أصدرت الدائرة الأولى المدنية – مأمورية استئناف كفر الشيخ بمحكمة استئناف طنطا – حكما نهائيا فريدا من نوعه - بمنع حائز أرض من دخولها وزراعتها، واعتباره فعلا يستحق التعويض يقدر بـ30 ألف جنيه.
صدر الحكم في الاستئنافين المقيدين برقمى 91063 لسنة 55 قضائية، ورقم 91 لسنة 55 قضائية، لصالح المحامى محمد على شليل.
الوقائع.. نزاع بين شخصين على حيازة الأرض الزراعية
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المستأنف في الاستئناف 91 لسنة 55 فقد أقام الدعوى رقم 389 لسنة 2020 مدنى كلى بيلا طلب فيها بإلزام المستأنفين في الاستئناف 63 لسنة 55 قضائية بأن يؤديا إليه مبلغ مليون جنيه تعويضا ماديا وأدبيا عن الضرر الذي لحقه من منعهما له دخول أرضه وزراعتها والبالغ مساحتها 17 قيراطا ونصف القيراط والصادر بشأنها محضر الحيازة رقم 4 لسنة 2020 حيازات ببلا مع إلزامهما المصاريف والأتعاب.
المتضرر يقيم دعوى استرداد حيازة وتعويض يقدر بمليون جنيه
وذلك على سند حاصله أنه يمتلك ويحوز المساحة الأنفة وقد منعه خصميه السالفين من زراعتها مدة عام ونصف، مما ألحق به أضرارا مادية في خسارة زراعتها وفوات مكسبها فضلا عن أتعاب التقاضي، وكذلك ضرر أدبى تمثل في مرضه ومعاناته وحسرته على بوار أرضه، وهو ما حدا به لإقامة دعواه ابتغاء الحكم بما تقدم من طلبات.
تعويض الضرر نتيجة الخسارة المادية في الزراعة وضرر أدبى بسبب مرضه وحسرته وبوار أرضه
وقدم المستأنف في الاستنئاف 91 لسنة 55 قضائية في سند لدعواه حافظتي مستندات طويتا على: "1- صورة من قرار التمكين الصادر له من النيابة العامة في المحضر 194 لسنة 2020 إدارى مركز بيلا والمقيد برقم 385 لسنة 2020 حيازة كلى بتمكينه من عين النزاع والتي اشتگی بغصب حيازتها بالمحضر بتاريخ 13 يناير 2020 القرار الصادر بتاريخ 19 أكتوبر 2020، 2- صورة من محضر تنفيذ القرار الانف بتاريخ 22 سبتمبر 2020 استلم بموجبه عين النزاع.
وفى تلك الأثناء - تداولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة على النحو الثابت بمحاضرها فمثل طرفي التداعى كلا بوكيل عنه، وطلب وكيل المستأنف إحالتها للتحقيق لإثبات عناصرها، وقدم وكيل المستأنفين في الاستئناف 63 لسنة 55 قضائية حافظة مستندات طويت على عقد شراء مورثهما وخصمهما لعين النزاع ضمن مساحة أكبر قدرها 3 أفدنة وقيراط و22 سهما، وكذا الاعلام الشرعي له ثابت منه أنهما وخصمهما وأخرين هم الورثة.
محكمة أول درجة تصدر حكما بتعويض يقدر بـ100 ألف جنيه
وبجلسة 27 نوفمبر 2021 حكمت محكمة أول درجة بإلزام المستأنفين في الاستئناف 63 لسنة 55 قضائية بأن يؤديا للمستـأنف 91 لسنة 55 قضائية تعويضا ماديا وأدبيا قدره 100 ألف جنية مع إلزامهما المصاريف والأتعاب، وقد اسست المحكمة قضائها على ثبوت اغتصابهما حيازة أرض المستأنف قرابة العام والنصف، وذلك من أقوال الشهود ورجل الادارة في محضر الحيازة السالف، وصدور القرار فيه بتمكينه من عين النزاع ما قوته كسب أرضه والحق به ألم نفسى وحسرة يستوجب تعويضه عنهم بمبلغ 100 ألف جنيه مناصفة بين الضرر المادي والأدبي.
والمحكوم عليه يقيم استئنافا لإلغاء الحكم.. والمتضرر يستأنف هو الآخر لزيادة مبلغ التعويض
إلا أن المحكوم عليهما لم ترتضيا القضاء المتقدم فأقاما عنه الاستئناف رقم 63 لسنة 55 قضائية، بموجب صحيفة استوفت شرائطها القانونية أودعت فلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 4 يناير 2022 وأعلنت قانونا طلب في ختامها الحكم بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المستأنف ضده بالمصاريف والألعاب، وذلك للخطأ في تطبيق القانون حيث تولت المحكمة على قرار التمكين الصادر من النيابة العامة وهو قرار وقتي، والقصور في التسبيب، حيث إن الأرض جميعها ملكا للورثة ونصب المستأنف ضده منها ستة قراريط وأن حيازته للأرض ليست حيازة ملكية، وأخيرا للإخلال بحق الدفاع حيث لم تحل محكمة أول درجة الدعوى للتحقيق وفقا لطلب المستأنف ضده.
كما أن المحكوم له لم يرتضى هذا القضاء، فأقام عنه الاستئناف رقم 11 لسنة 55 قضائية بصحيفة أودعت بتاريخ 5 يناير 2022 طلب فيها إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بالتعويض المطالب به ابتداءا، وذلك استنادا لعدم تناسب المبلغ المقضى به مع الأضرار التي لحقت به سيما الضرر الأدبي حيث أصيب بفقد البصر جراء حزنه على بوار أرضه، وحيث قررت المحكمة ضم هذا الاستئناف للاستئناف رقم 63 لسنة 55 قضائية للإرتباط وليصدر فيهما حكم واحد.
محكمة ثانى درجة تقضى بتخفيض مبلغ التعويض لـ30 ألف جنيه
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إنه وعن الاستئناف رقم 63 لسنة 55 قضائية فإن المحكمة تشير إلى أن الطلب فيه من المستأنفين هو رفض التعويض كلية، وهو ما يمكن المحكمة - إن لم تقض بالرفض الكلي - أن تقضي بالتخفيض حيث يشمل طلب رفض التعويض إجمالا تخفيضه بالتبعية، وعن موضوعه فإنه لما كان مقررا قانونا بنص المادة 170/1 من القانون المدني على أنه: "يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقا لأحكام المادتين 221 -222 مدنى".
وبحسب "المحكمة": والبين من نصوص المواد 170، 221، 222 من القانون المدني أن الأصل في المساءلة المدنية أن التعويض عموما يقدر بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ، ويستوى في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي على أن يراعي القاضي في تقدير التعويض الظروف الملابسة للمضرور، وتقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة عند تقدير التعويض الجابر له مسألة موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع بشرط في التعويض أن يكون جابرا للضرر ومتناسبا معه بغير إسراف أو تفريط، وكذلك فإن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى واستخلاص ما تطمئن إليه متى كان استخلاصها سائغا من أصل ثابت في الأوراق ولها سلطة تقدير أقوال الشهود وكل دليل يطرح أمامها وأن تعتمد فى استجلاء الحقيقة على أي قرينة تطرح أمامها.
كما أنه من المقرر قضاء أن "لمحكمة الاستئناف أن تؤيد الحكم الابتدائي فيما قضى فيه وأن تحيل على ما جاء به في بيان وقائع الدعوى أو في الأسباب التي أقيم عليها متى كانت تكفى لحمله ولم يكن الخصوم قد استندوا أمام محكمة الاستئناف الى أوجه دفاع تخرج في جوهرها عما قدموه أمام محكمة أول درجة"، وأنه "لا يعيب الحكم الاستئنافي أن يعتنق أسباب الحكم الابتدائي وتحيل إليه دون إضافة إذا رأت محكمة الاستئناف أن ما أثاره الطاعن في أسباب استئنافه لا تخرج في جوهرها عما كان معروضاً على محكمة أول درجة وتضمنه أسباب حكمها وليست فيها ما يدعوه إلى إيراد أسباب جديدة".
المحكمة تؤكد أن التعويض يكون بغير إسراف ولا تقطير
وحيث كان ذلك - ولما كانت محكمة أول درجة انتهت في قضائها المطعون عليه إلى استحقاق المستأنف ضده للتعويض قبل المستأنفين استنادا لثبوت الخطأ من جانب الأخيرين قبله بمنعهما إياه من الدلوف لأرضه الزراعية وزراعتها، مما أدى لبوارها، وحيث أن هذا المحكمة تزيد الحكم المستأنف فيما انتهي إليه من ثبوت استحقاق التعويض إلا أنه وبشأن تقدير مبلغ التعويض المقضى به وهو مبلغ 100 ألف جنيه، فترى هذا المحكمة أنه أسرف في تقديره حيث أن الضرر المادي الذي لحق بالمستأنف ضده قد تمثل فيه حرمانه من ربع أرضه مدة لم تتجاوز 9 أشهر كون الثابت من مضر التمكين الصادر له وتنفيذه أنه أبلغ باغتصاب أرضه بتاريخ 13 يناير 2020 واستعادها بالتنفيذ الجبري بتاريخ 22 سبتمبر 2020 وهو ما يكون معه متوسط ربع أرضه عن هذه المدة حوالي أقل من 10 آلاف جنية وفقا لمتوسط ربع القيراط سنويا وهو مبلغ 500 جنيه.
وأخذا في الاعتبار أن المستأنف ضده قد تكبد مصاريف تقاضى عن الدعوى المائلة وعن محضر التمكين حتى تنفيذه وهو ما تقدره المحكمة بمبلغ مماثل 10 آلاف جنيه، ليكون ما يستحقه المستأنف ضده من تعويض مادى مبلغ 20 ألف جنيه، وبشأن الضرر الأدبي والتعويض الجابر له فترى المحكمة أن مبلغ 10 آلاف جنيه مناسبا ومتماشيا مع هذا الضرر المتمثل في الآسى واللوعة التي لحقت بالمستأنف ضده جراء حرمانه من الدلوف لأرضه ورزاعتها، وهو ما يكون معه إجمالي التعويض بشقيه المستحق للمستأنف ضده – بغير إسراف ولا تقطير – وهو مبلغ 30 ألف جنيه، ولما كان الحكم المستأنف قد جاوز هذا النظر وأسرف في تقدير التعويض بقضائه بمبلغ 100 ألف جنيه فإنه يتعين تعديله ليكون على النحو الآنف وهو مبلغ 30 ألف جنيه.
المحامى محمد على شليل - صاحب الحكم