أعلنت إسرائيل قطع الإمدادات الأساسية من كهرباء وماء ووقود ومواد غذائية عن غزة، في إطار ردها على هجوم المقاومة الفلسطينية الذي طال أهدافاً إسرائيلية، السبت الماضي، إلا أن الحصار المطبق الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة، بقطع الماء والكهرباء والغاز وإمدادات الغذاء يهدد بتفاقم الوضع الإنساني المتردي في غزة بشكل خطير، ويعرض حياة المدنيين للخطر، من خلال حرمانهم من السلع الأساسية للبقاء.
يأتي ذلك فضلاً عن عدم قدرة المرافق الطبية على العمل، خصوصًا في ضوء الأعداد المتزايدة من الجرحى، لذلك يجب احترام كرامة الناس وحياتهم، والحصار الشامل لقطاع غزة محظور بموجب القانون الدولي الإنساني ومخالف للمواثق الدولية، ومن الواضح حملة الابادة الجماعية وحصار سلطات الاحتلال الإسرائيلي، للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومنع وصول الكهرباء المياه، وكافة لوازم المعيشة، فضلا عن تدمير الطرق والبنية التحتية، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو.. ما موقف القانون الدولي الإنساني من استخدام أسلوب الحصار العسكري؟
ما موقف القانون الدولي من استخدام أسلوب الحصار العسكري على "غزة"؟
وفى هذا الإطار – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى – أن القانون الدولي الإنساني لا يتضمن قواعد صريحة تحظر استخدام أسلوب الحصار العسكري، لكن الحصار الشامل محظورًا بالكامل، بموجب البروتوكول الإضافي الأول فيما يتعلق بالأعيان التي تحافظ على إبقاء المدنيين على قيد الحياة، وهناك قيود جمة تحد من استخدام أسلوب الحصار العسكري للتخفيف من آثاره السلبية على المدنيين والأعيان المدنية ( المادة 27 قواعد لاهاي 1907: والمادة 15 من اتفاقية جنيف الأولى: والمادة 18 من اتفاقية جنيف الثانية: والمادة 17 من اتفاقية جنيف الرابعة).
وبحسب "صبرى" في تصريح لـ"برلماني": أن المحظورات التي قد تقيد استخدام أسلوب الحصار العسكري بموجب القانون الدولي الإنساني، وتشتمل على حظر ترهيب السكان المدنيين (المادة 51(2) من البروتوكول الإضافي الأول: والمادة 13(2) من البروتوكول الإضافي الثاني الإضافي: القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة 2) وحظر العقاب الجماعي (المادة 75 من البروتوكول الأول الإضافي: والمادة 4 من البروتوكول الإضافي الثاني: القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة 103)، وحظر استخدام المدنيين كدروع بشرية (المادة 51 -5) من البروتوكول الإضافي الأول: القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة 97، لكن الحظر الأكثر وضوحًا الذي يؤثر على استخدام أسلوب الحصار العسكري هو حظر تجويع المدنيين (المادة 54 – 1) من البروتوكول الإضافي الأول: المادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني.
حظرته "قواعد لاهاى" وإتفاقيات جينيف
ووفقا لـ"صبرى": يحظر القانون الدولي الإنساني، تجويع المدنيين – أي حرمانهم من الطعام عمدًا وذلك وفق البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 (المادة 54-1) من البروتوكول الإضافي الأول: المادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني، التي تعتبر قانونًا عرفيًّا في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، كما ينص نظام روما الأساسي على أن: "الاستخدام المتعمد لتجويع المدنيين باعتباره أسلوبًا من أساليب الحرب" يعد جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية (النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة 8 – 2، ب – 25).
وبينت المادتين 54 (2) و(3) من البروتوكول الأول الإضافي أن الأعمال التي لا تقتصر على مجرد تجويع المدنيين المتعمد تعد محظورةً. على سبيل المثال، تدمير مرافق مياه الشرب في سياق الحصار الذي ينطوي على غرض محدد يكمن في حرمان الطرف الخصم من المياه، ويعتبر هذا الإجراء غير قانوني إذا كان من المتوقع من هذا التدمير أن يدع السكان المدنيين بما لا يكفي من مأكل ومشرب على نحو يسبب مجاعتهم أو يضطرهم إلى النزوح أم لأي باعث آخر، وتجدر الإشارة إلى أن القانون الدولي الإنساني يحتوي أيضًا على قواعد تتعلق بالإجلاء والإغاثة الإنسانية التي تحظى بأهمية قصوى لحماية السكان المدنيين من آثار استخدام أسلوب الحصار العسكري - الكلام لـ"صبرى".
والقانون الدولى يتصدى للإبادة الجماعية وتجويع المدنيين
في حين نحذر من وجود مخططات لتصفية الأراضي الفلسطينية من سكانها عقب تصريحات لمسؤول إسرائيلي نصح فيها السكان الفارين من القطاع بالتوجه إلى مصر، ومصر قادرة على حماية أراضيها وأمنها القومي، في سياق أخر - إصدر وزير الدفاع الإسرائيلي قرارا باعتبار المعتقلين من قطاع غزة، مقاتلين غير شرعيين، هذا أمر خطير ينفي بموجبه صفة أسرى الحرب عنهم، ويعد مخالفا للقانون الدولي الإنساني.
جدير بالذكر إن القانون الدولي، واتفاقية جنيف الثالثة تنصان على أن المقاتلين المعتقلين هم أسرى حرب، ويتم التعامل معهم بناءً على ذلك، وهذا يُلزمها عدم التحقيق معهم، وأن إسرائيل بهذا القرار تكون قد تجاوزت ما نص عليه القانون في حالة النزاع والحرب، بناء عليه نناشد المجتمع الدولي فتح ممر إنساني إلى غزة لإيصال المساعدات الغذائية والطبية لأهالي غزة المحاصرين، وندعو إلي وقف التصعيد والجلوس على مائدة التفاوض، اعمال قرارات الشرعية الدولية لحل الصراع، ونأمل ان يحل السلام كافة أنحاء المسكونة.
الخبير القانونى والمحامى بالنقض هانى صبرى
قوات الاحتلال تمارس سياسة ممنهجة لتدمير البنى التحتية
من ناحية أخرى - أدان الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام، بشدة حملة الابادة الجماعية وحصار سلطات الاحتلال الإسرائيلي، للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومنع وصول الكهرباء المياه، وكافة لوازم المعيشة، فضلا عن تدمير الطرق والبنية التحتية، لافتاً إلي ان قوات الاحتلال تمارس سياسة ممنهجة لتدمير البنى التحتية والمرافق الأساسية في قطاع غزة، حيث تقوم بقصف المنشآت المدنية ومحطات توليد الكهرباء والمشاريع الحيوية ومرافق المياه والصرف الصحي باستمرار، فضلاً عن تدمير الطرق والجسور لمنع الحركة ووصول سيارات الاسعاف للمستشفيات.
وأكد الدكتور مهران، أن هجمات إسرائيل المتعمدة على البنى التحتية تهدف لتدمير حياة المدنيين في غزة وزيادة معاناتهم، ما يشكل انتهاكاً صارخاً لأبسط قواعد القانون الدولي، مشدداً علي ضرورة احترام سلطات الاحتلال الإسرائيلي لقواعد القانون الدولي، وحرية الحركة والتنقل ووصول المستلزمات في وقت كاف، محملاً السلطات الإسرائيلية مسئولية الوضع المأسوي بغزة وما آل اليه الحال نتيجة هذا التعنت، محذرا من تدهور أوضاع حقوق الإنسان بشكل خطير في غزة، حيث أن استمرار هذا الوضع يهدد بانهيار اقتصادي وإنساني كامل في غزة، ما يزيد من معاناة 2 مليون فلسطيني يعيشون تحت نيران الاحتلال والحصار، وهو ما يرقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
جرائم إسرائيل ضد الإنسانية
واعتبر أستاذ القانون الدولى أن ما تنتهجه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من عقاب جماعي للمواطنين الفلسطينين المدنيين ومنازلهم جريمة كاملة ضد الإنسانية وتمثل جرائم حرب مكتملة الاركان، ومؤكداً أن هذه التصرفات تخالف كافة المواثيق الدولية وقواعد القانون الدولي الانساني، وخاصة اتفاقيات جنيف لحقوق الانسان، مشددا على أن السبيل الوحيد في الوقت الراهن لوقف هجمات المقاومة علي القوات الإسرائيلية بالاراضي المحتلة، ولإنهاء معاناة سكان غزة والشعب الفلسطيني برمته: هو وقف إطلاق النار والعنف فورًا من الجانبين، داعياً إلي ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة تكون عاصمتها القدس الشرقية، بما يحقق حل الدولتين ويضمن للشعبين حياة كريمة ومستقرة.
وأضاف: يجب علي الجميع العمل على استئناف المفاوضات السياسية الهادفة لتحقيق السلام العادل والشامل، معتبراً أن المجتمع الدولي ملزم بالتحرك عاجلاً لتهدئة الاوضاع ولرفع الحصار عن غزة ومحاسبة مرتكبي تلك الجرائم، تنفيذاً لقواعد القانون الدولي وضماناً لعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الشعب الفلسطيني، محذرا من مخطط إسرائيلي يستهدف تهجير جماعي للفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، عقب الحصار والدمار الذي خلفته عملية "طوفان الأقصى" هناك.
القانون الدولي يجرّم أي أعمال تهجير قسري
وقال مهران، إن الهدف من هذا المخطط هو إفراغ غزة من سكانها الفلسطينيين، وإتاحة الفرصة لإسرائيل بالسيطرة الكاملة على القطاع، محذراً من أن هذا النزوح الجماعي سيشكل تهديداً للأمن القومي المصري، مؤكداً ثقته بتمسك الفلسطينيين بكامل أرض فلسطين، ورفضهم المطلق لتكرار مأساة التهجير التي عاشوها إبان نكبة 1948، مؤكدأ على احترام مصر التام للقضية الفلسطينية، لكنه شدد على ضرورة التزام الجميع بسيادة مصر وقوانينها، وعدم السماح بأي انتهاك لحدودها.
وأشار مهران، إلى أن القانون الدولي يجرّم أي أعمال تهجير قسري ويحظره، ولافتاً إلى أن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول 1977 يحظران النقل الجماعي أو الفردي للمدنيين من أراضيهم أثناء النزاعات، كما أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يعتبر التهجير القسري للسكان جريمة حرب، ويتوجب على إسرائيل وقف ممارساتها بحق الفلسطينيين، كما حمّل المجتمع الدولي مسئولية إنهاء مأساة اللاجئين من خلال دعم إقامة الدولة الفلسطينية، مناشدا المجتمع الدولي بتحمل مسؤليته، والعمل على إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني من خلال حل الدولتين و إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، مؤكداً أن الوضع لن يتغير دون التوصل لحل عادل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني .