الطب الشرعى - أرشيفية
علم المعادن الجنائية هو فرع من علوم الجيولوجيا والكيمياء الجنائية، حيث يهتم هذا العلم بتحليل ودراسة المعادن والمواد المعدنية المرتبطة بقضايا جنائية، ويعرف على أنه "التحقيق في الإخفاقات - التي تتراوح من إمكانية الخدمة إلى الكارثة - والتي قد تؤدي إلى نشاط قانوني، بما في ذلك الأنشطة المدنية والجنائية"، وهي تشمل التحقيق في المواد أو المنتجات أو الهياكل أو المكونات التي تفشل أو لا تعمل أو تشتغل على النحو المنشود، مما يتسبب في إصابة شخصية أو ضرر بالممتلكات أو خسارة اقتصادية.
فقد تؤدي عواقب الفشل إلى اتخاذ إجراء بموجب القانون الجنائي أو المدني بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر تشريعات الصحة والسلامة، وقوانين العقد أو المسؤولية عن المنتج وقوانين الضرر، ويتعامل هذا المجال أيضًا مع عمليات إعادة التتبع والإجراءات التي تؤدي إلى حوادث أثناء تشغيل المركبات أو الآلات، بشكل عام، الغرض من التحقيق الهندسي الشرعي هو تحديد سبب أو أسباب الفشل بهدف تحسين أداء أو عمر أحد المكونات، أو لمساعدة المحكمة في تحديد وقائع الحادث، ويمكن أن يشمل أيضًا التحقيق في مطالبات الملكية الفكرية، وخاصة براءات الاختراع.
علم هندسة المعادن الجنائية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في علم هندسة المعادن الجنائية، حيث أنه في العديد من الدول الأوروبية وفى الولايات المتحدة الأمريكية يحتاج مهندسو الأدلة الجنائية إلى رخصة هندسية احترافية من كل ولاية، وفي نفس الإطار يركز هذا المجال على تحديد وتحليل العينات المعدنية المتواجدة في مواقع الجرائم أو المشتبه بها، مثل الأدلة المعدنية المرتبطة بالجرائم البيئية أو الجرائم التي تشمل استخدام المعادن في تصنيع أو تفجير القنابل - حسب أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي.
المطلب الأول: مقدمة عن علم المعادن الجنائية
في البداية – هناك 3 مطالب سوف نتناولها في علم هندسة المعادن الجنائية، المطلب الأول مقدمة عن علم المعادن الجنائية، أما في المطلب الثاني يتمثل فى تطبيقات الهندسة المعدنية الشرعية، أما في المطلب الثالث هو أهم القضايا الجنائية التي كان لعلم المعادن دور فيها، وذلك على النحو الآتي: حيث تعد هندسة المعادن الشرعية مجالًا متخصصًا ويلعب دورًا حاسمًا في التحقيقات المتعلقة بفشل المواد، ويتحمل مهندسو الطب الشرعي مسؤولية التحقيق في السبب الجذري للمواد الفاشلة في الهياكل والمكونات والآلات والمركبات والمنتجات – وفقا لـ"العزاوى".
كما أنهم يطبقون المبادئ الهندسية والأساليب العلمية لتحليل، وفهم الأسباب الكامنة وراء فشل المواد، ويمكن تقسيم عمل مهندسي المعادن الشرعيين إلى جانبين رئيسيين: التحقيق والهندسة، ولا شك بأنهم يمتلكون مهارات التحقيق التي تعتبر ضرورية لفحص الهياكل والمكونات الفاشلة بعد وقت قصير من وقوع الحادث، من خلال خبرتهم في تحديد المواد، وأبحاث المعادن والسبائك، وتحليل الفشل - ومن جهة أخرى - تلعب الهندسة المعدنية الشرعية دورًا حاسمًا في التحقيقات من خلال توفير تحليل شامل وتحديد العوامل المعدنية – الكلام لـ"العزاوى".
في ماذا يستخدم علم المعادن؟
ويُستخدم علم المعادن، الذي يتعامل مع دراسة الطبيعة الكيميائية والفيزيائية للعناصر المعدنية، في الطب الشرعي لتطبيق العلوم الهندسية في معالجة القضايا المتعلقة بفشل المواد، حيث تعتبر خبرة مهندسي المعادن الشرعيين ذات قيمة خاصة في تحديد المواد المشاركة في الفشل، وفهم خصائصها، وتحديد كيف ولماذا فشلوا، حيث إن خبرتهم المتنوعة في التحليل المعدني، والتحليل الإحصائي، وتحليل الفشل تسمح لهم بتقديم رؤى دقيقة وموثوقة للحوادث المعقدة المتعلقة بالمواد، ويعد التعاون بين مهندسي المعادن الشرعيين ومهنيي إنفاذ القانون والقانونيين أمرًا بالغ الأهمية في إجراء تحقيقات شاملة وتقديم نتائج دقيقة في الإجراءات القانونية – طبقا لأستاذ القانون الجنائى.
وغالبًا ما يعمل مهندسو المعادن الشرعيون كشهود خبراء في المحكمة، حيث يقدمون شهادات بناءً على خبرتهم ومعرفتهم الواسعة، ويمكن أن تكون خبرتهم في تحليل وتحديد المواد مفيدة في الحالات التي تنطوي على تحليل المواد النووية أو غيرها من المواد المشعة، وذلك من خلال العمل بشكل وثيق مع المتخصصين القانونيين، حيث يساهم مهندسو الطب الشرعي في تطوير قضايا قوية ومدعومة جيدًا، ويساعد نهجهم الموضوعي والعلمي على ضمان كشف الحقيقة وراء الإخفاقات المادية، مما يؤدي إلى نتائج عادلة ومنصفة.
المطلب الثاني: تطبيقات الهندسة المعدنية الشرعية
تلعب هندسة المعادن الشرعية دورًا حاسمًا في التحقيق والتحليل لمختلف حالات الفشل في الحوادث الصناعية، وعند وقوع حادث، يكون مهندسو المعادن الشرعيون مسؤولين عن إجراء تحليل الفشل من خلال الفحص المنهجي والاختبار والتحليل للمكونات والمواد الفاشلة المعنية، ومن خلال جمع المعلومات وفحص المواد الفاشلة، يمكن لهؤلاء الخبراء تحديد السبب الجذري للفشل وتقديم رؤى قيمة حول الحادث، ويعد هذا التحليل ضروريًا لتحديد أي مشكلات معدنية أو نقاط ضعف قد تكون ساهمت في وقوع الحادث، مما يسمح بإدخال تحسينات على بروتوكولات السلامة ومنع وقوع حوادث مستقبلية.
تطبيق مهم آخر للهندسة المعدنية الشرعية هو التحقيق في عيوب المنتج وفشله، فعندما يفشل منتج ما أو تظهر عليه عيوب، يتم استدعاء مهندسي المعادن الشرعيين لتحديد سبب الفشل وتحديد أي مشاكل معدنية قد تكون ساهمت في ذلك، حيث يتمتع هؤلاء الخبراء بمعرفة واسعة بعلوم المواد والعمليات المعدنية، مما يسمح لهم بتحليل المكونات والمواد الفاشلة لتحديد أي عيوب في التصنيع أو عيوب في المواد أو عيوب في التصميم، من خلال إجراء تحقيقات شاملة وتطبيق خبراتهم، يمكن لمهندسي المعادن الشرعيين تقديم رؤى قيمة حول فشل المنتج، مما يؤدي إلى تحسينات في جودة المنتج وسلامته، كما وتلعب هندسة المعادن الشرعية أيضًا دورًا مهمًا في تحليل الأعطال الهيكلية في المباني والجسور، عندما يفشل مبنى أو جسر، يتم تكليف مهندسي الطب الشرعي بالتحقيق في السبب الجذري للفشل.
إنهم يستخدمون خبراتهم في تحديد المواد، وأبحاث المعادن والسبائك، وتحليل الفشل لتحديد العوامل التي ساهمت في الفشل الهيكلي، ومن خلال إجراء عمليات تفتيش وتقييمات تفصيلية، يمكن لهؤلاء الخبراء تحديد أوجه القصور الهيكلية أو نقاط الضعف المادية أو عيوب التصميم التي ربما أدت إلى الفشل، وتعتبر هذه المعلومات ضرورية لتحسين ممارسات البناء، وضمان سلامة الهياكل المستقبلية، ومنع حدوث حالات فشل مماثلة.
المطلب الثالث: أهم القضايا الجنائية التي كان لعلم المعادن دور فيها
أولاً: القضية الأولى قضية رحلة تي دبليو إيه 800
في غضون 17 يوليو 1996 - حدث انفجار في الجو للرحلة TWA 800 في طريقها من مطار كينيدي في نيويورك إلى باريس، فرنسا، وخلص التحقيق المعدني في انفجار الرحلة TWA 800 إلى أن عطلًا ميكانيكيًا، وليس صاروخًا أو قنبلة، هو سبب الحدث الكارثي، والسبب الأكثر ترجيحًا للكارثة هو انفجار الوقود بخار الهواء القابل للاشتعال في خزان الوقود المركزي بسبب التماس كهربائي في الأسلاك، ونتيجة للتحقيق المشترك بين NTSB وFBI، تم تطوير متطلبات جديدة للطائرات التجارية لمنع انفجارات خزانات الوقود في المستقبل.
ثانياً: القضية الثانية قضية تفكك مقاتلة الجو من طراز F-15C
حيث يُعزى تحطم طائرة F-15C التابعة للحرس الوطني في ولاية ميسوري إلى فشل إجهاد أطول، مما أدى إلى إيقاف جميع طائرات F-15A/B/C/D على الصعيد الوطني.
ثالثاً: القضية الثالثة قضية الغواصات البحرية الأمريكية
حيث حكم على عالمة المعادن في ولاية واشنطن بالسجن لمدة عامين ونصف وغرامة قدرها 50 ألف دولار، بعد أن أمضت عقودا في تزوير نتائج اختبارات القوة على الفولاذ الذي كان يستخدم لصنع غواصات تابعة للبحرية الأمريكية.
إيلين ماري توماس، 67 عامًا، من أوبورن، واشنطن، كانت مديرة علم المعادن في مسبك في تاكوما كان يزود مصبوبات الفولاذ التي يستخدمها مقاولو البحرية الكهربائية ونيوبورت نيوز لبناء السفن لصنع هياكل الغواصات، ومن عام (1985م) حتى عام (2017م)، قامت توماس بتزوير نتائج اختبارات القوة والمتانة لحوالي نصف الفولاذ الذي أنتجه المسبك لصالح البحرية.
رابعاً: القضية الرابعة قضية أنبوب الوقود المكسور
تسبب أنبوب الوقود المكسور في حادث خطير عندما انسكب وقود الديزل من شاحنة على الطريق، انزلقت سيارة تتبعها وأصيب السائق بجروح خطيرة عندما اصطدمت بشاحنة قادمة، أظهر الفحص المجهري الإلكتروني أو (SEM) أن موصل النايلون قد كسر بسبب تكسير التآكل الإجهادي (SCC) بسبب تسرب صغير لحمض البطارية، النايلون عرضة للتحلل المائي عند ملامسته لحمض الكبريتيك، وكان يكفي فقط تسرب صغير للحمض لبدء صدع هش في موصل النايلون 6,6 المصبوب بالحقن بواسطة SCC، استغرق الشرخ حوالي 7 أيام لينمو عبر قطر الأنبوب، حيث أظهر سطح الكسر سطحًا هشًا بشكل أساسي مع وجود شقوق تشير إلى نمو تدريجي للشق عبر قطر الأنبوب، وبمجرد أن اخترق الشق التجويف الداخلي، بدأ الوقود يتسرب على الطريق.
يعتبر وقود الديزل خطيرًا بشكل خاص على أسطح الطرق لأنه يشكل طبقة رقيقة زيتية لا يمكن للسائقين رؤيتها بسهولة، إنه يشبه إلى حد كبير الجليد الأسود في انزلاقه، لذا فإن الانزلاق شائع عند حدوث تسرب للديزل، اعترفت شركات التأمين على سائق الشاحنة بالمسؤولية وتم تعويض السائق المصاب.
خلاصة القول:
من خلال تقديم تحليل دقيق للمعادن المتواجدة في مواقع الجرائم، يمكن لعلماء المعادن الجنائية أن يسهموا في التحقيقات الجنائية وتقديم الأدلة العلمية اللازمة لإثبات الجرائم، والتأكد من تطبيق العدالة.
