تستقر تداولات الذهب بالقرب من أدنى مستوى فى خمسة أشهر، وذلك بعد أن حاولت الارتفاع مطلع جلسة اليوم، ولكن يبقى الضغط السلبى متواجدا بسبب توقعات استمرار التشديد النقدى فى أمريكا وينصب تركيز الأسواق هذا الأسبوع على حديث رئيس الفيدرالى جيروم بأول يوم الجمعة القادمة فى منتدى البنوك المركزية فى جاكسون هول.
استقرت تداولات الذهب الفورية تحت المستوى 1890 دولارا للأونصة ليتداول وقت كتابة التقرير الفنى لجولد بيليون عند 1888 دولارا للأونصة، وكان قد سجل أدنى مستوى فى خمسة أشهر خلال بداية جلسة اليوم عند 1884 دولارا للأونصة.
أسعار الذهب انخفضت خلال الخمس جلسات الأخيرة وخلال الأربع أسابيع الأخيرة، لتستقر تحت المستوى 1900 دولار للأونصة مما فتح الباب لمزيد من الهبوط، ليوسع الذهب بذلك خسائره خلال شهر أغسطس وحد إلى 77 دولارا تقريبًا بنسبة انخفاض 4% تقريبًا.
السبب الرئيسى وراء انخفاض الذهب كان البيانات الإيجابية الأفضل من المتوقع التى صدرت مؤخرًا عن الاقتصاد الأمريكى وتسببت فى زيادة التوقعات أن السياسة النقدية مستمرة فى التشديد النقدى، وأن أسعار الفائدة ستستمر عند أعلى مستوياتها لفترة أطول من الوقت بحسب تحليل جولد بيليون.
وكان لهذه البيانات تأثير إيجابى تسبب فى ارتفاع عائدات السندات الحكومية الأمريكية لتصل إلى مستويات قياسية، فقد ارتفع العائد على السندات الحكومية لأجل 30 عاما لتسجل أعلى مستوى منذ 12 عاما، بينما ارتفع العائد على 10 سنوات إلى أعلى مستوى منذ أكتوبر الماضى ليستقر فوق مستويات الـ 4%.
أيضًا العائد على السندات قصيرة الأجل مثل 3 أشهر استقر فوق المستوى 5%، الأمر الذى تسبب فى خروج استثمارات كبيرة من أسواق الذهب والسلع بشكل عام إلى جانب عمليات البيع فى أسواق الأسهم لتصب فى النهاية لصالح أسواق السندات.
ويتوقع المستثمرون بشكل كبير أن الاقتصاد الأمريكى مرن بشكل كبير ولن يشهد ركود اقتصادى قريبًا، وبالتالى الفرصة سانحة للحصول على 5% عائد لفترة قصيرة لتصل إلى 3 أشهر من خلال السندات الحكومية، وبالتالى فالوقت غير مناسب للاحتفاظ بالذهب خلال الفترة الحالية.
الدولار الأمريكى من جهة أخرى حقق استفادة كبيرة من جراء ارتفاع السندات الحكومية وتزايد الطلب على العملة الفيدرالية بشكل كبير لتتداول اليوم بالقرب من أعلى مستوى فى شهرين وفقًا لمؤشر الدولار الذى يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية.
مؤشر الدولار ارتفع لخمسة أسابيع متتالية وسجل ارتفاع خلال شهر أغسطس بنسبة 1.5%، ويتداول حاليًا فوق المستوى 103 عند مستويات فاصلة إلى حد ما وفى حالة استطاع اختراقها لأعلى سيفتح الباب أمام المزيد من المكاسب للدولار خلال الفترة القادمة.
بالطبع مكاسب الدولار تنعكس بالسلب على أسعار الذهب فى ظل العلاقة العكسية بينهما منذ كون الذهب سلعة تسعر بالدولار، هذا بالإضافة إلى الضغط السلبى الواقع على الذهب من تكلفة الفرصة البديلة كون الذهب لا يقدم عائد لحائزيه مقارنة مع السندات الحكومية الأمريكية.
هذا وينصب تركيز الأسواق هذا الأسبوع على خطاب رئيس البنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى جيروم باول يوم الجمعة، حيث يجتمع محافظو البنوك المركزية من جميع أنحاء العالم فى جاكسون هول لحضور مؤتمرهم السنوي.
سيكون الاهتمام حول معرفة توجهات رئيس الفيدرالى بأول وهل سيظهر تمسكه باستمرار التشديد النقدى للسياسة النقدية ليوافق محضر اجتماع البنك الفيدرالى الأخير، خاصة أن غالبية التوقعات فى الأسواق تشير أن البنك قد انتهى من دورة رفع الفائدة والفترة القادمة ستكون تثبيت الفائدة عند مستوياتها الحالية.
ارتفاع عوائد السندات الحكومية الأمريكية ومعدلات الرهن العقارى فى الولايات المتحدة من المتوقع أن تجبر البنك الفيدرالى على الانتهاء من رفع الفائدة، وبالتالى قد يكون أمام الذهب فرصة للتعافى وتعويض جزء من خسائره الكبيرة.
هل يشهد هذا الأسبوع نهاية لهبوط أسعار الذهب وبداية التعافي؟
أظهر تقرير التزامات المتداولين المفصّل الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة، والذى يُظهر وضع المضاربة على الذهب للأسبوع المنتهى فى 15 أغسطس، ارتفاعا كبيرا فى الطلب على عقود بيع الذهب بمقدار 26081 عقد مقارنة مع التقرير السابق، بينما عاد الطلب على عقود شراء الذهب إلى التعافى بمقدار 4232 عقد مقارنة مع التقرير السابق.
البيانات المتأخرة الصادرة عن تقرير لجنة تداول السلع الآجلة (COT) تظهر ارتفاع كبير فى الطلب على عقود بيع الذهب فى ظل التوقعات باستمرار البنك الفيدرالى فى التشديد النقدى، إلى جانب استمرار خروج الاستثمارات من أسواق الذهب لصالح أسواق السندات.
ولكن الأسبوع الأخير شهد تعافى للطلب على عقود شراء الذهب وبالتالى هو أمر إيجابى بالنسبة للذهب، هذا بالإضافة إلى توقعات بتحركات عرضية للذهب خلال هذا الأسبوع استعدادًا لحديث رئيس الفيدرالى نهاية الأسبوع، فقد يستطيع الذهب تكوين قاعدة سعرية فوق المستوى 1880 دولارا للأونصة تساعده على التعافى من جديد.
الجدير بالذكر أيضًا أن صندوق SPDR الاستثمارى المدعوم بالذهب والذى يعد أكبر صندوق فى العالم قد أشار إلى ارتفاع حيازاته بنسبة 0.3% يوم الجمعة الماضية، وهو أول تدفق داخل إلى الصندوق منذ أواخر شهر يوليو ويعكس هذا اقتناع لدى المستثمرين أن الذهب قد اكتفى من الهبوط على المدى القصير وقد يبدأ فى التعافى، خاصة فى ظل التوقعات أن الفيدرالى لن يلجأ لمزيد من عمليات رفع الفائدة على الأقل خلال اجتماعه القادم فى سبتمبر.
بنك بركليز البريطانى أشار فى مذكرة بحثية أن أرباح عوائد السندات الأمريكية لن تستمر فى الارتفاع على الأغلب، وهو أمر قد يكون إيجابى أيضًا بالنسبة لأسواق الذهب التى تتأثر بشكل سلبى كبير من انتعش أسواق السندات.
