تطورت العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى بشكل كبير خلال العقد الأخير فى ضوء خصوصية العلاقات والحوار البناء والمعمق الذى يتم بصفة دورية حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية، وسبل التصدى للتحديات المشتركة التى تواجه الجانبين، وسعى الجانب الأوروبى إلى ترفيع مستوى العلاقات مع مصر وذلك انعكاسًا لقناعة أوروبية بأن مصر شريك موثوق به ويعتمد عليه للاتحاد الأوروبى فى مختلف مجالات التعاون وفى مواجهة مختلف التحديات المشتركة.
ويتضامن الاتحاد الأوروبى مع مصر فى عدد من التحديات الاقتصادية والأمنية المشتركة التى تحتل أولوية متقدمة على أجندة التعاون بين الجانبين، وفى رأسها أمن الطاقة، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، ومكافحة الإرهاب والتطرف، ويشيد الجانب الأوروبى بالدور المصرى الكبير فى التعاطى مع هذه التحديات وتأكيده على استمرار دعمه لجهود الدولة المصرية لتجاوز تلك العقبات باعتبار القاهرة من ركائز الأمن والاستقرار فى الإقليم.
تتطابق الرؤى المصرية الأوروبية فى كيفية حل الأزمة الراهنة فى غزة، بضرورة وقف إطلاق نار وإبرام صفقة لتبادل الأسرى، والتأكيد على ضرورة تفعيل الحل السلمى باستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى للتوصل إلى حل للأزمة الممتدة لأكثر من سبعة عقود.
وتدعم الدول الأوروبية الجهود الكبيرة التى تبذلها مصر سواء فى الوساطة المصرية الساعية لوقف الحرب على غزة وكذلك الجهود المضنية بإدخال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية إلى القطاع، فضلا عن تحركاتها على الصعيد الإقليمى والدولى للتأكيد على أن الحوار هو السبيل الوحيد لنزع فتيل الأزمة فى مطقة الشرق الأوسط.
ترى دول الاتحاد الأوروبى أن مصر واحدة من أهم الدول القادرة على لعب دور كبير فى حل الصراع الفلسطينى – الإسرائيلى، وذلك بسبب القدرات الكبيرة والخبرات المتراكمة للدولة المصرية فى التعامل مع جذور هذا الصراع الممتد منذ عقود.
دعت الدولة المصرية فى عدة مناسبات الجانب الأوروبى إلى التعامل مع تداعيات الأزمة الإنسانية فى غزة بوقف ممارسات العنف والقمع واستئناف جهود عملية السلام وتهيئة الفاعلين والشُركاء الأوروبيين الظروف الملائمة للتوصل إلى سلام دائم وعادل يسمح بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967.
تتطابق الرؤية المصرية والأوروبية فى سبل حل الأزمة الليبية الممتدة منذ سنوات بضرورة الدفع نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى أقرب وقت ممكن، والعمل على إيجاد حل لمشكلة التشكيلات المسلحة التى تسيطر على مقدرات الدولة الليبية منذ سنوات.
وتدعم الدول الأوروبية التحركات التى تقودها مصر مع عدد من الشركاء لتفعيل قرارات مجلس الأمن بضرورة إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من الأراضى الليبية دون قيد أو شرط وفى أقرب وقت ممكن، فضلا عن الاجتماعات التى احتضنتها القاهرة لأعضاء اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5" لبحث سبل توحيد المؤسسة العسكرية فى ليبيا.
ويؤكد الجانب الأوروبى دوما على دور مصر الإقليمى والمحورى كركيزة ولاعب أساسى لتعزيز أمن واستقرار المنطقة، ويعمل على دعم هذا الدور الذى لا غنى عنه فى إرساء أمن واستقرار الإقليم.
يعد ملف مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية من أبرز ملفات التعاون المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبى، وقد نجحت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية فى التصدى للإرهاب الذى انتشر فى دول الإقليم نتيجة جماعات مسلحة غير نظامية مدعومة من الخارج، فضلا عن الجهود الكبيرة التى بذلتها مصر بسن تشريعات ووضع قوانين لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى الجهود الأمنية التى تبذلها المؤسسات المصرية للقضاء على هذه الظاهرة حيث لم تخرج أى مركب هجرة غير شرعية من السواحل المصرية منذ سبتمبر 2016.
لاشك أن مجالات التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبى ممتدة فى ملفات إقليمية ودولية هامة منها الأوضاع فى السودان وسوريا والبحر الأحمر، بالإضافة إلى التعاون المشترك فى منطقة القرن الأفريقى التى يعتبر الجانب الأوروبى الدولة المصرية واحدة من أبرز الدول المؤثرة فى منطقة القرن الافريقي.
ويأتى الإعلان عن ترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية والشاملة"، كتتويج للتعاون المشترك بين الجانبين الممتد منذ سنوات ونقلة نوعية فى التعاون والتنسيق بين الجانبين، من أجل تحقيق المصالح المُشتركة.