على الجانب الآخر من قطاع غزة الذى يعيش ظروفا قاسية نتيجة الحرب الإسرائيلية، تواجه الضفة الغربية شبح انفجار الأوضاع بعد إعلان حكومة تل أبيب عن خطة لتقييد وصول المصلين للمسجد الأقصى خلال شهر رمضان الذى يحل على الأمة الإسلامية بداية مارس المقبل، حيث دعت بعض الأطراف الفلسطينية إلى النفير العام لنصرة الأقصى.
وجاء إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن خطته لتقييد وصول المصلين لتشعل الغضب فى صدور المواطنين بالضفة الغربية، حيث حذر المسئولين الفلسطينيين من خطورة تلك القرارات فى أوضاع مشتعلة والتى تنذر بتفجير الأوضاع فى القدس والضفة الغربية وخروجها عن السيطرة.
وقال نتنياهو، إنه اتخذ "قرارا متوازنا" يسمح بحرية العبادة في المسجد الأقصى بالقدس خلال شهر رمضان، لكن دخول المسجد سيخضع لقيود حسب الظروف الأمنية، وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، قد طالب بمنع الفلسطينيين من الصلاة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، الذي يبدأ خلال أسبوعين.
وقال الوزير اليميني المتطرف في حسابه على منصة "إكس"، "تويتر" سابقا: "لا يمكننا المخاطرة. لا ينبغي السماح لسكان السلطة الفلسطينية بدخول الأراضي الإسرائيلية خلال عطلة المسلمين التي تستمر شهرا، أي بعد أقل من شهر".
ويأتي منشور بن غفير بعد يوم من إعلان التلفزيون الإسرائيلي، أن الوزير يضغط من أجل منع الفلسطينيين من دخول الحرم القدسي خلال شهر رمضان، الذي يبدأ يوم 10 مارس المقبل تقريبا.
وأوضحت القناة 12 الإسرائيلية، أن الشاباك وجيش الدفاع الإسرائيلي لا يمانعون في دخول الفلسطينيين (من الضفة الغربية) من سن 45 فما فوق، إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، فيما تقول الشرطة، إن المسموح لهم يجب أن يكونوا من سن 60 سنة فما فوق، والوزير بن غفير يطالب بمنع جميع المسلمين.
أما بخصوص دخول فلسطينيي الداخل (48) والقدس إلى الحرم القدسي، فالشاباك لا يضع أي قيود أو حدود، والشرطة تحدد الأشخاص المسموح لهم بالدخول من سن 45 سنة فما فوق، والوزير بن غفير يحددهم من عمر 70 عام فما فوق.
وحذَّر ممثل الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، من أن قرار إسرائيل فرض قيود على دخول الفلسطينيين للمسجد الأقصى في رمضان، قد يزيد الوضع سوءاً في الضفة الغربية التي تشهد بالفعل حالة من الغليان.
ودعا بوريل الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى، إلى اتخاذ إجراءات لمعاقبة المستوطنين الذين يرتكبون أعمال عنف بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، وأضاف: "إذا كنا نريد الحفاظ على مصداقيتنا، فعلينا أن نستنكر ما يحدث في الضفة الغربية.. الضفة الغربية تغلي، وإذا لم يسمحوا للناس بالذهاب إلى المساجد في رمضان فإن الوضع يمكن أن يزداد سوءاً".
وقال مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية، محمود الهباش، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، قررا إشعال "حرب دينية" بفعل الإجراءات التي تم إقرارها ضد الفلسطينيين، ومنعهم من الوصول إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان.
وحذَّر من أن هذا الإجراء "سوف يفجر الأوضاع بشكل لا يتوقعه أحد أو يمكن السيطرة عليه"، وأضاف أن القيادة الإسرائيلية تحاول بشتى الطرق والوسائل تنفيذ مخططاتها القديمة والجديدة ضد الحرم القدسي الشريف، لتهويده وإفراغه من هويته الإسلامية والعربية الفلسطينية، مستغلة انشغال العالم هذه الأيام بحرب الإبادة التي تشنها على أهلنا بقطاع غزة، لتنفيذ مؤامرة التهويد التي طالما حلمت بها منذ عقود.
كما حذر الأردن الاحتلال الإسرائيلي من تبعات أي توتر في المسجد الأقصى سيزيد من "احتمال توسع الصراع إلى المنطقة بأكملها"، وقالت هيئة البث العامة الإسرائيلية، إن "الأردن يشعر بالقلق من القيود العمرية التي من المتوقع أن تفرضها سلطات الاحتلال، على المصلين في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، إذ حذر في لقاءات مع مسؤولين في المجتمع الدولي من التبعات الخطيرة لفرض هذه القيود في ظل الحرب على قطاع غزة".
ونقلت الهيئة، عن مصدر أردني أن "مسألة الصلوات في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، كانت موضوعا محوريا في لقاءات ملك الأردن خلال زياراته الأخيرة إلى الولايات المتحدة وأوروبا، حيث ركزت اللقاءات على حقيقة أن الإجراءات الإسرائيلية يمكن أن تزيد من التوترات في ظل الحرب في غزة".
بالإضافة إلى ذلك، قال المصدر إنه "منذ بداية الحرب كانت العلاقات بين إسرائيل والأردن متوترة، وأن فرض قيود على المصلين المسلمين في الحرم القدسي سيزيد من التوتر بين الطرفين".
كذلك قال المجلس الوطني الفلسطيني، إن قرار الاحتلال منع وصول الفلسطينيين للمسجد الأقصى في شهر رمضان، جزء من الحرب الشاملة التي تشنها هذه الحكومة العنصرية التي تستهدف الوجود الفلسطيني، وإكمال لحرب الإبادة والتهجير وحصار المقدسات، وانتهاك لجميع القوانين التي تحمي حرية وحق العبادة.
وأضاف المجلس – في بيان صادر عن رئاسته – أن تقييد دخول فلسطينيي أراضي عام 48 إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك، هو إمعان في الإجرام الحاقد والحرب الدينية التي تقودها حكومة المستوطنين المتطرفين ضد الشعب الفلسطيني، ودليل على نية الاحتلال تصعيد عدوانه على المسجد الأقصى خلال شهر رمضان.
ودعا المجلس أبناء الشعب الفلسطيني إلى التصدي لهذا القرار الإجرامي، ومقاومة عنصرية وعنجهية الاحتلال، والنفير وشد الرحال والرباط في المسجد الأقصى المبارك، محذرا من أن المساس بالمسجد الأقصى أو حرية العبادة فيه لن يمر دون مُحاسبة، وستبقى القدس والأقصى خطًا أحمر وقبلة الأمة الإسلامية وعنوان نضالها.