أجمعت القوى السياسية السودانية على محورية الدور المصرى فى التعامل مع الأزمة السودانية، والذى يتجلى فى الدعم اللا محدود الذى تقدمه القيادة السياسية المصرية للسودان وشعبه سعياً للخروج من عنق الزجاجة، ومن النفق المظلم الذى تعيشه البلاد خلال الوقت الراهن.
وأكدت القوى السودانية، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، على هامش مشاركتهم في مؤتمر القوى السودانية الذي احتضنته القاهرة أمس الأربعاء ، أن أمن مصر والسودان هو جزء لا يتجزأ، باعتبار أن أمن السودان هو امتداد للأمن القومي المصري، وان استقرار الأوضاع في السودان يعني ترسيخاً لدعائم الأمن والسلام والوئام في المنطقة.
وفي هذا الاطار، أكد مصطفى تمبور رئيس حركة تحرير السودان، أن مؤتمر القاهرة والذي شهد تجمع عدد كبير من القوى السياسية السودانية يعد حدثاً استثنائياً ومهماً جداً، حيث تجمعت كل تلك القوى استشعاراً بالمسؤولية الوطنية تجاه الشعب السوداني ومصالح الوطن.
وأضاف تمبور أن القوى السياسية السودانية ناقشت الأزمة السياسية السودانية بشكل دقيق ومفصل، وقدمت تصوراً لاحتواء تلك الأزمة، كما قدمت رؤى واضحة لإنهاء حالة الانقسام التي أثرت بالسلب على الدولة السودانية بالكامل، وتوافقت على ضرورة المضي قدماً تحت لواء الوطن للعبور بالسودان إلى بر الأمان.
ووصف رئيس حركة تحرير السودان الدور المصري في التعاطي مع الأزمة السودانية بأنه دور تاريخي، موجهاً الشكر والتقدير للقيادة السياسية المصرية على دعمها اللا محدود للسودان وشعبه.
وأبرز أن القيادة المصرية تتعامل مع السودان من واقع مسؤولية تاريخية بحكم أن أمن السودان هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر، وأن الاستقرار في السودان بلا شك سينعكس بشكل إيجابي على مصر.
من جانبها، قالت الدكتورة شذى عثمان عمر الشريف، القيادية بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، إن تجمع القوى السياسية والوطنية السودانية في القاهرة يعتبر يوماً تاريخياً نتج عنه التوصل إلى وثيقة ميثاق القوى السودانية التي توافقت خلالها الأحزاب والكتل على خارطة طريق لإدارة المرحلة الانتقالية سعياً إلى تسوية الأزمة وعودة الحياة في السودان إلى طبيعتها.
وأوضحت القيادية في "الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل" أن القوى السودانية التي اجتمعت في القاهرة تمثل الشرعية الحقيقية في السودان، لافتة إلى توافق القوى على تقديم الدعم اللا محدود للقوات المسلحة في مساعيها لإعادة الحياة لطبيعتها.
وأشارت إلى أن السودان يعيش أزمة حقيقية، وهي أزمة وجودية تتطلب تضافر الجهود المحلية والإقليمية والدولية وان يتكاتف الجميع سعياً للخروج من النفق المظلم.
وحول تقييمها للدور المصري في التعاطي مع الأزمة السودانية، أعربت الدكتورة شذى الشريف عن خالص شكرها للقيادة السياسية المصرية على حرصها الدائم على دعم السودان في أزماته.
وذكرت بأن القاهرة بذلت جهوداً كبيرة من أجل تسوية القضية السودانية، ووقفت بحوار الشعب السوداني في محنته الأخيرة حيث استقبلت أعدادا كبيرة من اللاجئين بعدما اندلعت نيران الحرب في السودان.
وأبرزت أن الدور المصري التاريخي في التعامل مع الأزمة السودانية ليس غريباً على مصر، قائدة الأمة العربية، مشيرة إلى أن قدر مصر أنها تحمل على مر التاريخ هم وقضايا العرب من المحيط إلى الخليج.
ونوهت إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يضع القضية السودانية على رأس أولويات السياسة الخارجية المصرية، بإعتبار أن السودان مسألة أمن قومي بالنسبة للدولة المصرية وأن أمن السودان هو جزء لا يتجزء من أمن مصر، منوهة بأن القيادة السياسية المصرية قيادة رشيدة ومنفتحة على العالم وعلى المحيط العربي والإقليمي.
من ناحيته.. أكد رئيس حزب البعث السوداني، يحيى الحسين، أن العلاقات المصرية السودانية ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، لافتاً إلى أن دور القاهرة متعاظم في مساندة الخرطوم وأنه ليس بجديد عليها بل كانت دائمًا الداعم والسند للسودان على مر التاريخ.
وأثنى يحي الحسين على احتضان الدولة المصرية لهذا الكم من أبناء السودان الذين فروا من الحرب، وظلت مصر تستقبلهم وتمنحهم الخدمات الأساسية شأنهم شأن المصريين.
وثمن يحي الحسين ترحيب الشعب المصري بأشقائه السودانيين، قائلاً:"نحن دائماً نلجأ إلى مصر في كل الأزمات سواء في الأزمة الحالية أو في كل أزمات السابقة" ، معرباً عن أمله في أن يكون "مؤتمر القاهرة" هو الانطلاقة الحقيقية نحو تحرير التراب السوداني ممن عاثوا في الأرض فساداً، لكي يعود شعب السودان إلى وطنه مكرماً وينعم بالأمن والأمان.
من جهته.. حيا وزير الزراعة والموارد الطبيعية بحكومة إقليم دارفور، صلاح حامد الولي، الجهود المصرية على إتاحة الفرصة لمختلف القوى السياسية لإقامة هذا المؤتمر المهم في تاريخ الدولة السودانية، مذكراً بأن كل المبادرات التي قدمت لحل الأزمة في السودان لم تلقَ أي استجابة، إلا أن مصر طرحت مبادرة مهمة للغاية بالنسبة للسودانيين.
وأضاف أن مصر من الدول الاستراتيجية وبلد جار شقيق، وهي بالتأكيد متضررة من الحرب الدائرة في السودان باعتبار أن أمن مصر هو امتداد لأمن السودان.
وشدد على أهمية مؤتمر القاهرة الذي هدف في المقام الأول إلى تعزير دور الكتلة الديمقراطية في حل الأزمة السودانية، وهي كتلة تقف وتتحمل مسئولياتها في حماية شعب وأرض السودان.
وأشار إلى الاستمرار في النقاشات بالقاهرة من أجل إنتاج أفكار جديدة للمساهمة في إيقاف الحرب وبناء سودان مستقر وديمقراطي.
بدوره.. أكد رئيس قوى الحراك الوطني التجاني سيسي محمد، أهمية ملتقى القوى الوطنية بالقاهرة للتوافق حول ميثاق لإدارة الفترة الانتقالية، و تمهيد الطريق للتوافق حول مشروع وطني، وهذا ما كان يفتقده السودان، منوهاً بأن المؤتمر مثل فرصة كبيرة للغاية بالنسبة للقوى السياسية السودانية حيث كان "الحراك الوطني" و "الكتلة الديمقراطية" وكتل أخرى تسعى منذ أكثر من عام إلى توحيد الرؤى، حتى احتضنت مصر كل تلك القوى ليسفر عن ذلك وثيقة تقدم مقترحاً وحلاً وتصوراً لتطورات الأوضاع هناك.
وذكر بأن تلك المجموعات السياسة التقت من قبل عدة مرات إلا ان لقاء القاهرة يعتبر التمهيد الأكبر بل والفصل النهائي لهذه الكتل من أجل الوصول إلى رؤية موحدة للقوى السياسية.
وتقدم بالشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي وللدولة المصرية حكومة وشعباً؛ لاستضافة أهل السودان ولتقديم كل التسهيلات لعقد تلك اللقاءات السياسية بالقاهرة "التي هي بالنسبة لنا ليس بوطن غريب عنا".
وأعرب عن أمله في أن تتوحد القوى السودانية حول أجندة وطنية لاخراج البلد من هذه الأزمة وانهاء الحرب، بجانب المساهمة في "المؤتمر السوداني السوداني" الذي لابد أن ينعقد دون إقصاء لأي قوى سياسية سودانية للوصول إلى خارطة طريق ووثيقة يمكن أن تحل الأزمة مع اتخاذ، في الوقت ذاته، كافة الترتيبات اللازمة "للسودان مع بعد الحرب"؛ لاستدامة الأمن والسلامة والاستقرار بالبلاد.
ونوه بالمساعي المصرية المتواصلة من أجل تحقيق الاستقرار بالسودان، والتي تبذلها القاهرة ليس فقط خلال تلك الأزمة بل منذ اندلاع الثورة بالسودان ، حيث لم تنقطع الاتصالات والتشاورات بين البلدين حول أنجح السبل لتوحيد اهل السودان.
وشدد على تقدير السودانيين لجهود مصر التي تضطلع بمسئوليتها ازاء السودان إذ يتقاسم البلدان الكثير من المصالح الاستراتيجية علاوة على كونهما امتداد للأمن القومي لبعصهم البعض.
وكان قع عدد من الكيانات والقوى السياسية السودانية، بالقاهرة، وثيقة تتضمن رؤية بشأن إدارة الفترة التأسيسية الانتقالية؛ بهدف تقديم رؤية سياسية موحدة للتعاطي مع الأزمة السودانية،والتمهيد لحوار سوداني - سوداني يقدم خارطة طريق سياسية للحل الشامل للأزمة في السودان.
وتضمنت الوثيقة عددا من المبادئ العامة، حيث أكدت على وحدة السودان وسيادته واستقلال قراره الوطني وأمنه القومي، وأن القوات المسلحة هي المؤسسة الشرعية الوحيدة المسؤولة عن حفظ الأمن والدفاع عن وحدة البلاد وسلامة أراضيها وتحتكر استخدام القوة الشرعية.
كما أشارت الوثيقة إلى أهمية الاعتراف بالتعدد والتنوع الاثني والديني والثقافي الذي يحقق المواطنة المتساوية كأساس للحقوق والواجبات، مشددة على أن الشعب السوداني هو صاحب السيادة والسلطة يفوض بإرادته الحرة من يشاء عبر انتخابات حرة نزيهة بمراقبة وطنيا ودولية.
وأبرزت الوثيقة ضرورة تحقيق سلام عادل ومستدام واعتماد مبدأ الشفافية والحوكمة والمحاسبة أساساً للحكم، واعتماد نظام اقتصادي يحقق التنمية المتوازنة استناداً إلى مبدأ العدالة الإجتماعية، فضلا عن ضرورة حماية وصون مقدرات وموارد البلاد مسئوليه الجميع.
وشددت القوى السودانية على أن الهدف من توقيع الوثيقة هو تسوية الأزمة السياسية وإنهاء الحرب وإرساء دعائم السلام العادل والشامل والمستدام، والالتزام برؤية إطارية تمثل قاعدة انطلاق لإنهاء الحرب وتسوية الأزمة السودانية، فضلا عن الاتفاق على فترة تأسيسية انتقالية لحكم البلاد، وإصلاح وإعادة بناء أجهزة الدولة بالصورة التي تعكس استقلاليتها وقومتيها وعدالة توزيع الفرص فيها دون المساس بشروط الاهلية والكفاءة، إلى جانب ضمان تحقيق الأمن والاستقرار اللازم للتحول للحكم المدني الديمقراطي.