مسألة امتداد عقد الإيجار تعتبر من الأمور التي ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر في الوقت الذي لاتزال تتوالى ردود الأفعال حول مدى اقتراح قوانين لـ"تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر"، وكذا "قانون الإيجارات القديمة"، الأمر الذي يزيد معه الحالة ترقبا لما سوف يتم اقتراحه وإقراره من تشريعات جديدة خلال الفترة المقبلة، مع مراعاة أهمية وحساسية وخطورة المساس بهذا القانون، فضلاَ عن مراعاة التوازن بين مصلحة الطرفين المالك والمستأجر.
ومن المعروف أن المراقبين يصفون بشكل دائم مجرد مناقشة "قانون الايجار القديم" بمثابة الخوض في حقل ألغام، كونه يتناول شأن ملايين من الأسر المصرية، ولكن ترك الأمر على ما هو عليه يزيد من حدة تفاقم المشكلة، ومعاناة المستأجرين والملاك على السواء، فالكل يشكو ويتذمر، خاصة من العلاقة الإيجارية فضلا عن إشكالية امتداد عقد الإيجار إلى ورثة المستأجر، ولازال الحديث متواصل ومتجدد حول إشكالية "امتداد عقد الإيجار" التى تشغل بال ملايين الملاك والمستأجرين حيث إن المشرع المصري من أوائل المشرعين فى المنطقة العربية الذين أولوا اهتماما بالغاَ بـ"عقد الايجار".
حق الامتداد القانونى بحق الانتفاع للعين المؤجرة
في التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بالإجابة على السؤال.. هل يعتبر ابن المستأجر الأصلي - أو الممتد له عقد الايجار - ممتداً له عقد الايجار بعد وفاه المستأجر الأصلي أم يعتبر مستأجراً اصلى بموجب نص المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 الفقرة الثالثة منها؟ وذلك في الوقت المتوقع فيه أن يستكمل المشرع ما ابتدئه من صدور القانون رقم 10 لسنة 2022 الخاص بتعديل قانون الإيجارات القديمة للأشخاص الاعتبارية وأن يتفرغ إلى الأمر الأكثر تعقيداً وهو الجانب الخاص بالأشخاص الطبيعية، ولعل من أبرز ما تم مناقشته مؤخراً حول هذه الأزمة داخل أروقة مجلس النواب الفترة الماضية والتي نتابعها عن كثب مسألة "امتداد عقد الإيجار" – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض علاء العيلى.
في البداية - يشهد ملف الإيجار القديم تطورات جديدة وهامة، بعد اعلان الحكومة تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأي العام، بهدف إجراء حوار مجتمعي بشأنه، قبل إقراره من البرلمان الذى حصل على إجازته البرلمانية منذ عدة أسابيع، وأيضا بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفى الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعي، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة، حيث تعتبر أزمة الإيجار القديم من الأمور التى ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر في الوقت الذى لا تزال تتوالى ردود الأفعال حول مشروع القانون – وفقا لـ"العيلى".
في حال وفاة "الأب".. هل يعتبر الإبن "مستأجر أصلى" أم "ممتد له العقد"؟
أما عن الإجابة على السؤال هل يعتبر ابن المستأجر الأصلي - أو الممتد له عقد الايجار - ممتداً له عقد الايجار بعد وفاه المستأجر الأصلي أم يعتبر مستأجراً اصلى بموجب نص المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 الفقرة الثالثة منها؟ فقد قضت المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 الفقرة الثالثة "وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد أيجار لمن لهم حق في الاستمرار فى شغل العين ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكافة أحكام العقد"، ولكن عند شرح هذه القاعدة بعد حكم الدستورية – الكلام لـ"العيلى" .
بداية يجب أن نورد في هذا المقام حكم خطير للمحكمة الدستورية العليا صادر فى 3 نوفمبر 2002 بموجب الطعن رقم 70 لسنة 18 قضائية دستورية، وهو طعناً على نص المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 فقد انتهت المحكمة الدستورية فى قضائها الى عدم دستورية الفقرة الثالثة فقط من هذه المادة، فيلاحظ أن الحكم بهذا المعني قد أقر الامتداد القانوني لمن لهم حق الامتداد القانوني بعد وفاة أو ترك المستأجر الأصلي للعين ولكنها أوردت حكماً جديدا – هكذا يقول "العيلى".
تاريخ 3 نوفمبر 2002 كان فارقا في انهاء كوارث "امتداد عقد الايجار"
هذا الحكم يتمثل في أن المستأجر الأصلي لا يلتزم بتحرير عقد أيجار لمن لهم حق الامتداد بنفس شروط عقد إيجار سلفهم وكان هذا الامتداد يتم مباشرة بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه للعين ويعتبر من امتد له عقد الإيجار- بعد استيفاء شروط امتداد عقد الإيجار- مستأجراً أصلياً فيمتد عقد الإيجار إلى من يليه بعد ذلك جيل وراء جيل، مما يعتبر معه عقد الإيجار عقداً ابدياً وهو ما يخالف طبيعته المؤقتة، فجاء حكم المحكمة الدستورية بأن جعل العقد بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه للعين ممتدا وليس محرراً من جديد مع المؤجر وهذا المعني له أثر على طبيعة العلاقة الايجارية الجديدة بعد الحكم بعدم الدستورية و هي أن العقد يمتد لمن له الحق فيه لمرة واحدة فقط على اعتبار أنه لم يصبح - في هذه الحالة - مستأجر أصلياً.
وراعي الحكم أيضا مسألة فى غاية الخطورة ألا وهي أن أثر أعمال الحكم يفرق كثيراً لو كان هذا الحكم سيعمل به بأثر رجعي ففي هذه الحالة تنهار كيانات آسرية عريضة في المجتمع، وحفاظاً على هذا الاستقرار المجتمعي فقد أورد الحكم أمرا بأعمال أثره في اليوم التالي لتاريخ نشره أي في يوم 15 نوفمبر 2002.
والدستورية العليا أطاحت بحق "الحفيد" في الامتداد وإلغاء توريث العقد
وذلك يفيد أن الأوضاع السابقة تظل على حالها لأنها مستمدة من الواقع القانوني، ولأنها تمت في ظل القانون، فيظل من امتد له عقد الإيجار - قبل الحكم - مستأجراً اصلياً ويمتد عقد إيجاره إلى من له الحق فيه بعد وفاته او تركه العين ولكن بعد 15 نوفمبر 2002 إذا توفي المستئاجر الأصلي يمتد عقد الإيجار الى من له الحق فيه ويكون العقد فى هذه الحالة منتهيا بوفاة المستأجر الأصلي ويكون من له حق الامتداد القانوني ممتداً له العقد وليس مستأجراً ولا يلزم المؤجر بتحرير عقد إيجار له ولا يمتد العقد بعد وفاته او تركه العين.
هل يمتد للحفيد؟
قضاء المحكمة الدستورية العلياالصادر بتاريخ 3 نوفمبر 2002 في القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فيما لم يتضمنه من النص علي إنتهاء عقد الإيجار الذي يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق، فيشغل العين بإنتهاء إقامة آخرهم سواء بالوفاة أو الترك، وإن كان مقتضاه عدم جواز إمتداد عقد الإيجار إلي أقارب المستأجر المقيمين معه من زوج وأبناء ووالدين وفقاً لحكم الفقرة الأولي من ذات المادة لأكثر من مرة واحدة .
إلا أنه لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد استشرفت خطر إعمال الأثر الرجعي المقرر للأحكام الصادرة بعدم دستورية القوانين في خصوص هذا الحكم، وأعملت الرخصة التي خولتها لها الفقرة الثالثة من المادة 29 من قانون وقضت بسريانه بأثر فوري علي الوقائع التالية لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية الحاصل في 14 نوفمبر 2002، وكان مفاد سريان هذا الحكم بأثر فوري أن عقد الإيجار لا يمتد قانوناً لمرة ثانية إذا كان قد سبق وأمتد وفقاً لحكم الفقرة الأولي من المادة 29 من الفانون رقم 49 لسنة 1977 في تاريخ لاحق علي نشر الحكم وليس في تاريخ سابق علي ذلك .
بما مؤداه أن جميع العقود التي كانت قائمة في يوم 14 نوفمبر 2002، ولو كانت قد أبرمت إعمالاً لأحكام الإمتداد القانوني لعقود الإيجار- وتنزل منزلتها الوقائع التي ترتب عليها قيام إلتزام علي المؤجر بتحرير عقد إيجار للمستفيدين من هذا الإمتداد نزولاً علي أحكامه فتعد عقوداً قائمة حكماً حيث كان يجب تحريرها- تظل قائمة ومنتجة لآثارها القانونية، وأنه يجوز من بعد هذا التاريخ امتدادها إلي أقارب المستأجر- ومن أخذ حكمه من سبق وإمتد إليه العقد- الذين تتوافر لهم الشروط والضوابط المنصوص عليها في المادة 29 السالف الإشارة إليها، علي أن يكون هذا الإمتداد لمرة واحدة فقط بحيث تنتهي تلك العقود بإنتهاء إقامة آخر هؤلاء الأقارب بالعين سواء بالوفاة أو الترك.
وعليه إذا كان الأب قد توفي قبل 2002 فانه يسرى الامتداد للحفيد اما فى 2003 أي بعد سريان حكم المحكمة الدستورية العليا – فإن العقد يكون قد امتد للأب مرة – ولا يمتد لأبن الأب – للحفيد.
حكم محكمة النقض التى ساقت إلينا حق الحفيد
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لتلك الأغشكالية في الطعن المقيد برقم 145 لسنة 76 قضائية - جلسة 28 يناير 2009 – حيث ذكرت في حيثيات حكمها: إذ أن الامتداد القانونى لصالح مورثهم عن والده المستأجر الأصلى وقع قبل صدور حكم الدستورية، ومن ثم أصبح مستأجرا اصليا من تاريخ الامتداد ولو لم يحرر له عقد ايجار ولاعبره بكون وفاته قد حدثت بعد العمل بحكم الدستورية، لأنه فى هذه الحالة لايطبق فى حق الطاعنين لسريانه بأثر فورى على الوقائع اللاحقه على تاريخ نشره ومن ثم يكون الحكم قد اخطأ فى تطبيق القانون ومشوبا بالاخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب بما يوجب نقضه، أى أن الحق للحفيد فقط قبل تاريخ حكم الدستورية.