جاء إعلان مجلس أمناء الحوار الوطنى لاستئناف أعمال الجلسات للمرحلة الثانية استجابة لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى بالتركيز على تناول عميق وشامل للأوضاع الراهنة للاقتصاد المصري، للتوصل إلى توصيات وإجراءات محددة ومفصلة، يتم رفعها عاجلا لرئيس الجمهورية، بهدف التعامل الفعال مع التحديات الحالية، على أن يتم إفراد الفترة الأولى من الجلسات لتلك القضايا، والمنتظر أن تكون وثيقة "أبرز الوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى خلال الفترة "2024 - 2030"، إحدى الأوراق الرئيسية على طاولة المناقشات.
وأكد سياسيون وخبراء، فى تصريحات خاصة، أن إجراء حوار اقتصادى يأتى انطلاقاً وتأسيساً على نجاح المرحلة الأولى من الحوار الوطنى المصري، والذى سيتيح فتح مزيد من الآفاق نحو الحلول الجادة ومناقشة وتبادل وجهات النظر المختلفة بشأن التحديات الاقتصادية، خاصة وأن القيادة السياسية تعوّل على تلك المنصة فى أن تجرى حوار تفاعلى جاد، ينتهى إلى توصيات ومقترحات عملية قابلة للتطبيق الفعلي، طبقا للظروف المناسبة والإمكانات الحالية.
وأثنى النائب مصطفى سالم وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب على استجابة مجلس أمناء الحوار الوطنى لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن الحوار الاقتصادى وإفراد الفترة الأولى من المرحلة الثانية لقضايا المحور، قائلا "فكرة الحوار فى حد ذاتها تتيح فتح الآفاق لمزيد من الحلول الجادة ومناقشة وتبادل وجهات النظر المختلفة، ووضع مشاكل الدولة أمام المواطنين لتقديم رؤى حقيقية ومن الواقع الفعلي"
وأشار "سالم" إلى أن الدولة تساند المواطن وتهتم ببرامج الحماية الاجتماعية حتى تمتص ولو جزء من تداعيات التضخم ولكن الارتفاع المتتالى فى التضخم السنوى وزيادة المخاطر الاقتصادية يلتهم هذه الجهود المبذولة من الدولة، موضحا أن إشادة الرئيس بقوة ووعى الشعب المصرى فى تحمل الضغوط هى رهان جديد على مواقف الشعب المصرى العظيم الذى يعلم جيدا ان استقرار وأمن مصر قبل أى شيء .
وقال وكيل لجنة الخطة إن الدولة المصرية تمر بتحديات اقتصادية تتطلب تضافر جميع الجهود، وتعظيم الاستفادة من الخبرات الوطنية من أجل صياغة استراتيجية اقتصادية تعبر بمصر إلى الجمهورية الجديدة واستكمال مسيرة البناء والتنمية التى خاضتها الدولة منذ سنوات عديدة.
وأشار "سالم"، إلى أن مصر قادرة على مواجهة التحديات وعبور الأزمات والتاريخ شاهد على ذلك، مطالبا بضرورة التوسع فى عدد الخبراء والمتخصصين الاقتصاديين المشاركين فى الحوار ودعوة جميع الاتحادات والغرف والكيانات الممثلة لكافة المناحى المرتبطة بالاقتصاد من تجارة وصناعة وخلافه.
كما أضاف "سالم" أنه لابد من إتاحة فرصة أكبر فى مساحات الوقت للمشاركين فى الحوار للإدلاء بوجهة نظرهم كاملة وزيادة عدد الاجتماعات والجلسات المتعلقة بذلك، مع الحرص على أن يكون جانب الخبراء والأكاديميين والمتخصصين الاقتصاديين هو المكون الرئيسى فى الحوار وليس الجانب السياسى والحزبى.
ومن جانبه، قال إسماعيل الشرقاوي، مقرر مساعد لجنة الزراعة بالحوار الوطنى إن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى لحوار اقتصادى أعمق هو نوع من المصارحة والمكاشفة مع الشعب المصري، مشيرا إلى أن الشأن الاقتصادى لابد وأن يكون له الصدارة الآن على مائدة الحوار بمشاركة جميع الأطراف المعنية فى صناعة السياسات الاقتصادية وجميع طوائف الشعب المصري.
وأوضح أن ملفات المحور الاقتصادى أصبحت قضية الجميع، مما سيتيح فرص أكبر للتعامل مع التحديات الاقتصادية الراهنة من خلال حلول غير تقليدية، مشيرا إلى أن الدعوة جاءت فى توقيت هام للغاية فى ظل التحديات التى يمر بها العالم والتى تتطلب تضافر الجميع من أجل صياغة استراتيجية اقتصادية تعبر عن الجمهورية الجديدة.
وأشار مقرر مساعد لجنة الزراعة بالحوار الوطني، إلى أن مصر تمتلك الكثير من الخبرات فى القطاعات الاقتصادية بما لديهم من حلول آليات تنفيذ بعيدا عن فكرة التنظير، موضحا أن الفترة القادمة تتطلب خارطة وهوية اقتصادية واضحة فنحن فى أمس الحاجة إلى حوار جاد يتضمن أطياف مختلفة من مدارس اقتصادية للخروج بتوصيات واقعية قابلة للتنفيذ على الأرض كذلك يجب أن يشارك المواطن المصرى فى هذا الحوار ليكون أكثر إطلاعا على الأوضاع الاقتصادية وتفهم طبيعة التحديات وحتى لا يكون فريسة لأعداء الوطن من خلال بث الشائعات.
وأوضح أن لجنة الزراعة والأمن الغذائى تسعى خلال المرحلة الثانية لاستكمال مناقشتها فيما يخص التعاونيات الزراعية ودعم الفلاح المصري، إلى جانب قضايا جذب المستثمر للقطاع الزراعى وتقليل الفاتورة الاستيرادية لجميع المدخلات الزراعية وغيرها.
ويؤكد الدكتور مصطفى أبوزيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، على أهمية دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى لإجراء حوار اقتصادى شامل، مشيرا إلى أن الدعوة تأتى فى توقيت دقيق نظرا للمتغيرات الاقتصادية الحالية التى يمر بها الاقتصاد المصرى فيما يتعلق بارتفاع معدل التضخم ونقص السيولة الدولارية واتساع نشاط السوق الموازية.
وقال "أبوزيد"، في تصريحات خاصة، إن الدعوة بالأساس هى دعوة تخصصية للخبراء والمتخصصين فى الشأن الاقتصادى والذى شرفت ان أكون أحد المساهمين فى المشروع البحثى الذى خرج عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء والذى تبلور عنه وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى خلال الست سنوات المقبلة والتى نعمل عليها حاليا للخروج بتوصيات تنفيذية نستطيع صياغتها فيما بعد إلى سياسة اقتصادية مالية أو نقدية تساهم فى معالجة الوضع الحالى على المدى المتوسط والبعيد.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن هذا ما يميز هذا الحوار الاقتصادى الذى دعا إليه الرئيس عن الحوار الوطنى القائم والذى يخاطب للمعنيين بالاقتصاد أما الحوار الوطنى فهو متاح لجميع الأطراف السياسية والمجتمعية وكافة شرائح المجتمع فى الإدلاء بآرائهم بغض النظر عن ما يمكن تطبيقه من عدمه.
فيما قال الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لحوار وطنى اقتصادي، تأتى انطلاقاً وتأسيساً على نجاح المرحلة الأولى من الحوار الوطنى المصرى فى خلق حالة ناجحة من التآلف السياسى والاقتصادى والمجتمعى بين مختلف القوى السياسية بمختلف انتماءاتهم وأيدلوجياتها ، وكذلك التوافق بين الخبراء الاقتصاديين والمختصين حول متطلبات المرحلة الحالية وتطلعات الشعب المصرى خلال المرحلة المقبلة، وهو أمر حاز على رضاء شعبى خاصةً بعد إعلان الرئيس السيسى والحكومة المصرية عن خروج بعض من توصيات ومخرجات اللجان المختلفة بالمحور السياسى والاقتصادى والمجتمعى لحيز التنفيذ .
وأضاف "عادل" فى تصريحات خاصة، أن الدعوة لحوار وطنى اقتصادي، تُعد استجابة من الرئيس لضرورة مُلحة فى ظل تحديات وتقلبات اقتصادية عالمية وأيضاً سياسات مالية ونقدية واستثمارية أصبحت فى حاجة إلى إعادة النظر فيها وتغييرها ووضع سبل للخروج من الأزمة الاقتصادية الداخلية حالياً وعلى رأسها الأزمة المزمنة المتمثلة فى الفجوة بين سعر الصرف فى السوق الرسمى والسوق الموازى، والتى تسببت بصورة مباشرة فى ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية وارتفاع معدل التضخم وتراجع معدلات الاستثمار والإنتاج .
وأشار الخبير الاقتصادى إلى تزامن تلك الدعوة مع طرح مجلس الوزراء المصرى وثيقة التوجيهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى ٢٠٢٤ - ٢٠٣٠ مما يجعل الدعوة لحوار وطنى اقتصادى مجتمعى يجمع بين واضعى السياسات وصانعى القرار من الحكومة المصرية والخبراء الاقتصاديين والمختصين فرصة حقيقية لمناقشة المستهدفات الاقتصادية والتنموية ومعالجة أية أوجه قصور أو استيضاح أى نقاط أو آليات تنفيذ غير واضحة بها، مما يضمن نجاح تنفيذ وتحقق ما ورد بها، وهو ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المصرى، خاصةً فى مثل هذا التوقيت الذى أصبح فيه تحقيق الأمن الصناعى والغذائى هو السبيل الوحيد لمعالجة المشكلات والخروج من الأزمات .
وأوضح أن أهم ما يميز هذا الحوار عن الحوار الوطنى فى المرحلة الأولى منه، هو أنه سيكون أكثر تخصصاً وتعمقاً فى الشأن الاقتصادى وسيركز على وضع الحلول وآليات التنفيذ دون الخوض فى المشكلات التى أصبحت معلومة للجميع، وهذا ما أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته ودعوته لذلك الحوار .
تجدر الإشارة إلى أن مجلس الأمناء حدد مدة أسبوعين تنتهى فى 11 فبراير لتلقى تصورات مكتوبة من الكيانات والأفراد، للأمانة الفنية للحوار عبر نفس وسائل الاتصال الثابتة، على أن تكون محددة ومفصلة لمختلف قضايا وتحديات الاقتصاد المصرى الراهنة.