بادئ ذي بدء انتشرت ظاهرة تربية الحيوانات الخطرة والمفترسة بمختلف أنواعها في الدول العربية بشكل ملفت للنظر بما فيها دول الخليج وخصوصاً مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وتناقل الفكرة بين الشباب، وإن كانت تقتصر في معظمها على الأثرياء الذين يتمكنون من شراء مثل هذه الحيوانات التي تعد أثمانها مرتفعة، والحيوانات المفترسة أو بمعنى أدق المضرة فليس شرطا أن يكون الحيوان مفترسا، بل قد يكون مضرا لمن حوله يحدث نوعا من الرعب والهلع بالنسبة للآخرين، فليس كل منا يهوى تربية الحيوان.
وفى الحقيقة تربية الحيوانات في الوقت الراهن أصبحت من الظواهر الغربية التي بدأت تنتشر في الدول العربية من خلال بيعها في الأسواق، وذلك على الرغم من فرض حكومات تلك البلدان وعلى رأسها مصر عقوبات على من يقتني هذا النوع من الحيوانات التي تُعد أكثر ضررا وفتكاَ بالإنسان، وهي في الحقيقة ظاهرة دخيلة على المجتمعات العربية، لا تقل في خطورتها عن حيازة الأسلحة في المنازل، فقد طفت على السطح ظاهرة تربية الحيوانات المفترسة في البيوت ووسط التجمعات السكنية، وذلك بعد بيعها وشرائها في الأسواق العامة.
في التشريعات العربية.. المواجهة الجنائية لظاهرة اقْتِناء وحيازة الحيوانات المفترسة
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية المواجهة الجنائية لظاهرة اقْتِناء وحيازة الحيوانات المفترسة في عدد من الدول العربية، فقد صار عادياً أن تشاهد على منصات التواصل صوراً لمشاهير أو أشخاص عاديين بالشوارع العربية أو مدن الخليج وغيرها يلتقطون صورًا وهم يحتضنون أسداً أو فهداً أو نمراً أو ضبعاً، وكلها حيوانات غير أليفة ومفترسة تعيش في البراري والغابات على صيد الحيوانات البرية، وطعامها المفضل هو اللحوم - بحسب أستاذ القانون الجنائى والخبير القانونى الدولى محمد أسعد العزاوى.
في البداية - كما يقتني البعض طيوراً جارحة كالنسور والصقور وزواحف ضخمة كالأفاعي وبرمائيات مثل التماسيح، بالإضافة للحيوانات البرية المفترسة التي تصنف ضمن السنوريات أو الأكبر حجماً، وتمتلك معظمها مخالب حادة، وأسناناً قوية، كما تتميز بحواس قوية جداً لها دور كبير في تحديد مكان الفريسة وإمكانية صيدها، وخاصةً حاسة الشم، والنظر الحاد، وإشكالية بيع وشراء وتربية كلاب مفترسة وأسود وفهود ونمور وضباع وتماسيح وأفاعي، وغيرها من الحيوانات التى توضع في المنازل للتباهي والفرجة، لكنها أحيانا تنقض على أصحابها أو تهرب من المنازل معرضة حياة الناس للخطر – وفقا لـ"العزاوى".
موقف المشرع المصرى من اقتناء الحيوانات الخطرة
إضافة إلى الانتهاكات التي تمارس بحق تلك الحيوانات التي يجب أن تتواجد في بيئاتها الطبيعية أو أن تحظى برعاية خاصة، وفي إطار ذلك تتصاعد التساؤلات حول موقف القانون في دول الخليج من تربية مثل هذه الحيوانات التي تشكل أخطاراً على المجتمع، وهل سنت ضوابط أو قوانين منظمة لتربيتها في المنازل والاستراحات الخاصة أم أنها ممنوعة بمجملها؟ وسنوضح بعد ذلك موقف كل من القانون الإماراتي والمصري والقطري – الكلام لـ"العزاوى".
نظم الفصل الرابع من القانون المصري رقم 23 لسنة 2023 تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة والكلاب والذي جاء بسبعة وعشرون مادة وجاءت العقوبات في المادة 15 وصولاً إلى المادة 17، وتنص المادة (15) يعاقب بغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه كل من خالف حكام المواد (2) فقرة أولى، 3، 4، 5، 6، 7، 9، 11، 12، 13، "25" من هذا القانون، ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من حرش كلبًا بالوثب على مار أو باقتفاء أثره أو لم يرده عنه، ولو لم ينجم عن ذلك أذى ولا ضرر، وتتعدد الغرامة بتعدد الحيوانات الخطرة أو الكلاب أو المخالفات بحسب الأحوال – طبقا لـ"العزاوى".
المشرع المصرى والإماراتى تصدى للأزمة مؤخرا بعقوبات رادعة تصل للمؤبد
المادة "16": "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا ترتب على مخالفة أحكام المواد (2) فقرة أولى 3 ،4، 5، 6/ بند (1،9 ،11 ،12) تعريض الأرواح أو الممتلكات للخطر، ونصت المادة (17) يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعدى على غيره باستخدام حیوان خطر أو كلب، فإذا كان هذا التعدى صادرًا عن سبق إصرار أو ترصد تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين – هكذا يقول "العزاوى".
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 9 أشهر، وغرامة لا تقل عن 75 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا نشأ عن التعدى مرض أو عجز عن الأشغال الشخصية مدة تزيد على عشرين يوما، فإذا كان التعدى صادرا عن سبق إصرار أو ترصد تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 150 ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتكون العقوبة السجن مدة لا تجاوز 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تزيد على 300 ملايين جنيه إذا نشأ عن التعدى أى عاهة مستديمة يستحيل برؤها، فإذا كان التعدى صادرا عن سبق إصرار أو ترصد تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد على 4 ملايين جنيه، ويُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن 10 سنوات كل من تعدى على غيره باستخدام حيوان خطر أو كلب ولم يقصد من ذلك فتلا ولكنه أفضى إلى الموت، فإذا كان التعدى صادرا عن سبق إصرار أو ترصد تكون العقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد مدة لا تقل عن 15 سنة ولا تزيد على 20 سنة.
موقف المشرع الإماراتى من إقتناء الحيوانات الخطرة
نظم الفصل السادس من القانون الإماراتي رقم 22 لسنة 2016 تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة والذي جاء بخمسة وثلاثنين مادة وجاءت العقوبات في المادة 17 وصولاً إلى المادة 22.
-المادة (17)
1- يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات كل من استخدم حيواناً خطراً للاعتداء على الإنسان إذا أفضى الاعتداء إلى عاهة مستديمة.
2- تكون العقوبة السجن المؤيد إذا أفضى الاعتداء إلى الموت.
3- تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة والغرامة التي لا تقل عن (10.000) عشرة آلاف درهم ولا تزيد على (400.000) أربعمائة ألف درهم إذا لم تصل نتيجة الاعتداء إلى درجة الجسامة المذكورة في البندين السابقين.
4- إذا اعتدى الحيوان الخطر على الغير دون قصد من حائزه وقت الاعتداء عوقب جنائياً بعقوبة القتل الخطأ أو الإصابة الخطأ الواردة في قانون العقوبات حسب الأحوال.
5- في جميع الأحوال يتم التحفظ على الحيوان المشار إليه في هذه المادة وللمحكمة الحكم بمصادرته بحسب نتيجة الفحص الطبي خلال فترة التحفظ مع تحميل الحائز أو المنشأة لنفقات التحفظ.
-المادة (18) يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن (100.000) مائة ألف درهم ولا تزيد على (700.000) سبعمائة ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم حيواناً خطراً لإثارة الرعب بين الناس.
-المادة (19) يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن (50.000) خمسين ألف درهم ولا تزيد على (500.000) خمسمائة ألف درهم أو إحدى هاتين العقوبتين كل من حاز بقصد الاتجار الحيوانات الخطرة.
-المادة (20) يعاقب بالحبس الذي لا يقل عن شهر ولا يزيد على ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن (10.000) عشرة آلاف درهم ولا تزيد على (500.000) خمسمائة ألف درهم أو إحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أي حكم من أحكام المواد (3) و(5) و (10) و (14) و (16).
-المادة (21) يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن (10.000) عشرة آلاف درهم ولا تزيد على (500.000) خمسمائة ألف درهم كل من خالف أي حكم من أحكام المادة (6).
-المادة (22) يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن (10.000) عشرة آلاف درهم ولا تزيد على (100.000) مائة ألف درهم كل من خالف أي حكم من أحكام المادتين (12) و (15).
موقف القانون القطري
نظم المشرع القطري في القانون رقم 10 لسنة 2019 الخاص بتنظيم اقتناء الحيوانات والكائنات الخطرة والذي جاء ب 17 عشر مادة.
مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، ويعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبالغرامة التي لا تزيد على (100.000) ماته الف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ارتكب إحدى الجرائم التالية:
1- كل من قام باقتناء أي من الحيوانات والكائنات الخطرة أو استيرادها أو تصديرها، أو الاتجار فيها، دون الحصول على ترخيص من الإدارة المختصة.
2- كل من قام باصطحاب أو التحول أو التنره بأي من الحيوانات والكائنات الخطرة في الأماكن العامة.
3- كل من قام باستخدام أي من الحيوانات والكائنات الخطرة للاعتداء على الإنسان، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز خمسة وعشرون سنة، إذا ترتب على الجريمة وفاة شخص أو إصابته بعاهة مستديمة.
-المادة (9) مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بالغرامة التي لا تزيد على (10.000) عشرة آلاف ريال، كل من خالف أياً من أحكام المادتين (4) فقرتين أولى وثانية)، (5) من هذا القانون.
-المادة (10) يجوز للمحكمة عند الحكم بالإدانة أن تحكم بمصادرة الحيوانات والكائنات الخطرة محل المخالفة.
-المادة (11) تضاعف العقوبة في حالة العود ويعتبر عائداً في تطبيق أحكام هذا القانون، كل من ارتكب جريمة مماثلة لجريمة سبق معافيته عليها بإحدى العقوبات المنصوص عليها به قبل مضي خمس سنوات من انتهاء تنفيذ العقوبة المحكوم بها أو سقوطها بمضي المدة.
وفى النهاية - دعى "العزاوى" المشرع العربى في العديد من الدول العربية بضرورة سن تشريع لمثل هذه الظاهرة، فلا شك أن وجود مثل هكذا قانون ينظم هذه المسألة هو أمر في غاية الأهمية للحد من ظاهرة اقتناء الحيوانات الخطرة والمفترسة والضالة خصوصاً بعد تزايدها بكثرة في الآونة الأخيرة، لذا فإننا ندعو المشرع العربى إلى تشريع قانون خاص يواكب مستجدات العصر أو تعديل القوانين ذات العلاقة.
أستاذ القانون الجنائى والخبير القانونى الدولى محمد أسعد العزاوى