>>قصف "رفح الفلسطينية" يكشف زيف ادعاءات إسرائيل بالتزامها بـ"كامب ديفيد"
>>القاهرة أوضحت لتل أبيب، رفضها توسيع القتال إلى رفح والاستيلاء على محور فيلادلفيا
>>قصف إسرائيل لمدينة رفح يمثل انتهاكاً صارخاً لعدة اتفاقيات ومواثيق دولية
>>لمصر الحق في تعليق أو إلغاء اتفاقية السلام بسبب انتهاكات إسرائيل
>>على مصر إعادة النظر في اتفاقية السلام أو الانسحاب منها
>>هجوم رفح خرق صارخ للمناطق محدودة التسليح في اتفاقية السلام
>>قصف رفح كشف زيف ادعاءات إسرائيل بالتزامها بـ"كامب ديفيد"
>>قصف رفح كشف عدم التزام إسرائيل بالملاحق الأمنية لاتفاقية السلام
>>قصف رفح فضح عدم جدية إسرائيل في التزاماتها تجاه مصر
تصريحات تصدر من هنا وأخرى من هناك حول الوضع في رفح الفلسطينية وإعداد الكيان الإسرائيلي المحتل لعملية عسكرية كبيرة في تلك المنطقة الحدودية مع الجانب المصرى، وذلك في إطار شن الحرب على غزة، وتبرير حكومة نتنياهو موقفها بأن عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر جاءت بعلم من الجانب المصرى، للتوالى التصريحات العدائية ضد القاهرة، وهو الأمر الذى نفته مصر مرارا وتكرارا مؤكدة أن مجرد التفكير في تهجير سكان القطاع داخل سيناء بمثابة تهديد بنقض معاهدة السلام بين البلدين.
تلك التصريحات العدائية من الجانب الإسرائيلي ضد مصر ليست بالجديدة، فمنذ بدء الحرب على غزة والكذب مستمر في إسرائيل حكومة وإعلاما كان أخرها التنسيق الأمنى حول "محور فيلادلفيا"، وهو الأمر الذى نفته مصر جملة وتفصيلا، وذلك في الوقت الذى ذكرت فيه صحف إسرائيلية أن "تل أبيب تدرس إجلاء سكان رفح إلى شمال القطاع قبل هجوم محتمل على المدينة، وأن هذه الخطوة لن تتم قبل مارس (آذار) المقبل"، وإن "مصر وجهت أخيراً رسائل قوية لإسرائيل مفادها أن عبور اللاجئين الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، سيعرض اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل للخطر، وأن القاهرة لا توافق على ذلك".
قصف "رفح الفلسطينية" يكشف زيف ادعاءات إسرائيل بالتزامها بـ"كامب ديفيد"
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على رأى القانون الدولى والمواثيق الدولية في قصف إسرائيل لمدينة رفح، والسيناريوهات المحتملة حال شن عملية موسعة داخل رفح الفلسطينية، مما يؤدى بالضغط على سكان القطاع لإنفاذ عملية التهجير القسرى، وهل يحق لمصر قانونا تعليق أو إلغاء اتفاقية السلام بسبب انتهاكات إسرائيل وإعادة النظر في اتفاقية السلام أو الانسحاب منها؟ وماذا يعنى قصف رفح بالنسبة للجانب المصرى، وغيرها من الأسئلة التي تكشف إجاباتها زيف إسرائيل وعدم جديتها في التزاماتها تجاه مصر، الأمر الذى يهدد عملية السلام بين البلدين – بحسب الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام.
في البداية - انتهاكات إسرائيل المستمرة للقانون الدولي ولالتزامها ببنود اتفاقية السلام الموقعة مع مصر عام 1979، وقصفها لمدينة رفح الفلسطينية، فلطالما ادعت إسرائيل التزامها التام بالبنود الأمنية الواردة في ملاحق اتفاقية كامب ديفيد، ومن بينها إنشاء مناطق محدودة التسليح على الحدود بين البلدين، غير أن هجومها الأخير على رفح يُعد انتهاكًا صريحًا لتلك المناطق، حيث كان من المفترض أن تلتزم إسرائيل بعدم نشر قوات عسكرية أو مدفعية ثقيلة على طول الحدود مع مصر بموجب الملاحق الأمنية، لكن قصف رفح من الأراضي الإسرائيلية يؤكد أنها لا تلتزم بتلك البنود أصلًا – وفقا لـ"مهران".
القاهرة أوضحت لتل أبيب رفضها توسيع القتال إلى رفح والاستيلاء على محور فيلادلفيا
وفى الحقيقة استمرار إسرائيل في انتهاك بنود اتفاقية السلام يعطي الحق لمصر وفقاً لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 بتعليق العمل بالاتفاقية أو الانسحاب منها، خاصة وأن المادة 60 من الاتفاقية التي تنص على أنه: "يجوز تعليق تنفيذ معاهدة أو الانسحاب منها إذا طرأ (تغيير جوهري) على الظروف التي أُبرمت المعاهدة في ظلها، كما أن المادة 62 من الاتفاقية الاخيرة أكدت حق أي طرف في الانسحاب من المعاهدة بسبب "خرق جوهري" من جانب طرف آخر يؤثر على موضوع المعاهدة وغرضها، حيث أنه من حق مصر - وفقاً لقانون المعاهدات - تعليق العمل باتفاقية السلام مع إسرائيل أو الخروج منها احتجاجاً على انتهاكاتها المستمرة – الكلام لـ"مهران".
وهنا نحذر من أن الهدف الحقيقي وراء استمرار إسرائيل في انتهاك بنود اتفاقية السلام مع مصر وشن الهجمات على قطاع غزة، هو محاولة دفع سكان غزة للهجرة قسريا من أراضيهم إلي سيناء تمهيدًا لضم هذه المناطق إلى إسرائيل، إلا أن ذلك يمثل اعتداء على السيادة المصرية في سيناء، ما يستدعي إعادة النظر الجذرية في علاقتها مع إسرائيل، والأحداث الأخيرة أثبتت أن إسرائيل تتلاعب بنصوص اتفاقية السلام متى ما اقتضت مصالحها ذلك، ما يستدعي إعادة النظر في هذه الاتفاقية وفتح باب الحوار مع الجانب الإسرائيلي لضمان التزامه الفعلي بكل البنود والملاحق، أبرزها صيانة المناطق محدودة التسليح واحترام القانون الدولي أو الانسحاب منها – طبقا للخبير المتخصص في القانون الدولى.
قصف إسرائيل لمدينة رفح يمثل انتهاكاً صارخاً لعدة اتفاقيات ومواثيق دولية
إسرائيل بشكل واضح ومفضوح للعيان انتهكت ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي لحقوق الإنسان بشكل عام، الذي يحظر المساس بحياة وسلامة الأفراد خلال النزاعات المسلحة، ويرفض ويجرم ما يحدث من هجوم على مناطق مدنية مأهولة بالسكان، ومن أبرز الاتفاقيات التي انتهكتها إسرائيل بهجومها على رفح اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكولاتها الإضافية، وخاصة الاتفاقية الاخيرة الخاصة بحماية المدنيين في وقت الحرب، حيث تحظر المادة 3 منها الاعتداء على الأرواح والأعيان المدنية – هكذا يقول "مهران".
وعمليات قصف المناطق السكنية يشكل انتهاكاً للبروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف، الذي يؤكد على حظر استهداف المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال، كما أن الهجوم على رفح ينتهك أيضاً اتفاقية حقوق الطفل التي تلزم إسرائيل بتوفير الحماية للأطفال الفلسطينيين أثناء النزاعات المسلحة، والهجوم الإسرائيلي على رفح يشكل انتهاكاً صارخاً لاتفاقية كامب ديفيد وملاحقها التي تؤكد الالتزام بعدم استخدام القوة ضد المدنيين، كما أن اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979 وملاحقها الأمنية تنص في المادة الرابعة على التزام الطرفين باحترام سيادة وسلامة أراضي كل منهما وعدم اللجوء إلى القوة المسلحة أو التهديد باستخدامها، كما نصت الاتفاقية في الملحق الأمني الأول على احترام كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية في الأراضي المحتلة.
لمصر الحق في تعليق أو إلغاء اتفاقية السلام بسبب انتهاكات إسرائيل
وما تقوم به إسرائيل من استهداف ممنهج للمدنيين في رفح ينتهك بوضوح نصوص وروح اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، التي كان من المفترض أن تضع حدًا للصراع، وبذلك فإن اسرائيل انتهكت كل ما جاء بالاتفاقية وبديباجتها التي شددت علي انها لا تقصد السلام بين مصر واسرائيل فقط وإنما بين أي من جيرانها العرب، ولقد نصت المادة الأولى من اتفاقية كامب ديفيد على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية في إطار الاتفاقية، إلا أن إسرائيل انتهكت هذا النص بشكل صارخ من خلال استهدافها للمدنيين في رفح، هذا بالإضافة إلي الفقرة الثانية من المادة الاولي التي تحدثت عن التزامها بسحب القوات الإسرائيلية والمدنيين إلى ما وراء خطوط الرابع من يونيو 1967م – بحسب "مهران".
والمادة الثانية من اتفاقية كامب ديفيد نصت على الالتزام بعدم اللجوء إلى التهديد أو استخدام القوة ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لكلا الطرفين، كما أن قيام إسرائيل بشن هجمات على الأراضي الفلسطينية بما فيها مدينة رفح، ينتهك هذا النص صراحةً، إذ أنه يمثل استخداماً للقوة والعنف المسلح ضد أراضي الجانب الفلسطيني واستقلاله وما يهدد السيادة المصرية، والمادة الرابعة تضمنت أيضًا إنشاء مناطق محددة التسليح على جانبي الحدود بين مصر وإسرائيل، لكن إسرائيل تعمدت نقض هذا البند من خلال قصفها لمدينة رفح، أما فيما يتعلق بتسوية النزاعات بين الطرفين وفقا للمادة السابعة من الاتفاقية فقد أشار "مهران" إلي أن الاتفاقية نصت على أن أي نزاع بشأن تفسير الاتفاقية أو تطبيقها يتم حله عبر التفاوض ثم التوفيق الدولي ثم التحكيم.
على مصر إعادة النظر في اتفاقية السلام أو الانسحاب منها
ونستدل علي ذلك باتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، التي أكدت علي أحقية أي طرف في معاهدة دولية أن ينسحب منها أو يعلق العمل بها، شريطة إشعار باقي الأطراف الموقعة على الاتفاقية، وذلك في حالات محدده، كما أن المادة 65 من تلك الاتفاقية الاخيرة نصت على أنه يحق لأي طرف الانسحاب إذا حدث "خرق جوهري" من طرف آخر يؤثر على موضوع المعاهدة وغرضها برمته، وبالتالي وفقا لـ"مهران"، يحق لمصر قانونيًا إشعار إسرائيل والولايات المتحدة بنيتها في الانسحاب من اتفاقية كامب ديفيد، باعتبار أن انتهاكات إسرائيل المتكررة تشكل "خرقاً جوهرياً" للاتفاقية يبيح الانسحاب منها وفقاً للمادة 65، محذرا من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيجعل من اتفاقية السلام حبرًا على ورق، وسيدفع مصر لاتخاذ إجراءات جادة لحماية مصالحها ومصالح الشعب الفلسطيني، بما في ذلك إمكانية الانسحاب من الاتفاقية مع إسرائيل.
وعلى الجانب المصرى اتخاذ موقف حازم تجاه هذه الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاقية كامب ديفيد، والضغط من أجل وضع حد لهذه الانتهاكات فورًا، خاصة وإن إسرائيل باتت تتحدى بوقاحة كل القوانين والأعراف الدولية، وتواصل انتهاكاتها في ظل صمت وتواطؤ المجتمع الدولي، وفى الحقيقة احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وقيامها بمثل هذه الهجمات يناقض مباشرة كل القوانين الدولية وبنود اتفاقية السلام التي وقعتها مع مصر منذ عقود، فلابد من تحميل إسرائيل المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن جرائمها بحق المدنيين في رفح وغزة – طبقا لأستاذ القانون الدولى.
هجوم رفح خرق صارخ للمناطق محدودة التسليح في اتفاقية السلام
ونوه "مهران": الي أن الهدف الحقيقي وراء استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وانتهاك اتفاقية السلام مع مصر، هو دفع الفلسطينيين للهجرة القسرية من أراضيهم، بما يمثل اعتداء على الأراضي المصرية في سيناء أو المساس بالسيادة المصرية، ما يعتبر "خطوطاً حمراء" وسيجبر مصر على إعادة النظر في علاقتها مع إسرائيل، مناشدا المجتمع الدولي وكافة المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية إلى التحرك الفوري لمحاسبة إسرائيل ووضع حد لانتهاكاتها المتكررة بحق الشعب الفلسطيني، وأن الصمت يعتبر مشاركة وموافقة ضمنية في هذه الجرائم، وأن السلام العادل والشامل لن يتحقق ما لم تلتزم إسرائيل بالقوانين والاتفاقيات الدولية على أرض الواقع، خاصة وأن قصف المناطق السكنية برفح يرقى إلى جرائم حرب طبقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مشدداً على ضرورة محاسبة مرتكبي هذه الجرائم أمام المحكمة، واتخاذ قرارات رادعة وعاجلة.
يشار إلى أنه منذ عدة أسابيع، أقام عدد من السياسيين والأكاديميين، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، طالبوا فيها القيادة السياسة بطرح استمرار العمل باتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام الموقعتين بين مصر وإسرائيل على الاستفتاء الشعبي.
دعوى قضائية تطالب بطرح كامب ديفيد على استفتاء شعبى
"الدعوى"التي حملت رقم 7312 لسنة 78 قضائية، طالبت بإعمال نص المادة 157 من الدستور، التي تتيح للقيادة السياسية أن تدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وذلك في ضوء ما وصفته الدعوى بـ"التعدي الواقع على السيادة المصرية والشروع في طرح مشروع توطين شعبنا العربي الفلسطيني في غزة على الأرض المصرية وتنامي موجات الغضب والسخط الرافض لتلك الاتفاقية من كل قطاعات الشعب المصري، إضافة إلى قصف مواقع مصرية".
وذكرت "الدعوى" أن الأمن القومي للبلاد يعلو على أي اتفاقية، وأن مصالح البلاد وأمنها القومي بات مهدددًا بالخطر جراء طرح مشروع إقامة وطن قومي للفلسطينيين على أرض سيناء ودعوة سكان شمال قطاع غزة لمغادرته للجنوب تمهيدًا لترحيلهم لسيناء، وهو الأمر الذى رفضته القيادة السياسية مرارا وتكرارا واعتبرته "خط أحمر" من خلال رفض مصر ما يتردد عن تهجير سكان قطاع غزة إلى صحراء سيناء، وأن ذلك يعني تصفية القضية الفلسطينية، وأن ما يحدث في غزة الآن ليس فقط حرص إسرائيل على توجيه عمل عسكري ضد حماس، إنما محاولة لدفع المدنيين إلى اللجوء والهجرة لمصر، وهو أمر مرفوض تماما.