أكثر من 60 دولة، يقطنها نحو 4 مليار نسمة، تستعد لإجراء انتخابات وطنية فى عام 2024. وهذا يعنى، بحسب ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست، أن نحو نصف سكان كوكب الأرض ربما يذهبون إلى مراكز الاقتراع فيما يمكن أن يكون أكبر مشهد للديمقراطية فى التاريخ البشرى.
وربما لا يتكرر هذا العدد من الانتخابات حتى عام 2048، عندما يمكن أن يكون المشهد العالمى مختلف إلى حد كبير. وذكرت الصحيفة أن الموجة الثالثة من الديمقراطىة، والتوسع العالمى الثابث للحكومات الديمقراطية التى ظهرت خلال نهاية الحرب الباردة، قد تراجع خلال العقد الماضى، ورغم أن الانتخابات لا تزال تجرى، إلا أن الثقافة السياسية تتحول على ما يبدو فى مختلف انحاء العالم.
ومن بين كافة الانتخابات التى من المتوقع إجرائها فى عام 2024، فإنه عددا منها سيستحوذ على الاهتمام العالمى، وخاصة فى كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا إلى جانب انتخابات البرلمان الأوروبى.
الولايات المتحدة:
تقول واشنطن بوست إن هذه الدورة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستقود الاهتمام العالمى بالتأكيد. فالرئيس السابق دونالد ترامب، وبرغم كل المشكلات القانونية التى يواجهها، إلا أنه سيفوز على الأرجح بترشيح الحزب الجمهورى فى انتخابات الرئاسة، وسيواجه الرئيس جو بايدن فى سباق البيت الأبيض.
ويحظى ترامب بتأييد كبير بين الناخبين الجمهوريين، كما أن العديد من نواب حزبه إما مخلصين له بشدة أو يشعرون بالقلق البالغ من الإضرار بحظوظه السياسية بتحديه. وقد أظهر استطلاع جديد للرأى أجرته واشنطن بوست أن الناخبين الجمهوريين أن المزيد من الناخبين الجمهوريين يتعاطفون مع هؤلاء الذين اقتحموا مبنى الكابيتول فى السادس من يناير 2021، مقارنة بما كانوا عليه الحال قبل ثلاث سنوات، عندما قال نحو ثلث الأمريكيين أن فوز بايدن فى انتخابات 2020 لم يكن شرعيا، بغض النظر عن الأدلة التى تثبت عكس ذلك.
وتقول الصحيفة إن اللحظة الراهنة، التى تصفها بالسامة، لها آثار متسعة على الأمريكيين. وقد أشار تقرير لمعهد شاتام هاوس البحثى البريطانى إلى أن عملية التداول الديمقراطى والاتفاقات بين السياسيين ببناء التحالفات أصبحت أكثر صعوبة، وهو ما أسفر عن فشل حتى الآن فى الجهود المبذولة للحد من التفاوت فى الدخل. وتشير البيانات فى الولايات المتأرجحة إلى أن هذا أسوأ من قبل، وفقا لاستطلاع حديث عن تمويلات المستهلك أجراه الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى. وهذا هو السياق التى تجرى فيه انتخابات 2024.
بريطانيا
سيتوجه البريطانيون أيضا هذا العام إلى مراكز الاقتراع، ربما فى مايو أو وفى وقت مبكر، للتصويت على ما إذا كانوا سيواصلون منح مزيد من الفرص للمحافظين بعد سنوات من التخبط والفوضى السياسية منذ إقرار بريكست، أما أن العمال سيعود لداوننج ستريت بعد سنوات من الغياب. وتشير استطلاعات الرأى حتى الآن إلى تقدم كبير للمعارضة. وقد أظهر استطلاع رأى حديث، نشرتخ صحيفة إندبندنت، أن زعيم العمال كير ستارمر هو القائد الأكثر شعبية فى 390 مقعد فى إنجلترا وويلز واسكتلندا، بينما كان سوناك الخيار الأول للناخبين فى أربع مقاعد.
ويتقدم ستارمر على سوناك حتى فى الدائرة الانتخابية الخاصة برئيس الوزراء فى نورث يورك شاير فى ريتشموند، فى سلسلة من النتائج المحبطة للمحافظين.
روسيا
على الرغم من استمرار الحرب مع أوكرانيا، وعدم وجود مؤشرات على قرب اقترابها، فإن روسيا ماضية فى إجراء الانتخابات الرئاسية فى مارس المقبل. ويخوض الرئيس فلاديمير بوتين هذه الانتخابات بعد إقرار تعديلات دستورية عام 2020، والتى تسمح له بالترشح لفترتين رئاسيتين، مدة كل منهما 6 سنوات، بعد انتهاء فترته الحالية.
أوروبا
تقول واشنطن بوست إن هناك حالة مشابهة من الأزمة التى تشهده الولايات المتحدة تجتاح السياسات الأوروبية، فاستحواذ اليمين المتشدد الثابت على قلب المشهد السياسى، والذى أشعله غضب الرأى العام من الهجرة والجمود الاقتصادى، ربما يشهد لحظة التتويج فى الانتخابات البرلمانية للاتحاد الأوروبى المقررة فى يونيو المقبل.
وكتب جون كامفنر فى مجلة فورين بوليسى يقول إنه من الممكن جدا أن تخرج القوى المتعددة لليمين المتشدد باعتبارها أكبر كتلة فى تلك الانتخابات. ولن يؤدى هذا إلى تغيير فقط فى تركيبة المفوضية الأوروبية، ولكن هذا الصعودا لمتطرف سيغير الديناميكيات العامة عبر أوروبا.