أزمة جديدة يشهدها سوق السلع الغذائية فى مصر حاليًا، وهى أزمة ارتفاع أسعار السكر، حيث وصلت أسعار السكر في مصر إلى مستويات غير مسبوقة ليبلغ سعر الكيلو 50 جنيهًا في الأسواق، ويزيد عن ذلك في بعض المناطق، وهو ما أثار غضب النواب، حيث تقدم الكثير منهم بطلبات إحاطة لرئيس المجلس لتوجيهها لرئيس الوزراء ووزير التموين، فيما بررت الحكومة - من خلال تصريحات تلفزيونية لأحد ممثليها - هذه الأزمة بإنها ترجع لتخزين التجار لسلعة السكر استعدادًا لشهر رمضان والذى يزيد فيه استهلاك هذه السلعة "السكر".
من جانبه، تقدم النائب محمود قاسم، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب، لتوجيهه إلى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور على المصليحى، وزير التموين والتجارة الداخلية ،حول الارتفاع الكبير فى أسعار السكر، واصفًا ارتفاع سعر السكر خلال الفترة الحالية بـ "الأمر غير المبرر".
وتساءل قاسم قائلًا: "هل التصريحات الصادرة عن عدد من المسئولين باتحادى الصناعات والغرف التجارية بأن سبب الارتفاع يرجع لتلاعب بعض التجار داخل السوق المحلية، أمر مقبول؟" لافتًا إلى أن التصدير يعد متحكمًا رئيسيًا في السعر، حيث أنه يؤثر على آليات العرض والطلب وبالتالي تتأثر الأسعار، كما أن سعر الطن في البورصة السلعية سجل قيمة 24 ألف جنيه للطن، وبمقارنة أسعار السوق الحرة فهو يعد زيادة غير مبررة وأمر غير مفهوم.
كما تساءل قاسم: هل اتخاذ قرار بمنع تصدير السكر سيؤدى إلى انخفاض أسعاره؟، وأين وزارة التموين والتجارة الداخلية والأجهزة الرقابية المختصة فى مواجهة مافيا محتكرى مثل هذه السلع الاستراتيجية وعلى رأسها السكر الذى لا يمكن لجميع المواطنين بصفة عامة وأهالينا من البسطاء والفقراء بصفة خاصة، الاستغناء عنه، مطالبًا من الدكتور على المصليحى التحقيق الفورى فى تصريحات مسئولى الغرف التجارية التى أكدوا فيها أن المتسبب في ارتفاع سعر السكر داخل السوق المحلية، هو شركات التعبئة وأن ذلك يرجع إلى تلاعب بعض الشركات التي تسيطر على أطنان من السكر، خاصة أن هذه الشركات من المفترض أن تخضع لرقابة من وزارة التموين وجهاز حماية المستهلك بموجب قرارات معينة.
وطالب قاسم، من وزير التموين والتجارة الداخلية، تطبيق أشد العقوبات إذا تم التأكد من هذه التصريحات ومعرفة الشركات المتسببة فى رفع أسعار السكر بتطبيق أشد العقوبات الرادعة عليها، مؤكدًا أن ترك مثل هذه السلع الاستراتيجية بدون تحديد أسعار لها لدى شركات الجملة والتجزئة وحتى وصولها إلى المواطن سيجعل التجار الجشعين يتحكمون في أسعارها على "مزاجهم" الخاص.
وقال قاسم: :"للأسف الشديد، الدكتور إبراهيم عشماوي رئيس البورصة السلعية ومساعد أول وزير التموين، أكد فى تصريحات له أن بعض التجار يبدأون في تخزين السكر استعدادًا لشهر رمضان الكريم من أجل توفير مخزون آمن، متسائلًا: هل هؤلاء التجار لا توجد رقابة عليهم من وزارة التموين والتجارة الداخلية؟، ولماذا لا يتم وضع قواعد لتوزيع السكر بالكميات المناسبة على التجار؟، وإذا ثبت قيام بعضهم بتخزين ما يتم توزيعه عليه فيجب محاكمته وتطبيق القانون عليه بكل حسم وقوة".
فيما قالت النائبة ميرفت مطر، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إنه من الضرورى أن نفرق بين سعر السكر الحر وسعره في البطاقات التموينية، مؤكدة أن الزمة الحالية تخص أسعار السكر الحر، وليس سعره في البطاقات التموينية، لافتة إلى ان تخزين المستهلك لكميات من السلعة خوفًا من عدم توافرها في السوق خلال الفترة المقبلة قبل شهر رمضان الكريم يعتبر جزء من الأزمة، هذا بجانب جشع التجار وغياب الرقابة من الحكومة على الأسواق.
وأضافت مطر في تصريحات لـ "برلماني"، أنه طبقًا لتصريحات وزارة التموين، هناك فجوة بين الكميات المعروضة حاليًا من السكر وبين الطلب، لذلك بدأت الحكومة في مواجهة ذلك والتحرك بالاتفاق على استيراد كمية إضافية من الخارج، قد تصل في مطلع يناير المقبل، أي قبل شهر رمضان، موجهة رسالة إلى المستهلكين: "لا داعى للقلق من عدم توافر السلعة قبل شهر رمضان، خاصة في ظل توجيهات الرئيس للحكومة بتوفير وتأمين كافة السلع الاستراتيجية للمواطنين قبل حلول شهر رمضان الكريم".
وأوضحت عضو مجلس النواب، أنه من الضرورى أن تكثف الحكومة رقابتها الداخلية على الأسواق، وكذلك على المبادرات التى تطرحها الدولة من خلال منافذ بيع لها، فيجب أن يكون هناك رقابة حقيقية على الكميات التى تخرج من هذه المنافذ وما يتم طرحه بها، خاصة أن هناك من يستغل طرح السلع بأسعار مناسبة في منافذ الحكومة، ويقوم بشراء كميات منها وبيعها للغير بأسعار مرتفعة، لافتة إلى أن، المبادرات التى تطرحها الدولة لتوفير السلع الاستراتيجية تكون أسعار السلع بها مناسبة ولكن المعروض منها كمياته قليلة، لذلك من الصعب الاعتماد عليها فقط في حل أزمة ارتفاع سعر السكر.
وأشارت النائبة ميرفت مطر، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إلى أنه من الضرورى لمحاولة حل الأزمة الحالية والسيطرة على ارتفاع سهر السكر، أن تقوم الحكومة بتشديد رقابتها على الأسواق، وأن يقلل التجار من جشعهم، وأيضًا، المستهلك يجب أن يغير ثقافته بتخزين السلع بكميات كبيرة، وأن يكون استهلاكه على قدر استخدامه للسلعة، حتى يقلل الضغط على الأسواق، وتتوافر السلعة للجميع.
وكان النائب مجدى الوليلى، عضو مجلس النواب والأمين العام لحزب الشعب الجمهورى بالإسكندرية، طلب من حكومة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء بصفة عامة ومن جميع المحافظين وقيادات المحليات على مستوى الجمهورية بصفة خاصة، سرعة التحرك وإحكام الرقابة على منظومة أسعار مختلف السلع فى ظل الارتفاع الجنونى لأسعار السلع الأساسية وعلى رأسها السكر.
وتساءل " الوليلى " فى طلب إحاطة تقدم به إلى المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب لتوجيهه إلى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور على المصليحى وزير التموين والتجارة الداخلية، واللواء هشام آمنة وزير التنمية المحلية حول دور الحكومة فى ضبط أسعار السلع والرقابة على الأسواق، قائلًا: "أين دور المحافظين وقيادات المحليات فى القيام بجولات مفاجئة ومكثفة على مختلف الأسواق للضرب بيد من حديد على محتكرى السلع لتعطيش الأسواق لرفع الأسعار؟".
كما تساءل عضو مجلس النواب، أين الدور الذى تقوم المجمعات الاستهلاكية وشركات الجملة والمنافذ المخصصة لمكافحة الغلاء، مطالبًا عند حدوث أى ارتفاعات كبيرة وغير مبررة فى أسعار السلع بضرورة تفعيل المنظومة الرقابية لضبط الأسواق وتفعيل دور الرقابة الداخلية لمحاربة جشع التجار وضبط أى ممارسات سلبية ضارة بحقوق المستهلكين، بجانب التأكد من التزام كافة التجار والموردين بأحكام قانون حماية المستهلك وكذلك تفعيل دور المجمعات الاستهلاكية، مثل شركات الأهرام والنيل والإسكندرية للصناعات الغذائية، وتفعيل دور المنافذ التموينية من أجل مكافحة الغلاء وتقديم سلعة مدعومة للمستهلك.
وأضاف "الوليلى"، أن سوء إدارة هذا الملف من الحكومة بصفة عامة وغياب دور المحافظين بصفة خاصة هو السبب الرئيسى فى ارتفاع أسعار السلع، مطالبًا بوضع سياسات وبرامج جديدة لإدارة هذا الملف مع إصدار تعليمات حاسمة من الحكومة لجميع المحافظين للقيام بدورهم فى الرقابة على الأسواق، كما أكد على أن المواطنين بصفة عامة والفقراء والبسطاء من محدودى الدخل وغير القادرين بصفة خاصة أصبحوا فى حالة يرثى لها لعدم قدرتهم المالية على شراء السلع الأساسية خاصة سلعتى السكر والزيت.
فيما بررت الحكومة السبب وراء هذه الأزمة، بأن بعض التجار بدأوا في تخزين السكر استعدادًا لشهر رمضان الكريم من أجل توفير مخزون آمن، وذلك من خلال التصريحات التى أدلى بها الدكتور إبراهيم عشماوي رئيس البورصة السلعية ومساعد أول وزير التموين، والذى أكد خلال تصريحات تلفزيونية بإحدى البرامج الإعلامية، أن الدولة استوردت 100 ألف طن سكر لسد الفجوة الحالية في الأسواق، ويتم طرحه في مبادرة خفض السلع الأساسية بسعر 27 جنيهًا للكيلو، لافتًا إلى أن وضع تسعيرة جبرية للسكر أمر يخالف القانون، والسلعة متوفرة في كل المحافظات لكن هناك تفاوت في الأسعار، وحاليا قمنا بتفعيل أجهزة رقابية لضبط الأسعار في الأسواق.
وأكد عشماوى في تصريحاته، أنه لا يوجد نقص في مخزون السكر في مصر، ولكن هناك بعض المحافظات التى طلبت زيادة في حجم التوريد لها لزيادة المعروض في مبادرة خفض السلع الأساسية بسبب الإقبال من المستهلكين، مشيرا إلى أنه جارى العمل على توفير الكميات للجميع، كما أكد أن الدولة تستورد كميات أخرى حاليًا لسد أي عجز لمواجهة زيادة الاستهلاك، لكن هناك اختلالات سعرية في السوق ويجري معالجتها، وسيكون هناك منافذ متحركة بالقرى لطرح السلع المخفضة.