"استأجرت محلا في فترة التسعينيات بعد وفاة زوجى، وتمكنت من إقامة مشروع طعام والقيام بمسئولية أبنائى الصغار حينها، واستمر الأمر على هذا الحال، وكنت ملتزمة بسداد الإيجار في المواعيد المحددة، إلا أننى فوجئت بزوجة المالك – بعد وفاته - تقيم دعوى بطردى من المحل مستندة على أنها تمتلك العين محل النزاع بموجب عقد بيع قضي بصحته ونفاذه، وأننى بذلك أكون مغتصبة للمحل – وبالفعل – نظرت المحكمة الدعوى، وندبت خبير، وبعد أن أودع تقريره، قضت محكمة أول درجة بطردى من المحل والتسليم".. بهذه الكلمات سردت الحاجة "نعيمة. ص"، 55 سنة، مأساتها لـ"برلماني" في محاولة لإيجاد حل قانونى لها.
وتابعت: "استأنفت على هذا الحكم لإلغائه، وبتاريخ 6 يناير 2000 قضت محكمة ثانى درجة – الاستئناف - بتأييد الحكم المستأنف، ثم اضطريت للجوء للطعن على الحكم أمام محكمة النقض لإلغاء الحكم، فأمرت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً حتى يفصل في موضوع الطعن، وحددت جلسة لنظره وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، ولكن السؤال هنا ما هو مصير ذلك الطعن؟ وهل من الممكن أن تلغى محكمة النقض الحكم؟ وأن استرد حقى؟ خاصة أن تلك السيدة استندت على أن عقد الإيجار صدر من غير المالك مع الأخذ في الاعتبار أن عقد البيع الصادر حكم بصحته ونفاذه لم يتم تسجيله".
مالك المحل "مات" وزوجته أقامت ضدى دعوى طرد مستندة على عقد بيع.. ما الحل؟
وللإجابة على هذا السؤال – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض عماد الوزير - إن النص في المادة 30 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المنطبق على واقعة النزاع - المقابلة للمادة 22 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - على أنه "استثناء من حكم المادة 604 من القانون المدني تسري عقود الإيجار القائمة على المالك الجديد، ولو لم يكن لسند الإيجار تاريخ ثابت بوجه رسمي سابق على انتقال الملكية"، يدل على أن عقود الإيجار الصادرة من المالك السابق تسري في حق المالك الجديد ولو لم يكن لهذه العقود تاريخ ثابت سابق على انتقال الملكية إليه وأن هذه العقود التي تسري في مواجهة المالك الجديد هي تلك القائمة في مواجهة المالك السابق وهي لا تكون كذلك إلا إذا صدرت صحيحة، ممن له حق التأجير طبقاً للقانون.
وبحسب "الوزير" في تصريح لـ"برلماني": مؤدى ما تنص عليه المواد 146، 604، 605، 606 من القانون المدني أن أثر الإيجار ينصرف إلى الخلف الخاص بحكم القانون فيحل هذا الخلف محل المؤجر في جميع حقوقه قبل المستأجر وفي جميع التزاماته نحوه، غير أن انصراف عقد الإيجار إلى الخلف الخاص الذي يتلقى ملكية العين المؤجرة هو وما يترتب عليه من آثار، وإن كان يُعد تطبيقاً للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 146 من القانون المدني إلا أنه وفقاً للتنظيم القانوني الذي قرره المشرع لهذه القاعدة في المواد الثلاثة الأخرى سالفة البيان وبالشروط المبينة فيها ولا يكون المتصرف إليه.
المشرع يقرر: مشترى العقار المؤجر لا يكون خلفاً خاصاً للبائع إلا بانتقال الملكية إليه
ووفقا لـ"الوزير": وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - خلفاً خاصاً في هذا الخصوص إلا إذا انتقلت إليه الملكية فعلاً وعلى ذلك فإنه يتعين على مشتري العقار حتى يستطيع الاحتجاج بعقد شرائه قبل المستأجر من البائع أن يسجل هذا العقد لتنتقل إليه الملكية بموجبه، أما قبل التسجيل فهو ليس إلا دائناً عادياً للبائع مؤجر العقار وعلاقة المشتري بالبائع وعلاقة الأخير بالمستأجر منه علاقتان شخصيتان تستقل كل منهما عن الأخرى ولا يترتب عليها قيام أية علاقة بين مشتري العقار الذي لم يسجل والمستأجر لهذا العقار، من ثم فليس لأحد هذين أن يطالب الآخر بشيء بالطريق المباشر، وكان علم المستأجر المعول عليه في الحلول محل البائع في عقد الإيجار وإلزامه دفع الأجرة لمشتري العقار المؤجر هو علمه بأن هذا العقار بيع إلى مشتر سجل عقد شرائه وانتقلت إليه الملكية.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم الطعن 250 لسنة 69 قضائية، والذى جاء في حيثيات حكمه عدة مبادئ قضائية أبرزها سريان عقد الإيجار في حق المالك الجديد، وعقد الإيجار يكون سريانه في حق المالك الجديد ولو لم يكن له تاريخ ثابت بوجه رسمي سابق على انتقال الملكية طبقا للمادة 30 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقابلة للمادة 22 من القانون رقم 52 لسنة 1996.
وتضيف "المحكمة": آثار عقد الإيجار يكون انصرافها إلى الخلف الخاص للمؤجر بحكم القانون، أما مشتري العقار المؤجر لا يكون خلفاً خاصاً للبائع إلا بانتقال الملكية إليه، يكون مؤداه وجوب تسجيل عقد شرائه للاحتجاج به قبل المستأجر من البائع له، واعتباره قبل التسجيل دائناً عادياً للبائع المؤجر مع عدم جواز مطالبته المستأجر أو مطالبة الأخير له بشيء بالطريق المباشر، وعلم المستأجر ببيع العقار إلى مشتر سجل عقد شرائه وانتقلت إليه الملكية يكون أثره التزامه بدفع الأجرة إليه، وعدم تسجيل المطعون ضدها سند ملكيتها لعين النزاع ينتج عنه بقاء ملكية العين للبائع لها، أما عقد الإيجار المبرم بينه وبين الطاعنة في تاريخ لاحق للبيع بمثابة سند قانوني لوضع يد الطاعنة على العين، ومخالفة ذلك يكون "خطأ".
وجوب تسجيل عقد الشراء للإحتجاج به
لما كان ذلك - وكان الثابت من الأوراق أن سند ملكية المطعون ضدها لعين النزاع هو عقد البيع العرفي المؤرخ 19 يناير1985 الذي قضى بصحته ونفاذه وخلت الأوراق مما يفيد تسجيله أو الحكم الصادر بصحته ونفاذه، ومن ثم فإن ملكية عين النزاع لا تزال ثابتة للبائع ولم تنتقل للمطعون ضدها فلا تستطيع الاحتجاج بعقد شرائها قبل الطاعنة "المستأجرة" ولا يكون لها أن تطالبها بشيء بالطريق المباشر، إذ لا تعدو أن تكون دائنة عادية لزوجها البائع لها والمؤجر للطاعنة وحقها في تسلم عين النزاع حق شخصي مترتب لها في ذمته.
ويضحى بذلك وضع يد الطاعنة على عين النزاع بمقتضى سند قانوني هو عقد الإيجار المؤرخ 1 يناير 1989 الصادر لها من المالك وينتفي عنها الغصب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بطرد الطاعنة من عين النزاع تأسيساً على أن وضع يد الطعون ضدها على عين النزاع بلا سند من القانون ذلك أن عقد الإيجار الصادر لها من زوجها والمؤرخ 1 يناير1989 صادر من غير مالك لأنه باعها للمطعون ضدها بعقد بيع مؤرخ 19 يناير1985 أي قبل واقعة التأجير للطاعنة مما يعيبه ويستوجب نقضه.