أصدرت الدائرة العمالية – بمحكمة النقض – حكما يهم ملايين العمال والموظفين، يرسى مبدأ قضائيا بشأن "إنذار العامل"، قالت فيه: "أن الإنذار ينتج آثره بمجرد إرساله للعامل على عنوانه بمحل إقامته بمكتب العمل سواء أعلن أو لم يعلن به"، وبذلك أصبح هناك اتجاها جديدا لمحكمة النقض غير الإتجاه المستقر عليه قضاءا الذى جاء فيه أنه يشترط وصول علم العامل بالإنذار ولا ينتج أثره إلا بعلمه به.
ملحوظة: القصد من هذا الإنذار أن تستبين جهة العمل إصرار العامل على ترك الخدمة وعزوفه عن العمل وفى ذات الوقت إعلامه بما يُراد اتخاذه حياله بسبب انقطاعه عن العمل وتمكينه من إبداء عذره قبل اتخاذ ذلك الإجراء، ولم يستلزم المشرع استلام العامل الإنذار فهو ينتج أثره طالما وُجه إليه في محل إقامته الذى أفصح عنه لجهة العمل، وهو اتجاه لمحكمة النقض مرهق فعليا للعامل وأن الواقع العملي أن معظم الخطابات والانذارات لا تصل للعمال فعليا.
النقض تنسف شرط إعلان العامل قبل فصله
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 19644 لسنة 89 قضائية، لصالح المحامى مصطفى زكى، برئاسة المستشار منصور العشرى، وعضوية المستشارين بهاء صالح، وعضوية المستشارين وليد رستم، ووليد عمر، وأحمد لطفى.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن البين من الأوراق على نحو ما حصله الحكم الابتدائي أن المطعون ضده انقطع عن العمل بتاريخ 21 ديسمبر 2016 ولمدة أكثر من 10 أيام متتالية فأنذرته الطاعنة على محل إقامته الثابت بملف خدمته بخطاب موصى عليه بعلم الوصول بتاريخ 8 أغسطس 2017 إلا أنه لم يحضر لجهة العمل ولم يقدم عذراً مقبولاً لانقطاعه الأمر الذى تكون معه الطاعنة قد اتبعت الإجراءات التي نصت عليها المادة 69/4 من قانون العمل آنف البيان ويسوغ لها طلب فصله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده بالتعويض بمقولة خلو الأوراق مما يفيد استلامه لإنذارات الفصل أو اتصال علمه بها رغم أن المشرع لم يستلزم استلام العامل لتلك الإنذارات فإنه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد عابه الفساد في الاستدلال.
الاتجاه القديم.. يشترط وصول علم العامل بالإنذار ولا ينتج أثره إلا بعلمه به
أما الإتجاه الذى كان مستقرا عليه لدى محكمة النقض بناء على ما أورده المشرع في العديد من الطعون أبرزها الطعن رقم 2319/56 قضائية، والطعن رقم 132 لسنة 52 قضائية، وكذا الطعن رقم 2319 لسنة 56 قضائية، والذى جاء فيه: يشترط وصول علم العامل بالإنذار ولا ينتج أثره إلا بعلمه به، حيث تنص المادة 69 من القانون 12/2003 فقرة 4 على أنه لا يجوز فصل العامل إلا إذا ارتكب خطأ جسيماً ويعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الحالات الآتية:
1-.........
2-........
3-.......
4-إذا تغيب العامل بدون مبرر مشروع وكاف أكثر من عشرين يوماً متقطعة خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متتالية على أن يسبق الفصل إنذار كتابي بخطاب موصى عليه بعلم الوصول من صاحب العمل للعامل بعد تغيبه عشرة أيام في الحالة الأولى وبعد خمسة عشر يوماً في الحالة الثانية.
وجاء في حيثيات الحكم: مفاد نص المادة السابقة أنه إذا تغيب العامل دون سبب مشروع وحيث أن أن يتم إنذاره بخطاب موصى عليه بعلم الوصول على أن يصل الإنذار إلى علم العامل وذلك كما ينطوى عليه هذا الإجراء من ضمانة للعامل وأن يصل إلى علمه بما يراد اتخاذه تجاهه، وإذا لم يتم إرسال الإنذار إلى العامل ولم يصل إلى علمه هذا الإنذار يكون معه ذلك الإنذار المزعوم هو والعدم سواء ولا يعتد به.
قرار إنهاء خدمة العامل بسبب انقطاعه عن العمل المدة المبينة فيه ينبغي أن يكون مسبوقاً بإنذار كتابي يوجه إليه
وفي ذلك قضت محكمة النقض أنه: ".... أن قرار إنهاء خدمة العامل بسبب انقطاعه عن العمل المدة المبينة فيه ينبغي أن يكون مسبوقاً بإنذار كتابي يوجه إليه يتضمن مطالبته بالعودة إلى العمل وإلا اعتبر مستقيلاً، وذلك بعد مضي سبعة أيام على الأقل من تاريخ انقطاعه عن العمل في الحالة الأولى وخمسة عشر يوماً في الحالة الثانية بعد إنذار إذا وقع قبل اكتمال المدة ولكن هذا لا يمنع جهة الإدارة من التراخي في إرسال الإنذار إلى ما بعد اكتمالها ومنح العامل مهلة أطول بشرط أن يصله هذا الإنذار قبل اكتمال مدة الانقطاع المبينة فيه، وذلك بالنظر إلى ما ينطوي عليه هذا الإجراء من ضمانة أساسية تتمثل في إحاطة العامل بما يراد اتخاذه وهو ما يفسر ورود النص المتعلق بصيغة الوجوب.
لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتبر الطاعن مستقيلاً بسبب انقطاعه عن العمل المدة المبينة بالمادة 100 المشار إليها معولاً على الإنذار المرسل من المطعون ضدها إلى الطاعن والمؤرخ 3/12/1980 رغم ثبوت عدم اتصال علمه به وقضى برفض دعواه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وقد إستقرت أحكام محكمتنا العليا في العديد من القضايا علي:
"عدم وصول انذار المدعى بالغياب حيث أن الثابت من نص المادة 79 سالفة الذكر أنه يجب انذار العامل المتغي بخطاب موصى عليه بعلم الوصول ويترتب على عدم الانذار بطلان الفصل، فاذا كان المدعى لم يصله اى إنذار بالغياب ولم يتسلم أى خطاب موصى عليه بعلم الوصول من الشركة يفيد انذاره بالغياب، ومن ثم يكون قرار الفصل قد صدر باطلا لعدم انذار العامل بخطاب موصى عليه بعلم الوصول للقضاء على تحايل أصحاب الأعمال بحيث أن الانذار لا يكون صحيحا، وبالتالى قرار الفصل إلا بوجود خطاب بعلم الوصول يفيد اخطار العامل بالانذار ووصوله الى علمة وكانت أحكام النقض قد استقرت على بطلان قرار الفصل فى حالة عدم تقديم ما يفيد علم الوصول مرفقا بالانذار".