"أمتلك أرضاَ زراعية بإحدى المناطق الزراعية حيث أقوم بمباشرتها، وسافرت إلى القاهرة في يوم من الأيام لحضور حفل زفاف بنت أخي، وفور عودتي فوجئت بقيام جاري بفتح باب ونافذتين (شباكين)، في اتجاه أراضى على الرغم من عدم وجود شارع كى يقوم بهذا العمل، ولكنى فتحت من أرضى طريق خاص بى والعائلة للمرور به، وحينما أمرته بغلق الباب والنوافذ المطلة لأنها من الناحية القانونية ليست من حقه، رفض طلبى"، بهذه الكلمات بدأ الحاج "على.م" سرد مأساته لـ"برلمانى" فى محاولة لإيجاد حل قانونى.
مشكلة مواطن.. لو جارك فتح عليك شباك.. ما الحل؟
وتابع: "الأمر الذي اضطرنى لإقامة دعوى قضائية ضده بسد ما استحدثه من نوافذ ومطلات على أرضى دون سند من القانون، إلا أنني فوجئت بقضاء محكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيراَ الذى قدم تقريره، حيث رفضت الدعوى، واستأنفت على الحكم وبعد أن ندبت المحكمة لجنة خبرة ثلاثية أودعت تقريرها، قضت بتأييد الحكم المستأنف، ولم يبقى لى سوى طريق الطعن بالنقض، فما هو الحل القانوني وكيف سيكون حكم النقض؟".
المشرع حظر فتح مطل مواجه على ملك الجار بشروط
وللإجابة على هذا السؤال – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض عماد الوزير – أن المشرع حرص على تقييد حقق المالك فى فتح مطلات على ملك الجار رعاية لحرمة الجوار، فحظر أن يكون للجار على جاره مطل مواجه على مسافة تقل عن متر أو أن يكون له مطل منحرف على مسافة تقل عن 50 سنتيمتر، ويرتفع قيد المسافة عن كل مطل يفتح على الطريق العام، وأن حقوق الارتفاق – ومنها حق المطل – يجوز اكتسابها بالتقادم إذا توافرت أركان وضع اليد المكسب للملكية، فإذا قضت المحكمة باكتساب حق ارتفاق بالمطل وجب عليها أن تبين فى حكمها جميع العناصر الواقعية اللأزمة لثبوته من وضع اليد ومظهره ومبدئه واستمراره طوال المدة المكتسبة له حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة صحة تطبيق القانون.
ووفقا لـ"الوزير" فى تصريح لـ"برلمانى" – فقد حظر المشرع فتح مطل مواجه على ملك الجار على مسافة تقل عن متر أو مطل منحرف على مسافة تقل عن خمسين سنتيمتر، واعتبر ارتفاع قيد المسافة عن كل مطل يفتح على الطريق العام، كما أن اتصاف طريق بأنه عام بحيث يسمح لملاك العقارات المقامة على هذا الطريق بالمرور فيه وبفتح مطلات عليه من مسائل القانون التي يخضع قضاء محاكم الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، أما ترك الطرق الخاصة المملوكة للأفراد لمرور الغير يحتمل أن يكون مبنياً على التسامح الذي لا يكسب حقاً ولا يجعل الطريق عاماً، كما أن استطراق الأراضي المملوكة للأفراد ليس من شأنه وحده تخصيصها للمنفعة العامة، وإنما يلزم استمرار هذا الاستطراق المدة اللازمة لكسب ملكيتها بالتقادم وتخصيصها للمنفعة العامة بمجرد اكتمال هذه المدة.
تصدى محكمة النقض للأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدى لمثل هذه الأزمة فى الطعن المقيد برقم 4640 لسنة 62 القضائية، حيث قالت إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالثاني والثالث والرابع منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى أخذاً بما جاء في تقرير لجنة الخبراء من أن المطعون ضده فتح "باباً ونافذة" على طريق استطرق منذ أكثر من 15 عاماً، وإذ كان ما تضمنه التقرير في هذا الصدد يخالف الواقع المؤيد بتقرير هيئة المساحة وهو أن أرضه - الطاعن - لا يفصلها عن عقار المطعون ضده شارع مستطرق الأمر الذي حدا به إلى طلب ندب لجنة خبرة ثلاثية من خبراء وزارة العدل لتحقيق دفاعه، وكان الحكم قد التفت عن هذا الدفاع الجوهري فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
تقادم الارتفاق
لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدعوى على سند مما انتهى إليه تقرير الخبرة المقدم في الاستئناف من أن الفتحات المطالب بسدها "تطل على أرض مستطرقة منذ أكثر من 15 عاماً مما يتوافر معه حق ارتفاق للمستأنف ضده على أرض المستأنف بمضي المدة"، وإذ كان اتصاف طريق بأنه عام بحيث يسمح لملاك العقارات المقامة على هذا الطريق بالمرور فيه وبفتح مطلات عليه من مسائل القانون التي يخضع قضاء محاكم الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، وكان ترك الطرق الخاصة المملوكة للأفراد لمرور الغير يحتمل أن يكون مبنياً على التسامح الذي لا يكسب حقاً ولا يجعل الطريق عاماً، لأن استطراق الأراضي المملوكة للأفراد.
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس من شأنه وحده تخصيصها للمنفعة العامة، وإنما يلزم استمرار هذا الاستطراق المدة اللازمة لكسب ملكيتها بالتقادم وتخصيصها للمنفعة العامة بمجرد اكتمال هذه المدة، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يفطن إلى ذلك كله واكتفى بمجرد القول بأن الفتحات المطالب بسدها تطل على أرض مستطرقة، مما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون، فإنه يكون مشوباً بقصور يبطله ويوجب نقضه لما جاء في أوجه النعي دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
الخلاصة: المحكمة رسخت لعدة مبادئ أبرزها:
1-حظر فتح مطل مواجه على ملك الجار على مسافة تقل عن متر أو مطل منحرف على مسافة تقل عن خمسين سنتيمتر.
2- ارتفاع قيد المسافة عن كل مطل يفتح على الطريق العام.
3-حقوق الارتفاق يجوز اكتسابها بالتقادم شريطة توافر أركان وضع اليد المكسب للملكية.
4-اتصاف طريق بأنه عام بما يسمح لملاك العقارات المقامة عليه بالمرور فيه وبفتح مطلات عليه من مسائل القانون وخضوع قضاء محاكم الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض.
5-مجرد ترك الأفراد الطرق المملوكة لهم لمرور الغير لا يكسب حقاً ولا يجعل الطريق عاماً.
6-استطراق الأراضي المملوكة للأفراد ليس من شأنه وحده تخصيصها للمنفعة العامة.
7-وجوب استمراره المدة اللازمة لكسب ملكيتها بالتقادم وتخصيصها للمنفعة العامة بمجرد اكتمال هذه المدة.