بدات حفلة الرسائل النصية المزعجة المحفوظة والمثبتة على أجهزة الهاتف المحمول التى تبث على مدار الساعة عبر وسائل التواصل الاجتماعى فى عيد الفطر، والتي أصبحت مصدر ازعاج بالنسبة للكثيرين، لأنها خالية من أى مشاعر وتفتقر إلى الخصوصية، ترسل لكل قائمة الأصدقاء دون تحديد شخص بعينه، غالباً ما تكون مرفقة بصورة لكحك العيد، أو لطبق تمر، مع بعض الكلمات المكررة المرتبطة بالعيد، البعض يتهم أصحاب هذه الرسائل بأنهم يُفقدون المعايدات معناها، ويتعاملون معها بالحذف، بينما يقرر آخرون حظر أرقام أصحابها، حتى يتوقفوا عن استقبال مزيد من الرسائل المزعجة.
والعجيب أنه مع حلول عيد الفطر المبارك، تنتشر بشكل كبير ظاهرة إرسال الرسائل العشوائية عبر الهاتف المحمول من عينة "أرسلها لعشرة ولا تجعلها تقف عندك" - في إشارة للرسائل بزعم أنها رسائل دينية – الأمر الذي اعتبره كثيرون – مزعجاَ - بسبب كثرة إرسال وضخ هذه الرسائل بشكل مكثف طوال اليوم.
بدأت حفلة الرسائل المزعجة.. "العيد جانا" و"أهلا بالعيد"
فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية مسألة ضخ مثل هذه الرسائل المزعجة من الناحية القانونية، وذلك من خلال طرح سؤال هل هناك عقوبة للأشخاص الذين يقومون بإرسال مثل هذه الرسائل بشكل مكثف سواء بالحبس أو التغريم باعتبار أن مثل هذا الفعل يُعد مؤذياَ من الناحية النفسية، وماهي علاقة هذا الأمر بانتهاك الخصوصية الشخصية؟
رسائل سخيفة ومصطنعة تفقد مشاعر الحب
فى هذا الشأن – يصف عبد الكريم محمد، موظف، هذه الرسائل بالمستفزة والمصطنعة، ليس مفهوما وجهة النظر من إرسالها وما هى الفائدة منها، لكن الواحد منا يقرر عدم إحراج مرسلها برد بسيط للمعايدة مثل الرد: "بإيموشن، خاصة إن هناك أناس يرسلونها بقصد التهنئة وعندهم حسن نية وما يعرفوش إنها سخيفة ودمها تقيل، وخلتنا فقدنا التهنئة بالزيارة أو حتى بمجرد اتصال وأصبح الواحد يكتفى بإرسال رسالة".
ووفقا لـ"محمد" فى تصريح لـ"برلمانى" – هذه الرسائل أصبحت من الرسائل المحفوظة كل عيد، تصرفه الوحيد قبالها هو عدم الرد وأحياناً حظر رقم صاحبها، وردد قائلاَ: "لو كانت الرسالة ليست موجهة ليا مخصوص، ومبعوتة لجميع الناس، بالتأكيد مش برد، دول ضيعوا قيمة العيد والتواصل بين الناس وبعضهم"، وهذا النوع من الرسائل "مستفز" والغرض منه مجرد عمل الواجب فقط، وكأن المعايدة تحولت إلى رسائل خالية من الحب والمشاعر، وأصبح الجميع يرسل نفس الرسالة ونفس المعايدة.
تجريم المشرع للرسائل المزعجة
وعن موقف القانون من الرسائل المزعجة – يقول الخبير القانونى والمحامى الدكتور محمد الصادق، إن مسألة الأشخاص الذين يرسلون رسائل – عشوائية - من عينة "إرسالها لعشرة ولا تجعلها تقف عندك"، و"أرسلها لكل أحبابك" و"العيد جانا"، فإن الموضوع مجرم من الناحية القانونية طبقاَ لنص المادة 25 فى الفصل الثالث من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، وكذا الجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى غير المشروع، حيث جرى نصها على أن:
"يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو (ارسل بكثافة العديد من الرسائل الاليكترونية لشخص معين دون موافقته)، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع اليكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة ام غير صحيحة".
ويضيف "الصادق" في تصريح لـ"برلماني": واضح من العبارة التي بين قوسين، أنها عاقبت على إرسال تلك الرسائل، بعقوبة الحبس الذي لا يقل عن 6 شهور أو الغرامة من 50 إلى 100 ألف جنية، حيث إن مسألة إرسال رسائل بكثافة مثل هذه النوعية يعتبر - مؤذى للغير - الأمر الذى جعل المشرع يفرد له نصاَ خاصاَ فى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وذلك لأن هذه الرسائل تعتبر انتهاك للخصوصية وإزعاج للغير، ومثل هذه المناسبات فى عيد الفطر وغيرها تُعد موسما للأشخاص المحترفين فى إرسال مثل هذه الرسائل ومنهم من يرسل رسائل دينية، وردد قائلاَ: "أقسم بالله هو نفسه مش بيكون قراها، فياريت نحترم خصوصيات بعض، وحتي لو محدش رفع عليك قضية، لكن أسهل حاجة يتعملك بلوك، وفى يوم قد تحتاج تبعت رسالة في موضوع هام لذلك الشخص، فتكتشف أنه عملك بلوك من كتر رسايلك التافهة"، وهى جرائم تختص بها المحاكم الاقتصادية.
المقصود بالإزعاج أو المضايقة :
ويقصد بالإزعاج أو المضايقة الاستخدام السييء لأجهزة الاتصالات بُغية إزعاج الغير أو مضايقته ودون مبرر من خلال مناداة الغير عن طريق هذه الأجهزة كى يجيب النداء دون أى خطاب مفيد ولمجرد العبث بوقته وإقلاق راحته وتكديره ومضايقته، والإزعاج لا يقتصر على السب والقذف بل يتسع لكل قول أو فعل تعمَّده الجاني ويضيق به صدر المواطن وتقع الجريمة متى تحقق الإزعاج أو المضايقة من خلال أي جهاز من هذه الأجهزة.
هل تنقضي هذه الجريمة بالتصالح؟
لا أثر للصلح على جريمة من تعمد إزعاجا للغير بأجهزة الاتصال الحديثة ولكن للقاضى من خلال ظروف الدعوى وملابساتها أن يأمر أو لا يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها على المتهم، وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأنا فيه، بل خص قاضي الموضوع به ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه، ومما يجدر التنبيه إليه هو وجوب لجوء المجنى عليه إلى الجهات المختصة فإذا كان الإزعاج عن طريق المحمول "رسائل S M S أو شتائم وتم تسجيلها أو كثرة الاتصال دون رد أى عدد كبير من المزدات"، فيكون الإبلاغ فى قسم مباحث التليفونات ويتعين تقديم التليفون لمطالعة الرسائل أو الحديث المسجل لإثباته فى المحضر – الكلام لـ"الصادق".
الحبس جزاء الإزعاج بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات
كما تنص المادة 166 من قانون العقوبات على معاقبة من يتعمد إإزعاج الغير ومضايقتهم بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، بأن: "كل من تسبب عمداً في إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على 100 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".
الخلاصة:
فرض قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات والمعروف إعلاميا باسم "جرائم الإنترنت"، عقوبات رادعة في حالة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة، بعد حالة الفوضى التي شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية وانتهاك الحياة الخاصة للمواطنين، وهى المادة 25 في الفصل الثالث من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه في الجرائم التالية:
1- كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة.
2- كل من أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته عبر "فيس بوك" و"واتس آب".
3- كل من نشر عن طريق الإنترنت معلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة ام غير صحيحة.
كما عاقب التشريع بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 300 ألف جنيه، كل من تعمّد استعمال برنامج في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة أو لإظهارها بطريقة من شانها المساس باعتباره أو شرفه.
الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات والرسائل المزعجة
يشار إلى أنه فى حالة تعرضك لتلك الرسائل المزعجة توجه ببلاغ رسمي إلى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والذى يقم بفحص البلاغ وإحالته إلى نيابة الشئون المالية والتجارية، وبعد التحقيق في الواقعة يتم إحالة القضية إلى المحكمة الاقتصادية المختصة، وفقا للقانون ونص المادة 25 المتعلقة بالجرائم الاعتداء على حرمه الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى غير المشروع.