لم يعد هناك خطوط حمراء لدى دولة الاحتلال، فبعد قتلها أكثر من 25 ألف مدنى في قطاع غزة أصبح أي شيء متوقع عنها، وها هو رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو يخرج ويتحدى العالم الدولى ويعلن رفض إقامة دولة فلسطينية، فبعد أن قتل وشرد الأطفال والنساء أعلن رفضه حقهم في الأرض الذى يعترف به العالم الدولى.
وقال نتنياهو، أنه رفض طلب الرئيس الأمريكى جو بايدن المتكرر بالتعايش مستقبلاً بين إسرائيل ودولة فلسطينية، قائلاً: "يجب أن يكون لإسرائيل السيطرة الأمنية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن، هذا شرط ضروري وهو ما يتعارض مع فكرة السيادة (الفلسطينية)"، وقال إنه عبر عن ذلك مباشرة للأمريكيين، لافتا إلى أن إسرائيل يجب أن "تتأكد من أن غزة لن تشكل تهديداً بعد الآن"، معتبراً أن هذا الشرط "يتعارض مع مطلب السيادة الفلسطينية".
وحل الدولتين هو حل مقترح للصراع العربي الإسرائيلي يقوم على تراجع العرب عن مطلب تحرير كامل فلسطين وعن حل الدولة الواحدة، ويقوم هذا الحل على أساس دولتين في فلسطين التاريخية تعيشان جنبا إلى جنب، هما دولة فلسطين إلى جانب إسرائيل، وهو ما تم إقراره في قرار مجلس الأمن 242 بعد حرب 1967 وسيطرة إسرائيل على باقي أراضي فلسطين التاريخية، وتؤيد كل من الولايات المتحدة وأوروبا والدول الأعضاء بالأمم المتحدة حل الدولتين.
واعتمد بعض الفلسطينيين هذه المبادئ في عام 1974 بالبرنامج المرحلي للمجلس الوطني الفلسطيني، وأصبحت فيما بعد مرجعية المفاوضات في اتفاق أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، والقرار الأممي رقم 242 والذي ينص على: "إقرار مبادئ سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط القرار، حيث إن مجلس الأمن إذ يعرب عن قلقه المتواصل بشأن الوضع الخطر في الشرق الأوسط وإذ يؤكد عدم القبول بالاستيلاء علي اراض بواسطة الحرب. والحاجة إلى العمل من أجل سلام دائم وعادل تستطيع كل دولة في المنطقة أن تعيش فيه بأمن وإذ يؤكد أيضاً أن جميع الدول الأعضاء بقبولها ميثاق الأمم المتحدة قد التزمت بالعمل وفقاً للمادة 2 من الميثاق".
تصريحات نتنياهو التى تأتى كتحدى كبير للمجتمع الدولى أثارت عاصفة انتقادات دولية وأممية واسعة ضد نتنياهو، فيما عبّر مشرعون في الكونجرس الأمريكى عن شكوكهم في قدرته على قيادة البلاد. وأثارت تصريحات نتنياهو عاصفة انتقادات فورية وقوية في البيت الأبيض، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض جون كيربي: "من الواضح أننا نرى الأمر بشكل مختلف".
وقال كيربي إن الرئيس جو بايدن "لن يتوقف عن العمل" من أجل فرض حل الدولتين، فيما قال مسؤولون أمريكيون لشبكة "سي إن إن"، إنهم لن يسمحوا لرفض نتنياهو لإقامة دولة فلسطينية، بأن يمنعهم عن الضغط بشأن هذه القضية، في لقاءاتهم مع المسؤولين الإسرائيليين.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن، إن نتنياهو تراجع عن تصريحات متشددة من قبل، وأن تصريحاته هذه "ليست الكلمة النهائية في الموضوع بالضرورة"، كما عبّر كبار الداعمين لإسرائيل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونجرس الأمريكى، عن شكوكهم في قدرة نتنياهو على قيادة البلاد.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إن رفض قبول حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين، وإنكار حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة، "أمر غير مقبول"، وأضاف في تغريدة عبر حسابه على منصة التواصل الاجتماعي "إكس": "يجب أن يعترف الجميع بحق الشعب الفلسطيني في بناء دولته".
أما بريطانيا والتى تدعم بشدة إسرائيل منذ بدء الهجمات فى 7 أكتوبر رفضت كسر قاعدة حل الدولتين، واعتبر وزير الدفاع البريطاني جرانت شابس، أن تصريحات نتنياهو الرافضة لأي "سيادة فلسطينية" في مرحلة ما بعد حرب غزة، "مخيّبة للأمل"، لافتا إلى أنه بالنسبة إلى بريطانيا "لا خيار سوى" حلّ الدولتين لتسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
فيما أعلن وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، أن "للفلسطينيين الحق في السيادة، وفي إنشاء دولة"، وقال سيجورنيه في تغريدة عبر منصة "إكس" إن "فرنسا ستبقى وفية لالتزامها من أجل بلوغ هذا الهدف".
وقال ممثل الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، جوزيب بوريل، الاثنين، إن معارضة الحكومة الإسرائيلية حل الدولتين "غير مقبولة"، وأضاف جوزيب بوريل للصحفيين، قبل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط في بروكسل، أن إسرائيل لا يمكنها أن تتوقع من الدول التخلي عن هذه القضية.
وأوضح بوريل: "من غير المقبول (لإسرائيل) أن تقول إنها لا تريد هذا الحل"، مضيفا أن "المجتمع الدولي بأسره يدعمه (حل الدولتين)"، وداءت التصريحات فى وقت يتواجد فيه وزير الخارجية الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، في بروكسل مع نظيره في السلطة الوطنية الفلسطينية، للمشاركة في اجتماع الاتحاد الأوروبي.
وتساءل بوريل أيضا عما إذا كان بإمكان إسرائيل تقديم بديل لحل الدولتين، وقال: "ما هي الحلول الأخرى التي يفكرون فيها؟"، وأردف جوزيب بوريل أن حل الدولتين مع دولة فلسطينية مستقلة هو الهدف النهائي للكتلة الأوروبية المكونة من 27 دولة، وقال: "إذا كنا جادين في ذلك، علينا أن نبدأ بالأسباب الأساسية التي تمنع تنفيذ هذا الحل".