يلاحظ أنه كثيراً ما يقع الخلاف بين المؤجر والمستأجر حول رد العين المؤجرة بعد انتهاء عقد الإيجار، وخاصة عندما يقوم المستأجر بإخلاء العين المؤجرة دون إخطار المؤجر إخطاراً صحيحاً، وبانتهاء الإيجار يلزم المستأجر طبقاً للقواعد العامة فـي المسؤولية العقدية بتسليم العين المؤجرة بالحالة التي كانت عليها عند بدء الإيجار، ولا تبرأ ذمة المستأجر من هذا الالتزام إلا بوضعها تحت تصرف المؤجر، بحيث يتمكن من حيازتها والانتفاع بها وبالتسليم الفعلي، بحيث يتمكن هذا الأخير من وضع يده على العين دون مانع.
وتعد التزامات المستأجر التي تنبثق من عقد الايجار من الأمور التي لها أهمية بالغة في الحياة العلمية والعملية، فمن الناحية الاجتماعية يلاحظ أن عقد الإيجار من أكثر العقود في التعامل الاجتماعى، إن لم يكن أكثرها وأهمها قاطبة، وسبب ذلك يعود لما يرتبه الإيجار من أهمية لأطرافه، فالبنسبة للمؤجر، فإن الإيجار يهيئ له فرصة استثمار أمواله بأسلوب مضمون يوفر له موارد مالية دون فقدان ملكية المأجور، وبالنسبة للمستأجر بوجه خاص، يرتب الإيجار أسلوبا للانتفاع بالأموال بتكاليف أقل بكثير من ثمن شرائها، فالإيجار يجعل منفعة المأجور في متناول من هو في حاجة إليه ولا يستطيع شراءها لعجزه عن تسديد ثمنها أو لحاجته المؤقتة للمأجور.
للملاك.. حال تأخر المستأجر عن تسليم العين فى موعدها.. هل يحق للمؤجر طلب التعويض؟
في التقرير التالى، يلقى "الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في الإجابة على السؤال.. هل يحق للمؤجر طلب التعويض في حالة تأخر المستأجر عن تسليم العين المؤجرة فى موعدها؟ فقد يصادف المؤجر عند انتهاء مدة عقد الايجار المتفق عليها بتأخر المستأجر عن تسليم العين المؤجرة، مما يضطر معه المؤجر لإقامة دعوى إخلاء وتسليم، وخلال تلك الفترة تكون العين المؤجرة تحت يد المستأجر بدون سند وهى خلال الفترة من ثبوت انتهاء عقد الإيجار حتى تاريخ التسليم قضائياً أو حتى تأخر التسليم رضائيا – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض مجدى أحمد عزام.
في البداية - تنص المادة 590 من القانون المدني: "يجب على المستأجر أن يرد العين المؤجرة عند انتهاء الإيجار، فإذا أبقاها تحت يده دون حق كان ملزما أن يدفع للمؤجر تعويضا يراعى في تقديره القيمة الإيجارية للعين وما أصاب المؤجر من ضرر"، وهو ما يحق معه للمؤجر طلب التعويض وفقا لأحكام المسئولية التقصيرية والعقدية عما أصابة من ضرر وما فاته من كسب "سواء مقابل الانتفاع بالعين بدون سند أو المصروفات القضائية واعادة تجهيز العين للاشغال مرة أخرى وفوات الانتفاع بالأجرة وغير ذلك"، وتقدر المحكمة التعويض الجابر للمؤجر عن تلك الأضرار - وفقا لـ"عزام".
المشرع أجاز التعويض طبقا للمادة 590 مدني
وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل تلك الأشكالية في الطعن المقيد برقم 3829 لسنة 66 قضائية – جلسة 3 يناير 2001، حيث ذكرت في حيثيات حكمها: "عقد الايجار الخاضع لأحكام القانون المدنى انتهاؤه بانتهاء مدته طبقا للمادة 598 مدنى التزام المستأجر برد العين المؤجرة وتمكين المؤجر من جيازتها والانتفاع بها دون عائق استمرار المستأجر في شغل العين بعد انتهاء العقد غصب جواز التعويض عنه طبقا لأحكام المسئولية التقصيرية وجوب مراعاة القيمة الايجارية للعين وما أصاب المؤجر من ضرر عند تقدير التعويض وفقا للمادة 59/3 مدنى"- الكلام لـ"عزام".
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لهذه الأزمة في العديد من أحكامها أبرزها الطعن المقيد برقم 6484 لسنة 90 قضائية، والذى جاء فيه: "أن إخلال المستأجر بالتزامه برد العين عند انتهاء الإيجار إذا حال بفعله دون تمكين المؤجر من الانتفاع بها دون عائق يجعله – بمقتضى نص المادة 590 مدني - ملزماً بأن يدفع للمؤجر تعويضاً يراعي في تقديره القيمة الايجارية للعين وما أصاب المؤجر من ضرر".
حكم آخر لمحكمة النقض
وفى طعن أخر لمحكمة النقض المقيد برقم 3829 لسنة 66 قضائية جاء فيه: عقد الإيجار إعمالا لنص المادة 598 من القانون المدني ينتهي بانتهاء مدته دون حاجة إلى تنبيه أو أي إجراء طالما أن المتعاقدين لم يشترطا ذلك, ويجب على المستأجر وفقا لنص المادة 590 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يرد العين المؤجرة إلى المؤجر، ولا يكفى للوفاء بهذا الالتزام أن ينبه المستأجر على المؤجر بأنه سيقوم بإخلاء العين المؤجرة بل يجب عليه أن يضع العين المؤجرة تحت تصرف المؤجر بحيث يتمكن من حيازتها والانتفاع بها دون عائق ولو لم يستول عليها استيلاء ماديا فيخليها.
مما عساه أن يكون موجودا بها من منقولات وأدوات مملوكة له ويتخلى هو عن حيازتها فإن أبقى فيها شيئا مما كان يشغلها به واحتفظ بملكيته له فإنه لا يكون قد أوفى بالتزامه برد العين المؤجرة، وأن حرمان المؤجر من منفعة العين المؤجرة في المدة التالية لانتهاء الإجارة بسبب استمرار المستأجر في الانتفاع بها بغير حق يعد غصبا يستوجب التعويض متى قامت أسبابه ويقدر طبقا لأحكام المسئولية التقصيرية مع اتباع المعيار الذي حددته المادة 590 من القانون المدني بما نصت عليه في فقرتها الثانية بأن يدفع للمؤجر تعويضا يراعى في تقديره القيمة الإيجارية للعين المؤجر ة وما أصاب المؤجر من ضرر.
حكم رقم 3 لمحكمة النقض
وفى حكم ثالث لمحكمة النقض في الطعن المقيد برقم 3005 لسنة 77 قضائية، جاء فيه: المقرر في قضاء محكمة النقض أن عقد الإيجار الخاضع لأحكام القانون المدني إعمالاً لنص المادة 598 منه ينتهى بانتهاء مدته دون حاجة إلى تنبيه أو أي إجراء آخر طالما أن المتعاقدين لم يشترطا ذلك ويجب على المستأجر وفقاً للمادة 590 من القانون سالف الذكر أن يَرُد العين المؤجرة إلى المؤجر ولا يكفى للوفاء بهذا الالتزام أن ينبه المستأجر على المؤجر أنه سيقوم بإخلاء العين بل يجب عليه أن يضع العين المؤجرة تحت تصرف المؤجر بحيث يتمكن من حيازتها والانتفاع بها دون عائق ولو لم يستول عليها استيلاء مادياً فيخليها مما عساه أن يكون موجوداً بها من منقولات وأدوات مملوكة له ويتخلى هو عن حيازتها فإن بقى فيها شيء مما كان يشغله به واحتفظ بملكيته له فإنه لا يكون قد أوفي بالتزامه برد العين المؤجرة ، وأن حرمان المؤجر من منفعة العين المؤجرة عن المدة التالية لانتهاء الإجارة بسبب استمرار المستأجر في الانتفاع بها بغير حق يُعَدُّ غصباً يستوجب التعويض متى قامت أسبابه ويقدر طبقاً لأحكام المسئولية التقصيرية مع اتباع المعيار الذى حددته المادة 590/2 من ذات القانون .