تعد العلاقات الثنائية بين مصر والأردن تاريخية ومحورية ، حيث يجري التنسيق بين البلدين في عدة ملفات هامة أبرزها القضية الفلسطينية التي تحظى باهتمام واسع من الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وذلك لارتباط القاهرة وعمان تاريخيا وجغرافيا وسياسيا بالقضية الفلسطينية.
مع شن الاحتلال الإسرائيلي لعدوان على قطاع غزة كانت مصر والأردن أحد أبرز الدول التي تحركت سريعا لاحتواء التصعيد والتوصل لتهدئة خوفا من توسع رقعة العمليات التي يمكن أن تعصف بأمن واستقرار دول الإقليم، وهو ما يشير إلى مدى حرص قيادتي البلدين على انقاذ المنطقة من حرب إقليمية طاحنة يمكن أن تعصف باستقرار الشرق الأوسط جراء ما يجري.
التنسيق المصري – الأردني المشترك لوقف العدوان على غزة
في ضوء التصعيد الراهن بالأراضي المحتلة وتحديدا قطاع غزة، تحركت القيادتين المصرية والأردنية لوقف العدوان على القطاع والدفع نحو إعلان هدنة إنسانية تسمح بدخول المساعدات الطبية والغذائية والإنسانية العاجلة إلى غزة.
عمل وزيري خارجية مصر والأردن بتنسيق مشترك لتشكيل جبهة موحدة للدفع نحو الضغط لوقف الحرب والعدوان البشع، بالإضافة لتشكيل محور يدفع نحو دعم التوجه المصري بإدخال المساعدات إلى غزة في أقرب وقت ممكن مع انهيار كافة القطاعات بغزة.
وأكدت القيادتين المصرية والأردنية رفضهم القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر أو من الضفة إلى الأردن، وهو المخطط الذي تدركه الدولتين بشكل كامل وتعملان على مواجهته والتصدي له كي لا يتم تصفية القضية الفلسطينية وهو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر صحفي يوم أمس مع المستشار الألماني.
بدوره، حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من خطورة الإجراءات التي تسعى إلى الدفع بموجة لجوء جديدة، مشددا على أنه لن يتم السماح بتهجير الفلسطينيين القسري عن أراضيهم؛ لأنها تنذر بآثار كارثية على دول المنطقة، مشددا أهمية وقف الحرب على غزة، التي حصدت أرواح العديد من المدنيين الأبرياء العزّل، محذرا من إزهاق مزيد من الأرواح إذا لم يتحرك المجتمع الدولي والقوى الفاعلة عالميا.
التعاون في إطار ميونخ
كان لمصر والأردن تحرك مهم للغاية مع حالة الانسداد السياسي التي تسيطر على المشهد بالأراضي المحتلة، وذلك بتشكيل إطار ميونخ وهي صيغة رباعية تضم مصر والأردن وفرنسا وألمانيا، وهي الصيغة التي عملت خلال القاهرة وعمان مع الجانب الأوروبي لاطلاعهم على تفاصيل ما يجري في الأراضي المحتلة وخطورة ما يجري لأنه ينذر بتصعيد خطير للغاية.
وشددت الاجتماعات التي عقدت لعدة مرات على أنّه لا سبيل لإحلال السلام الشامل في المنطقة إلا من خلال تسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني بناءً على حل الدولتين، مؤكدين التزامهم الراسخ بتيسير جميع الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط ودعمها على أساس القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة، والمعايير المتفق عليها، ولا سيّما مبادرة السلام العربية.
وأكدت مصر والأردن وألمانيا وفرنسا في اجتماع لإطار ميونخ في نيويورك العام الماضي على إمكانية تلبية تطلعات الإسرائيليين والفلسطينيين المشروعة تنحصر في التوصل إلى حل الدولتين تم التفاوض عليه ويقوم على خطوط 4 يونيو 1967 ويضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، والمتصلة جغرافيًا، والقابلة للحياة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمان.
التنسيق مع القيادة الفلسطينية لتفعيل عملية السلام
وتحرص مصر والأردن على إطلاع القيادة الفلسطينية والتنسيق المستمر معها حول التحركات التي تقوم بها البلدين لتفعيل عملية السلام في الشرق الأوسط، وهي التحركات التي أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن على دعمها في إطار المشاورات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
واستضافت القاهرة وعمان خلال السنوات الماضية قمم مشتركة على المستوي الثنائي أو الثلاثي تبحث بالأساس سبل معالجة جذور الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، والتأكيد على دعم الحقوق المشروعة لأبناء الشعب الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمته القدس، والتأكيد على أهمية تفعيل عملية السلام على أساس مبادرة السلام العربية التي طرحت في قمة بيروت عام 2002.
تبقى مصر والأردن شريكان أساسيان في المنطقة وهي الشراكة الاستراتيجية التي تم تفعيلها في عدة تحالفات عابرة للحدود منها على سبيل المثال إطار ميونخ حول فلسطين، آلية التنسيق الثلاثي بين مصر والأردن والعراق، بالإضافة إلى التنسيق والتشاور المستمر في كافة المحافل الإقليمية والدولية.