"اتهمتني النيابة العامة بناء على محضر حررته مطلقتي ضدي بعدم تسليمي ابنتها لرؤيتها، وطلبت النيابة عقابي بالمادة 292 من قانون العقوبات، ومحكمة الجنح قضت غيابياَ عملا بمادة الاتهام بتغريمي مبلغ 5 ألاف جنية، وعارضت على الحكم لإلغائه، وقضى فى المعارضة بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه".. بهذه الكلمات بدأ "إبراهيم.خ"، 39 سنة، محافظة القاهرة، سرد مأساته لـ"برلمانى" فى محاولة لإيجاد حل قانوني.
هل عدم تنفيذ حكم الرؤية جريمة؟
وتابع: "استأنفت على الحكم، كما استأنفت النيابة لزيادة المبلغ، ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف، وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة 3 سنوات تبدأ من تاريخ الحكم بلا مصروفات جنائية، فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض، فما هو الحل القانوني وما هو الحكم المتوقع من قبل محكمة النقض؟".
المشرع اعتبر عدم تنفيذ من بيده الصغير حكم قضائى برؤية أحد والديه غير مؤثم
وللإجابة على هذا السؤال – يقول الخبير القانونى والمحامى بالنقض سامح بكر، أن المشرع أعتبر عدم تنفيذ من بيده الصغير حكم قضائي برؤية أحد والديه عمل غير مؤثم حيث قصر العقاب فقط على الحضانة أو الحفظ، وخروج الرؤية عن دائرة التجريم حتى ولو صدر بها حكم قضائي انسحابا من القاعدة الأصولية أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فإن إدانة الحكم المتهم بأنه لم يسلم أبنته لوالدتها لرؤيتها تطبيقا للفقرة الأولى من المادة 292 عقوبات يعتبر خطأ فى تطبيق القانون حيث أن نص المادة مقصور على صدور قرار من القضاء بشأن حضانة الصغير أو حفظه، لا يصح التفسير بشمول حالة الرؤية.
وقصر العقاب على الحضانة أوالحفظ
ووفقا لـ"بكر" فى تصريح لـ"برلمانى" – فقد جرى نص الفقرة الأولى من المادة 292 من قانون العقوبات بأن: "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة أو بغرامة لا تزيد على خمسين جنيها مصريا أى الوالدين أو الجدين لم يسلم ولده الصغير أو ولد ولده إلى من له الحق فى طلبه بناء على قرار من جهة القضاء صادر بشأن حضانته أو حفظه"، فمناط تطبيق هذا النص أن يكون قد صدر قرار من القضاء بشأن حضانة الصغير أو حفظه وامتنع أى من الوالدين أو الجدين عن تسليمه إلى من له الحق فى طلبه بناء على هذا القرار.
ويختلف كل من حق الحضانة أو الحفظ عن حق الرؤية سواء أكان رؤية الأب ولده وهو فى حضانة النساء أم رؤية الأم ولدها إذا كان مع أبيه أو مع غيره من العصبات، ومن المقرر أنه لا عقوبة إلا بنص يعرف الفعل المعاقب عليه، ويبين العقوبة الموضوعة له مما مقتضاه عدم التوسع فى تفسير نصوص القانون الجنائي وعدم الأخذ فيه بطريق القياس والأخذ - فى حالة الشك - بالتفسير الأصلح للمتهم – الكلام لـ"بكر".
رأى محكمة النقض فى الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة فى الطعن المقيد برقم 151 لسنة 42 القضائية، حيث قالت فى حيثيات الحكم: "وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده بوصف أنه لم يسلم ابنته لوالدتها لرؤيتها بمبنى الاتحاد الاشتراكى، وطلبت النيابة العامة معاقبته طبقا للمادة 292 من قانون العقوبات، فقضت محكمة أول درجة بحكمها المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - بتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات تأسيسا على ما ثبت لها من صدور حكم لمطلقته فى القضية رقم 789 سنة 1969 أحوال شخصية – الزيتون - بتمكينها من رؤية إبنتها مرة كل أسبوع بمبنى الاتحاد الاشتراكى بمصر الجديدة، وامتناع المطعون ضده عن تنفيذ هذا الحكم. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة 292 من قانون العقوبات قد جرى نصها بأن:
"يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة أو بغرامة لا تزيد على خمسين جنيها مصريا أى الوالدين أو الجدين لم يسلم ولده الصغير أو ولد ولده إلى من له الحق فى طلبه بناء على قرار من جهة القضاء صادر بشأن حضانته أو حفظه"، فإن مناط تطبيق هذا النص أن يكون قد صدر قرار من القضاء بشأن حضانة الصغير أو حفظه وامتنع أى من الوالدين أو الجدين عن تسليمه إلى من له الحق فى طلبه بناء على هذا القرار.
وخروج الرؤية عن دائرة التجريم
لما كان ذلك، وكان كل من حق الحضانة أو الحفظ، يختلف عن حق الرؤية سواء أكان رؤية الأب ولده وهو فى حضانة النساء أم رؤية الأم ولدها إذا كان مع أبيه أو مع غيره من العصبات، وكان من المقرر أنه لا عقوبة إلا بنص يعرف الفعل المعاقب عليه ويبين العقوبة الموضوعة له مما مقتضاه عدم التوسع فى تفسير نصوص القانون الجنائى وعدم الأخذ فيه بطريق القياس والأخذ - فى حالة الشك - بالتفسير الأصلح للمتهم، وبذلك فإن عدم تنفيذ من بيده الصغير حكم قضائى برؤية أحد والديه هو عمل غير مؤثم، وقصر العقاب فقط على الحضانة أو الحفظ، فضلا عن خروج الرؤية عن دائرة التجريم حتى ولو صدر بها حكم قضائى إنسحاباً من القاعدة الأصولية أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده بتهمة أنه لم يسلم إبنته لوالدتها لرؤيتها تطبيقا منه للفقرة الأولى من المادة 292 من قانون العقوبات مع صراحة نصها ووضوح عبارتها فى كونها مقصورة على حالة صدور قرار من القضاء بشأن حضانة الصغير أو حفظه بما لا يصح معه الانحراف عنها بطريق التفسير أو التأويل إلى شمول حالة الرؤية، فإن الحكم يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله بما يوجب نقضه والحكم ببراءة المطعون ضده مما أسند إليه.
رأى قانونى أخر.. دعوى الرؤية
وهناك رأى قانونى أخر حيث تقول الخبير القانوني والمحامية رحاب سالم: يظل الصغار هم من يدفعون فاتورة الخلافات، وفي بعض الأحيان يتخذ أحد الأبوين الأولاد أداة للانتقام من الطرف الأخر، ويمارس عليه عدم تنفيذ الرؤية التي تضمن له حقه في مقابلة أطفاله، لذلك حدد قانون الأحوال الشخصية عقوبات صارمة لمعاقبة الأمهات التي تمتنع عن تنفيذ حكم دعوى الرؤية بعد الطلاق، والقانون يعاقب عدم تنفيذ الرؤية ومن حق الأب رفع جنحة ضد الأم لعدم تنفيذها لحكم الرؤية وهو حكم قضائي، وأقر القانون أن دعوى الرؤية في المادة 20 من القانون 25 لسنة 1920، المستبدل من القانون رقم 4 لسنة 2005، ونص على أن: "لكل من الأبوين الحق فى رؤية الصغير أو الصغيرة، وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين، وذلك إذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقا نظمها القاضي".
حالات وشروط تنفيذ رؤية الصغير
وتضيف "سالم" في تصريحات صحفية: أن بعض القضاة يصدروا حكم بالحبس، والبعض الآخر يصدر حكم بالغرامة، وفيما ذلك يحق للمدعي رفع دعوى تعويض عن امتناعه لرؤية الصغير، ووفقًا لحالات حددها القانون رقم 25 لـسنة 1920، والمعدل بالقانون رقم 25 لـسنة 1929، بالإضافة للقانون رقم 100 لسنة 1985، ورقم 4 لسنة 2005، الذي حدد فيه حالات وشروط لرؤية الصغير والحضانة بعد الطلاق، وتتمثل في الشروط التالية:
1ـ ألا يتم تنفيذ حكم الرؤية بشكل قهري على الصغير.
2ـ أن يكون مكان الرؤية قريب من مسكن الصغير.
3ـ وحالة أن تكرر التغيب عن موعد جلسة الرؤية، يقوم القاضي بنقل الحضانة ويكون الحكم واجب للنفاذ بشكل مؤقت.
4- كما يحق للأب إقامة جنحة للامتناع عن تنفيذ حكم الرؤية وهو حكم قضائي.
5- يكون من حق الأب أن يقيم دعوى تعويض، حال امتنعت عن تنفيذ حكم الرؤية.