أصدرت محكمة النقض – حكما في غاية الأهمية بشأن الاحتكام إلى اليمين الحاسمة بين المتقاضين، أرست خلاله 7 مبادئ قضائية تنظم العلاقة بين المتعاملين، قالت فيه: "1-للغير إثبات صورية الثمن بالاحتكام إلى اليمين الحاسمة التى يوجهها للمشترى دون الحاجة لتوجيهها إلى البائع.
2-جواز الطعن فى الحكم من عدمه يتعلق بالنظام العام يلزمه وجوب بحث المحكمة له من تلقاء ذاتها قبل التطرق للموضوع .
3-ثبوت قوة الشىء المقضى للحكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة.
4-اليمين الحاسمة ماهيتها هو الاحتكام الى ذمة الخصم فى مقطع النزاع أما حلفها أو النكول عنها ينحسم به النزاع، وينتج عنه اعتبار الدليل المستمد منها دعامة كافية لحمل قضاء الحكم .
5-عقد البيع طبيعته طبقا للمادة 418 مدنى.
5-إثبات الادعاء ببطلان عقد البيع لصورية الثمن اختلافه باختلاف المتمسك به، ولأطراف العقد إثباته بالكتابة وللغير إثباته بكافة طرق الإثبات .
6- واحتكام الغير إلى اليمين الحاسمة يلزمه توجيهها للمشترى دون الحاجة لتوجيهها إلى البائع .
7-قضاء الحكم المطعون فيه بكفاية حلف المشترى اليمين الحاسمة بشأن صورية عقد البيع وعدم الحاجة إلى حلف البائعة له يكون صحيح، وينتج عنه عدم جواز الطعن عليه بالنقض.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 4837 لسنة 74 القضائية، برئاسة المستشار حسن منصور، وعضوية المستشارين عبد السلام المزاحى، وياسر نصر، وأحمد صلاح الدين، وعمرو صلاح الشيمى.
الوقائع.. نزاع بين متعاقدين حول طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائى
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم دعوى قضائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائى المؤرخ 1 يناير 1993 عن الحصص المبينة به وصحيفة الدعوى، وقالوا بياناً لذلك: إنهم بموجب هذا العقد اشتروا من المطعون ضدها الأولى حصة قدرها 4/7 شائعة في عقار التداعي، وسددوا الثمن إلا أنها تخلفت عن تنفيذ التزامها بنقل الملكية، ومن ثم فقد أقاموا الدعوى، وأثناء نظرها تدخل المطعون ضده الثاني فيها هجومياً بطلب رفض الدعوى، لشرائه عقار التداعي من المطعون ضدها الأولى بموجب عقد البيع المسجل رقم "..." لسنة 1997 توثيق الإسكندرية.
طرف ثالث يتدخل هجوميا بطلب رفض الدعوى لشرائه عقار التداعي
وفى تلك الأثناء - دفع الطاعنون بصورية هذا العقد، فأحالت المحكمة الدعوى للتحقيق وبعد أن استمعت لأقوال الشهود حكمت برفض الدعوى، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 45 لسنة 47 قضائية الإسكندرية، وأثناء نظره طلب الطاعنون توجيه اليمين الحاسمة للمطعون ضدهما الأولى والثاني، فحكمت المحكمة بتوجيهها لهما بالصيغة المبينة بمنطوق الحكم، فحلفها المطعون ضده الثاني دون المطعون ضدها الأولى، فقضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بعدم جواز الطعن بالنقض، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
الطاعنون يطلبون من المحكمة توجيه اليمين الحاسمة للمطعون ضدهم
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: إنه لما كان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان جواز الطعن من عدمه متعلقاً بالنظام العام، فإنه يتعين على هذه المحكمة أن تعرض بالبحث لهذا الأمر من تلقاء نفسها لتقول كلمتها فيه قبل التطرق إلى نظر موضوع الطعن، وكان من المقرر أيضا أن الحكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة له قوة الشيء المقضى فيه ولا يقبل الطعن فيه بأى طريق من طرق الطعن في الأحكام مالم يكن الطعن مبنياً على بطلان فى الإجراءات الخاصة بتوجيه اليمين أو حلقها، أو أنها وجهت في غير حالاتها.
ومن المقرر كذلك - أن اليمين يوجهها الخصم إلى خصمه محتكما إلى ذمته في أمر يعتبر مقطع النزاع فيما نشب الخلف بينهما حوله ولعوز موجهها الدليل على ثبوته، ويترتب على حلفها أو النكول عنها ثبوته أو نفيه على نحو ينحسم به النزاع حوله، ويمتنع معه الجدل في حقيقته، إذ يضحى الدليل المستمد من حلفها أو النكول عنها وحده دعامة كافية الحمل قضاء الحكم فى شأنه، وأن اليمين الحاسمة لا توجه إلا إلى الخصم الآخر، الذي له حق اليمين الحاسمة المطالبة بالإثبات، إذ إن توجيه اليمين إليه تقلب موقفه في الإثبات، فبعد أن كان غير مكلف بشيء فيه صار بعد توجيهها إليه مضطرا إلى قبول احتكام خصمه إلى ضميره، فإذا حلف اليمين كسب الدعوى، وإذا نكل عنها كان ذلك بمثابة الإقرار بحق لخصمه.
النص فى المادة 418 من القانون المدني
لما كان ذلك، وكان النص فى المادة 418 من القانون المدني، على أن البيع عند يلتزم به البائع أن ينقل للمشترى ملكية شيء أو حقاً مالياً أخر، في مقابل ثمن نقدي مفاده أن عقد البيع ينشئ التزامات متبادلة بين البائع والمشترى، فإذا كان البائع يلتزم بنقل ملكية المبيع، فإن المشترى يلتزم بدفع الثمن، ومؤدى ذلك أن إثبات الادعاء ببطلان عقد البيع الصورية الثمن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا كان من البائع، فإن إثباته لا يكون إلا بالكتابة أما إذا كان من غير أطراف العقد فإن إثباته يكون بكافة طرق الإثبات، فإذا ما أعوز هذا الغير الدليل على ثبوت هذا الادعاء، واحتكم إلى اليمين الحاسمة، فإنه يوجهها إلى المشترى باعتباره الخصم الذى له حق المطالبة بالإثبات بعد أن عجز ذلك الغير عن تقديم الدليل على الادعاء بصورية الثمن، فإذا حلف المشترى هذه اليمين انتفى هذا الادعاء عن الثمن وأصبح هو الثمن الحقيقي في العقد، وأما إذا نكل عن حلفها كان ذلك بمثابة الإقرار منه بصورية هذا الثمن وبذلك ينحسم النزاع حوله ويمتنع على الخصوم الجدل في حقيقته ودون حاجة لتوجيه اليمين للبائع، بعد أن تم توجيهها للمشترى باعتباره المدين له بالثمن الوارد في العقد، ولن يضار البائع من جراء ذلك إذ إنه في حالة حلف المشترى اليمين يتحقق ركن المحل فى البيع بشقيه المبيع والثمن على النحو المتفق عليه في العقد، وفى حالة نكول المشترى عن حلف اليمين فإن هذا بعد إقراراً منه بصورية الثمن، بما يبطل البيع لتخلف أحد أركان العقد، وهو ما يترتب عليه عودة المبيع إلى ملكية البائع.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قضي بتأييد الحكم الابتدائي القاضي برفض الدعوى على سند من أن المطعون ضده الثاني وهو المشترى في عقد البيع موضوع الادعاء بالصورية من الطاعنين قد حلف اليمين الحاسمة على النحو المقرر قانونا فلا حاجة إلى حلف المطعون ضدها الأولى وهى البائعة في العقد سالف الذكر، فإنه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح، وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر بناء على اليمين الحاسمة التي تم توجيهها وحلفها طبقا للقانون، فإنه لا يجوز الطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن في الأحكام ومنها الطعن عليه بطريق النقض، ومن ثم يكون الطعن المائل غير جائز وهو ما تقضى به المحكمة.