يعتبر نظام عقد البوت "B.O.T " من الأنظمة الاستثمارية التي تعتمدها الدول لتنفيذ مشاريع ضخمة في البنية التحتية وغيرها، وهو أحد أساليب الشراكة مع القطاع الخاص لتوفير في الوقت والكلفة، وتتولى الشركة القيام بجميع خطوات المشروع من إنشائه الى تشغيله واستثماره لحسابها الخاص لمدة محدَّدة من السنوات، وفي نهاية مدة العقد تقوم الشركة بإعادة أصول المشروع إلى الدولة في حالة جيدة للاستمرار في تشغيله واستثماره، وعقد البوت أصبح ضرورة لتحقيق الصالح العام وازدهار المجتمع.
البوت "B.O.T" اختصار لثلاث كلمات هي: بناء (Build) – تشغيل (Operate) – نقل الملكية (Transfer)، ويمكن تعريف هذا العقد بأنه اتفاق بين الدولة وشركات القطاع الخاص، توكل بموجبه الدولة إلى الشركة مهمة القيام بأعمال تدخل في نشاطات القطاع العام، عن طريق منح هذه الشركة امتيازًا وفق الأصول القانونية من أجل إنشاء مشروع ضخم وتنفيذه وتشغيله، وتتولى الشركة تمويل هذا المشروع، من دون إرهاق الموازنة العامة للدولة بأي نفقات، على أن يسمح لها باستعادة ما أنفقته على هذا المشروع، إضافة إلى أرباحها المتوخاة فيه عبر استيفاء رسوم معينة من المستفيدين من خدماته مباشرة.
كل ما تريد معرفته عن نظام عقد البوت "B.O.T"
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على نظام عقد البوت " B.O.T " من حيث الماهية والشروط والآثار المترتبة عليه، والإجابة على حزمة من الأسئلة أبرزها ما الالتزامات التي تقع على عاتق المستثمر؟ وما الفرق بين عقد البوت" B.O.T " والخصخصة؟ وما مميزات عقد الـB.O.T؟ خاصة أن عقود البوت "B. O. T" هو عقد إداري يخضع للقانون العام الإداري وعلى الرغم من أن تكييف العقد بأنه عقد إداري لا يمنع من تطبيق قواعد القانون الخاصة عليه طالما لا تتعارض مع طبيعة القانون العام، وهذه المسئولية تقع على عاتق الجهاز الإداري للدولة، ولذا يجب أن تسعى الدولة إلى تحرير المشروعات اللازمة والضرورية لتحقيق معيشة أفضل – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى.
في البداية - يتم كل ذلك تحت إشراف ورقابة الدولة وأجهزتها الإدارية التي تحدّد مقدار الرسوم وكيفية إستيفائها، ضمن قواعد قانونية وضوابط فنية متفق عليها مسبقاً، وتقوم الشركة باستثمار المشروع لحسابها الخاص مدة من الزمن، ثم تقوم في نهايتها بنقل ملكيته وكل ما يتعلَّق به إلى الدولة أو إحدى الإدارات أو المؤسسات العامة، وتأتي أهمية هذه العقود في تحفيز الاستثمار وتعزيز دور القطاع الخاص والتنمية في تقديم الخدمات وتحسين جودتها وتخفض التكاليف على الحكومة – وفقا لـ"صبرى".
عقود البوت "B.O.T" وفق دليل الأونستيرال التشريعي
وتعرف عقود البوت "B.O.T " وفق دليل الأونستيرال التشريعي بشأن الشراكات بين القطاعين العام والخاص للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي بأنه: "مشاريع البناء فالتشغيل فنقل الملكية عندما تختار السلطة المتعاقدة شريكاً خاصاً لتمويل وتشييد مرفق أو نظام للبنية التحتية، وتعطي هذا الكيان الخاص حق صيانته أو تشغيله على أساس تجاري لفترة معَّينة، تنقل ملكية المرفق بعد انقضائها إلى السلطة المتعاقدة" – الكلام لـ"صبرى".
ويعد عقد البوت B.O.T من عقود الاستثمار عبر الاستعانة بالقطاع الخاص واستخدام استثماراته وخبراته لانشاء البنىة التحتية وغيرها من المشروعات المطلوبة مقابل الاستفادة من عائدات المرفق العام لفترة محدَّدة من الزمن، وفق شروط وقواعد خاصة، وقد أصبح نظامًا عالميًا لتحقيق الخطط والمشاريع الاقتصادية، تلجأ إليه الدول التي تعاني عجزًا في موازناتها العمومية يمنعها من تحقيق خطط الإصلاح والنمو الاقتصادي وتلبية احتياجات شعوبها – طبقا للخبير القانونى.
وما الالتزامات التي تقع على عاتق المستثمر؟
1- بناء المشروع وتشغيله طبقا للمواصفات المتفق عليها.
2- الالتزام بالشروط المتعلقة بالحفظ على الأمن والآداب العامة ومتطلبات الحفاظ على البيئة.
3- رد المشروع إلى الدولة بدون مقابل وفي حالة جديدة بعد انتهاء مده العقد.
وفى الحقيقة قدَّم نظام عقد الـبوت B.O.T حلاً لمشكلة تمويل مشاريع البنية التحتية، والمجمعات والأسواق الصناعية الكبرى والمشاريع الزراعية الضخمة، بكفاءة أكبر و كلفة أقل وتقنية أفضل، ويعتبر تمويل المشاريع الكبرى حجر الزاوية في استراتيجية نظام عقد الـ B.O.T، حيث يُركّز المستثمرون والمقرضون على أصول المشروع وما يدره من عائدات، أكثر من تركيزهم على الضمانات الحكومية – هكذا يقول "صبرى".
ويتساءل البعض عن الفرق بين عقد الـبوت "B.O.T" والخصخصة؟
إنّ عقد الخصخصة هو عقد إداري يتم إبرامه بين الدولة والقطاع الخاص، موضوعه بيع مشروع تملكه الدولة ونقل ملكيته كليًا أو جزئيًا إلى أحد أشخاص القطاع الخاص، فتنقطع علاقة الدولة نهائيًا بالمشروع، وعلى الرغم من تشابه عقد الخصخصة مع عقد الـB.O.T من ناحية تناولهما أموالاً عامة تملكها الدولة ونقل ملكيتها إلى القطاع الخاص، إلا أنهما يختلفان من عدة نواحٍ، أهمها:
- إن موضوع عقد الـB.O.T هو انشاء مرفق عام وتشغيله لمدة محدَّدة متفق عليها في العقد، مع احتفاظ الدولة بحق السيطرة عليه من خلال وضع شروط وقواعد تتعلق بإنشائه وتشغيله إضافة إلى حق الإشراف والرقابة على المشروع حتى إعادة ملكيته إلى الدولة في نهاية المدة المتفق عليها.
- أما في عقد الخصخصة، فتنتقل ملكية المشروع نهائيًا إلى القطاع الخاص وتنقطع علاقة الدولة به وتمتنع عن التدخل في إدارته أو رقابته أو الاشراف عليه.
وبناء على ذلك، يعتبر نظام عقد الـبوت B.O.T حلاً وسطًا بين نظام الخصخصة وبين تمويل المشاريع عبر الوسائل التقليدية للدول من خلال فرض الضرائب أو الحصول على القروض الداخلية أو الخارجية أو رصد إعتمادات في الموازنات العامة.
والتساؤل الذي يطرح نفسه ما هي مميزات عقد الـ B.O.T؟
ويًجيب "صبرى": لعقد الـB.O.T عدة مميزات أهمها الآتي:
• انشاء المشاريع العامة من دون زيادة الأعباء على الموازنة العامة للدولة: حيث يتحمَّل الملتزم وحده مهمة تأمين التمويل اللازم لدفع تكاليف إنشاء المرفق العام ومصاريف إدارته وصيانته طوال مدة العقد.
• إدخال استثمارات جديدة:
تظهر أهمية نظام عقد الـB.O.T في إدخال استثمارات جديدة، مما يؤدي إلى تحسين ميزان المدفوعات وتخفيض العجز في الموازنات العامة للدولة والاستغناء عن الاقتراض الداخلي أو الخارجي وما يتبعهما من أعباء خدمة الدين العام والضغوط السياسية والمالية. كما يؤدي إلى تحريك رأس المال المحلي والخارجي وجذبه وتوفير السيولة النقدية.
- إيجاد فرص عمل جديدة:
مما يساعد على تخفيف حدة البطالة وإكساب العمال الوطنيين خبرات متقدمة في مواكبة التطور ونقل التكنولوجيا العالمية في المجالات كافة.
• تطوير القطاع العام وتحسينه:
يسمح نظام عقد الـB.O.T بتطوير أداء المرافق العامة وسرعة تلبية حاجات المستهلكين والمتعاملين مع هذه المرافق. والمحافظة على ملكية المشروع، حيث تلتزم الشركة نقل ملكيته إلى الدولة عند انتهاء المدة المتفق عليها في عقد الـB.O.T.
• المساهمة في نقل التكنولوجيا وتدريب العاملين عليها:
يساهم نظام عقد الـ B.O.T في نقل المعلومات التكنولوجية المتطورة في إنشاء المرافق العامة وتشغيلها إلى الدولة المتعاقدة، حيث تلتزم الشركات المتعاقدة بموجب نقل التكنولوجيا المعروف بحق المعرفة، وتدريب العاملين عليها لكي تستطيع الدولة متابعة إدارة المرفق العام وتشغيله بعد انتقال ملكيته إليها عند انتهاء مدة عقد الـB.O.T.
- تحميل مخاطر التنفيذ على منفذي المشروعات
وماذا عن عيوب عقد الـبوت "B.O.T"؟
مع تسليمنا بالمزايا التي تحدثنا عنها هناك ثمة عيوب لهذا العقد، وأهمها:
- تحويل الأرباح الى الخارج:
أن غالبية الشركات المتعاقدة فى عقد الـB.O.T تكون شركات أجنبية أو عالمية، مما يؤدي إلى تحويل الأرباح الناتجة عن المشاريع المنفَّذة إلى الخارج من دون قيود تفرض على المستثمر استثمار جزء من هذه الأرباح داخل الدولة المتعاقدة، ما يؤدي إلى اختلال ميزان المدفوعات، وهذا يفرض على الدولة الحرص على معالجة هذه الناحية من خلال وضع ضوابط قانونية ومالية للحد من سيئات تحويل أرباح الشركات إلى الخارج – الكلام لـ"صبرى".
وهناك آليات لتسوية المنازعات بين الدولة المانحة وصاحب الامتياز من خلال الوساطة والتوفيق والتحكيم بمعني أنه في حالة حدوث نزاع بين الطرفين فيما يتعلق بتنفيذ العقد أو بمراحل التنفيذ أو ما يتعلق بالحقوق والتزامات وموعد التسليم وغيرها فإنه عادة يتفق على عدم اللجوء إلى الهيئات القضائية سواء على المستوى الداخلي أو الدولي، وفي تقديري الشخصي أن عقد البوت أصبح ضرورة لتخفيف الأعباء عن الميزانية العامة ولتحقيق الصالح العام للمجتمع، وهذه المسئولية تقع على عاتق الجهاز الإداري للدولة، ولذا يجب أن تسعى الدولة إلى تحرير المشروعات اللازمة والضرورية لتحقيق معيشة أفضل للمواطنين.