أصدرت الدائرة "3" مدنى جزئى بندر الجيزة، حكما قضائيا يهم ملايين المتعاملين في سوق البيع والشراء، بانتهاء عقد بيع وليس إيجار كما هو متعارف عليه، رغم أنه مؤرخ عام 1974 أى منذ 50 سنه، حيث انتهى بقوة القانون لوفاة المنتفع وفقا لنص المادة 993 مدني، ولم يكن أصحاب العقار على علم بتلك المعلومة، ما يوضح معه ضرورة قرءاة العقود قراءة جيدة وعرضها على متخصصين.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 158 لسنة 2023 مدنى جزئى بندر الجيزة، لصالح المحامى أيمن ماهر أبو الحسن، برئاسة المستشار عاصم عطية، وأمانة سر أشرف رمضان.
ملحوظة: ماذا يعنى عقد بيع حق انتفاع؟
عقد بيع حق انتفاع هو عقد يبرم بين طرفين غرضه الرئيسي هو حق الملكية، وهو جماع حقين حق الاستعمال وحق الاستغلال، والفقه الإسلامي أطلق على حق الانتفاع تسمية ملك المنفعة، وقبل التطرف لعقد بيع حق انتفاع لابد من بيان معنى عقد بيع حق الانتفاع وخصائصه، فقد عرف القانون حق الانتفاع بأنه: حق عيني يتعلق باستعمال شيء يخص الغير واستغلاله، ويسقط حتما بموت المنتفع.
خصائص عقد بيع حق انتفاع
1- حق الانتفاع حق متفرع عن حق الملكية فهو حق عينى يعطي لصاحبه سلطة الانتفاع بالشيء دون الحاجة لوساطة شخص آخر .
2- حق الانتفاع ليس مؤبداً كحق الملكية بل هو مؤقت ينتهي بانقضاء الأجل المحدد له فإذا لم يحدد أجل لانقضائه فانه ينتهي بوفاة المنتفع وفي كل الحالات ينتهي بوفاة المنتفع حتى لو لم ينتهي ميعاده .
3- لصاحب حق الانتفاع استعمال الشيء واستغلاله مما يستلزم أن يكون محله شيء لا يهلك بمجرد الاستعمال .
الوقائع.. نزاع بين ورثة المالك وورثة المشترى على حانوتين
تخلص وقائع الدعوى في أن المدعين قد أقاموها بموجب صحيفة موقعة من محام أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 7 مارس 2023 وأعلنت قانونا للمدعى عليهم طلبوا في ختامها القضاء: بإنتهاء حق الانتفاع المؤرخ 23 أبريل 1974 موضوع الدعوى وإخلاء المدعى عليهم من الحانوتين رقمي (1و2) الكائنين بالجبهة الغربية للعقار رقم ".." شارع "..."، قسم الجيزة، وتسليمهما للمدعين خاليان من الأشخاص والمنقولات والشواغل مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة.
وذلك لأسباب حاصلها كون مورث المدعى عليهم المرحوم "محسن. ح"، قد اشتري من الملاك السابقين للعقار رقم "..." شارع "..." من شارع سعد زغلول بالجيزة حق الانتفاع بالحانوتين رقمي 1 و 2 بالجهة الغربية للعقار، إلا أن مورث المدعى عليهم قد توفي الى رحمة الله تعالي بتاريخ 28 يناير 2000، فينتهي بوفاته حق الانتفاع عملا بنص المادة 993 من القانون المدني، إلا أن المدعى عليهم أولا لم يخلوا الحانوتين، مما حدا بالمدعين الى إقامة دعواهم الراهنة بغية القضاء لهم بما سلف من طلبات.
ورثة المالك يطالبون ورثة المشترى بإخلاء الحانوتين رغم ملكية مورثهم لهما
وقدم المدعون سنداً لدعواهم حافظتي مستندات طويا على أصل العقد المؤرخ 23 أبريل 1974، وصورة رسمية من عقد بيع مشهر برقم 1876 لسنة 1979 يفيد صفة المدعين من الثاني وحتى الخامس صورة رسمية من عقد مشهر برقم 1789 لسنة 1975، وأصل عقد بيع مؤرخ 28 مارس 2012 يفيد صفة المدعي الأول، أصل شهادة وفاة مورث المدعى عليهم المرحوم "محسن. ح"، وصورة رسمية من إعلام وراثته، وأصل قيد وفاة "ماجدة. ر"، "وفاء. م".
وفى تلك الأثناء - تداولت الدعوى بالجلسات على نحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 11 مايو 2023 قدم وكيل المدعين حافظة مستندات طالعتها المحكمة، وطلب إدخال خصوم جدد في الدعوى وهم باقي ورثة المرحوم "محسن. ح"، وقدم خلال الجلسات صحيفة إدخال معلنة، وبجلسة 6 يوليو 2023 قررت المحكمة حجز الدعوى ليصدر بها حكماً بجلسة 29 سبتمبر 2023، وحيث صدر قرار السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء رقم 3491 لسنة 2023 باعتبار يوم 28 سبتمبر 2023 إجازة رسمية بمناسية المولد النبوي الشريف، فقررت المحكمة من أجل الحكم في الدعوى لجلسة اليوم.
ورثة المالك يكتشفون أن العقد هو عقد بيع حق انتفاع وليس ملكية
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى، فلما كان المقرر قانونا بنص المادة "993" من القانون المدني أنه:
"1- ينتهي حق الانتفاع بانقضاء الأجل المعين، فإن لم يعين له أجل عدّ مقررا لحياة المنتفع وهو ينتهي على أي حال بموت المنتفع حتى قبل انقضاء الأجل المعين.
2- وإذا كانت الأرض المنتفع بها مشغولة عند انقضاء الأجل أو موت المنتفع بزرع قائم تركت الأرض المنتفع لورثته إلى حين إدراك الزرع على أن يدفعوا أجرة الأرض عن هذه الفترة من الزمن".
المحكمة تستند لأحكام محكمة النقض لفض النزاع
واستندت المحكمة لعدة أحكام لمحكمة النقض لفض النزاع أبرزها الطعن المقيد برقم 335 لسنة 53 قضائية، والذى جاء في حيثياته: وكان المستقر عليه بقضاء النقض أن: "القاعدة العامة أن موت المستأجر لا ينهى عقد الإيجار بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى ورثته اخذا بأن العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية، والأصل من أن الحقوق والالتزامات الناشئة عند العقد تنتقل إلى ورثة المستأجر وإن كان لهم حق إنهائه إذا كان لم يعقد إلا بسبب حرفة مورثهم أو لاعتبارات أخرى متعلقة بخلاف حق الانتفاع الذى ينتهى حتما بموت المنتفع طبقا للمادة 993/1 من القانون المدنى من قبل انقضاء الأجل المعين له لما ينطوي عليه من انتقاص من حق الملكية.
وكذا الطعن المقيد برقم 1589 لسنة 55 قضائية، والذى جاء في حيثياته: واستقرت كذلك على أن: "حق الملكية يغاير فى طبيعته وحكمه فى القانون حق الانتفاع، فحق الملكية هو جماع الحقوق العينية إذ مالك العقار يكون له حق استعمال وحق استغلال وحق التصرف فيه، فإذا أنشأ هذا المالك لآخر حقا بالانتفاع فإن هذا الحق يجرد الملكية من عنصرى الاستعمال والاستغلال ولا يبقى لها إلا العنصر الثالث وهو حق التصرف، فتصبح الملكية المثقلة بحق الانتفاع هي ملكية الرقبة، فيجتمع فى العقار حق أن عينيان، حق الرقبة للمالك وحق الانتفاع للمنتفع، وهذا الحق بالانتفاع موقوت ينتهي بانتهاء الأجل المعين له، فإن لم يعين له أجل عد مقررا لحياة المنتفع، وينتهي على أى حال بموت المنتفع وفقا لما تقضى به المادة 993 من القانون المدنى.
عقد بيع حق الإنتفاع مؤرخ منذ 50 سنة تقريبًا
وبحسب "المحكمة": وحيث إنه لما كان ما تقدم - وكان المدعين قد أقاموا دعواهم بغية القضاء بإنتهاء عقد حق الانتفاع المؤرخ 23 أبريل 1974 لوفاة المنتفع المرحوم "محسن. ح"، واخلاءهم من الحانوتين موضوع حق وتسليمهما خاليين من الأشخاص، والشواغل، ولما كان البين للمحكمة من مطالعة العقد المؤرخ 2 أبريل 1974 كونه متعلق بحق انتفاع مورث المدعى عليهم والخصوم المدخلون للحانوتين رقمي (1و2) الكائنين بالجبهة الغربية للعقار رقم "..." شارع "..." قسم الجيزة، وكان الثابت بالأوراق وفاة المنتفع بالعقد المرحوم "محسن. ح" بتاريخ 28 يناير 2000.
ووفقا لـ"المحكمة": وكان الثابت بالعقد المشار إليه كون مدة حق الانتفاع حددت بهلاك العقار أو العين وكان المقرر قانونا بنص المادة 993 من القانون المدني يكون عقد الانتفاع ينتهي على أي حال بموت المنتفع حتى قبل انقضاء الأجل المعيّن بالعقد، الأمر الذي يكون معه انتهاء العقد قد وقع بقوة القانون منذ تاريخ الوفاة، ولا يكون حكم المحكمة إلا مقررا لذلك، الأمر الذي يكون معه طلب المدعوين قد جاء على سند صحيح من الواقع والقانون، فتقض المحكمة بانتهاء عقد بيع حق الانتفاع المؤرخ 23 أبريل 1974، وذلك على نحو ما سيرد بالمنطوق.
المحكمة تقضى بانتهاء عقد بيع حق انتفاع والإخلاء
وتضيف "المحكمة": وحيث إنه وعن طلب إخلاء الحانوتين موضوع عقد البيع المؤرخ 23 أبريل 1974 وتسليمهما للمدعين فإنه لما كان المقرر بنص المادة 160 من القانون المدنى أنه إذا فسخ العقد، أعيد المتعاقدان الى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، فاذا استحال ذلك جاز الحكم بالتعويض - لما كان ما تقدم - وكانت المحكمة قد انتهت على نحو سلف - الى اعتبار عقد البيع سند المدعى عليهم في وضع يده على حانوتي التداعي منتهيا، الأمر الذى تكون معه يد المدعى عليهم من بعد انتهاء العقد غاصبه يتعين رفعها، واعادة المتعاقدين الى الحالة التى كانا عليها قبل العقد بتسليم الحاويتين المالكيهما، ومن ثم فالمحكمة تقضى باجابة المدعين لطلبهم على ما سيرد بالمنطوق.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بانتهاء عقد بيع حق الإنتفاع المؤرخ 23 أبريل 1974 وبإخلاء المدعى عليهم والخصوم المدخلون من الحانوتين المبينين بصحيفة الدعوى وعقد البيع المشار إليه وتسليمهما خاليين من الأشخاص والشواغل، وألزمت المدعى عليهم والخصوم المدخلين بالمصروفات.
المحامى أيمن ماهر أبو الحسن - مقيم الدعوى