أصدرت الدائرة "3" الجنائية – بمحكمة استئناف القاهرة "طعون نقض جنح"، حكما فريدا من نوعه، يرسى 3 مبادئ قضائية جملة واحدة، يتصدى لعدة وقائع أبرزها اتهام الزوجة زوجها بتبديد المنقولات الزوجية، قالت فيه: 1-ثبوت خطأ الموظف فى ملئ أحد الأوراق اللأزمة للشكل لا تضر الطاعن، خاصة خطأ الموظف فى عدم كتابة منطوق الحكم بالتقرير.
2-أن عرض المنقولات الزوجية ينفى نية التملك، وبالتالى ينفى قيام جريمة التبديد.
3-عبء إثبات تبديد المشغولات الذهبية يقع على الزوجة وليس الزوج.
الخلاصة:
الأمر الأول: المعتاد أن دوائر الطعن لا تقبل أي التماسات بعد الحكم، ومن النادر جدا أنها ترجع فى قضاء قضته، ولكن في هذه الحالة دائرة النقض قبلت الإلتماس، واثبتت أن خطأ الموظف فى عدم كتابة منطوق الحكم فى التقرير لا يضار به الطاعن، وبالتالى رغم أن فيه خطأ اعتبرته أثر على شكل الطعن تأثيرا مباشرا إلا أنها تجاوزته، وقضت بقبول الطعن شكلا بعدما كانت قررت عدم قبوله.
ثانيا: أن حكم النقض الشهير في 2013 المقيد برقم 26754 لسنة 3 القضائية، الذى أقر أن الذهب لصيق بالزوجة كان الزوج قد جاء بشهود، وبالتالى كان عبء إثبات خروج الزوجة بالذهب على الزوج، بينما في تلك الواقعة دفاع الزوج تمسك بأن عبء اثبات خلاف ما تدعيه الزوجة فى المشغولات على الزوجة نفسها، وبالتالى الزوج لم يعد مسؤلا عن إثبات خروج الزوجة بالذهب أو غيره.
ثالثا: للأسف الشديد حدث خطأ فى النسخ وقع من الموظف حيث قام بتدوين أن الزوج قام بتسليم الزوجه قائمة المنقولات، وهذا في الحقيقة لم يحدث حيث أن الزوج قام فقط بالعرض فى المحضر الذى ذكرته النقض، وهى استلمت بعض الأشياء وتركت بعضها، وهذا هو السند الثالث في تلك الواقعة أن انتفاء التبديد بـ"مجرد العرض" وليس بـ"التسليم"، بمعنى أدق لو عرض الزوج ورفضت الزوجة الاستلام فهو بذلك أصبح براءة من جريمة التبديد.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 18942 لسنة 9 قضائية، لصالح المحامى محمد الشرقاوى، برئاسة المستشار حسنى عواد، وعضوية المستشارين هانى عبد الحليم، وعمر صقر، وبحضور كل من وكيل النيابة مهند سليم، وأمانة سر سعيد عماره.
الوقائع.. زوجة تتهم زوجها بتبديد المنقولات الزوجية
اتهمت النيابة العامة "ع. م" من أنه بدد المنقولات الزوجية المملوكة لزوجته المجنى عليها "ف. ط"، وطلبت عقابه بالمادة 341 عقوبات، وقضت محكمة جنح الشرابية في القضية رقم 6090 لسنة 2017 جنح الشرابية بجلسة 20 سبتمبر 2017 حضوريا بتوكيل بحبس المتهم سنة مع الشغل وألزمته بالمصاريف الجنائية.
محكمة أول درجة تقضى بحبس الزوج سنة مع الشغل
ولم يرتضى المتهم بهذا القضاء، فقرر بالاستئناف في الدعوى رقم 11145 لسنة 2017 جنح مستأنف شمال القاهرة، حيث قضت محكمة جنح مستأنف غيابيا بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المتهم بالمصاريف الجنائية، فقرر المتهم بالمعارضة على هذا القضاء أمام محكمة جنح مستأنف شمال القاهرة، والتي قضت بقبول المعارضة الإستئنافية شكلا، وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه ولايقاف للعقوبة لمدة 3 سنوات.
الزوج يستأنف لإلغاء الحكم
فقرر المحامى محمد الشرقاوى بالطعن بالنقض وكيلا عن الطاعن بموجب التوكيل رقم 611 لسنة 2018 "ب" توثيق شبرا خيت، فقضت محكمة الاسئتناف دائرة الطعون بجلسة 12 مارس 2022 بعدم قبول الطعن شكلا، وذلك لأن التقرير بالطعن قد جاء خاليا من منطوق الحكم المطعون فيه، وحيث قدم الطاعن طلب إلى السيد عضو المكتب الفني والمشرف العام على طعون الجنح بالعدول عن القرار، وذلك لخطأ الموظف في عدم بيان منطوق الحكم المطعون فيه.
محكمة ثانى درجة ترفض الاستئناف وتؤيد حكم حبس الزوج
المحكمة في حيثيات الحكم ردت على تلك الدفوع بقولها: لقد سبق بهذه المحكمة أن قضت بتاريخ 12 مارس 2022 بعدم قبول الطعن شكلا، وذلك لأن التقرير بالطعن قد جاء خاليا من منطوق الحكم المطعون فيه، وكان الطاعن قد تقدم بطلب يلتمس فيه إعادة نظر الطعن من جديد واستند في طلبه إلى السيد عضو المكتب الفني بالعدول عن ذلك القرار لوجود خطأ من الموظف في عدم بيان منطوق الحكم المطعون فيه، وهو الأمر الذى تبين صحته من الإطلاع على تقرير الطعن، ومن ثم فإن المحكمة تقضى بالرجوع في القرار السابق بعدم قبول الدعوى شكلا.
محامى الزوج يطعن على الحكم أمام محكمة النقض
وبحسب "المحكمة": ومن المقرر أن التأخير في رد الشئ أو الإمتناع عن ردة إلى حين لا يتحقق به الركن المادى لجريمة التبديد ما لم يكن مقرونا بانصراف نية الجانى إلى إضافة المال الذى تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضرار لصاحبه إذا من المقرر أن القصد الجنائى في هذه الجريمة لا يتحقق بمجرد قعود الجانى عن ردة، وإنما تطلب فوق ذلك ثبوت نية يملكه إياه وحرمان صاحبة منه.
دائرة الطعون ترفض لأن التقرير بالطعن قد جاء خاليا من منطوق الحكم المطعون فيه
لما كان ذلك – وكان البين من الأوراق الطاعن قد سلم المجنى عليها قيمة المنقولات الثابتة بقائمة المنقولات الزوجية واستلام المجنى عليها بها وفقا للمدة رقم 747 لسنة 2018 إدارى الشرابية وقيمة الاتلافات وفقا لإنذار العرض المرفق بالأوراق، وكان من المقرر قانونا أن المصوغات الذهبية لتكون في حوزة الزوجة لتتزين بها، الأمر الذى ينفى معه قيام الركن المادى والمعنوى لجريمة التبديد في حق الطاعن، ولكون الواقعة محوطة بالشكوك والريب في صحة اسناد التهمة إلى الطاعن، ومن ثم تقضى المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن مما أسند إليه عملا بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية.
المحامى يتقدم بطلب لعضو المكتب الفني والمشرف العام على طعون الجنح بالعدول عن القرار
فيما سرد المحامى بالنقض محمد الشرقاوى، تفاصيل تلك الواقعة التي أرست فيها محكمة النقض 3 مبادئ قضائية جملة واحدة، مؤكدا أنه بدأت وكالته في القضية في مرحلة المعارضة الإستئنافية على حكم سنه فى اتهام بتبديد المنقولات، وتم إقناع الموكل أنه لا مناص من عرض المنقولات، لإثبات عدم تبديدها، وفعلا تم عرضها، وتم انتداب خبير لمعاينتها – وبالفعل - استملت الزوجة بعض المنقولات، وتم تقييم بعض التلفيات التي تم سدادها بانذارعرض"، بينما رفضت استلام جزء كبير منها بحجة أنه مغاير، فطالبت بقيمته، بينما نحن رفضنا وتمسكنا بأن العرض كافى، وتمسكنا بأن الذهب بحوزة الزوجة.
المحامى يثبت وجود خطأ من الموظف في عدم بيان منطوق الحكم المطعون فيه
ويضيف "الشرقاوى" في تصريح لـ"برلماني": كما تمسكنا بأن انتفاء قيام جريمة التبديد يكفى فيه مجرد القيام بالعرض سواء استلمت أو لم تستلم، وأن سىء القصد يرد إليه قصده وأن المشغولات الذهبية لصيقة بالزوجة وعبء إثبات عكس ذلك يقع علي الزوجة، وفوجئنا بالحكم بالتأييد مع وقف التنفيذ، فتم الطعن على الحكم بالنقض، وفى البداية تم الحكم بعدم قبول النقض شكلا "بحجة عدم كتابة منطوق الحكم فى التقرير بالطعن".
النقض تقبل العدول.. وترسى 3 مبادئ تنصف الزوج وتبرأه
وتابع: هنا قررنا تقديم قدمنا طلب بالعدول عن القرار، وتم الإستناد فيه إلى أن ذلك التقرير مسئولية موظف وزارة العدل وأن المسئول عنه الطاعن هو ايداع الأسباب، والتماس اعادة نظر لعضو المكتب الفنى والمسؤل عن فحص الطعون والذى قضى بالعدول نظرا لصدق ما ادعيناه، وأرست محكمة النقض 3 مبادئ كالتالى:
1- ثبوت خطأ الموظف فى ملئ أحد الأوراق اللأزمة للشكل لا تضر الطاعن.
2-أن العرض ينفى نية التملك، وبالتالى ينفى قيام جريمة التبديد.
3-عبء إثبات تبديد المشغولات الذهبية - على عكس الأصل العام الذى يكفى فيه التوقيع على الاستلام - يقع على الزوجة وليس الزوج.