أصدرت الدائرة السابعة – بمحكمة جنايات شبرا الخيمة، حكما فريدا من نوعه، ببراءة 4 أشخاص من تهمة التنقيب عن الأثار مستندة على التشكك في التحريات وأن المنطقة غير أثرية ولم يصدر قرار بأثريتها من الهيئة العامة للآثار، ونفى أن يكون التنقيب بقصد التنقيب على الآثار، والإطمئنان إلى أن المتهمين عمال باليومية، وأن الحفر في ذاته غير مجرم طالما لم يتبين أن القصد منه التنقيب عن الآثار.
ملحوظة: صدر هذا الحكم مستندا على أن الحفر في ذاته غير مجرم طالما لم يتبين أن القصد منه التنقيب عن الآثار، رغم عدول الهيئة العامة للمواد الجنائية – بمحكمة النقض – عن الأحكام القضائية الصادرة من بعض دوائرها بعدم تأثيم المتهمين بالتنقيب عن الأثار طالما كان التنقيب في أرض ليست ملك للدولة وليست مسجلة كمنطقة أثرية، وتصدت لتلك الثغرة التي كانت تؤدى لحصول المتهمين على أحكام بالبراءة، وأرست مبدأ قضائيا قالت فيه: "التنقيب مُجرم بغض النظر عن كون المنطقة أثرية أم غير أثرية"، وذلك في الطعن المقيد برقم 10219 لسنة 91 قضائية "هيئة عامة"، بتاريخ 22 مارس 2023.
صدر الحكم في الجناية المقيدة برقم 3064 لسنة 2023 كلى جنوب بنها، لصالح المحامى حسين على، برئاسة المستشار هانى فتحى مطاوع، وعضوية المستشارين محمد عبدالمنعم، وأحمد شحاته هلال، وبحضور كل من وكيل النيابة أحمد الجنزورى، وأمانة سر ماهر فتحى.
الوقائع.. ضبط 4 أشخاص بتهمة التنقيب عن الآثار
اتهمت النيابة العامة 4 متهمين وهم "سيد. ش" و"أحمد. ع"، و"أحمد. ح"، و"شعبان. ش"، لأنهم في يوم 6 أغسطس 2023 بدائرة قسم الخصوص – محافظة القليوبية – أجروا أعمال الحفر بقصد الحصول على الأثار بدون ترخيص من الجهة المختصة بذلك وكان باستخدام أدوات، وحازوا وأحرزوا أدوات "فأس – منشار" مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بدون مسوغ قانونى أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية.
وفى تلك الأثناء – أحالتهم النيابة العامة للمحاكمة الجنائية العاجلة، وطلبت عقابهم بالمادة 304/2 إجراءات جنائية، وعملا بالمادة 1، 5، 40، 42/3 بند 2 من القانون رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانونيين رقمى 3 لسنة 2010، 91 لسنة 2018، وبالمواد 1/1، 25 مكررا/1، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونيين رقمى 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، والبند رقم "7" من الجدول رقم "1" الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007.
النيابة تحيل المتهمين للمحاكمة الجنائية العاجلة
وركنت في إسناد الاتهام إليهم إلى ما شهد به كلا من الرائد / أحمد السيد محمد جلالة - معاون مباحث قسم شرطة الخصوص، والرائد محمد مصطفى عبد الفتاح حجاج - رئيس مباحث قسم شرطة الخصوص، ومنصور رمضان سید رزق - مفتش آثار، وحنان المهني إبراهيم أبو ريشة - مفتشة آثار وميلاد لبيب نصر الله قريصة - مفتش آثار، وما قد ثبت بتقرير لجنة الآثار.
فقد شهد الرائد/ أحمد السيد محمد جلالة - معاون مباحث قسم شرطة الخصوص - بأنه تبلغ إليه من مستشفى المرج بوصول متوفى رفقة المتهمين أثناء قيامهم بالتنقيب عن آثار وبالانتقال المكان تواجدهم قام باصطحابهم لمكان الواقعة، وتبين من المعاينة وجود حفر بعمق حوالی 5 متر، وآثار ردم للحفر، وتمكن من ضبط الأدوات المستخدمة في الحفر، وبمواجهتهم قرروا بالقيام بأعمال الحفر بقصد التنقيب على الآثار رفقة باقى المتهمين مستخدمين في ذلك الأدوات المضبوطة، وشهد الرائد / محمد مصطفى عبد الفتاح حجاج - رئيس مباحث قسم شرطة الخصوص - بأن تحرياته السرية دلته الصحة واقعة الحفر من المتهمين القاصدين التنقيب عن الآثار، وشهد منصور رمضان سید رزق - بالانتقال إلى العين محل الواقعة لإجراء المعاينة رفقة الشاهدة الرابعة والخامس تبين وجود حفر ورديم وتجهيزات خاصة بالحفر وان الغرض من الحفر التنقيب عن الآثار، وشهدت حنان المهني إبراهيم أبو ريشة - بذات ما شهد به سابقها وشهد ميلاد لبيب نصر الله فريضة - بذات ما شهد به.
شهادة الشهود وتقرير لجنة الأثار يدين المتهمين
وثبت بتقرير لجنة الآثار أن محل الواقعة عبارة عن شقة بالدور الأرضى، ويوجد رديم ناتج الحفر بالصالة والممر، وغرفة الحفر ويقع الحفر في منتصف الغرفة بعمق حوالى 6 متر وقطرها حوالي "1" متر، وبها سلم من الحبل المجدول، وصلبات خشبية على بعض الجوانب لمنع الانهيار بها وأن تلك التجهيزات تدل أن الحفر بعرض التنقيب عن الآثار، وحيث أنه باستجواب المتهمين بتحقيقات النيابة العامة أنكروا ما نسب إليهم، وحضر المتهم الأول والثاني والثالث، ولم يحضر المتهم الرابع بجلسة المحاكمة، واعتصموا بالإنكار، والدفاع الحاضر شرح ظروف الدعوى وملابساتها وطلب البراءة تأسيسا على الدفع بانتفاء القصد الجنائي لدى المتهمين وبطلان تقرير اللجنة الخاصة بالآثار وعدم جدية التحريات.
وكذا عدم معقولية التصوير الواقعة، ثم جرى دفاعه على أن المتهمين مجرد عمال باليومية، وليس لهم علاقة للحفر، وأنهم يقوموا فقط برفع أعمال أو أثرية أو هدم جدار أو ما شابه ذلك وأن المنطقة التي تم بها الحفر ليست منطقة أثرية، وكذا انتقاء صلة المتهمين بالحفر وأن التحريات دلت على أن المتهمين المضبوطين هم عمال كانت الواقعة هو اليوم الثاني بالعمل في حين أن الحفر كانت حوالى 6 أمتار أي تستلزم وقتا كبيرا لحفرها ودفع ببطلان أضرار المتهمين بمحضر الضبط وانتهي بطلب البراءة.
الحفر في ذاته غير مجرم طالما لم يتبين أن القصد منه التنقيب عن الآثار
المحكمة في حيثيات الحكم قالت بعد أن محصت الدعوى واحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة، ووازنت بينها وبين أدلة النفي وداخلتها الربية في صحة عناصر الإثبات فإنها ترجع دفاع المتهم وترى أن الواقعة صورة أخرى غير تلك التى قال بها شهود الواقعة قد احجموا عن ذكرها لإسباغ الشرعية على الواقعة، ولاسيما وأن المحكمة لا تطمئن من أن أعمال الحفر الواردة بتقرير المعاينة بقصد التنقيب عن الآثار، ولم تتبين ذلك القصد من الأعمال بمسرح الجريمة، وإن الحفر في حد ذاته لا يجزم بذلك القصد.
وبحسب "المحكمة": ولاسيما وكانت اللجنة المشكلة بتحقيقات النيابة العامة قد اثبتت أن الحفر بمنزل ملك أحد المتهمين ولم تتبين منه المحكمة الركن المعنوي من الحفر، ولاسيما وأنها ليست من الأراضي أو المناطق التابعة لهيئة الآثار المصرية، ولم يصدر بها قرار من هيئة الآثار المصرية، مما تتشكك المحكمة فيما أسند للمتهمين من اتهام، وأن الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة من مطالعتها لأوراق الدعوى ومن تقديرها لأدلة الثبوت التي استسقتها من أقوال الشهود وبالتحقيقات ومن وزنها للأمور جعلها لا تطمئن إلى صحة نسبة هذا الفعل إلى المتهمين بالصورة التي صورها بما يتعين مع اطراح هذا التصوير وعدم التعويل عليه.
لما كان ذلك - وكان الدليل القائم في الأوراق قبل المتهمين والذى عماده أقوال الشهود وقد أحاط به الشك بما لا ينهض معه كدليل تطمئن إليه المحكمة على صحة الاتهام وثبوته في حقه ومن ثم يتعين عملا بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية القضاء ببرائتهم مما أسند إليهم ومصادرة المضبوطات عملا بالمادة 30/1 من قانون العقوبات.
المحامى حسين على - دفاع المتهمين