اعتاد الكويتيون على الخلافات السياسية المتكررة بين البرلمان والحكومة والتى تنتهى فى كل مرة إما بحل المجلس والدعوة لانتخابات مبكرة أو استقالة الحكومة وتشكيل غيرها، وهكذا تسير العلاقة بين المؤسسة التشريعية والتنفيذية بالبلاد فى دائرة مفرغة لا تنتهى من الخلافات.
واليوم عشية انتخاب برلمان جديد فى الكويت بعد أزمة كبيرة أدت لاستقالة الحكومة عقبها حل المجلس بمرسوم أميرى، يتحدث الخبراء عن توقعات بعزوف الناخبين عن المشاركة فى الانتخابات بعد حالة الإحباط التى أصابتهم من الخلاف المستمر والذى أدى إلى شبه تعطيل كامل للحياة التشريعية وبالتالى عدم تلبية رغبات المواطنين فى ظل أزمة اقتصادية تضرب كافة دول العالم.
وبإتمام هذه الانتخابات تكون الكويت شهدت خلال السنوات الـ4 الآخيرة تشكيل 6 حكومات وانتخاب 3 مجالس تشريعية، وكانت الانتخابات الأخيرة فى 22 سبتمبر 2022 أى لم يمر عليها عام واحد، وكان وقتها يظن البعض أن حل مجلس الأمة الكويتى وانتخاب مجلس جديد سيقلل من المواجهات المتتالية بين المجلس التشريعى والحكومة، ولكن خلافًا للتوقعات لم تتمكن الحكومة الكويتية الجديدة من الصمود أمام البرلمان سوى 100 يومًا فقط، وتقدمت بعدها باستقالتها بعد أن حاصر النواب الوزراء بالاستجوابات تحت القبة، إلى أن صدر مرسوم أميرى بحل المجلس.
ويتوجه الناخبون الكويتيون، غدًا الثلاثاء، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، ويختار الناخبون الذين يحق لهم التصويت وعددهم 793646 مواطنا ومواطنة 50 نائبا من بين 207 مرشحا ومرشحة فى عملية اقتراع تجرى وفق نظام الصوت الانتخابى الواحد وتنطلق فى الساعة الثامنة صباحا ولمدة 12 ساعة متتالية.
ووفقا للشرق الأوسط، فخلال فترة الترشح للانتخابات ظهر بشكل واضح فتور ليس فقط بين المواطنين بل فتوراً أيضا من قبل المرشحين أنفسهم، فقد أسفر السباق الانتخابى عن 207 مرشحا ومرشحة، بعد انسحاب 40 مسجلاً فى الانتخابات، وبقى هذا العدد الذى يمثل أقل عدد للمرشحين منذ انتخابات مجلس 1975.
غير أن وجود أسماء بارزة مثل رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون، وكذلك الرئيس الأسبق للمجلس مرزوق الغانم، وعدد من التكتلات البرلمانية، مع عدد من نواب مجلسى 2020 و2022 يشكل دافعاً لحشد القوة الناخبة للمشاركة فى التصويت.
مراقبون ومحللون يعزون هذا الفتور إلى الأجواء السياسية التى مرّت بها البلاد، وأدت فعلياً إلى قيام ثلاثة مجالس تشريعية خلال السنوات الأربع الأخيرة، مع حلّ للبرلمان مرتين وإبطال للمجلس المنتخب فى العام 2022 بحكم المحكمة الدستورية نتيجة أخطاء فى إجراءات الحلّ.
وأقرت مستشار لجنة المرأة فى مجلس الأمة سابقا عذراء الرفاعى فى حديث مع التلفزيون الكويتى الرسمى، بوجود عزوف عام عن الترشح فى الانتخابات الحالية يشمل الرجال والنساء. وأرجعت السبب إلى عدم الاستقرار السياسى، والخوف من الترشح، والإشاعات المستمرة بأن هناك بطلانا للمجلس المقبل.
ويملك مجلس الأمة الكويتى صلاحيات واسعة، أبرزها قدرته على استجواب رئيس الحكومة أو وزرائه، فضلا عن قدرته على التصويت لحجب الثقة عن الوزراء، أو "عدم التعاون" مع رئيس الوزراء، ويأمل الكويتيون أن يكون هناك توافق وتعاون بين تركيبة البرلمان، الذى سينبثق عن الانتخابات المقبلة، وحكومة البلاد المرتقب تشكيلها بعد الانتخابات لتجاوز تحديات المرحلة الراهنة، وتحقيق طموح الوطن والقيادة فى غد أفضل تكون فيه الكويت فى مصاف الأمم المتقدمة.
وتحرص الكويت على ضمان نزاهة الانتخابات من خلال سماحها لجمعيات المجتمع المدنى من مراقبة الانتخابات، وأكد رئيس جمعية الشفافية الكويتية ماجد المطيرى، وفقا لوكالة الأنباء الكويتية، أن الهدف الرئيسى من مراقبة ومتابعة مؤسسات المجتمع المدنى وجمعيات النفع العام للعملية الانتخابية ليس فقط للتأكد من حيادية ونزاهة الجهات المعنية فى إدارة المشهد الانتخابى، أو فى دفع الناخبين للمشاركة الوطنية فى العملية الانتخابية، إنما أيضا لتقييم الوضع الديموقراطى وللارتقاء بالكويت فى المؤشرات الدولية ذات الاختصاص.
ودعا المطيرى، إلى تضمين قانون الانتخاب الكويتى ما يتعلق بتمكين منظمات المجتمع المدنى وجمعيات النفع العام من متابعة ومراقبة الانتخابات لتكون تلك الجهات شريكا رئيسيا فى متابعة وتنظيم ومراقبة العملية الانتخابية أسوة بالمنظمات الدولية المختصة.
بدوره قال رئيس جمعية متابعة الأداء البرلمانى الكويتية، ناصر الشليمى، ان مشاركة الجمعية والجمعيات الاخرى فى الإشراف على متابعة ومراقبة العملية الانتخابية يوم 6 يونيو المقبل يدل على إيمان الحكومة بأهمية ودور مؤسسات المجتمع المدنى وهو تطبيق فعلى لمبدأ الشراكة الحقيقية وانسجام كامل فى تطبيق معايير النزاهة والشفافية فى العملية الديموقراطية.
وذكر الشليمى، أن هذا القرار يسهم فى دعم مؤسسات المجتمع المدنى فى الجانب التوعوى ويعكس أهمية إيصال رسالة للناخبين والناخبات بالمشاركة فى العملية الانتخابية ودور الناخب والناخبة فى صناعة مستقبل أفضل لواقع الدولة عبر الاختيار الأمثل لممثلين له فى البرلمان الكويتى.