في الوقت الذى تحترق فيه غزة بنيران الاحتلال الإسرائيلي تعانى الضفة الغربية من خطة ممنهجة تقوم بها الدولة الصهيونية لمصادرة الأراضى وتهجير الفلسطينيين قسرا، فضلا عن حملة إعتقالات واعدامات خارج إطار القانون، مما يؤكد أن إسرائيل لا تحارب حماس بل تسعى إلى إبادة الشعب الفلسطيني.
الانتهاكات الإسرائيلية رصدها مركز المعلومات الاسرائيلى لحقوق الانسان في الأراضى المحتلة "بتسليم"، وقالت المؤسسة أنه منذ أن بدأت الحرب في قطاع غزّة تُواصل إسرائيل تطبيق سياسة إطلاق نار فتّاكة في الضفة الغربيّة، في شهر أكتوبر وحده، خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الحرب، قُتل نتيجة لتطبيق هذه السّياسة 115 فلسطينيّاً على الأقلّ، بضمنهم 37 تحت سنّ الـ18 عاماً.
ولفتت المؤسسة إلى أن هذا العدد هائل حتى بالمقارنة مع أشهر الانتفاضة الثانية، التي شهدت مواجهات واسعة بين فلسطينيّين وجنود إسرائيليّين، ورغم أنّ الجيش طبّق آنذاك سياسة إطلاق نار فتّاكة ومخالفة للقانون، إلا أن عدد القتلى في معظم أشهُر الانتفاضة لم يتجاوز الـ30، وكان في معظمها أقلّ من ذلك بكثير. فقط خلال "حملة السّور الواقي" التي استمرّت شهرين في العام 2002 قُتل عدد أكبر من الفلسطينيّين خلال شهر واحد: 134 خلال شهر مارس، و208 خلال شهر إبريل.
وأوضح تقرير المنظمة المعطيات تدل على أن أكثر من نصف القتلى في الأسابيع الثلاثة المذكورة لم يشكّلوا خطراً من أيّ نوع كان؛ ورغم ذلك قُتلوا رمياً بالرصاص، صحيح أنّ تعليمات إطلاق النار تسمح بإطلاق النار بهدف القتل فقط حين يشكّل الشخص خطراً داهماً ومحقّقاً على الحياة، وحتى في هذه الحالة يُسمح بذلك فقط إذا لم تتوفّر أيّة وسيلة أخرى غير فتّاكة لدرء ذلك الخطر.
مخالفة التعليمات لا تتأتّى بالضرورة كنتيجة لمبادرة فرديّة من هذا الجنديّ أو ذاك الشرطيّ، إذ هناك ضبّاط كبار يصدرون أوامر للقوّات في الميدان تخالف التعليمات الرسميّة أو تتمادى في تأويل الحالات التي يُسمح فيها بإطلاق النار - ضمن ذلك عبر تأويل معنى "الخطر على الحياة" الذي يبرّر إطلاق النار بهدف القتل، لينطبق على نطاق أكبر من الحالات.
وأضاف تقرير المؤسسة، أنه إضافة إلى دعم الضبّاط في الميدان، تحظى القوّات أيضاً بحماية شاملة من قبَل منظومة إنفاذ القانون إذ ترتأي هذه لنفسها أن تعمل كمنظومة لطمس الحقائق لا كمنظومة لكشف الحقائق بهدف اتّخاذ خطوات ضدّ المتورّطين في مخالفة التعليمات، في معظم الحالات يُغلق التحقيق دون أيّ إجراء ودون اتّخاذ خطوات أيّاً كانت ضدّ المتورّطين، نتيجة لذلك لا يُقدّم أحد لمُحاكمة جرّاء التسبّب بمقتل فلسطينيّين.
وتؤكد المنظمة أن هذه السّياسة - التي تطبّق بدعم تامّ من المنظومات السياسيّة والعسكريّة والقضائيّة - تعكس عُمق استهتار إسرائيل بحياة الفلسطينيّين وسلامة أجسادهم. هذه السّياسة، التي تطبّقها إسرائيل منذ سنين طويلة، هي لبنة أساسيّة وضروريّة لتمكين إسرائيل من الاستمرار في سيطرتها العنيفة على ملايين الفلسطينيّين.
قال مسؤول فلسطيني، اليوم الاثنين، إن عمليات مصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية تضاعفت في عام 2023، مقارنةً بالعام السابق.
وأضاف مؤيد شعبان، رئيس هيئة مكافحة الجدار والاستيطان في السلطة الفلسطينية، "خلال العام 2023 صادرت سلطات الاحتلال ما مجموعه 50524 دونما تحت مسميات مختلفة، إعلان محميات طبيعية، أوامر استملاك، أوامر وضع يد مقارنة مع حوالي 24 ألف دونم في عام 2022".
وأوضح شعبان "لقد شكلت الإجراءات الاستعمارية لدولة الاحتلال في عام 2023، وعلى كافة الأصعدة، منعطفاً خطيراً على المستويات التشريعية والعملياتية التنفيذية على الأرض".
وقال: "أدى إرهاب المستعمرين إلى تهجير 25 تجمعاً بدوياً فلسطينياً، 22 تجمعاً بدوياً منها جرى ترحيلها بُعيد الحرب" الإسرائيلية على قطاع غزة، وأضاف "تتكون هذه التجمعات من 266 عائلة اشتملت على 1517 فرداً جرى ترحيلهم من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى، تركز معظمها شرق رام الله في السفوح الشرقية تحديداً والأغوار".
واستعرض شعبان جملة من الإحصائيات المتعلقة بعمليات الهدم ومصار المعدات وقطع الأشجار وهجمات المستوطنين، ويحظى المستوطنون بدعم الحكومة الاسرائيلية اليمنية برئاسة بنيامين نتنياهو.
وقال شعبان: "بلغ عدد المستعمرين في مستعمرات الضفة الغربية بما فيها القدس ما مجموعه 730330 مستعمراً، موزعين على 180 مستعمرة، و194 بؤرة استعمارية منها 93 بؤرة رعوية".
وأضاف: "في مجمل العام 2023 تم إقامة 18 بؤرة استيطانية جديدة، ثمانية منها أقيمت بعيد السابع من أكتوبر، أخذت 14 منها شكل بؤر رعوية في محافظات أريحا وطوباس وسلفيت ورام الله ونابلس وأربعة منها أخذت شكل البؤرة السكنية، أقامها مستعمرون على أراض قرى محافظات نابلس وأريحا وطولكرم".
حذّرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، الثلاثاء، من نتائج الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي وميليشيات المستوطنين، ضد المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وتداعياتها الخطيرة التي باتت تهدد بتفجير الأوضاع ودفعها إلى دوامة من العنف يصعب السيطرة عليها.
وأشارت الوزارة، في بيان صحفي، إلى التصعيد الإسرائيلي الحاصل في الإجراءات أحادية الجانب غير القانونية التي تفرضها على الضفة الغربية، في مُحاولة لحسم مُستقبلها السياسي من جانب واحد وبقوة الاحتلال، وفي مُقدمة ذلك تعميق الاستيطان وسرقة المزيد من أراضي المواطنين الفلسطينيين، وتعميق فصل القدس عن مُحيطها الفلسطيني ومحاولات استكمال حلقات تهويدها، بما في ذلك جرائم التطهير العرقي وتهويد مقدساتها.
ولفتت الوزارة إلى التقييدات والضغوطات والإجراءات التنكيلية والقمعية التي ترتكبها قوات الاحتلال وفي مقدمتها الإعدامات الميدانية غير المسبوقة التي باتت تسيطر على مشهد حياة الفلسطينيين، واجتياح كامل مناطق الضفة الغربية وإعادة احتلالها من جديد ومحاولة نسخ الدمار الذي ترتكبه في قطاع غزة على الضفة الغربية خاصة مخيماتها.