الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 05:03 ص

الهند تتخلص من بقايا الاستعمار.. مشروع قانون أمام البرلمان يطلب تغيير اسم البلاد.. الحزب الحاكم: "بهارات" الاسم الأصلى.. والاستعمار البريطانى أطلق علينا الهند وحان وقت تغييره.. والمعارضة: يحتاج تعديلًا دستوريًا

الهند تتخلص من بقايا الاستعمار.. مشروع قانون أمام البرلمان يطلب تغيير اسم البلاد.. الحزب الحاكم: "بهارات" الاسم الأصلى.. والاستعمار البريطانى أطلق علينا الهند وحان وقت تغييره.. والمعارضة: يحتاج تعديلًا دستوريًا تغيير اسم الهند
الأربعاء، 06 سبتمبر 2023 09:00 م
كتبت آمال رسلان

قرار دولة بأن تٌغير اسمها حدث لم يتكرر كثيرا على مستوى العالم، وفى الحالات المعروفة لبعض الدول التى لجأت لهذا الأمر كان هناك أسباب سياسية أو نتيجة لحروب غيرت من الحدود الجغرافية، ولكن اليوم جاءت الهند لتؤكد أنها ترغب فى تغيير اسمها لا لأى شيء سوى أنها ترغب فى التحرر من الاسم الاستعمارى الذى منحته لها بريطانيا.

 

القصة بدأت خلال اليومين الماضيين، عندما قام عدد من المسئولين بالهند بنشر صورة لدعوة حضور حفل عشاء مجموعة العشرين أرسلتها الرئيسة دروبادى مورمو بصفتها "رئيسة بهارات" بدلاً من "رئيسة الهند"، ما أثار جدلاً كبير حول استخدام هذا الأسم فى دعوة رسمية، وأثارت تكهنات غاضبة بأن مثل هذه الخطوة يمكن أن تكون جزءًا من جدول الأعمال التشريعى فى الجلسة الاستثنائية المقبلة للبرلمان.

 

وفى الوقت ذاته قالت صحيفة إنديا تايمز أن البرلمان الهندى يدرس بالفعل تغيير اسم البلاد من الهند إلى "بهارات" وذلك خلال الجلسة الخاصة القادمة المقرر عقدها فى الفترة من 18 إلى 22 سبتمبر، وهو اسم يعود للثقافة الهندية وهو اختصار لعبارة "جلب الوئام والصداقة والمصالحة والثقة".

 

وقالت الصحيفة، إنه تم إرسال دعوات العشاء الرسمية لمجموعة العشرين فى التاسع من سبتمبر من رئيسة الهند دروبادى مورمو تحت اسم "رئيس بهارات" بدلاً من "رئيس الهند" المعتاد، كما خرج أعضاء من حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم فى الهند لدعم إعادة تسمية البلاد "بهارات"، وقال هيمانتا بيسوا سارما، رئيس وزراء ولاية آسام، يوم الثلاثاء، إن إعادة تسمية البلاد ستثبت أن الهند تسير نحو الحضارة.

 

وفى منشور على موقع x، تويتر سابقًا، أشار أميتاب باتشان، ممثل بوليوود، أيضًا إلى الهند باسم بهارات، ويرى البعض أن اسم "الهند" هو رمز "العبودية الاستعمارية" و"يجب إزالته من الدستور".

 

وتعود قصة تسمية الهند بهذا الاسم إلى حقبة الاستعمار البريطانى والذى بدأ لشبه الجزيرة الهندية فى عام 1858، حيث غير البريطانيون اسم بهارات إلى الهند، وتأتى كلمة "بهارات" من اللغة السنسكريتية القديمة بالأصل، وهى مشتقة من كلمة "بهاراتام" بمعنى "أرض الجنوب".

 

وتقول بعض الدراسات التاريخية للهند إنه هناك احتمالية أن يكون اسم "بهارات" عائداً إلى زمن الإمبراطور "بهاراتا" المعروف باسم المؤسس الأول لشبه القارة الهندية بأكملها، وتقول تقارير إن بهاراتا كان إمبراطوراً عظيماً، فإنه غزا وحكم شبه القارة الهندية بأكملها، وكانت إمبراطوريته تُسمى "بهاراتفارشا"، والتى امتدت من جبال الهيمالايا إلى البحر.

 

وعندما حصلت الهند على استقلالها من بريطانيا وتم صياغة أول دستور نصت المادة الأولى، على ما يلي: "الهند، تلك هى بهارات". وقال مجلس الشيوخ فى البرلمان: "إن بلادنا معروفة باسم "بهارات" منذ آلاف السنين، إنه الاسم القديم لهذا البلد وهو موجود فى النص السنسكريتى القديم".

 

ولكن المعارضة أخذت القضية إلى اتجاه ثانى، واعتبرت أن تحركات الحزب الحاكم لتغيير اسم البلاد من الهند إلى بهارات هو بداية حرب ضد أحزاب المعارضة التى أعلنت عن تحالفها سياسيا المكون من 28 حزبا وأطلق على نفسه "الهند" والتى تعنى اختصار لـ"التحالف الوطنى الهندى للتنمية الشاملة"، لكن بعض كبار الوزراء فى الحكومة قالوا إن الهدف منه قطع العلاقات مع الماضى الاستعمارى.

 

وقال وزير التعليم دارميندرا برادان، الذى كان من بين أوائل القادة الذين شاركوا الدعوة التى أرسلتها وزارة الشؤون الخارجية للحضور، "كان ينبغى أن يحدث هذا فى وقت سابق، وهذا يعطى ارتياحا كبيرا للعقل هذا أكبر بيان يخرج من العقلية الاستعمارية".

 

ونقلت صحف هنديه عن الخبير الدستورى بى دى تى أشارى، قوله: "أن هذا التغيير يجب أن يتم عن طريق تعديل الدستور، وإلا فإن اسم الهند هو الهند فقط. الهند التى مكتوب بهارات فى المادة 1 هى مجرد وصفية، وليس أن هذين الاثنين قابلان للتبادل. سيكون من الانتحار استخدامها بالتبادل.. هناك اسم واحد فقط لدولة واحدة".

 

وجاء هذا الخلاف بعد أربعة أيام من قيام رئيس منظمة التطوع الوطنية موهان باجوات بتقديم عرض قوى لاستخدام بهارات بدلاً من الهند. وفى كلمته أمام حدث عام فى الأول من سبتمبر، قال بهاجوات إن اسم البلاد باسم بهارات مستمر منذ العصور القديمة ويجب المضى قدمًا به. "لقد كان اسم بلدنا بهارات على مر العصور. ومهما كانت اللغة، فإن الاسم يبقى كما هو".

 

وقال عضو الحزب الحاكم حزب بهاراتيا جاناتا، بارفيش فيرما، إنه سيقدم مشروع قانون خاص فى الجلسة التالية - لم يتم تحديد وقت محدد للجلسة الخاصة لمشروع قانون العضو الخاص - سعيًا إلى تعديل ديباجة الدستور لإزالة كلمة الهند.

 

وفى مشروع القانون، الذى نشرته وسائل إعلام محلية، استشهد النائب قائلا " إن البلاد سميت بهاراتافارشا على اسم بهارات تشاكرافارتى، ابن اللورد ريشابديف. وقال فيرما إن "بهارات يتناسب أكثر مع تاريخ وثقافة أمتنا العظيمة"، نافياً أن يكون لمبادرته أى علاقة بكتلة الهند المعارضة. وأضاف "لقد قمت بإعداده قبل ذلك الإعلان بفترة طويلة وسوف أقوم بتقديمه فى الجلسة القادمة."

 

وانتقد رئيسة وزراء ولاية البنغال الغربية ماماتا بانيرجى هذه الخطوة، قائلا :"نعلم جميعًا أن الهند هى بهارات، لكن العالم يعرفنا بالهند. وتساءلت: "ما الذى تغير فجأة لدرجة أننا يجب أن نستخدم بهارات فقط؟".

 

كما انتقد نظيرها من ولاية تاميل نادو، عضو الكنيست ستالين، الحكومة. "يبدو أن حزب بهاراتيا جاناتا منزعج من مصطلح واحد يسمى الهند لأنهم يدركون قوة الوحدة داخل المعارضة. وقال ستالين: "خلال الانتخابات، ستطرد الهند حزب بهاراتيا جاناتا من السلطة".

 

وخلال العقود الماضية، كانت هناك محاولات كثيرة لتغيير اسم البلاد إلى بهارات، وتم رفع قضايا أمام المحكمة العليا، لكن القضاة رفضوا التورط فى الجدل، وفى إحدى الحالات طلبوا من صاحب الالتماس التواصل مع الحكومة.

 

وفى يونيو 2020، قال رئيس قضاة الهند آنذاك "بهارات والهند كلاهما اسمان مذكوران فى الدستور. "إن الهند تسمى بالفعل بهارات فى الدستور. ورأى رئيس المحكمة العليا السابق تى إس ثاكور إن الأمر "متروك للمواطنين لاختيار ما إذا كانوا يريدون تسميتها الهند أو بهارات".

 

على وسائل التواصل الاجتماعى، أثارت هذه الخطوة أيضًا أسئلة أخرى: ماذا عن مؤسسات مثل بنك الاحتياطى الهندى، أو منظمات مثل منظمة أبحاث الفضاء الهندية، أو الكيانات التجارية مثل بنك الدولة الهندي؟ ماذا سيحدث لجواز السفر الذى يذكر على غلافه جمهورية الهند؟ أم هل سيتم الآن استخدام كلا الاسمين بالتبادل؟.


print