يُعد القرب الجغرافي بين القاهرة وأوروبا أمرًا مهمًا للغاية، لاسيما مع توقعات زيادة اعتماد القارة الأوروبية على الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر في المستقبل القريب، وفى ظل ما تتمتع به مصر من إمكانات هائلة وواعدة فى مجال إنتاج الطاقة المتجددة بأسعار تنافسية، خاصة مع امتلاكها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح واللتان تُعدان من المكونات الرئيسة لصناعة الهيدروجين الأخضر، تتوافر الفرص الواسعة لإمكانية عمل مشروعات مشتركة بين مصر والدول الأوروبية فى هذا المجال، وهو بالفعل ما بدأ فى الحدوث على أرض الواقع، وتعتبر المنطقة الاقتصادية لقناة السويس هى نقطة الانطلاق.
فى ظل ما تمتلكه مصر من بنية تحتية لازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ومن ثم إمكانية تصديره إلى أوروبا، قامت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بتوقيع بروتوكول تعاون مع تحالف مجموعة من الشركات الهولندية بقيادة الشركة المصرية الهولندية لتنمية الأعمال ومدينة روتردام، يتضمن هذا التحالف، توسع أعمال هذه الشركات بضخ استثمارات كبرى داخل المنطقة، خاصة نحو إقامة محطات إنتاج الهيدروجين الأخضر واستخدامه مباشرة لتزويد المركبات بمختلف أنواعها بالوقود الأخضر ونقل الإنتاج من خلال خطوط أنابيب مخصصة لنقل وتصدير الوقود الأخضر للأسواق الخارجية.
من جانبه قال وليد جمال الدين رئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السيس، إن هذا التحالف مع الشركات الهولندية لإنتاج وتصنيع الوقود الأخضر، يدعم تحقيق رؤية مصر في خفض الانبعاثات الكربونية، بجانب تطوير قطاع مشتقات الهيدروجين الأخضر من الوقود الأخضر والأمونيا الخضراء، فضلاً عن دعم الحكومة الهولندية للدراسات الخاصة بهذه المشاريع، مضيفًا أن هذا التعاون يأتى كإحدى نتائج مشاركة المنطقة الاقتصادية في ملتقى الهيدروجين العالمي بمدينة روتردام الهولندية في مايو الماضي، بالتنسيق مع مؤسسة المشاريع الهولندية ووزارة الاقتصاد الهولندية.
وأشار جمال الدين، خلال استقباله لوفد هولنديٍ من مسئولي سفارة المملكة الهولندية في مصر وممثلي مدينة روتردام ومسئولي تحالف الشركات الذي يعمل في مجال الطاقة والهيدروجين الأخضر في مقر الهيئة الاقتصادية بالعين السخنة، إلى الإمكانيات المتفردة التي توفرها مصر من خلال المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كوجهة رئيسية لإنتاج الوقود الأخضر في الشرق الأوسط وتصديره لقارة أوروبا، وكذا مقومات موانئ ومناطق المنطقة الاقتصادية في تداول الوقود الأخضر من خلال الممر الأخضر، أحد مسارات توصيل الوقود الأخضر.
وأكد رئيس الهيئة، أنه بعد انتهاء مراحل تصنيع الوقود الأخضر من داخل المنشأة الصناعية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وعمليات تخزينه، سيتم نقله وتصديره لميناء روتردام بهولندا تمهيدًا لوصوله إلى كافة الأسواق الأوروبية، لافتًا إلى محاور تبادل الخبرات المشتركة في تنمية وتطوير الموانئ التابعة للمنطقة، وذلك عن طريق التعاون الفني في مجالات الرقمنة وآليات زيادة معدلات التداول بالموانئ، بالتعاون مع ميناء روتردام الهولندى، وذلك فى إطار تحقيق الاستفادة القصوى من العلاقات المشتركة للجانبين بما يحقق أهداف التحول العالمي نحو الطاقة الخضراء.
فى السياق ذاته، أكد وليد جمال الدين، رئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس، أن قناة السويس، والتي تعدّ أهم ممر مائي في العالم، ويعبرها نحو 15% من التجارة البحرية العالمية سنويًا، تُعد فرصة مهمة لتقديم خدمات تزويد السفن المارة بالقناة بالوقود الأخضر، لافتًا إلى أنه فى أغسطس الماضى، نجحت المنطقة الاقتصادية فى تنفيذ أول عملية تموين بالوقود الأخضر"الميثانول" لسفينة حاويات بميناء شرق بورسعيد، حيث استغرقت خدمة التموين ما يقرب من 6 ساعات لتعد هذه العملية هي الأولى من نوعها في مصر وإفريقيا والشرق الأوسط.
من الجدير بالذكر أن، مصر كانت قد نجحت خلال العام الماضى عام 2022 فى استقطاب استثمارات ضخمة لتنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر، مما ساهم ذلك فى وضعها بالمرتبة الثانية عالميًا والأولى إقليميًا من حيث الاستثمارات الأجنبية التأسيسية المباشرة فى مجال الوقود الأخضر، وذلك بحسب شركة الأبحاث "إف دي آي إنسايت، كما بلغ حجم استثمارات الهيدروجين المعلنة نحو 107 مليارات دولار، مستحوذة على نحو 40% من إجمالي الاستثمارات المعلنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هذا بجانب نجاح الدولة المصرية فى تأمين 19 استثمارًا من شركات تعمل على تطوير الهيدروجين الأخضر، تَركَّز أغلبها بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.