أصدرت الدائرة "48 عمال" – بمحكمة استئناف القاهرة – حكما فريدا من نوعه، يهم ملايين العمال والموظفين، يتصدى لكوارث "عقود الإذعان"، رسخت فيه لـ 3 مبادئ قضائية، قالت فيه:
1- بطلان الشرط الجزائي في عقد العمل واعتبار عقد العمل من عقود الإذعان لمخالفته نص المادة الخامسة من قانون العمل رقم (12) لسنة 2003
2- الشرط يكون شرطاً تعسفياً إذا جعل الالتزام على العامل فقط دون أن يكون على الشركة إلتزام مقابل ذلك الأمر الذى يتأكد معه الاذعان فى ذلك العقد.
3- العامل هو الطرف الضعيف فى تلك العلاقة العمالية، وبذلك يحق للمحكمة الالتفات عن ذلك الشرط وإعفاء العامل منه".
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 1522 لسنة 77 قضائية – عمال – لصالح المحامى بالنقض مصطفى زكى، برئاسة المستشار سلامة محمد إبراهيم، وعضوية المستشارين الدكتور فيكتور فاروق، وسعيد عيسى حسن، وأمانة سر أحمد سمير.
الوقائع.. جامعة تقيم دعوى تعويض ضد مدرسة جامعية لعدم إلتزامه ببنود العقد
تتحصل الوقائع وما قدم من مستندات وما أبدي من دفاع ودفوع فيما سبق وأن احاط به الحكم المستأنف الصادر في الدعوى الرقيمة 529، 612 لسنة 2020 عمالية غرب الإسكندرية، فنحيل إليه منعاً للتكرار ونوجزها بالقدر اللازم لحمل أسباب هذا القضاء في أن المستأنف ضده بصفته في الاستئناف الأصلي أقام دعواه بموجب صحيفة استوفت شرائطها القانوني، وأودعت قلم كتاب المحكمة الابتدائية واعلنت قانوناً للمستأنفة، وطلب في ختامها الحكم بإلزام المخالفة بأداء مبلغ 46731 جنيه للجامعة المستأنفة قيمة الشرط الجزائي المنصوص عليه بالبندين الثاني عشر والثالث عشر من عقد العمل المبرم بين الجامعة والمستقلة - بالإضافة إلى قيمة الإقرار الموقع منها بالالتزام بالعمل لدى الجامعة لمدة 3 سنوات مع إلزامها والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وذلك على سند من القول أنه بموجب عقد عمل محدد المدة يبدأ من تاريخ 1 نوفمبر 2019 وينتهى في 30 سبتمبر 2020، وذلك بأن تعمل المستأنفة في الجامعة المستأنف ضدها بوظيفة مدرس مساعد بكلية الهندسة براتب شهري وقدره 5577 جنيه، كما قامت المستأنفة بالتوقيع بإقرار بالالتزام بالعمل لدى الجامعة المستأنفة مدة 3 سنوات من بعد حصولها على درجة الدكتوراة، حيث فوجئت الجامعة المستأنفة بقيام المستأنفة بتقديم استقالتها بتاريخ 23 ديسمبر 2019 لعدم رغبتها في الاستمرار في العمل، وتم رفض تلك الاستقالة وإخطارها بخطاب مسجل بعلم الوصول في 30 ديسمبر 2019.
محكمة آول درجة تنصف الشركة على المُدرسة الجامعية
كذا إنذارها بتاريخ 15 يناير 2020 إلا أن المستأنفة قامت بالانقطاع عن العمل بدون إذن مبرر وقد قامت الجامعة المستأنف ضدها بإنذارها بموجب خطابين مسجلين بعلم الوصول باتخاذ الإجراءات القانونية ضدها في حالة عدم عودتها للعمل، ثم انذرت الجامعة المستأنفة بسداد المبلغ المطالب به نفاذا للبندين الثاني عشر والثالث عشر من العقد المبرم بينهما، إلا أنها لم تمتثل الأمر الذي يحق للمستأنف ضدها مطالبتها بالتعويض المنصوص عليه بالعقد الأمر الذي حدا بالمستأنف ضده بصفته فإقامة الدعوى الرقيمة 529 لسنة 2020 عمالية الإسكندرية بغية القضاء له بطلباته الختامية أنفة البيان.
المُدرسة الجامعية تستأنف لإلغاء الحكم لهذه الأسباب
وصدر حكم أول درجة لصالح الجامعة وتأييد طلباتها، بينما استأنفت مدرس مساعد بكلية الهندسة، لإلغاء الحكم الصادر ضدها حيث استندت مذكرة الطعن على عدة أسباب أبرزها الخطأ في تطبيق القانون، والإخلال بحق الدفاع، والفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب، باعتبار وجود شرط إذعان بالعقد 3 سنوات في حين أن مدة العقد سنة واحدة.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن الشرط الذى تعتبره من شروط الإذعان فى التمهيد حتى يكتمل المعنى العام هو الشرط الجزائي ثلاث سنوات في حين أن مدة العقد سنة واحدة، وببطلان الشرط الجزائي في عقد العمل باعتبار أن عقد العمل لمخالفته لنص المادة الخامسة من قانون العمل رقم (12) لسنة 2003، والتى تنص على أن: "يقع باطلاً كل شرط أو إتفاق يُخالف أحكام هذا القانون، ولو كان سابقاً على العمل به، إذا كان يتضمن انتقاصاً من حقوق العامل المقررة فيه .."، يستفاد من النص أن البطلان لهذا الشرط مطلق لا تصححه الإجازة وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام، ولا يجوز التنازل عنه ويستطيع كل ذى مصلحة أن يتمسك به فى أية مرحلة كانت عليها الدعوى .
محكمة الاستئناف تكتشف أن "عقد العمل" من "عقود الإذعان" ويتضمن شرطا تعسفيا
وبحسب "المحكمة": كما خالفت البنود أحكام المادتين "149، 224" من القانون المدنى، والتى تنص أولهما على أن: "إذا تم العقد بطريق الاذعان وكان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للقاضى أن يُعدل هذه الشروط أو أن يعفى الطرف المذعن منها، وذلك وفقاً لما تقضى به العدالة ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك"، وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه: "مؤدى النص فى المادة (149) من القانون المدنى أنه إذا تضمن العقد الذى تم بطريقة الاذعان شروطاً تعسفية فإن للقاضى أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفى الطرف المذعن منها وفقاً لما تقضى به العدالة ومحكمة الموضوع هى التى تملك حق تقدير ما إذا الشرط تعسفيا أم لا .
المحكمة تنصف الموظفة وترسخ 3 مبادئ قضائية
ووفقا لـ"المحكمة": وحيث أن هذا الشرط يكون شرطاً تعسفياً حيث أنه جعل الالتزام على العامل فقط دون أن يكون على الشركة المدعية إلتزام مقابل بذلك الأمر الذى يتأكد معه الاذعان فى ذلك العقد، وحيث أن العامل هو الطرف الضعيف فى تلك العلاقة العمالية، وبذلك يحق للمحكمة الالتفات عن ذلك الشرط وإعفاء العامل منه، وإذا خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يتعين الغاؤه.
ملحوظة:
كثير من عقود الخدمات في العديد من الدول العربية، هي "عقود إذعان" تلك العقود من المتعارف عنها أنها لا تراعي حقوق المستهلك، فهي بمثابة علاقة غير متكافئة بين طرف قوي - مقدم الخدمة - يفرض شروطه، وآخر ضعيف – المستهلك - الذي عليه أن يقبل هذه العقود كما هي دون أن يحق له تغييرها أو التفاوض بشأنها، وذلك نظراَ لاحتياجه لهذه المتطلبات الحياتية التي لا غنى عنها.
خطورة عقود الإذعان فى البنود التعسفية
ومسألة وجود بنود تعسفية في هذه العقود يمثل مشكلة كبيرة لدى الكثيرين، كونها تمس حاجات حياتية، فكل منا يرتبط بواحد أو أكثر من هذه العقود التي تتعلق باحتياجاتنا اليومية من الخدمات، منها عقود مزوّدي خدمات الاتصالات، وعقود البنوك والبطاقات الائتمانية، وعقود تأجير وبيع العقارات، ووثائق شركات التأمين، الأمر الذى يؤدى إلى مطالبات مستمرة فى الدول العربية بوجود جهات رقابية وممثلين عن المستهلك عند كتابة هذه العقود، باعتبارها خطوة استباقية، خصوصاً في ما يتعلق بالعقود التي تمس الخدمات الحياتية.