للمرة الثالثة منذ أكتوبر الماضى تعود العدل الدولية لنظر قضية جديدة متعلقة بالاحتلال الإسرائيلي وجرائمه، فبعد أن شهد العالم محاكمة تل أبيب فى اتهامات بالإبادة الجماعية فى قطاع غزة، وثم جلسات الاستماع حول عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي، اجتمعت مرة أخرى المحكمة لمحاكمة أصدقاء إسرائيل ومن عاونها على ارتكاب جرائمها بحق الفلسطينيين.
وانطلقت جلسة استماع لمحكمة العدل الدولية للنظر في دعوى نيكاراجوا ضد ألمانيا على خلفية تقديمها مساعدات عسكرية لإسرائيل، والتي استندت إلى أدلة تفيد بانتهاك القانون الدولي الإنساني الخاصة بالإبادة الجماعية في فلسطين.
وتواجه ألمانيا، تهمة "تسهيل ارتكاب إبادة" بحق الفلسطينيين من خلال دعمها العسكري والسياسي لإسرائيل في دعوى أقامتها نيكاراجوا أمام محكمة العدل الدولية.
وطالبت نيكاراجوا، قضاة المحكمة، بفرض "إجراءات طارئة" لدفع برلين للتوقف عن تزويد إسرائيل بالأسلحة وغير ذلك من أشكال الدعم، ونددت نيكاراجوا بألمانيا أمام المحكمة، قائلة إن تزويدها الحكومة الإسرائيلية بالأسلحة، بينما تقدّم مساعدات لغزة هو "أمر مؤسف".
وفي ملف الدعوى المقدم إلى المحكمة في 43 صفحة، تشدد نيكاراجوا على أن ألمانيا تنتهك اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية الموقعة عام 1948 التي أُبرمت غداة "المحرقة النازية" - الهولوكوست.
وجاء في الملف أنه "عبر إرسالها معدات عسكرية وإيقافها الآن تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، تسهّل ألمانيا ارتكاب إبادة".
واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والمعروفة باسم اتفاقية الإبادة الجماعية، جزء من القانون الدولي وأقرت رداً على أسوأ إبادة جماعية في القرن العشرين: الهولوكوست. وتهدف اتفاقية 1948، التي رعتها الأمم المتحدة، إلى تطبيق مبدأ "لن يحدث ذلك مرة أخرى أبداً"، وهي العبارة التي نشأت بعد الإبادة المنهجية التي نفذتها النازية بحق ستة ملايين من اليهود الأوروبيين وملايين غيرهم في المحرقة (الهولوكوست).
ومن خلال وضع إطار قانوني لـ"الإبادة الجماعية"، تأمل الاتفاقية في منع وقوع جريمة أخرى، على الرغم من وقوع عدد من جرائم الحرب واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم في العقود التي تلت ذلك.
وألمانيا وإسرائيل هما من بين أكثر من 150 دولة موقعة على الاتفاقية، ودولة نيكاراغوا الصغيرة في أمريكا الوسطى كذلك.
كل دولة موقعة تتحمل المسؤولية القانونية بضرورة الالتزام بأحكام الاتفاقية ودعمها، وتحتفظ بالحق في اتهام دولة أخرى رسمياً بانتهاكها.
وهذا ما فعلته نيكاراغوا: في الأول من ماس حيث رفعت دعوى أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد ألمانيا. ويزعم الطلب أن ألمانيا، بسبب دعمها الثابت لإسرائيل بما في ذلك تسليم الأسلحة، "فشلت في الوفاء بالتزامها بمنع الإبادة الجماعية المرتكبة والتي لا تزال ترتكب ضد الشعب الفلسطيني"، وبالتالي "ساهمت في ارتكاب الإبادة الجماعية في انتهاك لقانون لاتفاقية الإبادة الجماعية"، وغيرها من عناصر القانون الدولي.
وأكد ممثل نيكاراجوا أمام محكمة العدل الدولي أن ألمانيا مسؤولة عن الإبـادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن المعرفة المسبقة لألمانيا باستخدام أسلحتها ضد الفلسطينيين تعتبر مشاركة في الإبادة الجماعية.
واتهم إسرائيل باستهداف العاملين في المنظمات الإنسانية وخاصة وكالة "أونروا"، منتقدا وقف ألمانيا تمويل "أونروا" يسهم في شل المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
وقال ممثل نيكاراجوا نطالب محكمة العدل الدولية بأن تأمر ألمانيا بوقف دعمها لإسرائيل، مؤكدا أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي بذريعة الدفاع عن النفس.
وقال رئيس وفد نيكاراجوا بـ محكمة العدل الدولية:" إن الولايات المتحدة وألمانيا تدعمان حـرب الإبـادة الإسرائيلية في غزة وعلى برلين الالتزام بقرارات المحكمة".
وأضاف: "نأمل أن تصدر محكمة العدل الدولية تدابير تطالب ألمانيا بوقف مساعداتها العسكرية لإسرائيل"، مشيرًا إلى أنه "منذ تقديم دعوى جنوب إفريقيا لم يحدث أي شيء لوقف الإبادة الجماعية في غزة".
فى حين رفضت وزارة الخارجية الألمانية، اليوم الاثنين، ادعاءات نيكاراجوا بأنها انتهكت اتفاقية الإبادة الجماعية أو القانون الإنساني الدولي من خلال دعم إسرائيل.
وأضافت، أن "ألمانيا لم تنتهك اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية ولا القانون الإنساني الدولي، وستستعرض ذلك بالكامل أمام محكمة العدل الدولية".