فتيات - صورة أرشيفية
مقولات كثيرة شهيرة تُقال عن أن الفتيات أو المرأة بشكل عام هى نصف المجتمع، وإذا كانت تلك المقولات تنطبق عليهن من حيث العدد أو تكوين المجتمعات، إلا أن هناك أمرًا آخر أكثر واقعية بالرغم من أن ليس له مقولة شهيرة، وهو أن المرأة كل المجتمع من حيث التأثير وليس نصفه فقط، فالمرأة هى الأم والزوجة والأخت والمربية والعاملة والمعلمة والداعمة... إلخ، لذا إذا أرادت المجتمعات النهوض، فعليها الاهتمام بالمرأة جيدًا من أول طفولتها حتى كبرها، فللمرأة دور محوري في نهضة المجتمعات والتأثير بشكل إيجابى، فإذا صلحت أحوالهن صلح المجتمع بأكمله.
وفى إطار اهتمام العالم بأكمله بالمرأة، فهناك أكثر من مناسبة عالمية تخصهن، أبرزها اليوم العالمى للمرأة أو شهر المرأة الذى يطلق على شهر مارس من كل عام، وأيضًا هناك يوم للفتاة، وهو تلك اليوم الذى يأتى فى 11 أكتوبر من كل عام، ليجعل شهر أكتوبر هو شهر الفتيات كما هو الحال فى شهر مارس شهر المرأة، وبمناسبة الاحتفال العالمى بالفتيات فى هذا الشهر، وفى ظل اهتمام الدولة المصرية بشكل خاص، بحقوق المرأة ومواجهة كل ما يضر أو يسيئ للفتيات، أصدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تقريرًا مهمًا يتناول أوضاع الفتيات فى مصر، سواء من حيث عددهن أو أحوالهن بشكل عام.
كشف جهاز الإحصاء فى تقريره الصادر حديثًا، أن عدد الفتيات فى مصر وفقًا لتقديرات السكان خلال عام 2023، بلغ نحو 13 مليون فتاة فى عمر 6- 17 عام، بنسبة 12.5% من إجمالي السكان، مقابل 14 مليون فتى بنسبة 13.3% من إجمالى السكان المقدر بــ105 مليون نسمة حتى نهاية يوليو عام 2023، وطبقًا لبيانات النشرة السنوية للتعليم قبل الجامعي للعام الدراسى الأخير، من المعروف أن التعليم الأساسى فى مصر، يبدأ من سن 6 سنوات، وتشير الأرقام الخاصة بالفتيات فى هذا الأمر إلى أن نسبة الفتيات المتسربات من التعليم في المرحلة الابتدائية في الفئة العمرية 6-11 سنة، بلغت 0.17% فقط، مقابل تسرب 0.23% من الفتيان.
ولكن ترتفع تلك النسبة من التسرب بين الفتيات فى المرحلة الإعدادية، حيث بلغت في الفئة العمرية 12-14 سنة نحو 1.1%، مقابل 0.7% للفتيان فى ذات المرحلة التعليمية، فيما سجل معدل الانتقال النسبي من المرحلة الإبتدائية إلى المرحلة الإعدادية 98.8% للفتيات، مقابل 97.5% للفتيان، أم معدل الانتقال النسبي من المرحلة الإعدادية إلى المرحلة الثانوية في الفئه العمرية 15-17 سنة وما في مستواها، فقد بلغ 45% للفتيات بالثانوى العام، و 13.7% للثانوى الصناعى، و20% للثانوى التجارى، بينما سجل 0.9% للثانوى الفندقى، و1.4% للثانوى الزراعى.
وتضمن المؤشرات والأرقام التى أشار إليها جهاز الإحصاء فى تقريره بشأن أوضاع الفتيات فى مصر، الإشارة إلى نسب الزواج بينهن، والمعروف بالزواج المبكر أو زواج الأطفال، حيث كشف الجهاز تراجع نسبة زواج الفتيات في الفئة العمرية 15-17 سنة إلى 2.1% بنهاية عام 2021، مقارنة بعام 2014 ، والذى كانت النسبة خلاله لنفس الفئة العمرية قد وصلت إلى 6.3%، كما أشار الجهاز إلى الحالة التغذوية للفتيات فى الفئة العمرية 5-14 سنة، لافتًا إلى أن نحو 58% من الفتيات فى الفئة العمرية 5-9 سنة حالتهن التغذوية طبيعية، مقابل 32.7 % تعانين من نحافة، و 9.5% تعانين من زيادة وزن.
أما الفتيات فى الفئة العمرية 10-14 سنة، فهناك 68.6% منهن حالتهن التغذوية طبيعية، مقابل 10.5% تعانين من نحافة، و20.8% تعانين من زيادة الوزن، كما كشف الجهاز فى تقريره، وضع الفتيات فى مصر بالنسبة للختان، والذى تواجهه الدولة وتتصدى له بشتى الطرق، بدءًا من التوعية حتى التجريم والعقوبة، حيث لفت الجهاز فى هذا الشان إلى أن هناك نحو 15% من الفتيات فى عمر 4-17 عاما مختنات، فيما يوجد نحو 27% من الفتيات أقل من 18 عاما، من المتوقع ختانهن، وهو ما تحاول الدولة مجابهته والتصدى له.
وتضمنت المؤشرات أيضًا التى أشار إليها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى تقريره بشان أوضاع الفتيات فى مصر، الإشارة إلى عمالة الأطفال، حيث ذكر الجهاز أنها شهدت انخفاضًا بين الفتيات فى الفئة العمرية 5- 17 عام، إلى 2.8% فقط بنهاية عام 2021، مقارن بعام 2014، والذى وصلت فيه النسبة إلى 5.8%، لافتًا إلى المبادرات التى أطلقها الدولة خلال الفترة الأخيرة بالتعاون مع الأمم المتحدة فى مصر لدعم الفتاة المصرية، حيث تستهدف الدولة وتسعى من خلال تلك المبادرات إلى تمكين الفتيات أقل من 18 عاما، وبناء مهاراتهن وقدراتهن التعليمية والاجتماعية والاقتصادية، ومن أشهر هذه المبادرات، مبادرتي "دوّي" و"نوره".
وأكد الجهاز فى تقريره، أن المبادراتين "(دوّي) و(نورة)" ترتبطان ارتباطًا كبيرًا ببرنامجي "تنمية الأسرة المصرية"، و"حياة كريمة"، لافتًا إلى أن مبادرة "دوي" تعني الصوت العالي المصحوب بتأثير، وهى مبادرة وطنية يجرى تنفيذها في مصر بهدف إشراك النشء من الفتيات والأولاد في الأنشطة التي من شأنها مساعدتهم على تحقيق كامل إمكاناتهم، مع تعزيز مشاركة أسرهم ومجتمعاتهم، ومن ثم تغيير الطريقة التي ينظر بها المجتمع للفتيات، ويتولى قيادة المبادرة الوطنية "دوّي"، المجلس القومي للطفولة والأمومة، بالشراكة مع المجلس القومي للمرأة، بدعم فني من اليونيسف وبالتعاون مع العديد من الشركاء.
أما مبادرة "نورة"، فقد أطلقتها وزارة التخطيط والمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، في أكتوبر 2021، وتهدف إلى تمكين الفتيات المراهقات لتغيير تحولى فى مصر، وقد تم اختيار اسم المبادرة "نوره" كرمز لجميع الفتيات المراهقات فى مصر ولإطار تنمية قدرات الفتيات، ويسعى أطراف المبادرة إلى أن تصبح قريبًا رمزًا للاستثمار في الفتيات في مصر من خلال الشركاء وصانعي الأفلام والداعمين.
ولم تقتصر المبادرات التى أطلقتها الدولة للفتيات، على السابق ذكره فقط، وإنما أطلقت أيضًا العديد من المبادرات الأخرى، أبرزها، مبادرة "احميها من الختان"، وهى عبارة عن حملة توعوية أطلقتها اللجنة الوطنية لمناهضة ختان الإناث للمرة الأولى فى يونيو 2019 تزامنًا مع اليوم الوطني لمكافحة ختان الإناث، وذلك لتوعية الأسر المصرية بجميع المحافظات وحماية بناتهن من الختان، بهدف إحياء قضية ختان الإناث في الأذهان ووضعها على أولويات أجندة الجهات التنفيذية والمجتمع المدني والمنظمات الدولية، وحث المجتمع بكافة أطيافه لمواجهة هذه الجريمة، ودعم الجهود المحلية والوطنية والمبادرات المجتمعية ذات الصلة، وهي حملة مستمرة تعقد تباعًا كل عام.
من الجدير بالذكر، أن اليوم العالمى للفتاة، والذى اُحتفل به فى 11 أكتوبر، هو مناسبة عالمية يتم الاحتفال بها فى 11 أكتوبر من كل عام، وذلك وفق إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بحقوق الفتيات فى عام 2011، ويهدف هذا اليوم العالمى، إلى تركيز الاهتمام على الحاجة إلى التصدي للتحديات التي تواجهها الفتيات وتعزيز تمكين الفتيات وإحقاق حقوق الإنسان المكفولة لهن، علاوة على، حق المراهقات في التمتع بحياة آمنة والحصول على التعليم والصحة وغيرها.
