بدأ التنفيذ العملى لـ"الأجازة القضائية" الرسمية والتي من المفترض أن تبدأ كل عام فى أول يوليو من الناحية العملية بينما رسميًا تبدأ فى شهر أغسطس وتنتهى فى آخر سبتمبر - بحسب المادة 86 من قانون السلطة القضائية، على أن تنظم الجمعيات العامة للمحاكم إجازة القضاء خلال العطلة، بحيث لا تتجاوز شهرين بالنسبة للمستشارين وشهرًا ونصف الشهر بالنسبة لمن سواهم.
ومنظومة تطبيق "الإجازة القضائية" لا تطبق فى مصر فقط وإنما يُعد أمراَ متعارفاَ عليه فى جميع الدول العربية بل وفى العالم أجمع ولكن بنسب متفاوتة للفترة الزمنية لذلك الفصل القضائي فالحقيقة التى لا مناص منها هى "ليس للعدالة عطلة" على الرغم من حصول القضاة على "الإجازة القضائية" حيث أنها تكون بالتناوب بين القضاة ليكون هناك قاض يعمل بديلاَ لآخر طوال العام القضائى.
هل للعدالة "عطلة"؟
فى التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على حزمة من الأسئلة المتعلقة بـ"الفصل القضائى" أو كما يُطلق عليه "الأجازة القضائية" وتتضمن هل يحصل أعضاء السلطة القضائية بالفعل على إجازة 3 أشهر كل عام؟ وما هى طريقة وكيفية تنظيم الإجازة القضائية بين رجال السلطة القضائية بحيث لا تؤثر على مرفق العدالة، وحق التقاضى، واتجاه سرعة الفصل وانجاز القضايا؟ خاصة وأن عددا من المحامين أبدوا رأيهم بخصوص الإجازة القضائية، والتي من المقرر أن تتوقف ابتداء من هذا العام بالنسبة لمحاكم التنفيذ والتجارية والإيجارية، وانتقد البعض منهم هذه الإجازة الطويلة والإجبارية ورفضوا بذات الوقت إلغائها كونها حق مشروع للقضاة ويعتبرها بعض المحامين "استراحة محارب" يستعيد فيها القاضي والمحامي كل منهم طاقته التي بذلها طوال عام كامل، ويمكن الاكتفاء بشهر واحد فقط بدلا من شهرين تقريبا.
قاضى يعمل بديلاَ للأخر
بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر سيد أحمد - الإجازة القضائية أو العطلة كما يُحاول أن يُطلق عليها البعض بمثابة إجراء متعارف عليه وفقًا لأحكام قانون السلطة القضائية، حيث تقضى بحصول عضو الهيئة القضائية على إجازة فى أشهر الصيف يوليو وأغسطس وسبتمبر ليعاود العمل مرة أخرى في بداية شهر أكتوبر، بينما فى عام 2000 تم إجراء تعديل بسيط فى قانون السلطة القضائية، وذلك نظرًا لكثرة القضايا، الأمر الذى دفع وزارة العدل إلى العمل فى شهور الصيف على أن تكون الإجازات بالتناوب بين القضاة، ليكون هناك قاضٍ يعمل بديلاَ لآخر.
ووفقا لـ"أحمد" في تصريح لـ"برلماني": الهدف والغرض الرئيسى من وراء تناوب القضاة بعضهم بعضاَ فى القضايا، هو فى الحقيقة لاستمرار العمل طوال العام فى المحاكم ذات الدوائر المستعجلة، كما تعمل الدائرة الاستئنافية فى شهرى يوليو وأغسطس 3 أيام كل شهر بدلاً من أسبوع فى الأيام العادية، لأن بقية أيام الشهر توزع فيها القضايا على أعضاء الدائرة لقراءتها، وخلال تلك الفترة تنظر المحاكم المصرية العديد والعشرات من القضايا الهامة، ولكن هل تتعطل هذه القضايا بسبب العطلة القضائية؟
قائمة بالقضايا الهامة
لا يستطيع أحد القول بأن المحاكم تتعطل خلال أيام الإجازة القضائية التى تستمر ثلاثة أشهر وتنتهى في شهر أكتوبر، حيث تضم شقًا مستعجلاً، وبذلك فالقضاة فى عمل دؤب لا يتوقفون عن المهام التى تقع على عاتقهم أبدًا، حيث يتم التحقيق وإعادة النظر وإعداد الرؤية، ما يؤكد أن المحاكم تعمل فى الصيف بنصف طاقتها، نتيجة حصول نصف القضاة على إجازة، فى الوقت الذى يعمل فيه الآخرون ويحصلون على إجازات بالتناوب مع زملائهم.
الخبير القانونى والمحامى بالنقض ياسر سيد أحمد
قضايا مستعجلة لا تقبل الإنتظار
وفى سياق آخر – يقول محمد الصادق، الخبير القانونى والمحامى - هناك قضايا معروفة بـ"القضايا المستعجلة" وأخرى تحتاج إلى إجراءات وقتية لإخلاء سبيل بعض المتهمين المحبوسين الذين ثبت أنه لا دليل يقينى على جرائمهم، إلا أنه فى الحقيقة على الرغم من التعديلات فى قانون السلطة القضائية باستمرار عمل المحاكم، إلا أن أغلب القضايا تنتهى بالتأجيل دون إصدار أى أحكام فاصلة فيها، نظرًا لأن القضاة يتحرجون من إصدار أحكام فى القضايا التى ينظرونها بدلاً من زملائهم ويفضلون التأجيل حتى انتهاء الإجازة.
أجازات القضاة فى الدول العربية
من الناحية الرسمية لم تعد الإجازة 3 أشهر – الكلام لـ"الصادق" فى تصريح خاص - بعدما ارتأى كل من وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى أن الإجازة طويلة، وأن شهرًا واحدًا كاف، بإعتبار أنه "ليس للعدالة عطلة"، فكما هو متعارف عليه فإن العطلة القضائية فى الأردن وفلسطين شهر ونصف، و15 يومًا فى كل من لبنان وسوريا، وشهران فى كلاً من الكويت وتونس والجزائر، وثلاثة أشهر بحسب القانون فى كل من المغرب ومصر ودبى.
قانون السلطة القضائية
ويُنظم قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، إجازات القضاة والعطلة القضائية، حيث نصت المادة 86 على أنه للقضاة عطلة قضائية تبدأ كل عام من أول يوليو وتنتهي في آخر سبتمبر، وتنظم الجمعيات العامة للمحاكم إجازات القضاة خلال العطلة القضائية، وفى جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الإجازة شهرين بالنسبة للقضاة ومن فى درجتهم، وشهر ونصف بالنسبة لمن عداهم.
3 مواد فى قانون السلطة القضائية الحاكمة لتلك المسألة تتمثل فى المواد 78 و88 و89 جاءت كالتالى:
-المادة 78: "تستمر محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية والجزئية فى أثناء العطلة القضائية فى نظر المستعجل من القضايا، وتعين هذه القضايا بقرار من وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى".
-أما المادة 88 فقد نصت: "تنظم الجمعية العمومية العامة لكل محكمة العمل أثناء العطلة القضائية، فتعين عدد الجلسات وأيام انعقادها، ومن يقوم من القضاة بالعمل فيها ويصدر بذلك قرار من وزير العدل".
-وتنص المادة 89 على: "لا يرخص للقضاة فى إجازات فى غير العطلة القضائية إلا لمن قام منهم بالعمل خلالها، وكانت الحالة تسمح بذلك، ومع ذلك يجوز الترخيص فى إجازات لظروف استثنائية، وذلك كله فى حدود القوانين واللوائح الخاصة بإجازات العاملين بالمدنيين بالدولة".
تنظيم الإجازة فى مجلس الدولة
وبالنسبة لمجلس الدولة، تنص المادة 108 من قانون المجلس على: "لا يجوز أن تزيد مدة الإجازة السنوية بمرتب كامل لأعضاء مجلس الدولة على شهرين بالنسبة للمستشارين، وشهر ونصف بالنسبة إلى من عداهم، وتحدد الجمعيات العمومية للمحاكم توزيع الإجازات بين أعضائها".
وتنص المادة 109:" تكون مدة الإجازات فى السنة الأولى من خدمة العضو خمسة عشر يوماً ولا تمنح إلا بعد انقضاء ستة أشهر على أول تعيين ومع ذلك يجوز عند الضرورة وبموافقة رئيس المجلس منح العضو أجازة اعتيادية لمدة أسبوع خلال الأشهر السنة الأولى من خدمته على أن تخصم من الإجازة السنوية المستحقة له، ويجوز ضم مدد الإجازة السنوية إلى بعضها بشرط ألا تزيد فى أية سنة على ثلاثة أشهر إلا فى حالة المرض فلا تزيد على ستة أشهر"، فضلاَ عن أنه تحدد مواعيد الإجازة السنوية حسب مقتضيات العمل وظروفه، ولا يجوز تقصيرها أو تأجيلها أو قطعها أو إلغاؤها إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل.
إن الإجازة القضائية تعتبر شهرين من كل عام، ليعود كل قاضٍ ينظر قضاياه وينتظم العمل في الشهر الثالث حتى بدء العام القضائي الجديد، ولكن يكون الشهر الثالث نسبة إجازات لأن سير العمل يتطلب التناوب بين القضاة، وهذا ما يجعل الأمر يطول عن الشهرين حتى يتمكن كل قاضٍ من أخذ راحته السنوية، كما أن هناك محاكم لا يجوز فيها الإجازات، مثل المحاكم المستعجلة بسبب سرعتها في التقاضي وضرورة الفصل المستعجل فيها، فدائمًا هناك قاضٍ للفصل في القضايا وغيرها من قضايا الرأي العام التي تنظر في دوائر الجنايات والجنح.
وتابع الخبير القانوني: أن دوائر الجنايات ستبدأ من يوم 5 يوليو المقبل العمل ثلاثة أيام فقط في الشهر لكل دائرة بدلًا من أسبوع، وسيتم تأجيل القضايا الروتينية فيها لبعد الشهور الثلاثة، أما القضايا الهامة والتي تحتاج إلى سرعة التقاضي وعدالة ناجزة كقضايا الرأي العام فيتم تداولها مع القضاة الذين يتواجدون ويأخذون إجازتهم بالتناوب داخل هيئة المحكمة، مع تنظيم العمل بينهم والقضايا للفصل فيها، حتى لا يتعطل سير العمل وتتوقف مصالح المواطنين.
كيفية تطبيق الإجازة القضائية؟
ويستعد القضاة بالمحاكم المصرية المختلفة للإجازة القضائية بالتنسيق مع رؤساء الدوائر من القضاة والمستشارين، حيث من المقرر أن يتم تهيئة المحاكم الخاصة بدوائر الجنايات للعمل بالتناوب، حيث إن المحكمة تستقبل دائرتيّ جنايات وأخرى إعادة محاكمة سيتم تقسيم العمل بينها على مدار الأسبوع، بحيث تكون كل دائرة في أول ثلاثة أيام والأخرى باقي الأسبوع حتى لا يكون هناك تكدس من المواطنين، كما أن دوائر الجنح والمدني والعمال والتعويضات ستعمل يومًا في الأسبوع على مدار شهر يوليو.
وفى شهر أغسطس ستتوقف تلك الدوائر عن العمل وتعود بشكل منتظم في شهر سبتمبر القادم، وكذلك سيتم التنسيق مع الموظفين من أمناء السر والعاملين وفقًا لطبيعة عملهم في الدوائر بما لا يخل بسير العمل، خاصة أن السكرتارية وأمناء السر يعتبرون موظفين يخضعون لقانون الخدمة المدنية، بينما القضاة وأعضاء النيابة العامة فتسرى عليهم أحكام قانون السلطة القضائية، ويمنح القاضي حرية اختيار وقت إجازته دون الإضرار بالمتقاضين أمامه، ويتم ذلك بالتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل والنائب العام، كما سيستمر نظر تجديد حبس المتهمين بشرط أن يكون هناك قاضٍ يوميًا لإصدار قرارات الحبس الاحتياطي ونظرها، وفي أضيق الحدود عن طريق تطبيق "فيديو كونفرانس".
تطوير المحاكم والإجازة القضائية
وفي هذه الفترة من "الإجازة القضائية" سيقوم مساعد وزير العدل لشئون المحاكم بالتفتيش على المحاكم لبحث أعمال التطوير ومراقبة شبكات الإنترنت، ومتابعة رقمنة دورة العمل المستندية القانونية والإجرائية في المحاكم لضمان تحقيق العدالة الناجزة حتى لا يتعطل سير العمل خلال الإجازة القضائية، مع استمرار تداول القضايا والبلاغات والشكاوى؛ لضمان انتظام العمل، كما سيتم متابعة تطوير المكاتب الأمامية للدعاوى في المحاكم الابتدائية واستكمال ميكنتها ورقمنتها لضمان أرشفتها، ومتابعة سير الدعاوى على مدار العام دون مشاكل، واستمرار أرشفتها وتوثيقها في المحاكم لضمان جدولتها وتحديد مواعيد لعرضها، كما سيتم تحديث كاميرات المراقبة واستمرار تحديث مكاتب الموظفين في المحاكم في تلك الفترة حتى تكون جاهزة في العام القضائي الجديد، وفي الإجازة القضائية سيستمر العمل بالمنظومة الإلكترونية لاستقبال طلبات المواطنين بشأن استخراج صور من محاضر جمع الاستدلالات والتحقيقات والأحكام الجنائية والشهادات من واقع الجداول عقب سداد الرسوم المستحقة.
النيابات العامة والإجازة القضائية
ويكون شكل الإجازة القضائية في النيابات العامة مختلفا، حيث إن البلاغات والشكاوى تنظر يوميًا على فترتين صباحية ومسائية كما هو الحال في باقي الأيام، ولكن يتم التنسيق بين رؤساء النيابات ومديريها ووكلائها بالتناوب حتى لا يحدث خلل في نظر القضايا، وكل منهم حسب احتياجاته وحسب فترة خدمته في النيابة، وهل سوف يكون في النيابة في الحركة القضائية القادمة من عدمه حيث دائما إذا كان ينتظر وكيل النيابة حركة داخلية ستكون إجازته في بداية الإجازة القضائية حتى يعود ويكمل عمله في النيابة، مع استمرار بدء العام القضائي الجديد، أما عضو النيابة المنتظر حركته القضائية خارج دائرة عمله الحالية وسينتقل للعمل في نيابة أخرى فتكون إجازته القضائية في آخر الإجازة القضائية ليبدأ العام القضائي الجديد في نيابته الجديدة ومحل عمله الجديدة، وكل ذلك بما لا يعطل سير العمل وسير التحقيقات وتعطيل قضايا المواطنين.
عام قضائى جديد
يشار إلى أنه ستستمر الإجازة القضائية حتى شهر أكتوبر وتكون خلال الفترة السابقة له تصدر ثلاث حركات قضائية خاصة بالمستشارين وأعضاء النيابات، وتبدأ الحركة برؤساء المحاكم ثم الحركة القضائية الثانية للمحامين العموم ورؤساء النيابات، ثم الحركة القضائية الثالثة التي تكون في نهاية سبتمبر خاصة بأعضاء النيابات وتوزيعهم على العمل وفي مناصبهم لمتابعة سير العمل.