العديد من المشكلات والأزمات التى تقع بين المالك والمستأجر نتيجة عدم إلمام كل من الطرفين بالحقوق والواجبات التى حددها القانون، وبالأخص عند كتابة عقد ايجار خاضع للقانون المدنى محدد المدة والنص صراحة على مدة محددة والاتفاق فيما بين الطرفين على عدم التجديد وعدم زيادة تلك المدة، فتنتج المشاكل هنا عن مدى إمكانية أن تزداد مدة ذلك العقد عما كان مدون بالعقد، لا سيما أن هناك حالات محددة تغيب عن أذهان الكثيرين من الملاك والمستأجرين تكون فى منتهى الخطورة يجوز فيها زيادة مدة الإيجار عكس ما تم الاتفاق عليه والمحرر بالعقد.
يأتي ذلك في الوقت الذى لا زال فيه الحديث متواصلا ومتجددا حول إشكالية "عقد الإيجار" التى تشغل بال ملايين الملاك والمستأجرين حيث إن المشرع المصرى من أوائل المشرعين فى المنطقة العربية الذين أولوا اهتماما بالغاَ لـ" مدة عقد الايجار "، باعتباره أحد أهم الأركان الجوهرية والأساسية للعلاقة بين أطراف "عقد الإيجار"، ومن المتوقع قريباً أن يستكمل المشرع ما ابتدئه من صدور القانون رقم 10 لسنة 2022 الخاص بتعديل قانون الإيجارات القديمة للأشخاص الاعتبارية وأن يتفرغ إلى الأمر الأكثر تعقيداً وهو الجانب الخاص بالأشخاص الطبيعية، ولعل من أبرز ما تم مناقشته مؤخراً حول هذه الأزمة داخل أروقة مجلس النواب الفترة الماضية والتى نتابعها عن كثب مسألة "عقد الإيجار".
هل تزيد مدة عقد الايجار عن المدة المتفق عليها فى العقد؟
ويشهد فيه ملف الإيجار القديم تطورات جديدة وهامة، بعد اعلان الحكومة تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأى العام، بهدف إجراء حوار مجتمعى بشأنه، قبل إقراره من البرلمان الذى حصل على إجازته البرلمانية منذ عدة أسابيع، وأيضا بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفى الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعى، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة، حيث تعتبر أزمة الإيجار القديم من الأمور التى ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر فى الوقت الذى لا تزال تتوالى ردود الأفعال حول مشروع القانون.
فى التقرير التالي، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية تهم ملايين الملاك والمستأجرين تتمثل في الإجابة على السؤال.. هل يمكن أن تزيد مدة عقد الايجار عن المدة المنصوص عليها فى عقد الايجار المحدد المدة؟ وهل يمكن زيادة تلك المدة حتى إذا كان منصوص بالعقد صراحة عدم تجديد مدته؟ حيث تكتظ المحاكم بملايين القضايا والدعاوى بسبب تلك الإشكاليات المعقدة من الناحية العملية والفنية، حيث أن هناك 3 حالات لزيادة مدة عقد الإيجار من الناحية القانونية يجب التطرق لها ويجب أن يكون الطرفين المالك والمستأجر على وعى كامل بهذا الأمور – بحسب الخبير القانونى والمحامى معتز المهدى.
3 حالات لزيادة مدة عقد الإيجار
هناك حالات محددة تغيب عن أذهان الكثيرين من الملاك والمستأجرين تكون فى منتهى الخطورة يجوز فيها زيادة مدة الإيجار عكس ما تم الاتفاق عليه والمحرر بالعقد ومن تلك الحالات نذكر – وفقا لـ"المهدى":
1- إذا تم النص فى العقد على إثبات مقدم ايجار واستلام المؤجر لهذا المقدم، ففى هذه الحالة يجوز زيادة مدة عقد الايجار بما ينتهى معه مقدم الايجار المثبت بالعقد.
2- إذا تم النص فى عقد الايجار على أن يقوم المؤجر أن ينبه على المستأجر بانتهاء عقد الايجار وإلا يعتبر العقد مجدد مدة مماثلة، ففى تلك الحالة يتجدد عقد الايجار مدة مماثلة أو شهر أو شهرين حسبما تم الاتفاق عليه فى عقد الايجار.
3- إذا تم الاتفاق على أن المستأجر يقوم بعمل تشطيبات للعين المؤجرة ويتم خصمها من الأجرة المتفق عليها، ففى تلك الحالة تزيد مدة عقد الايجار حتى ينتهى مقابل التشطيبات.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 5094 لسنة 77 قضائية، حيث ذكرت في حيثيات حكمها: أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة – أن مفاد نص المادة 563 من القانون المدنى يدل على أنه إذا اتفق العاقدان على مدة ما انقضى الإيجار بفواتها، وإلا فيمتد الإيجار إلى مدة أخرى طبقاً لاتفاقهما أخذاً بشريعة العقد ذلك أن عقد الإيجار عقد زمنى مؤقت لم يضع المشرع حداً أقصى لمدته، فيستطيع المتعاقدان تحديد أية مدة للإيجار مادامت هذه المدة لا تجعل العقد مؤبداً.
لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع باستمرار العلاقة الإيجارية لمدة 189 شهراً لحين انتهاء مقدم الإيجار الثابت بعقد الإيجار المؤرخ 4 سبتمبر 1996 والمتفق على خصم مبلغ 35 جنيهاً منه شهرياً وطلب إلزام المطعون ضده بتقديم أصل عقد الإيجار المشار إليه لإثبات أن الصورة الضوئية لهذا العقد قد وضع عليها طوابع دمغة على عبارة المقدم المدفوع والمتفق على خصمه من القيمة الإيجارية بمقدار خمسة وثلاثون جنيهاً شهرياً ووفق ما قرره المطعون ضده بصحيفة دعواه إلا أن الحكم المطعون فيه لم يحقق دفاع الطاعن سالف البيان على حقيقة ما اتجهت إليه إرادة المتعاقدان من استمرار العلاقة الإيجارية لمدة 189 شهر وانتهى فى قضائه إلى الطرد والتسليم لانتهاء عقد الإيجار على اعتبار أن مدته هى المدة المعينة لدفع الأجرة بشهر واحد فإنه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب بما يوجب نقضه.
النقض تتصدى لأزمة "العقد المؤبد"
وفى حكم أخر – وفقا لـ"محكمة النقض" – قالت فى الطعن المُقيد برقم طعن 6993 لسنة 77 ق جلسة 3/12/2009 إن كان عقد الإيجار عقدا زمنيا مؤقتا إلا أن المشرع لم يضع حداً أقصى لمدته فيستطيع المتعاقدان تحديد أى مدة للإيجار مادامت هذه المدة لا تجعل الإيجار مؤبدا أو فى حكم المؤبد فإذا اتفقا على مدة طويلة تجعل الإيجار فى حكم المؤبد أو إذا اتفقا على مدة يتعذر تحديدها انعقد الإيجار لمدة يحددها القاضى تبعا لظروف وملابسات التعاقد، ويجوز له تحديدها بحياة المستأجر، لأن حياة المستأجر مؤقته فإذا قيست مدة الإيجار بها بقى الإيجار مؤقتا ملزما للمؤجر والمستأجر ما بقى المستأجر حيا بشرط ألا تجاوز مدته ستين سنة، وذلك قياسا ً على الحكر الذى لا تزيد مدته القصوى على تلك المدة وفقا لنص المادة 999 من القانون المدنى.
البقاء فى العين يعد تجديدا ضمنيا
كما أن المقرر فى قضاء محكمة النقض طبقا للطعن المُقيد برقم طعن 1549 لسنة 49 قضائية جلسة 12 فبراير 1986 أن العقد شريعة المتعاقدين فإذا كانت عباراته واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها، إذ يجب اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادتهما المشتركة، وذلك رعاية لمبدأ سلطان الإرادة وتحقيقاً لاستقرار المعاملات.
والمقرر كذلك أن مفاد المواد 599 و 598 و 563 من القانون المدنى أنه إذا اتفق الطرفان على مدة انتهى الإيجار بفواتها مالم يشترط لإنهائه صدور تنبيه بالإخلاء من احدهما للآخر قبل فوات المدة بوقت معين وإلا يمتد الإيجار لمدة أخرى طبقاً لاتفاقهما فإذا انقضت المدة الثانية، فإن الإيجار ينتهى دون حاجة إلى التنبيه بالإخلاء مالم يتفق على خلاف ذلك.
ويعد بقاء المستأجر بالعين برضاء المؤجر بعد ذلك تجديداً ضمنياً وليس امتدادا للإيجار تكون مدته هى المدة المحددة لدفع الأجرة مع وجوب التنبيه بالإخلاء فى المواعيد القانونية والمقرر أيضاً أن ثبوت تجديد الإيجار ضمنياً باتفاق الطرفين هو من المسائل الموضوعية التى يترك الفصل فيها لقاضى الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه فى ذلك مادام أقام قضائه على دليل مقبول مستمد من وقائع الدعوى.