانون ويحافظ على سر المهنة ويرعى تقاليد آدابها وأن يظهر بمظهر يليق بكرامة المهنة ومكانتها.
ماهي طبيعة التزام المحامي في الوكالة بالخصومة؟
وبحسب "الجعفرى" في تصريح لـ"برلماني": تتطلب مهنة المحاماة كثيرًا من الجهد لإتقانها ويتفق الفقه والقضاء على أن التزام المحامي في الوكالة بالخصومة هو التزام ببذل العناية الصادقة الواجبة الاتباع من خلال القوانين واللوائح والأعراف المتبعة في المهنة وهو ملزم بالسير في الدعوى وفي الدفاع عن موكله على النحو الذي يوجبه شرف وقواعد مهنته، فالمحامي لا يلتزم بتحقيق نتيجة بكسب الدعوى لصالح موكله والعناية المطلوبة من المحامي هي عناية الرجل المتبصر المطلع على الملف ووثائقه والملم بالقوانين المطبقة على النزاع والحريص على القيام بأي إجراء شكلي في وقته.
ووفقا لـ"الجعفرى": فالمحامي يختلف عن الرجل العادي في مجال مهنته والموكل يعتمد على خبرة المحامي العلمية والعملية ويوليه ثقته، والمعيار الذي تقاس به عناية المحامي هو معيار فني محض أي معيار المحامي المعتاد أو أوسط المحامين خبرة وعناية، ومثل هذا المحامي لا يجوز له أن يخطئ فيما استقرت عليه أصول مهنة المحاماة.
ماهي التزامات المحامي تجاه موكله؟
أولا: القانون المدني وفقا للمادة (699) من القانون المدنى: (الوكالة عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكّل)، ووفقا للمادة (704): 1- إذا كانت الوكالة بلا أجر وجب على الوكيل أن يبذل في تنفيذها العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة، دون أن يكلّف في ذلك أزيد من عناية الرجل المعتاد، 2- فإن كانت بأجر وجب على الوكيل أن يبذل دائماً في تنفيذها عناية الرجل المعتاد.
ثانيا: قانون المحاماه
وفقا للمادة (47) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 وتعديلاته: (للمحامى أن يسلك الطريقة التى يراها ناجحة طبقا لاصول المهنة فى الدفاع عن موكله ولا يكون مسئولا عما يورده فى مرافعته الشفوية أو فى مذكراته المكتوبة مما يستلزمه حق الدفاع، وذلك مع عدم الاخلال بأحكام قانون الاجراءات الجنائية وقانون المرافعات المدنية والتجارية)، وطبقا للمادة (63): (يلتزم المحامى بأن يدافع عن المصالح التى تعهد اليه بكفاية وأن يبذل فى ذلك غاية جهده وعنايته) – الكلام لـ"الجعفرى".
وأكدت المادة (77): (يتولى المحامى تمثيل موكله فى النزاع الموكل فيه فى حدود ما يعهد به اليه وطبقا لطلباته، مع احتفاظه بحرية دفاعة فى تكييف الدعوى وعرض الأسانيد القانونية طبقا لأصول الفهم القانونى السليم)، ووفقا للمادة (78): (يتولى المحامى ابلاغ موكله بمراحل سير الدعوى وما يتم فيها وعليه أن يبادر الى اخطاره بما يصدر من أحكام فيها وأن يقدم له النصح فيما يتعلق بالطعن فى الحكم اذا كان فى غير مصلحته، وأن يلفت نظره الى مواعيد الطعن).