جهات التحقيق تعتمد في كثير من الأحيان على الحيوانات والطيور للتعرف على الجرائم ومرتكبيها، فعلى سبيل المثال تستخدم الكلاب البوليسية في التعرف على هوية الأشياء ومستخدميها والقاتل والمقتول عن طريق الشم، وكذا الذباب الأزرق يتعرف على مكان الجثة في بُعد أميال، كما أن النسور ترتبط بالموت، ولكن من الغرائب أن يتم استدعاء طائر الببغاء – البغبغان – كشاهد في أكثر من قضية، وهذه ليست خرافة أسطورية أو أكذوبة من الأكاذيب ولكنها حقيقة حدثت في العديد من القضايا.
وهناك العديد من الحشرات والحيوانات تكتشف الجثة بعد موتها مباشرة، وكذلك تكتشف مكان موتها عادة بعد دقائق من لفظ الضحية لأنفاسها الأخيرة، وبذلك يمكن تقدير وقت حدوث الوفاة، من خلال التعرف على عمر اليرقات الناتجة عن أول دفعة بيض وضعت على جسم الضحية، ولذلك يجب الاهتمام بهذا العلم، وقد أسهم بعض العلماء بالتعريف بهذا العلم، وأهميتها في التحقيقات الجنائية، وذلك يشمل دراسة حياتية وسلوك وتوزيع تلك النوعية من الطيور والحشرات في مكان الجريمة حيث يعطي معلومات مهمة حول كيف وأين ومتى حدثت الوفاة وكيف ارتكبت الجريمة، وكذا تقدير الفاصل الزمني من حدوث الوفاة ووقت اكتشاف الجثة.
البغبان.. الطائر الذى لا يكذب
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على الشاهد الذي لا يعرف الكذب وهو طائر الببغاء الذى كان شاهدا في أكثر من قضية، خاصة وأن في عالم الجريمة كل شيء مباح، فجرائم القتل، والسرقة، والنصب، وغيرها التي اعتدنا على سماعها بشكل دوري، يصاحبها أشياء أخرى لا يكشف عنها إلا نادراً، وهذا ما يجعل بعضها من أغرب القصص والأحاديث، التي قد لا يصدقها عقل ولا تستوعبها النفس، وحريا بنا التطرق إلى أن هناك الكثير من القصص عن حيوانات أليفة مختلفة، وليست الكلاب فقط، فقد كانت السبب الرئيسي بشكل أو بآخر إما في حل الجرائم أو بكشف هوية القاتل أو تسببت بإلقاء القبض على المجرمين، أو حتى منع الجريمة قبل حدوثها - بحسب أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي.
شاهد الإثبات في العديد من الجرائم
في البداية - ونحن نعلم جميعاً أن الكلاب تحمل صفة وفاء مميزة، جعلت منها أفضل صديق للإنسان، وسمعنا عن حكايات لكلاب أنقذت حياة أصحابها من حرائق، أو حتى تمكن بعضها بفضل حاسة شمها القوية وذكائها، من إنقاذ حياة أصحابها واكتشفت السرطان قبل الأطباء، وكانت للحشرات والطيور أيضاً دور كبير ومهم في كشف الكثير من الجرائم ففي إحدى القضايا تمكن خبراء الحشرات الجنائية من كشف جريمة سرقة بواسطة ذبابة كانت موجودة في داخل السيارة المسروقة بعد تشريحها وفحص الـDNA ومطابقة مع الشخص الذي سرق السيارة والذي أعترف بسرقته للسيارة بعد مواجهة بدليل القاطع، وليس هذا فحسب فقد كشفت نملة واحدة قضية قتل قس لزوجته، ولعلنا لا نغالي إذا قلنا إن الخنافس كان لها دور مهم أيضا في فهم لغز إحدى القضايا – وفقا لـ"العزاوى".
وفي نفس الصدد - وفي إحدى القضايا كشفت تحقيقات المباحث الفيدرالية عن حقيقة المتهمين في جريمة اغتصاب وقتل لـ امرأة أربعينية في مدينة لندن البريطانية، عن طريق ببغاء كان في منزلها - وبحسب ما نشرت صحيفة صن البريطانية - إن تحقيقات الشرطة اعتمدت على ببغاء كان برفقة المجني عليها وأنه بمجرد دخول الشرطة أخذ يردد: "دعني أذهب من فضلك"، مشيرة أن هذه كانت آخر كلمات المجني عليها فيما يبدو – الكلام لـ"العزاوى".
والغرب استخدمه في فك طلاسم وألغاز جرائم "قتل واغتصاب"
وفي قضية أخرى - كانت البطلة الببغاء "لاري" من ولاية تكساس، فقد كانت مزيجاً من البطولة والمأساة في نفس الوقت، فبعد أن أصبح الببغاء ضحية لنفس الرجل الذي قتل صاحبه، ولكن تضحية الببغاء لم تذهب سُدى وكشفت هوية القاتل، وكان مالك الببغاء "كيفن باتلر" الذي يبلغ من العمر 49 عاماً، وحيداً في منزله عندما اقتحم منزله لصَّان قاما بتقييده وطعنه حتى الموت، لكن حجم الببغاء "لاري" الصغير مقارنة باللصوص، لم يمنعه من الدفاع عن صاحبه.
فقد أظهرت أدلة مسرح الجريمة أن الببغاء "لاري" حاول إنقاذ صاحبه، من خلال مهاجمة اللصوص بمنقاره ومخالبه، وخدش رؤوسهم، حتى بعد أن قطعوا إحدى رجليه بعد ضربه بسكين، لم يتوقف "لاري" عن مهاجمتهم إلا بعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة، جراء طعنة قاتلة بسكين في ظهره، لكن بُقع دم اللصوص على منقاره وتحت مخالبه جراء هجومه الشجاع، قادت الشرطة للتعرف على اللصوص عن طريق تحليل الـ"DNA"، وأيضاً عثرت الشرطة على بصمة أحد اللصوص على مفتاح كهرباء ملوثة بدمه، جراء جروح تسبب بها "لاري"، وبعد القبض عليهما أدينا بارتكاب جريمة القتل العمد وحكم عليهما بالسجن مدى الحياة.
والكشف عن هوية مرتكبيها
وفي قضية أخرى - وهي قضية سرقة منزل في بلدة فيرنه الألمانية، فقد أعلنت الشرطة الألمانية أن لصوصاً اقتحموا منزلاً عائلياً في البلدة الواقعة شمال مدينة دوسيلدورف، وذلك عن طريق كسر لوح في الباب، وذكرت الشرطة في بيان أن اللصوص أصيبوا بالذعر تقريبا عندما سمعوا ببغاء العائلة وهو يصيح: "مرحبا أنت هناك"، ثم فر اللصوص دون المساس بأي شيء، وتوصل أفراد الشرطة بالصدفة إلى سبب مغادرة اللصوص دون سرقة عندما استقبل الببغاء دخولهم قائلاً: "مرحبا، أنت هناك".
فهل يمكن الاستعانة بخبير متخصص في هذا الشأن للاستفادة منه؟
وفى الأخير يقول "العزاوى": الجميع يعلم أن طائر الببغاء بإمكانه التحدث، وقد رأينا كيف كان له يد في معرفة لغز بعض القضايا التي كان حاضرا فيها، ولكن يبقى السؤال المطروح هنا هو: ما إذا كان يجب على الطائر، الذي يكون شاهداً على جريمة ما، فهل يمكنه الإدلاء بكل ما يعرف بشأنها، وهل يمكن الاستعانة بخبير متخصص في هذا الشأن للاستفادة منه في كيفية أن يدلي هذا الشاهد لمعرفة آخر ما جرى في القضية المطلوب التحقيق بشأنها، وأخيراً فإننا نرى أنه لا ضرر من سماع شهادته، فربما يدلي هذا الشاهد بكلمة قد تكون هي الكلمة الفاصلة في القضية كما شاهدنا.