تعتبر دعاوى صحة التوقيع من الدعاوى "التحفظية"، حيث إن المدعى يكون غرضه منها إثبات صحة توقيع المدعى عليه على الورقة المطلوبة وأن مهمة المحكمة تقتصر - عند نظر دعوى صحة التوقيع – على التحقق من نسبة صدور الورقة إلى المدعى عليه أو عدم نسبتها إليه دون أن تتعرض لأصل الحق الوارد بها، ونتيجة إجراء صحة التوقيع تكتظ المحاكم بالقضايا سواء بين المستثمرين أو التجار أو الورثة والشركاء أو حتى الملاك والمستأجرين.
لماذا شرعت دعوى صحة التوقيع؟
ودعوى صحة التوقيع وعلى ما جرى به القضاء والفقه إنما شرعت ليطمئن من بيده سند عرفى على آخر إلى أن التوقيع الثابت بهذا السند توقيع صحيح، ولن يستطيع صاحبه بعد صدور الحكم بصحة التوقيع أن ينازع فى هذه الصحة، لأن التوقيع بالإمضاء أو بصمة الختم أو بصمة الأصبع هو المصدر القانونى لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية، والحكم الصادر بصحة التوقيع تقتصر حجيته على صحة التوقيع ولا يتعدى أثره صحة التزامات الطرفين الناشئة عن العقد.
فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على أهمية دعوى صحة التوقيع، من خلال الإجابة على حزمة من الأسئلة أبرزها.. هل دعوى صحة الدعوى مازالت مستمرة؟ هل هى لعقود البيع فقط؟ من له الحق فى رفع دعوى صحة التوقيع؟ على أى مستند يجوز رفع دعوى الصحة التوقيع؟ ما هى الجهة التى تنظر دعوى صحة التوقيع؟ وهل دعوى صحة التوقيع أى حجية؟ ما هى إجراءات رفع الدعوى وقيدها أمام المحاكم؟ وغيرها من الأسئلة – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض أحمد حجاج.
لماذا يلجأ البعض لرفع دعوى صحة توقيع؟
فى البداية - دعوى صحة التوقيع كما ذكرنا من قبل هى دعوى تحفظية أطرافها "المدعى - المدعى عليه"، بيتم نظرها أمام القاضى حتى يتأكد من توقيع المدعى عليه على المحرر المرفوع بشأنه الدعوى، بمعنى أخر ومبسط دعوى صحة التوقيع هى دعوى يرفعها أحد أطراف التوقيع من أجل أن يثبت أمام القاضى أن الطرف الثانى وقع بالفعل على هذه الورقة، حيث تنص المادة 45 من قانون الإثبات على أنه: "يجوز لمن بيده محرر غير رسمى أن يختصم من يشهد عليه ذلك المحرر ليقر بأنه بخطه أو بإمضائه أو بختمه أو ببصمة أصبعه ولو كان الالتزام الوارد به غير مستحق الأداء ويكون ذلك بدعوى أصلية بالإجراءات المعتادة" – وفقا لـ"حجاج".
حجية الحكم بصحة التوقيع
دعوى صحة التوقيع دعوى تحفظية الغرض منها إثبات أن التوقيع الموضوع على المحرر هو توقيع صحيح صادر من صاحبه، وهذا بغض النظر عن موضوع المحرر وعن نوع العلاقة الثابتة به أو صحة التصرف الثابت فيه من عدمه، فهى دعوى تحفظية، وليست دعوى موضوعية، والحكم الذى يصدر فيها يقوم مقام التصديق الذى يتم فى مكاتب الشهر العقارى على توقيع المتعاقدين على العقد العرفى، ولكن فى بعض العقود لا يقبل قانون الشهر العقارى المصادقة على توقيع الأطراف عليها مثل عقود البيع الابتدائية .... الخ، وهنا يضطر أطراف المحرر للجوء مؤقتا لدعوى صحة التوقيع من أجل الحصول على دليل كتابى فى مواجهة الطرف الآخر الذى لا يستطيع أن يجحده إلا بالطعن عليه بالتزوير – الكلام لـ"حجاج".
هل دعوى صحة التوقيع لعقود البيع فقط؟
وفى الحقيقة دعوى صحة التوقيع تدخل فى المعاملات التجارية والسوقية والشرائية بشكل مباشر سواء عند شراء شقة أو قطعة أرض أو محل تجارى، فلابد لك من اللجوء لمحامى لرفع دعوى صحة التوقيع على عقد البيع لضمان كافة حقوقك القانونية، ورغم الشائعات التى تخرج بشكل مستمر حول دعاوى صحة التوقيع وإلغائها إلا أنها كما ذكرنا مجرد شائعات ولازال العمر مستمر بدعوى صحة التوقيع، كما يعتقد البعض أن دعوى صحة التوقيع لعقود البيع فقط ولكن فى الحقيقة هى دعاوى لكافة أنواع العقود والاتفاقات وعقود البيع وعقود الهبة وعقود القسمة وعقود الشراكة وعقود الاتفاق – هكذا يقول "حجاج".
أهمية دعوى صحة التوقيع
دعوى صحة التوقيع هى فعلا دعوى تحفظية ليس لها علاقة ببنود العقد، وتتمثل أهميتها فى التالى:
1- هى دعوى تعطى عقد البيع صفة الرسمية، وهذا لأن العقد يُختم بختم المحكمة خلاف أن المحكمة تحكم بحسب نص المادة 45 من قانون الإثبات، وتقول فى منطوق حكمها أن حضر المدعى عليه بنفسه أو تم إعلانه إعلان قانونى والأفضل طبعا حضور المدعى عليه بنفسه بالإقرار بصحة توقيعه على العقد ثم منطوق الحكم.
2- هى دعوى تضمن صحة توقيع البائع على العقد وتمنعه من الطعن بالتزوير على توقعيه.
3- هى دعوى بتثبت تاريخ العقد وتجعل تسلسل الملكية مترتب ترتيب قانونى صحيح.
4- هى دعوى تضمن عدم التعرض لصحة البيع فى مواجهة كلاً من البائع أو ورثة البائع أو الغير بمعنى لا يستطيع أحد أن ينازعك فى صحة البيع.
5- هى دعوى لا غنى عنها فى التقديم على كل المرافق مثل: "الكهرباء، والمياه، والغاز"، وغيرها من الخدمات، فمن أجل الحصول على تلك المرافق لابد أن يكون لديك حكم صحة توقيع.
6- 95% من عقارات مصر تكتفى بدعوى صحة التوقيع لقصر الوقت وسرعة صدور الحكم فيها وتكلفتها البسيطة بالمقارنة بأنواع التسجيل الأخرى باهظة الثمن وطول الوقت وترجيح عدم اكتمالها لفقد بعض مستندات الملكية.
علاقة دعوى صحة التوقيع بالمادة 45 من قانون الإثبات
أما دعوى صحة التوقيع يحكمها المادة 45 من قانون الاثبات: "يجوز لمن بيده محرر غير رسمى أن يختصم من يشهد عليه ذلك المحرر ليقر بأنه بخطه أو بإمضائه أو بختمه أو ببصمة أصبعه ولو كان الالتزام الوارد به غير مستحق الأداء ويكون ذلك بدعوى أصلية بالإجراءات المعتادة"، بمعنى أن هذا النوع من أنواع إثبات الملكية وهى دعوى قد لا تتعدى 3 أشهر والحصول على الحكم وتكلفتها بسيطة بالمقارنة بأنواع التسجيل الأخرى ومن أجل ذلك ننصح دائما بعمل دعوى صحة توقيع على أى عقد بيع أو اتفاق أو ايجار 59 سنه طويل المدة أو أى ورقة عرفية عليها توقيعات لإضافة الرسمية عليها واثبات العقد .
من له الحق فى رفع دعوى صحة التوقيع؟
أى طرف من أطراف التوقيع له الحق فى رفع دعوى صحة التوقيع بشأن الورقة الموقع عليها أيا كان هو مين مثل البائع أو المشترى فى عقد البيع أو المستأجر أو المؤجر فى عقد الإيجار.
على أى مستند يجوز رفع دعوى الصحة التوقيع؟
يجوز رفع دعوى صحة التوقيع بشأن أى مستند أو أى محرر سواء كان عرفى أو رسمى وهذا معناه أنه يجوز رفع دعوى صحة توقيع على: عقد البيع - عقد الإيجار - قائمة المنقولات الزوجية - إيصال أمانة - عقد اتفاق - عقد هبة - عقد تبرع - عقد تأسيس شركة وغيره.
ما هى الجهة التى تنظر دعوى صحة التوقيع؟
هى المحكمة الجزئية التابع لها محل العقار مثلا أو محل إقامة المدعى عليه.
هل دعوى صحة التوقيع أى حجية؟
دعوى صحة التوقيع لها حجية فى توقيع المدعى عليه فقط يعنى القاضى عندما ينظر مثلا دعوى صحة التوقيع المرفوعة بشأن عقد بيع ابتدائى فهو هنا لا ينظر مضمون العقد من تسلسل الملكية أو صحة الملكية أو حتى إثبات الملكية، ولكنه فى هذه الحالة يتأكد فقط ويثبت أن الطرف المدعى عليه قد وقع بالفعل على هذا العقد أو لم يوقع، ومن أجل ذلك دعوى صحة التوقيع هى مجرد دعوى تحفظية بيتم رفعها لإثبات ذلك التوقيع حتى لا ينكر المدعى عليه فيما بعد توقيعه على هذا المستند أو حتى لا ينكر ذلك ورثته فيما بعد.
إجراءات رفع الدعوى وقيدها أمام المحاكم
قبل أى إجراء يتم تحديد الاختصاص فالاختصاص المحلى يكون للمحكمة الجزئية التى يقع فى دائرتها موطن المدعى عليه.
1- ثم يتم كتابة عريضة الدعوى والتوقيع عليها من محامى وفى نهاية الموضوع نموذج لها، ثم شراء ملف دوبلكس، إضافة لحافظة مستندات يرفق بها الآتى: "أصل المحرر المراد إثبات صحة التوقيع عليه ويلصق على كل ورقة دمغة عادية ب1ج + صورة تحقيق الشخصية للمدعى + أصل العريضة يلصق عليها دمغة محاماة + الصور + صورة التوكيل وكارنيه نقابة المحامين".
2- تكتب صحيفة الدعوى من أصل "مزيل بتوقيع المحامى" وصور طبق الأصل بقدر عدد الخصوم فى الدعوى + صورة للجدول + صورة تحفظ بملف الدعوى لدى المحامى.
3- يتم تصوير حافظة المستندات فى قسم الميكروفيلم بعد سداد الرسم المقرر.
4- يتم تحديد رسم الدعوى لدى رئيس القلم المدنى وسداده بخزينة المحكمة ومراجعته واستلام قسيمة السداد، ثم الرجوع لرئيس القلم مرة لختم أصل العريضة والصور بخاتم المحكمة.
5- يتم التوجه لقسم الجدول لتسليم صورة طبق الأصل من العريضة لقيدها بالجدول والتأشير عليها برقم القضية بعد أن يقوم بإثبات الرسم المسدد وتاريخ ورقم قسيمة السداد على صورة الجدول وبعد تحديد موعد نظر الدعوى "الجلسة" يثبت تاريخ الجلسة المحددة فى جميع الصور والدائرة التى تنظر أمامها الدعوى.
6- فى الغالب يقوم قسم الجدول بتقديم أصل العريضة والصور لقلم محضرى المحكمة الجزئية التابع لها موطن المعلن إليه للإعلان بتاريخ الجلسة وأصل العريضة.
7- فإذا ما كان نظام المحكمة يسمح للمحامى بتقديمها بنفسه لقلم المحضرين ففى هذه الحالة يتحتم على المحامى استلام أصل الصحيفة بعد الإعلان وتقديمه بالجلسة أما فى الحالة الأولى فسوف يتم ذلك تلقائياً دون تدخل المحامى.
8- إذا ما حضر المعلن إليه أو وكيله الجلسة الأولى وهذا ما يحدث فى الغالب، وأقر بالتوقيع يتم حجز الدعوى للحكم بصحة التوقيع على المحرر المودع بالدعوى، حيث تنص المادة 46 من قانون الإثبات: إذا حضر المدعى عليه وأقر أثبتت المحكمة إقراره، وتكون جميع المصروفات على المدعى ويعتبر المحرر معترفا به إذا سكت المدعى عليه أو لم ينكره أو لم ينسبه إلى سواه.
أما فى حالة عدم حضور المدعى عليه الجلسة الأولى يتم التأجيل لجلسة ثانية، وفى حالة عدم حضور المدعى عليه أيضاً بعد إعادة إعلانه على الوجه الصحيح تحجز الدعوى للحكم بصحة توقيع المدعى عليه، وفى الحالة الأخيرة يتم إلزامه بالمصروفات وأتعاب المحاماة لتخلفه عن الحضور رغم إعلانه، حيث تنص المادة 47 من قانون الإثبات: إذا لم يحضر المدعى عليه حكمت المحكمة فى غيبته بصحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع، ويجوز استئناف هذا الحكم فى جميع الأحوال.
9- فى حالة صدور الحكم حضورياً ومن أول جلسة يمكن بعد نسخ الحكم سحب أصل المستندات التى نظرت فى الدعوى "والمقضى بصحة التوقيع عليها" ثم الحصول على صورة رسمية من الحكم والعريضة بأى عدد، وذلك بعد سداد الرسم المقرر، أما فى حالة صدور الحكم فى غيبة الخصوم "حضور اعتبارى”، فيتم الانتظار حتى فوات ميعاد الاستئناف وإعلان الخصم بصورة رسمية من الحكم، وبعد ميعاد الاستئناف يتم الحصول على شهادة من الجدول بعدم حصول استئناف وفى تلك الحالة يتم سحب المستندات والحصول على الصور الرسمية كما سبق.
رأى محكمة النقض فى دعوى صحة التوقيع
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدى لإشكاليات دعاوى صحة التوقيع فى العديد من أحكامها، حيث ذكرت فى الطعن المقيد برقم 5735 لسنة 64 قضائية: "التوقيع بالإمضاء أو بصمة الخاتم أو بصمة الإصبع اعتبار المصدر القانونى لإضفاء الحجية على المحرر العرفى الذى يصلح دليلا كتابيا شرطه ارتباط التوقيع المنسوب لشخص موقعه بصلب المحرر من بيانات تتصل به وتتعلق بالعمل القانونى فى موضوع المحرر اعتبار التوقيع قرينة مؤقتة على صدور البيانات المدونة فى المحرر ممن وقعه منازعة صاحب التوقيع فى صحة بيانات المحرر وطعنه بالتزوير عليها وجوب تصدى محكمة الموضوع بالفصل فى صحة التوقيع علة ذلك المادتان (14؛ 45) من قانون الإثبات".
حكم أخر لمحكمة النقض
كما قضت فى الطعن المقيد برقم 111 لسنة 65 قضائية بأنه: "إذ كانت الدعوى صحة التوقيع المنصوص عليها فى المادة 45 من قانون الإثبات سالف البيان ليست إلا دعوى تحفظية شرعت ليطمئن من بيده سند عرفى على آخر إلا أن الموقع على ذلك السند لن يستطيع بعد صدور الحكم بصحة توقيعه أن ينازع فى صحته، ويمتنع على القاضى أن يتعرض فيها للتصرف المدون فى الورقة من جهة صحته أو بطلانه ونفاذه أو توقفه وتقرير الحقوق المترتب عليه، إلا أن ذلك لا يسلب القاضى حقه – فى حالة الطعن بالتزوير على طلب صب الورقة العرفية، وبياناتها المرفوع بشأنها دعوى صحة التوقيع – فى أن يحقق الطعن بالتزوير ويقول كلمته فيه وذلك قبل الفصل فى طلب صحة التوقيع على ذات الورقة، لأن التوقيع على الورقة فى هذه الحالة لا ينفصل عن صلبها وبياناتها المطعون عليها بالتزوير ولا يحتملان غير حل واحد، ولأن المحرر يستمد حجيته فى الإثبات من ارتباط التوقيع بما ورد بصلب المحرر من بيانات تتصل به وتتعلق بالعمل القانونى موضع المحرر.