تأثير الأفاتار - أرشيفية
انتشر خلال الفترة الماضية مصطلح "الأفاتار" خاصة عند تغيير فيسبوك اسمه إلى "الميتا فيرس"، لكن المصطلح موجود في الحياة الافتراضية وشغل عدد من الباحثين القانونين الغربيين بالمصطلح خاصة عند دراسة البحوث على البشر عبر الإنترنت فماذا يعنى هذا المصطلح؟ وما هى أهميته القانونية؟ وضرورة تحديد النظام القانوني الذى يحكمه، حيث تشير كلمة أفاتار - avatar - فى علم الحاسوب إلى التمثيل الرسومي ثلاثي الأبعاد للمستخدم، واستخدام هذا التمثيل الرسومي فى الألعاب أو العوالم الافتراضية.
وتسمح تقنية avatar للمستخدم اختيار صور رسومية تمثله، ويمكنه بناء شخصية بصرية بالجسد والملابس والسلوكيات والجنس والاسم الذي يختاره، مما يعنى أن الآفاتار ليس مجرد تمثيل لمجموعة من النقاط الضوئية على شاشة الحاسوب، ولكنه يمثل هوية المستخدم في الحياة على الشاشة لتمثيل نفسه في المناقشات التفاعلية، وتمثل الأفاتار، أو الشخصيات الوهمية، جزءًا مهمًا من الثقافة الرقمية الحديثة، حيث يستخدمها الأشخاص للتعبير عن أنفسهم وتمثيل هويات بديلة على الإنترنت، ومع تزايد استخدام الأفاتار، أصبح لها تأثير على عدة جوانب من الحياة الاجتماعية والقانونية.
تأثير "الأفاتار" في المجتمعات القانونية بين الحرية والمسؤولية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية تأثير "الأفاتار" في المجتمعات القانونية بين الحرية والمسؤولية، خاصة وأن أحد التأثيرات القانونية لـ"الأفاتار" هو في مجال حماية الهوية والخصوصية على الإنترنت، فبينما يعتبر الأفاتار وسيلة للتعبير عن الذات بطريقة مجهولة، يمكن أن يساء استخدامها أيضًا لارتكاب جرائم رقمية مثل الاحتيال أو التحرش، وهنا يتداخل القانون في محاولة لتحقيق التوازن بين حرية التعبير وحماية الضحايا، علاوة على ذلك، تشكل الأفاتار تحديًا أيضًا في مجالات مثل المسؤولية القانونية، حيث يمكن استخدامها لإخفاء هوية الأفراد الذين يرتكبون جرائم على الإنترنت، مما يجعل من الصعب تحديد مسؤوليتهم القانونية - بحسب أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي.
في البداية - قد يكون للأفاتار أثرا إيجابيا على المجتمعات القانونية من خلال تعزيز التواصل والتعاون عبر الإنترنت، فبوسائل الاتصال الحديثة، يمكن للأفاتار تسهيل التفاعل بين الأفراد وتعزيز الحوار القانوني وتبادل المعرفة والخبرات، وتجدر الاشارة إلى كلمة أفاتار (بالإنجليزية: Avatar) وهو فيلم خيال علمي واكشن من إخراج جيمس كاميرون، تم طرحه في قاعات السينما في الولايات المتحدة الأمريكية في (18 ديسمبر 2009)، وهو من أكثر الأفلام تكلفة من حيث الإنتاج حيث بلغت تكلفة الإنتاج ما لا يقل عن 230 مليون دولار – وفقا لـ"العزاوى".
يمثل الأفاتار تحديًا متزايدًا للقانون والمجتمعات القانونية في عصر الرقمنة
كما أنه حقق رقما قياسيا في مبيعات شباك التذاكر لدور السينما في الولايات المتحدة وكندا حيث حقق أرباحا تقدر بنحو 278 مليون دولار في أسبوع العرض الأول، وفي وقت سابق أعلنت شركة "ميتا" للتكنولوجيا، أنها أتاحت صورا رمزية ثلاثية الأبعاد (أفاتار) إلى القصص (Stories) والرسائل المباشرة (DMs) الخاصة بمنصة التواصل الاجتماعي للصور "إنستغرام"، بالإضافة إلى تحديث الأفاتار الخاصة بتطبيقي "فيسبوك" و"ماسنجر" – هكذا يقول "العزاوى".
ويمثل الأفاتار تحديًا متزايدًا للقانون والمجتمعات القانونية في عصر الرقمنة، حيث يجب مواكبة التطورات التكنولوجية والتحديات المتعلقة بالخصوصية والأمن الرقمي والمسؤولية القانونية، إضافة إلى ذلك ضرورة أن تكون هناك تشريعات تنظيمية يمكن من خلالها حظر أو تقيد استخدام الأفاتار في أنشطة معينة مثل التحرش الجنسي أو الاحتيال الإلكتروني، وفي نفس الإطار تساهم تكنولوجيا التحقيق المتقدمة في تتبع وتحليل نشاطات الأفاتار عبر الإنترنت وتحديد المسؤولين عنها – طبقا لـ"العزاوى".
تعزيز التوعية والتثقيف للمستخدمين بمخاطر استخدام الأفاتار
ومن الجدير بالملاحظة أن تعزيز التوعية والتثقيف للمستخدمين بمخاطر استخدام الأفاتار بشكل غير قانوني والعواقب القانونية لهذا السلوك هو أمر في غاية الأهمية، ولأبد من التأكيد على تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة السيبرانية وتبادل المعلومات والخبرات لمواجهة استخدامات الأفاتار غير الشرعية.
ومن زاوية أخرى - ضرورة تعزيز القدرات القضائية ويشمل ذلك تدريب القضاة والمدعين العامين على كيفية التعامل مع القضايا المتعلقة بالأفاتار وتطبيق القوانين عليها بشكل فعال، ولعل من المفيد أن نؤكد على الاستجابة السريعة، ويأتي ذلك من خلال تطوير آليات استجابة سريعة لرصد ومعالجة الجرائم المرتبطة بالأفاتار وتقديم العقوبات المناسبة، ختاماً واستنادا إلى ماسبق ومن خلال تطبيق هذه المعالجات وغيرها، يمكن تعزيز فعالية التعامل مع الأفاتار وتقليل الاستخدامات السلبية لها.
حزمة من الأسئلة حول مخاطر استخدام الأفاتار
وهناك حزمة من الأسئلة يجب طرحها والإجابة عليها أبرزها هل تحقق الصورة ضمانات قانونية مثل العلامات التجارية والحق في الدعاية؟ هل يمكن أن يصبح الأفاتار "شخصًا" بالطريقة التي تُعتبر بها الشركات أشخاصًا اعتباريين؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل يمكن أن تمتلك الصورة الرمزية حقوق الطبع والنشر؟ هل يمكن للأفاتار أن يمتلك حق المؤلف في حد ذاته كإبداع خيالي؟ وهل تشمل العينة في البحوث على البشر عبر الانترنت الصورة الرسومية مثل الدراسات العرقية عبر الإنترنت وكذلك في المجال الطبي وإمكانية التداوى عن بعد، كما يمكن العثور على أدلة جنائية من خلال التحقيق في شخصية المجرم او المتهم في لعبة عبر الإنترنت باستخدام الصورة الرمزية.
وفى الحقيقة لا شك أن المصطلح قد غيًّر ديناميات الهوية وتمثيل المشاركين فى الفضاء الافتراضي، مما يمثل تحديًا من قبل الباحثين والمشرعين خاصة ان الحواجز بين الخيال والواقع في العوالم الافتراضية أصبحت قابلة للاختراق بشكل متزايد، مما يؤكد الحاجة للنقاش بين علماء القانون للتمييز بين قانون العوالم الافتراضية والعالم الحقيقي، ومزيد من الدراسات القانونية حول ما يتم تنظيمه بالضبط، وهل يمكن اعتبار الصورة الرمزية امتدادًا للفرد أو وكيلًا للفرد في المساحات الافتراضية؟ ومتى يجب معاقبة السلوك الافتراضي؟
يجب أن يتدخل القانون إما جنائيًا أو مدنيًا للتصدى لمخاطر استخدام الأفاتار
ويعد تقييم جودة العلاقة بين الإنسان والصورة أمرًا ضروريًا عند تحديد ما إذا كان الضرر الافتراضي الذي تم إلحاقه بالصورة الرمزية له صلة كافية بالفرد الواقعي بحيث يجب أن يتدخل القانون إما جنائيًا أو مدنيًا، كما يجب أن يوفر القانون الذي يحكم تلك الصور الرمزية وسن القوانين الخاصة وتحليل الإصابات التي يمكن ان يتلقها الشخص أثناء الانغماس في عالم افتراضي، ويجب أن يستعد المحقق الجنائى عندما يدخل عليه مواطن قائلا لقد سرقت صورتي الرمزية "أفاتار avatar"، ويزداد الخطر في التطبيقات الممكنة للواقع الافتراضي في الإعدادات المهنية والتجارية.
ويكون هؤلاء المستخدمون عرضة لمخاطر اختلاس الهوية - أو الاستخدام غير المصرح به لأسمهم وشبههم من قبل الآخرين، حيث يمكن للسارق إنشاء محتوى جديد والتفاعل المستمر مع أشخاص آخرين باعتباره الهوية المسروقة، كما أن الإطار القانوني الموضوعي يجب أن يتمكن من التعامل مع الدهاء التكنولوجيا والذكاء الصناعى في المستقبل وحتمية أن يحدد القانون الإطار الأخلاقي للبحوث المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ووضع "تقرير مينلو" Menlo Report الصادر في يناير 2012 م الذى نشرته وزارة الأمن الوطني الأمريكية قسم الأمن السيبراني والداعى إلى الالتزام من جانب الباحثين فى علم الحاسوب بمبادئ ثلاثة: احترام الآشخاص، والسرية، والعدالة ومبدأ إضافي وهو احترام القانون والمصلحة العامة، وذلك في الوقت الذى ننتقل فيه من الواقع الافتراض (VR) الى الواقع المعزز المعروف باسم (AR) الذى تستخدم فيه نظارات الواقع المعزز التي تخلق عالمًا افتراضيًا اصطناعيًا بالكامل داخل بيئة ثلاثية الأبعاد والملاحة فيه بحرية والتفاعل على مستوى غير مسبوق من الألفة الإلكترونية يجب أن يسعى القانون الى ضبط تلك العلاقات في أطار قانونى وأنى اعتبر ذلك من ضرورات الأمن القومي.
أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي
