أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكما في غاية الأهمية رسخت فيه لمبدأ قضائيا بشأن تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، قالت فيه: "إنذار عرض الأجرة يقوم مقام عقد الإيجار المكتوب في الإثبات، والمؤجر حقه في طلب إخلاء العين المؤجرة إذا أجرها المستأجر من الباطن دون إذن كتابي صريح منه، كما أن التأجير من الباطن عبء إثباته يقع على عاتق المؤجر".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 102 لسنة 82 القضائية – ايجارات – برئاسة المستشار عبدالله عمرن وعضوية المستشارين محمد حسن عبد اللطيف، وحاتم أحمد سنوسى، ومحمود محمد توفيق، وهانى فوزى شومان.
الوقائع.. نزاع بين الورثة والمؤجر حول منزل مؤجر
تتحصل وقائع النزاع في أن المطعون ضدهم من الأول للثامن أقاموا على الطاعن والمطعون ضده الأخير الدعوى رقم 58 لسنة 2010 إيجارات أسوان الابتدائية، بطلب الحكم بفسخ عقد الايجار المبرم بين مورثهم والطاعن والتسليم، وقالوا بيانا لذلك إن الطاعن قد استأجر من مورثهم منزل النزاع لقاء أجرة شهرية مقدراها 3,5 جنيه، وإذ امتنع عن سداد الأجرة اعتبارا من أول سبتمبر سنة 1996 رغم تكليفه بالوفاء بها، كما قام بتأجيره من الباطن للمطعون ضده الأخير بدون موافقتهم، فضلاَ عن قيامه بإجراء تعديلات جوهرية بالمنزل المؤجر له بما أضر بسلامة المبنى، فقد أقاموا الدعوى.
المحكمة تقضى بالإخلاء.. والمستأجر يطعن لإلغاء الحكم
في تلك الأثناء حكمت المحكمة بالطلبات، ثم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1431 لسنة 29 ق قنا "مأمورية أسوان"، ثم أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن سمعت الشهود قضت بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت أن الطعن أقيم على 3 أسباب ينعى الطاعن بالوجه الثاني من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم التفت عن الرد على الدفع المبدى منه بعدم قبول الدعوى، وذلك لعدم تقديم المطعون ضدهم من الأول للثامن عقد الايجار سند دعواهم إعمالا لنص المادة 24 من القانون 49 لسنة 1977 التي تشترط في إثبات العقد من جانب المؤجر أن يكون بالكتابة، بما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعى في غير محله، ذلك ان المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن إقرار المستأجر بقيام العلاقة الايجارية يقوم مقام العقد المكتوب في الإثبات، وأنه متى كان الدفع بعدم قبول الدعوى على غير أساس فإنه لا يعيب الحكم إغفال الرد عليه متى كان لا يتضمن دفاعا جوهريا يصح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ولما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم من الأول للثامن قد تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن الطاعن قد استأجر من مورثهم المنزل محل النزاع، ولم ينكر الطاعن هذه العلاقة الايجارية، وإنما أقر بها في إنذار عرض الأجرة المؤرخ 24 سبتمبر 2011 الموجه منه للمطعون ضدهم من الأول للثامن، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم تقديم عقد إيجار مكتوب لا يقوم على أساس قانونى صحيح ولا يعيب الحكم المطعون فيه أن أغفل الرد عليه، ويكون النعى عليه بهذا الوجه على غسر أساس.
النقض: إنذار عرض الأجرة يقوم مقام عقد الإيجار المكتوب في الإثبات
وبحسب "المحكمة": المقرر في قضاء النقض أن النص في المادة 18/ج من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أنه: "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأسباب أبرزها إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر أو أجرة من الباطن بغير إذن كتابي من المالك......." يدل على أن للمؤجر الحق في طلب اخلاء العين المؤجرة إذا أجرها المستأجر من الباطن بغير إذن كتابي صريح منه، وكان المقصود بالتأجير من الباطن – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – في هذا الصدد هو المعنى المراد به في الشريعة العامة أي قيام المستأجر الأصلي بتأجير حقه كله أو بعضه في الانتفاع بالعين المؤجرة إلى أخر في مقابل أجرة يتفق عليها بينهما، ويقع عبء إثباته على عاتق المؤجر.