الجمعة، 22 نوفمبر 2024 03:45 ص

لملايين المتعاملين فى سوق البيع والشراء.. هل لانخفاض قيمة النقود أو ارتفاعها أثر على الالتزامات؟.. المشرع ألزم المدين بقدر عددها المذكور فى العقد.. دون أن يكون لارتفاع قيمة النقود أو انخفاضها وقت الوفاء أثر

لملايين المتعاملين فى سوق البيع والشراء.. هل لانخفاض قيمة النقود أو ارتفاعها  أثر على الالتزامات؟.. المشرع ألزم المدين بقدر عددها المذكور فى العقد.. دون أن يكون لارتفاع قيمة النقود أو انخفاضها وقت الوفاء أثر المعاملات التجارية - أرشيفية
الإثنين، 04 مارس 2024 09:00 ص
كتب علاء رضوان

>> هل يقدر سعر الدولار بوقت صدور الحكم ام بوقت رفع الدعوى؟

>> هل يجوز الحكم بالإلزام بغير العملة الوطنية (أى بالدولار وليس بالجنية)؟

>> هل يكون سعر صرف العملة الأجنبية بوقت الاستحقاق أم بوقت الأداء؟

>> أحكام القانون وأحكام المحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض  للإجابة على الأسئلة السابقة  


العملة النقدية ظهرت كبديل لنظام التعامل بالنقدين من الذهب والفضة عبر مراحل مختلفة، غير أنها سريعة التعرّض للغش والتزوير والانخفاض والارتفاع، مما يودي إلى ضخ كثير من الأموال في الأسواق بلا قيمة تناسبية مع حقيقة الإنتاج، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية للعملات النقدية، فيتضرر بذلك عامة الناس في معاملاتهم الآجلة، والعملة النقدية هي المعيار الذي يُعرف به تقويم الأموال والأعمال، فيجب أن يكون محدودًا مضبوطًا لا يرتفع ولا ينخفض، غير أن الاضطرابات التي تتعرض لها العملة النقدية تنعكس سلبا على تحديد قيّم البيوع الآجلة، وسداد القروض، وتحديد قيمة الخدمات في الالتزامات العقدية بعيدة الأجل كأعمال مقاولات البناء وأعمال الورشات الصناعية.

 

والنقود يمكن تعريفها إجمالاً بأنها أى شىء يكون مقياساً للقيمة ووسيلة للتبادل ويحظى بقبول لدى جميع المتعاملين به، ولذلك فهى وسيلة للتبادل وتقاس بها قيمة الأشياء، وكما أنها مخزن للقيمة وهذا هو المتعارف عليها كوظائف أساسية للنقود، ولما كانت النقود كذلك فإن تقصير النقود في أن تقوم بأهم وظائفها وهو أنها مقياس للقيمة ومخزن لها يؤدى حتما إلى انخفاض القدرة الشرائية للعملات النقدية، ومرجع ذلك حتما الى تغيير قيمة النقود، وإذن فانخفاض قيمة النقد وعدم قدرة القوة الشرائية له على الوفاء بالمطلوب يضطر المشترى إلى دفع وحدات أكثر. 
 

ذ
 

حزمة أسئلة تهم ملايين المتعاملين في سوق البيع والشراء

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على حزمة من الأسئلة حول انخفاض قيمة النقود، أبرزها هل لإنخفاض قيمة النقود أو لارتفاعها  أثر على الالتزامات؟ وهل يقدر سعر الدولار بوقت صدور الحكم ام بوقت رفع الدعوى؟ وهل يجوز الحكم بالإلزام بغير العملة الوطنية "أى بالدولار وليس بالجنية"؟، وهل يكون سعر صرف العملة الأجنبية بوقت الاستحقاق أم بوقت الأداء، ورأى أحكام القانون وأحكام المحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض في مثل تلك الإشكاليات، خاصة أن الذى يؤدى الى انخفاض قيمة النقود يكمن في ارتفاع الطلب بسرعة أو انخفاض العرض بنفس الدرجة أو في كليهما – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض يحيى سعد جاد الرب.

في البداية - النقود باعتبارها مخزنا للقيمة ومقياس لها ليست ثابتة وإنما هي متذبذبة، لأنها ليست قيمة في حد ذاتها، وإنما دالة لها، ويعتبر هذا العيب من أبرز العيوب التي أدى إليها العدول عن نظام المقايضة والذى كان سائدا قديما قبل أن يعرف العالم نظام التبادل النقودى ورغم أنه كانت له عيوب كثيرة كصعوبة التخزين والتجزئة وخلافه إلا أنها كانت لها ميزة طيبة وهى أن النقود السلعية تحتفظ بقيمتها اذ باعتبارها قيمة في حد ذاتها وليست مدلولاً لها – وفقا لـ"جاد الرب".

 

862459-ززي

 

هل لانخفاض قيمة النقود أو لارتفاعها أثر على الالتزامات؟

 

وللإجابة على السؤال - هل لانخفاض قيمة النقود او لارتفاعها أثر على الالتزامات؟ - فقد أجابت المادة 134 من القانون المدنى على هذا التساؤل، حيث نصت على أنه: "إذا كان محل الالتزام نقودا، التزم المدين بقدر عددها المذكور فى العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أى أثر"، ومن ثم فالعبرة في الالتزامات التي يكون محلها نقود هي بعدد ذلك المبلغ أى بقيمته الأسمية دون  تأثير لقيمته الحقيقة التي من شأنها أن تتعرض للارتفاع أو الهبوط – الكلام لـ"جادالرب".  

 

هل يقدر سعر الدولار بوقت صدور الحكم أم بوقت رفع الدعوى؟

 

وأما للإجابة على السؤال - هل يقدر سعر الدولار بوقت صدور الحكم ام بوقت رفع الدعوى؟ - فقد أجابت محكمة النقض على هذا التساؤل وقالت في العديد من أحكامها أنه يجب حساب سعر الدولار وقت رفع الدعوى وليس وقت الحكم حيث قضت محكمة النقض بأنه: "حيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعنان على الحكم المطعون فيهان أمر تقدير الرسوم القضائية هو بمثابة حكم، وقد قدر قلم الكتاب الرسوم المتظلم منها وقت صدور الحكم فى حين يتعين أنه يتم التقدير على أساس سعر الدولار وقت رفع الدعوى، وذلك طبقا للطعن رقم 9198 لسنة 80 قضائية – طبقا للخبير القانونى. 

 

ص

 

ثالثا: مدى جواز الحكم بالالزام بغير العملة الوطنية

 

وأما عن مدى  جواز الحكم بالإلزام بغير العملة الوطنية، فإن الأصل في الالزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية مالم يكن هناك إتفاق بين الخصوم على الأداء بالعملة الأجنبية، وهو ما أكدته محكمة النقض بقولها: "أن الأصل في الالزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية، وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنة بأداء التعويض بالدولار الأمريكى دون أن يكون هناك إتفاق بين الخصوم على أداء التعويض بالعملة الأجنبية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون"، طبقا للطعن رقم 8240 لسنة 65 قضائية.

 

رأى محكمة النقض في الأزمة 

 

هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في عدة طعون منها السابق ذكره وأيضا الطعن رقم 6278 لسنة 63 قضائية – جلسة 27 نوفمبر 1995 – والذى جاء في حيثياته: أن الأصل في الإلتزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية، وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنة بأداء قيمة التعويض بالدولار الأمريكي دون أن يكون هناك اتفاق بين الخصوم على أداء التعويض بالعملة الأجنبية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه لهذا السبب.وحيث عن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم وكان سعر الدولار طبقاً للبيان المقدم من البنك المركزي المصري في تاريخ وصول السفينة 83.1683 قرشاً فإن التعويض المستحق بالعملة الوطنية يكون 114390 دولار ×83.1683  قرشاً =95136.21837 ج وهو ما يتعين الحكم به للمطعون ضدها. 
 

20230624030439439

 

وهو ما طبقته أيضا المحكمة الاقتصادية بالقاهرة بقولها: لما كان ما تقدم وهديا به وكان المدعى بصفته يطالب بجزء من المديونية بالعملة الأجنبية وهى الدولار الأمريكى وكان العقد الاعتماد قد خلا من الزام الشركة المدعى عليها بسداد المديونية التى تنتج عن هذا العقد العملة الأجنبية فلا يجوز له المطالبة بالعملة الأجنبية ولكن تحتسب بالعملة المصرية، وذلك في الحكم المقيد برقم 176 لسنة 2009.  

 

ماذا إذا كان هناك اتفاق أنه يجوز الوفاء بالعملة الأجنبية؟

 

غير أنه يجوز الوفاء بالعملة الأجنبية إذا كان هناك اتفاق على ذلك، وفيه قضت محكمة النقض بأنه: ولئن كان الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية، إلا أنه متى أجاز المشرع الوفاء بالإلتزام بغيرها من العملات فلا على محكمة الموضوع إن قضت بإلزام المحكوم عليه بالوفاء بإلتزامه بعملة أجنبية في الحالات التى نصت عليها القوانين الخاصة متى توافرت شروط إعمالها و طلب الخصم الحكم بها، طبقا للطعن رقم 263 لسنة 58 قضائية جلسة 25 سبتمبر 1989. 

 

ث

 

رابعا: سعر صرف العملة الأجنبية هل يكون بوقت الاستحاق أم بوقت الأداء؟

 

تضاربت الأحكام بشأن سعر صرف العملة الأجنبية هل هي بوقت الاستحقاق أم بوقت الأداء غير أن (دائرة توْحيد المَبادِيء) بالمحكمة الإدارية العليا انتهت الى أنَّه يتعين اتخاذ سِعر صَرف الدولار وَقت الاستحقاق أساساً لحِساب جميع المُستحقات المَاليَّة، وسَند ذلك أن المُستحقات الماليَّة، محدَّدة قانوناً، مقداراً وزماناً، وفي الأصل بالجنيه المصري، ومعادلة هذه المستحقات وصرفها بالعملة الأجنبية لا يمس مِقدارها، ولا يبدِّل زَمَن استحقاقها، ومن ثم لزم صرفها بالعُملة الأجنبيَّة وفق سِعر صَرف الدولار - بحسبان القواعد السَّارية تقضي بذلك - وقت الاستحقاق وليس وقت الأداء، طبقا لـ"حُكم المحكمة الإداريَّة العُليا / دائرة توحيد المَباديء: جلسة 2/6/2018م، الطَّعن رقم 3001 لسنة 56 قَ.عُ".

 

وتطبيقا لذلك قضى بأنه: من حيث إنه على هدي ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعى من العاملين بوزارة التعليم العالي بوظيفة أخصائي شؤون إدارية أول وقد سبق انتدابه للعمل ملحقا اداريا بالمكتب الثقافي المصر بباكو - إذربيجان في الفترة من ....، فأصدرت المحكمة حكمها في الدعوى قضت فيه بأحقيته في صرف بدل الصرافة ....، وقامت بصرف هذه المستحقات على اساس سعر صرف العملة الأجنبية المعادل للجنيه المصري في تاريخ الاستحقاق ويطلب الحكم بصرفها له على أساس سعر الصرف وقت الوفاء....، فإذا ما قامت الجهة الإدارية بالوفاء بهذه المستحقات على هذا الأساس، فإنها تكون قد أعملت صحيح حكم القانون، طبقا للطعن المقيد برقم 1287 لسنة 57 قضائية.   

 

1
 
314689-يحيى-سعد
 
الخبير القانونى والمحامى بالنقض يحيى سعد جادالرب 
 
 

print