هناك ضوابط عديدة بين الملاك والمستأجرين تنظم العلاقة بين الطرفين لا سيما وأن هناك العديد من الأخطاء والمخالفات يقع فيها أياَ منهما ما يؤدى إلى نقض العقد بينهما، وأهم هذه المبادئ والبنود هي "التنبيه" قبل عملية المطالبة بالإخلاء، وليس للتنبيه شكل خاص، فيجوز أن يكون بإنذار على يد محضر أو بكتاب مسجل أو بكتاب عادي بل يجوز أيضاً أن يكون شفوياً، ولكن من صدر منه التنبيه يحمل عبء إثباته.
وهذا لا يمنع المتعاقدين من أن يشترطان شكلاً خاصاً للتنبيه كأن يحتما أن يكون التنبيه على يد محضر أو بكتاب مسجل ويرجع إلى نية المتعاقدين في معرفة ما إذا كانا قد أرادا بهذا الشكل الخاص ألا يكون للتنبيه وجود قانوني بدونه أو أنهما أراداه لمجرد إثبات التنبيه، وفي الحالة الأخيرة يكون التنبيه موجود ولو لم يحصل بالشكل المشترط إلا أن إثباته لا يكون إلا بالإقرار أو باليمين عند عدم حصوله بالشكل المتفق عليه، وهو ما أكده الدكتورعبد الرازق السنهوري حول عقود الإيجار.
اوعى تفتكر المستأجر هيخرج من العين بمجرد انتهاء المدة المحددة في العقد
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في التنبيه بالاخلاء لانتهاء عقد الايجار الخاضع للقانون المدنى، باعتباره غير متعلق بالنظام العام، والأصل وفقا لنص المادة 598 من القانون المدني: "ينتهي الإيجار بانتهاء المدة المعينة في العقد دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء"، ومفاد المواد 563 ، 598 ، 599 من القانون المدني أنه إذا إتفق المتعاقدان على مدة ما انقضى العقد بفواتها دون حاجة إلى تنبيه، هذا ما لم يشترط المتعاقدين صدور التنبيه بالإخلاء من أحدهما للآخر قبل نهاية المدة بوقت معين، طبقا للطعن رقم 1051 لسنة 58 قضائية – بحسب الخبير القانوني والمحامى محمد سليمان.
الإخلاء في المواعيد التى بينتها المادة 563 من القانون المدنى
في البداية - إذا كان عقد الإيجار محدد المدة ومعلوم مدته تفصيلا فإن العقد ينتهي حتما بنهاية مدته دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء من أي من طرفي العقد للآخر بالإخلاء، إلا أنه إذا تضمن العقد اتفاقا على وجوبية توجيه التنبيه بالإخلاء من أحد طرفي العقد إلى الآخر في آجل معين وجب إعمال الشرط وإتباع أحكامه، وكذلك إذا كان عقد الإيجار تم دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة، اعتبر الإيجار منعقدا للفترة المعينة لدفع الأجرة وينتهي بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الأخر بالإخلاء في المواعيد التى بينتها المادة 563 من القانون المدنى وهى وفقا لـ"سليمان":-
(أ) في الاراضى الزراعية والاراضى البور إذا كانت المدة المعينة لدفع الأجرة 6 أشهر أو أكثر يكون التنبيه قبل انتهائها بـ3 أشهر، فإذا كانت المدة أقل من ذلك، وجب التنبيه قبل نصفها الأخير، كل هذا مع مراعاة حق المستأجر في المحصول وفقا للعرف.
والخلاصة هنا أن عقد الإيجار المحدد مدته في العقد ينتهي بمجرد انتهاء مدته دون إلزام على أى من طرفي العقد بتنبيه الأخر بالإخلاء إلا أنه إذا ظل المستأجر مقيما بالعين اعتبر العقد مجدد للمدة المحددة لدفع الأجرة، ومن ثم يتعين إجراء التنبيه المنصوص عليه في المادة 563.
ب-في المنازل والحوانيت والمكاتب والمتاجر والمصانع والمخازن وما إلى ذلك إذا كانت الفترة المعينة لدفع الأجرة أربعة أشهر أو أكثر وجب التنبيه قبل انتهائها بشهرين، فإذا كانت الفترة اقل من ذلك وجب التنبيه قبل نصفها الأخير.
ج-في المساكن والغرف المؤثثة وفى أى شيء غير ما تقدم إذا كانت الفترة المعينة لدفع الأجرة شهرين أو أكثر، وجب التنبيه قبل نهايتها بشهر فإذا كانت اقل من ذلك، وجب التنبيه قبل نصفها الأخير.
مواعيد التنبيه بالإخلاء التى أوردتها المادة 563 من القانون المدني ليست من النظام العام
ومواعيد التنبيه بالإخلاء التى أوردتها المادة 563 من القانون المدني ليست من النظام العام ومن ثم يجوز الاتفاق على خلافها في عقد الإيجار، وهو المستقر عليه لدى محكمة النقض كما ورد في الطعن رقم 735 لسنة 54 قضائية: "التنبيه بالإخلاء هو تصرف قانوني صادر من جانب واحد يتضمن رغبه صاحبه استنادا إلى إرادته في انتهاء الإيجار ويتحقق أثره بمجرد أن يعلن عن هذه الإرادة في انتهاء العقد إلى المتعاقد الآخر فتنحل تبعا لذلك الرابطة العقدية التي كانت قائمة بينهما بعد فترة معينة، وكانت مواعيد التنبيه بالإخلاء كما أوردتها المادة 563 من القانون المدني ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على خلافها في عقد الإيجار، وكان تحديد هذه المدة مقررا لمصلحة الطرف الموجه إليه التنيبة حتى لا يفاجأ بما لم يكن في حسبانه قبل أن يتهيأ لمواجهة ما يترتب على ذلك من وضع جديد فان عدم التزام المؤجر بالمهلة المتفق عليها في العقد للتنبيه بالإخلاء يترتب عليه ألا ينتج هذا التنبيه أثره ويتجدد العقد" – الكلام لـ"سليمان".
مفاد النص في المادتين 558، 563 من القانون المدني - يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض وهيئتها العامة - على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار واعتبر المدة ركناً فيه وأنه إذا عقد العقد دون اتفاق على ميقات ينتهي فيه الإيجار أو تعذر إثبات المدة المدعاة أو عقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإجارة على وجه التحديد كأن ربط انتهاؤها بأمر مستقبل غير محقق الوقوع تعين اعتبار العقد منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص المادة 563 سالفة البيان، وبذلك فإن إنعقاد عقد الإيجار لمدة محددة تتجدد تلقائيا لمدد مماثلة طالما كان المستأجر قائما بتنفيذ التزاماته، فضلا عن تخويله وحده دون المؤجر حق إنهائه، أما أثره وجوب اعتبار العقد - بعد انتهاء المدة الاتفاقية - منعقدا للفترة المحددة لدفع الأجرة وانقضائه بالتنبيه بناء على طلب أحد المتعاقدين فى المواعيد المبينة بنص المادة 563 مدنى – هكذا يقول الخبير القانوني.
متى تتجدد مدة الايجار تلقائيا ؟
والنص في عقد الإيجار على انعقاده لمدة محددة تتجدد تلقائياً لمدد أخرى مماثلة ما دام المستأجر يقوم بتنفيذ التزاماته وأحقية الأخير وحده دون المؤجر في إبداء الرغبة في إنهائه يؤدي إلى اعتبار العقد بعد انتهاء المدة المتفق عليها متجدداً تلقائياً لمدد أخرى مماثلة لا يعرف على وجه التحديد تاريخ انتهائها، إذ أن نهايتها منوطه بمحض مشيئة المستأجر وحده أو خلفه العام ولا يعرف متى يبدي أيهما الرغبة في إنهاء العقد خاصة، وأن الأصل في عقد الإيجار أنه لا ينتهي إعمالاً لنص المادة 601 من القانون المدني - بوفاة المستأجر وتنصرف آثاره إلى خلفه العام عملاً بنص المادة 145 من ذات القانون ما لم يتبين من العقد أو طبيعة التعامل أو نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إليهم، ومن ثم فإن عقد الإيجار يعتبر في هذه الحالة منعقداً لمدة غير معينه ويتعين إعمال نص المادة 563 مدني واعتباره بعد انتهاء مدته الأولى المتفق عليها - متجدداً للفترة المحددة لدفع الأجرة وينتهي بانقضائها بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص هذه المادة، فإن لم يحصل التنبيه تجدد العقد للمدة المحددة لدفع الأجرة ثم لمدة مماثلة وهكذا إلى أن يحصل التنبيه ولا يسوغ استبعاد نص المادة 563 من القانون المدني.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 1503 لسنة 60 ق جلسة 14 يوليو 1994 زالذى جاء في وقائعه أن الطاعن أقام على المطعون ضده الأول الدعوى رقم 2061 لسنة 1983 شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلغاء وصف الجدك بالعقد المبرم بينهما بتاريخ 1 أغسطس 1972 واعتباره خالياً، وقال في بيان دعواه إنه بموجب العقد المشار إليه استأجر المحل المبين بالصحيفة والعقد بأجرة شهرية قدرها 8 جنيهات بغرض استعماله ورشة لإصلاح الثلاجات، وأثبت في العقد على خلاف الحقيقة أن المحل مؤجر بالجدك للتحايل على أحكام قوانين إيجار الأماكن المتعلقة بالامتداد القانوني للعقد، وإذ يجوز له إثبات هذا التحايل بكافة طرق الإثبات أقام الدعوى، كما أقام المطعون ضده الأول على الطاعن والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 15589 لسنة 1983 شمال القاهرة الابتدائية بطلب إخلاء محل النزاع مفروشاً للأول بموجب العقد المشار إليه على سند من تأجيره من الباطن للمطعون ضده الثاني وانتهاء مدته، وإذ أنذره بعدم الرغبة في تجديد العقد على يد محضر في 30 يوليو 1980 وبخطاب موصى بعلم الوصول مؤرخ 24 أبريل 1980 ولما لم يمتثل فقد أقام الدعوى.
وبعد أن أحالت المحكمة الدعويين للتحقيق وسمعت شهود الطرفين، حكمت برفض دعوى الطاعن وفي دعوى المطعون ضده بإخلاء المحل، ثم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 5245 لسنة 105 ق القاهرة وبتاريخ 7 فبراير 1990 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثالث - عدا وجهه الثالث - على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه إعمالاً لقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين المنصوص عليها في المادة 147 من القانون المدني يمتنع على طرفي العقد نقضه أو إنهاؤه أو تعديله بالإرادة المنفردة على غير مقتضى شروطه ما لم يرد بذلك اتفاق صريح، كما يلزم القاضي بإعمال وتطبيق نصوص العقد وأنه بالنسبة لعقود الإيجار التي تخضع للقانون المدني يصح تعليق انتهاء الإيجار على إرادة المستأجر المنفردة والنص في العقد على أحقيته في شغل العين إذا واظب على دفع الأجرة في الميعاد المحدد دون أن يعد ذلك مخالفاً لقاعدة آمرة متعلقة بالنظام العام.
وأضافت مذكرة الطعن: ولما كان النص في البند الثاني من عقد الإيجار المؤرخ 1 أغسطس 1972 على أن مدته الـ 6 أشهر تبدأ من 1 أغسطس 1972 وتتجدد من تلقاء نفسها لمدة 6 أشهر أخرى ما لم ينبه الطرف الثاني "المستأجر" بإنهاء العقد قبل المدة السارية بشهر على الأقل، فإن لازم ذلك ومقتضاه سقوط حق المؤجر في طلب إنهاء العقد ويضحى أمر إنهاء العقد مرهوناً بإرادة المستأجر وحده بعد التنبيه على المؤجر قبل نهاية مدة العقد مرهوناً بإرادة المستأجر وحده بعد التنبيه على المؤجر قبل نهاية مدة العقد أو المدة المجددة المساوية لها بشهر على الأقل، ولا يحق للأخير إنذار الأول "كطرف مستأجر" بإنهاء العقد لسبق تنازله عنه بموجب البند الثاني من العقد سالف الإشارة إليه، ويتعين لذلك القضاء بعدم قبول دعوى إنهاء العقد وإذ خالف الحكم المطعون فيه - المؤيد لقضاء الحكم الابتدائي هذا النظر وخول للمطعون ضده الأول (كطرف مؤجر) الحق في طلب إنهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 8/ 1972 لإنهاء مدته ولعدم رغبته في تجديده لمدة أخرى مساوية دون أن يعني ببحث مضمون البند الثاني من العقد المذكور مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
نص المادتين 558 و563 من القانون المدنى
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعي غير سديد - ذلك أن النص في المادة 558 من القانون المدني على أن الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة، "والنص في المادة 563 من هذا القانون على أن: "إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة وينتهي بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر في المواعيد الآتي بيانها"، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وهيئتها العامة - على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار واعتبر المدة ركناً فيه وإنه إذا عقد العقد دون اتفاق على ميقات ينتهي فيه الإيجار أو تعذر إثبات المدة المدعاة أو عقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإيجارة على وجه التحديد كأن ربط انتهاؤها بأمر مستقبل غير محقق الوقوع تعين اعتبار العقد منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص المادة 563 سالفة البيان.
وتابعت "المحكمة": ولما كان النص في عقد الإيجار على انعقاده لمدة محددة تتجدد تلقائياً لمدد أخرى مماثلة ما دام المستأجر يقوم بتنفيذ التزاماته وأحقية الأخير وحده دون المؤجر في إبداء الرغبة في إنهائه يؤدي إلى اعتبار العقد بعد انتهاء المدة المتفق عليها متجدداً تلقائياً لمدد أخرى مماثلة لا يعرف على وجه التحديد تاريخ انتهائها إذ أن نهايتها منوطه بمحض مشيئة المستأجر وحده أو خلفه العام ولا يعرف متى يبدي أيهما الرغبة في إنهاء العقد خاصة وأن الأصل في عقد الإيجار أنه لا ينتهي إعمالاً لنص المادة 601 من القانون المدني - بوفاة المستأجر وتنصرف آثاره إلى خلفه العام - عملاً بنص المادة 145 من ذات القانون، ما لم يتبين من العقد أو طبيعة التعامل أو نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إليهم، ومن ثم فإن عقد الإيجار يعتبر في هذه الحالة منعقداً لمدة غير معينه ويتعين إعمال نص المادة 563 مدني واعتباره - بعد انتهاء مدته الأولى المتفق عليها - متجدداً للفترة المحددة لدفع الأجرة وينتهي بانقضائها بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص هذه المادة فإن لم يحصل التنبيه تجدد العقد للمدة المحددة لدفع الأجرة ثم لمدة مماثلة وهكذا إلى أن يحصل التنبيه ولا يسوغ استبعاد نص المادة 563 من القانون المدني.
ثغرة قد تؤدى لإمتداد العقد مدة مماثلة
لما كان ذلك - وكان الثابت أن عقد الإيجار محل النزاع المؤرخ 1/ 8/ 1972 قد انعقد لمدة 6 أشهر تتجدد ما دام المستأجر يقوم بسداد الأجرة وله وحده الحق في طلب إنهائه، فإنه مع وجود هذا الشرط يعتبر العقد بعد انتهاء مدته الأولى منعقداً للفترة المحددة لدفع الأجرة - أي مشاهرة حسبما جاء بالعقد - ويكون لأي من المتعاقدين (المؤجر والمستأجر) - على حد سواء - الحق في إنهاء العقد إذا نبه على الآخر في المواعيد المبينة في المادة 563 من القانون المدني وكان المطعون ضده الأول (المؤجر) قد نبه الطاعن بإنهاء العقد وفقاً لحقه المستمد من القانون لا العقد فإن العلاقة الإيجارية تكون قد انفصمت بهذا التنبيه - على ما سيرد في الرد على باقي أسباب الطعن - وإذ انتهى الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة في القانون وكان لا يعيبه قصوره في أسبابه القانونية التي عول فيها على شروط العقد إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذا القصور دون أن تنقض الحكم، ومن ثم فإن النعي على قضائه يكون على غير أساس.
وتضيف "المحكمة": وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت في الأوراق، ذلك أنه اعتبر التنبيه الذي تضمنه إنذار المطعون ضده الأول للطاعن صحيحاً على سند من أنه قد تم انتهاء مدة العقد بشهر برغم أن المدة المحددة كانت تنتهي في 31 يوليو 1980 وأُعلن الإنذار إليه في 30 يوليو 1980 أي قبلها بيوم واحد وليس بشهر كامل وفقاً لشروط العقد وقبل نهاية المدة بشهرين وفقاً لحكم المادة 563 من القانون المدني، هذا إلى أنه تمسك بعدم قبول الدعوى لاستنفاد أثر هذا الإنذار لسبق تقديمه في الدعوى رقم 8229 لسنة 1981 شمال القاهرة، مما يجعله حابط الأثر وتكون دعوى النزاع غير مقبولة لتخلف التنبيه ولا يعتد بالتنبيه الحاصل بموجب الخطاب المسجل والمؤرخ 24 أبريل 1980 إذ ثبت أن المؤجر قد قبل الأجرة العقد متجدداً لمدة شهر أغسطس - وهي المدة المعينة لدفع الأجرة - وينتهي في 31 أغسطس 1980 ويكون التنبيه صحيحاً إذا تم قبل النصف الأخير من هذا الشهر وفقاً للقواعد القانونية الواردة في المساق المتقدم.
التنبيه والآثار المترتبة عليه
وإذ تم هذا التنبيه في 30 يوليو 1980 فإنه يكون قد تم في الميعاد المنصوص عليه في القانون ويترتب عليه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - انحلال العلاقة العقدية وفقاً للنص المشار إليه واستعمالاً لحق المؤجر الذي يستمده من القانون، وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة في القانون فلا يعيبه ما تضمنه من أسباب قانونية خاطئة في هذا الشأن إذ أن لهذه المحكمة أن تصححها دون أن تنقض الحكم ولا محل لتحدي الطاعن بأنه كان يتعين توجيه هذا التنبيه قبل مدة الـ 6 شهور الأخيرة بشهر وفقاً لشروط العقد أو قبلها بشهرين تطبيقاً لحكم القانون ترتيباً على مدة العقد الاتفاقية إذ يعتبر العقد منعقد للفترة المعينة لدفع الأجرة على ما سلف بيانه، ولا يسوغ القول بأن التنبيه الحاصل في 30 يوليو1980 يعتبر حابط الأثر لسبق استعماله في الدعوى 8229 لسنة 1981 شمال القاهرة، إذ المناط في هذا الخصوص هو سبق إقامة دعوى بإنهاء العقد استناداً لهذا التنبيه وأن يحكم في الدعوى إما بإجابة المدعي إلى طلباته أو برفضها وفي الحالتين يكون التنبيه قد استنفذ أثره بالحكم في موضوع الدعوى أما ما عدا ذلك من الأحكام والقرارات التي تصدرها المحكمة في الدعوى الأولى قبل الفصل في موضوعها، فلا يتأثر بها التنبيه ويظل قائماً منتجاً لكافة آثاره حتى تنفصل المحكمة في الطلبات استناداً لهذا التنبيه.
وإذ كان البين أن الدعوى رقم 8229 لسنة 1981 شمال القاهرة قد قررت المحكمة شطبها بجلسة 3/ 1/ 1983 حسبما أورده الطاعن نفسه في صحيفة طعنه فلا يكون التنبيه الحاصل فيها قد استنفذ أغراضه إذ أن قرار الشطب ليس معناه إلغاء الدعوى وزوال الآثار القانونية المترتبة عليها أو بمثابة الحكم في موضوعها وإنما معناه مجرد استبعادها من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها بحيث إذا طلب أحد من الخصوم السير في الدعوى بعد شطبها فإنها تعود إلى النقطة التي وقفت عندها بحكم الشطب ويكون ما تم من إجراءات قبل الحكم بالشطب قائماً ومنتجاً لأثره، ومن ثم كان يحق للمطعون ضده الأول قانوناً تجديد السير في تلك الدعوى بعد شطبها، ولا تثريب عليه إن هو قد سلك الطريق بإقامة دعوى النزاع الماثلة بذات الطلبات ولا يعيب الحكم المطعون فيه إن هو قد عول فيها على هذا التنبيه، كما لا يعيبه ما أورده في أسبابه في هذا الشأن ما دام قد انتهى إلى صحة التنبيه بإنهاء العقد وهي نتيجة صحيحة على ما سلف بيانه ويضحى النعي برمته على غير أساس.
إشكالية عقد الإيجار بـ"الكدك"
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وقال في بيان ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ لم يبحث مدى اتفاق عقد الإيجار بالجدك وأحكام القانون التي لا تجيز إلا البيع بالجدك واعتبر عقد إيجار المحل بطريق الجدك لمجرد تزويده من جانب المؤجر بمكتب ومنجله وتسري بشأنه أحكام القواعد العامة الواردة في القانون المدني. دون أن يرد على دفاع الطاعن ومستنداته من أنه هو الذي قام بإحياء نشاط إصلاح الثلاجات بالمحلات كما استصدر تراخيص مزاولة النشاط والسجل التجاري المعد لذلك وكان فرق الأجرة لا يمثل عنصراً هاماً مقابلاً لما أسماه إيجار بالجدك لتفاهة هذا الفرق الذي لا يتعدى مبلغ ستة جنيهات مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود - ذلك أن المراد بالجدك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وهو ما يشتمل جميع عناصر المتجر أو المصنع الذي ينشئه المستأجر بالعين المؤجرة من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية كالاسم التجاري والاتصال بالعملاء، وقد استبدل القانون المدني بلفظ الجدك لفظي مصنع أو متجر "فيما أورده بنص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني استثناء من الحظر المقرر على حق المستأجر في التنازل عن الإيجار، وذلك حين ينشئ الأخير بالعين المؤجرة محلاً تجارياً - متجراً أو مصنعاً - ويضطر إلى بيعه فأجاز المشرع للمحكمة - تحت شروط معينة بالرغم من قيام ذلك الحظر أن تقضي بإبقاء الإيجار، وهي حالة تخالف تلك التي ترد فيها الإجارة على عين زودها مالكها بأدوات وآلات أو مفروشات لاستثمارها في مشروع تجاري أو صناعي معين، إذ يكفي لإخراج إجارتها من نطاق تطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن أن تكون هذه الأدوات أو الآلات أو المفروشات جدية وتكون الإجارة قد استهدفتها بحيث يعتبر المبنى في ذاته عنصراً ثانوياً بالنسبة لها، أو بمعنى آخر أن يثبت أن الإجارة شملت بالإضافة إلى منفعة المكان في ذاته مفروشات أو منقولات ذات قيمة تبرر تغليب منفعة تلك المفروشات أو المنقولات على منفعة العين وإلا اعتبرت العين مؤجرة خالية.
المحكمة تنهى النزاع برفض الطعن
ولمحكمة الموضوع تقدير جدية الفرش أو صوريته في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها - لما كان ذلك - وكانت المحكمة المطعون في حكمها - بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة والقرائن فيها والموازنة بين المستندات المقدمة لها، وكذا بما لها من تقدير أقوال الشهود والأخذ بما تطمئن إليه ومنها وطرح ما عداه - قد أيدت قضاء الحكم الابتدائي، وانتهت إلى أن المطعون ضده الأول قد أجر للطاعن محل النزاع مزوداً بأدوات ومنقولات جدية هي عبارة عن بنك من خمسة أدراج ومنجلة لاستخدامه كورشة لإصلاح أجهزة التكييف والتبريد، وأن الغرض الأساسي من التأجير ليس المبنى ذاته، وإنما ما أشتمل عليه من أدوات وآلات، بحيث تشمل الإجارة بالإضافة إلى منفعة المكان في ذاته تلك المفروشات والمنقولات التي تبرر تغليب منفعتها على منفعة العين، ورتبت على ذلك إخراجها من نطاق تطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن وخضوعها لأحكام القانون المدني، وكانت أسبابها في هذا الخصوص سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل قضائها وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وفيها الرد الضمني المسقط لكل حجج الطاعن وأوجه دفاعه ومستنداته في هذا الخصوص، ومن ثم يكون النعي على غير أساس، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
الخبير القانوني والمحامى محمد سليمان