نجحت الدولة المصرية بقيادتها الرشيدة فى كشف الخيوط الأولى لمخطط التهجير القسري للفلسطينيين، والذى نادت به إسرائيل فى اعقاب العدوان الغاشم على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر الماضى، بدعوة سكان غزة إلى التوجه نحو الأراضي المصرية وتوطينهم فى سيناء.
أدوات عديدة كانت فى الجعبة المصرية لإجهاض المخطط الإسرائيلى، حيث وضعت القاهرة الخطوط الحمراء أمام غطرسة وتبجح صريح للاحتلال الإسرائيلى فى التخطيط لتوسيع دائرة الصراع الاقليمية، ودفع مصر نحوها، من بين هذه الأدوات هى الاستحواذ واكتساب تأييد دولى عريض رافض للمخطط.
وعبر قمة القاهرة للسلام 2023، والتى استضافتها مصر فى 21 اكتوبر الماضى، بمشاركة دولية واسعة استجابة لدعوة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى، وحظى هذا المحفل الدولى بأهمية بالغة فى توقيت شديد الحساسية تمكنت مصر من حشد دولى كبير يرفض المخطط الإسرائيلى، على نحو ما جاء فى مخرجاته من إجماع عربي ودولى يرفض نهجير الفلسطينيين من أراضيهم وتصفية القضية الفلسطينية، بل وكشفت أهداف أمام حشد دولى كبير رغبة إسرائيلية فى تصفية القضية الفلسطينية.
كما نجحت مصر فى أن تشع أمام كيان الاحتلال الإسرائيلى خارضة طريق تعيد القضية للمشار السياسي، بديلا قانونيا عن مخطط التهجير، تستهدف فى احدى مراحلها، البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولى،. مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية".
وجاءت القمة الاسلامية العربية المشتركة فى الرياض لتؤكد الموقف العربى الاسلامى الموحد، الرافض لسياسة تهجير الفلسطينيين من غزة، باعتبار التهجير " خط أحمر"، ونجحت فى ايجاد اصطفاف عربي اسلامى مؤيد للموقف المصرى ومتفهم للحفاظ على الأمن القومى المصرى. وخلا أكثر من مناسةب وشدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مراراً على أن مصر لم ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، مؤكداً أن مصر أيضا لن تتهاون في حماية أمنها القومي.
وجاءت قرارات قمة الرياض وأكدت فى بندها الرابع عشر، على إدانة تهجير حوالي مليون ونصف فلسطيني من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، باعتبار ذلك جريمة حرب وفق اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949وملحقها للعام ،1977، فضلا عن الرفض الكامل والمطلق والتصدي الجماعي إلى أية محاولات للنقل الجبري الفردي أو الجماعي أو التهجير القسري أو النفي أو الترحيل للشعب الفلسطيني، سواء داخل قطاع غزة أو الضفة الغربية بما في ذلك أيا كانت، باعتبار ذلك خط القدس، او خارج أراضيه ألي وجهة أخرى خطا أحمر وجريمة حرب.
ليس ذلك فحسب، ففى داخل أروقة الخارجية، خاض الوزير سامح شكري معارك دولية، آخرها جولة وزارية فى عواصم عالمية برفقة وزراء خارجية عرب ودول اسلامية، لنقل الموقف العربي الاسلامى الموحد الرافض للتهجير وتصفية القضية، فضلا عن المشاركة فى اجتماع وزراء خارجية العرب فى الأردن، وعشرات الزيارات واللقاءات مع وفود ومسئولين غربيين، لتقل الرؤية المصرية فى اهمية الحفاظ على الأمن القومى المصري.
ليست الدولة وحدها، فقد اصطف الشعب المصرى خلف قيادته، عبر مسيرات تضامنية خرجت لتبعث برسالة استياء ورفض شديد لتهجير الشعب الفلسطينى عن أراضيه وتوسيع دائرة الحرب، ووقفت القاهرة حائط صد أمام مؤامرة التهجير ووتصفية القضية الفلسطينية، خلال العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة أكتوبر 2023.
مخطط دفع الفلسطينيين من جنوب غزة نحو الاراضي المصرية
ومن شمال غزة لاتزال حتى الساعة يواصل الفلسطينيين انتقالهم إلى جنوب القطاع، تهجيرا قسريا بعد أن أجبرتهم إسرائيل بالنزوح تحت تهديد السلاح، مع استمرار قصف عنيف فى الشمال وحصار مطبق، وقطع كل سبل وأشكال الحياة شمال القطاع، من قصف للمنازل وقطع المياه والكهرباء والاتصالات، لضمان عدم عودة سكان القطاع إليه حتي بعد انتهاء هذه الحرب.
ورغم التصريحات الإسرائيلية التى تراجعت عن الدعوة للمخطط اإلا أن تصريحات هذا الكيان لايمكن أن يتم التعويل عليها، فخطر تمرير السيناريو لايزال قائما ، فالقصف العنيف وهدم المنازل وتهجير الفلسطينيين من الشمال ستدفع كثيراً من النازحين إلى الاتجاه جنوباً، وإخلاء القطاع من سكانه يمثل جزءاً من مخطط إسرائيل لإزاحة سكان القطاع نحو الأراضي المصرية.