الجمعة، 22 نوفمبر 2024 12:23 م

لماذا لا تُفرض عقوبات رياضية دولية على إسرائيل بسبب حربها ضد غزة؟.. معاهدة "مناهضة الأبارتايد" تُحتم مجازاة الكيان الصهيونى بعد قتل الرياضيين وتحويل النوادى لمراكز اعتقال.. وخبير يؤكد ضرورة إبعادها عن أى بطولات

لماذا لا تُفرض عقوبات رياضية دولية على إسرائيل بسبب حربها ضد غزة؟.. معاهدة "مناهضة الأبارتايد" تُحتم مجازاة الكيان الصهيونى بعد قتل الرياضيين وتحويل النوادى لمراكز اعتقال.. وخبير يؤكد ضرورة إبعادها عن أى بطولات إسرائيل تحول الملاعب لمعتقلات فى غزة
الأحد، 12 مايو 2024 06:00 م
كتب علاء رضوان

220 يوما على الحرب على غزة، حيث تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، عدوانها على قطاع غزة برا وبحرا وجوا منذ السابع من أكتوبر، ما أسفر عن استشهاد 34971 فلسطينيًا، وإصابة 78641 آخرين، إضافة إلى آلاف الضحايا الذين ما زالوا تحت الأنقاض، فالخراب والدمار في غزة طال كل شيء بما في ذلك دور العبادة والمستشفيات والملاجئ حتى الملاعب الرياضية، فقد أعلن المجلس الأعلى للرياضة في قطاع غزة مرارا وتكرارا إن جيش الاحتلال قتل مئات اللاعبين والرموز الرياضية ودمّر عشرات الملاعب والنوادي، وحول جزءا منها إلى مراكز اعتقال وتنكيل وإعدام منذ 7 أكتوبر الماضي.

 

المجلس الأعلى للرياضة في قطاع غزة دعا أكثر من مرة إلى محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه بحق الرياضة والرياضيين الفلسطينيين وحق المدنيين والنساء والأطفال، باعتبارها أنها ترتقي لتكون جرائم حرب، خاصة بعد تحويل جزء من ملاعب القطاع إلى مراكز اعتقال وتنكيل وإعدام، مثلما حدث في ملعب اليرموك بمدينة غزة، حينما أجبر عشرات المدنيين على خلع ملابسهم في جريمة واضحة أمام العالم، وإظهار مقطع فيديو يكشف جنودا إسرائيليين يجردون عدة مدنيين فلسطينيين من ملابسهم ويعتقلونهم بينهم طفلان، وذلك في ملعب بقطاع غزة، مما أثار ردود فعل محلية ودولية غاضبة، في انتهاك واضح للرياضة والرياضيين. 

 

20231231041554

 

لماذا لا تُفرض عقوبات رياضية دولية على إسرائيل بسبب حربها على غزة؟

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية مسكوت عنها منذ الحرب على غزة بعيدا عن مسألة القانون الدولى والمعاهدات والمواثيق الدولية، ألا وهى لماذا لا توقع عقوبات رياضية على إسرائيل طالما هناك عجز دولى عن توقيع عقوبات جنائية دولية؟ خاصة أن إسرائيل ترتكب انتهاكات صارخة ضد الرياضة الفلسطينية، ترتقى لتكون جرائم حرب وجرائم ضد القانون الدولي الإنساني، من خلال انتهاك الحق في الرياضة، وهو حق أساسي من حقوق الإنسان التي ينتهكها جيش الاحتلال في قطاع غزة، فلابد من مخاطبة المجتمع الرياضي الدولي باتخاذ - موقف حاسم - لوقف العدوان على قطاع غزة والأراضي الفلسطينية من قبل الجيش الإسرائيلي المحتل - بحسب المحامى بالنقض، ورئيس رابطة المحامين الرياضيين صالح حسب الله.

 

مطالبات بإبعاد منتخباتها وأنديتها ولاعبيها وممثليها عن أي بطولات أو تجمعات

 

في البداية – ندعو المجتمع الرياضي الدولي إلى فرض عقوبات على الرياضة الإسرائيلية، وإبعاد منتخباتها وأنديتها ولاعبيها وممثليها عن أي بطولات أو تجمعات، وذلك بعد جرائم الحرب التي تم ارتكابها داخل الملاعب وخارجها وضرورة أن يتخذ المجتمع الرياضي الدولي بكافة مؤسساته وهيئاته موقفًا واضحًا وصريحًا، يجسد من خلاله دوره المؤثر ورسالته النبيلة، لحماية المدنيين والأبرياء، ووقف العدوان الوحشي والانتكهات اللإنسانية في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، واتخاذ قرارات حاسمة بالعزل الكامل والفورى لـ"الاتحادات الرياضية في إسرائيل"، وذلك "لحين انصياع دولة الاحتلال للمطالبات الدولية، بوقف الاعتداءات والجرائم البشعة بحق الأطفال والنساء والمدنيين العزل، وتوفير ممرات آمنة لتدفق المساعدات الإنسانية العاجلة – وفقا لـ"حسب الله".

 

ة

 

المعاهدة الدولية لمناهضة الأبارتايد في الرياضة

 

فقد سبق وأن صادقت الجمعية العمومية العامة علي عدة معاهدات أهمها معاهدة " عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية" الصادرة بتاريخ 26 نوفمبر 1968 والتي نصت في المادة الأولي منها أن سياسة الأبارتايد هي جرائم ضد الإنسانية، ثم "المعاهدة الدولية لمناهضة الأبارتايد في الرياضة" الصادر بتاريخ 10 ديسمبر 1985 والتي جاءت عقب صدور "التصريح الدولي ضد الأبارتايد في الرياضة"، والذي صدر أيضًا عن الجمعية العامة بتاريخ 14 ديسمبر 1977 م – الكلام لـ"حسب الله".

 

ملحوظة: 

 

وتجدر الملاحظة أن كل هذه التوصيات والمعاهدات لم تجد آذانا صاغية لدي بعض الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الذين ظلوا يعقبون أي تقدم في إنهاء سياسة الفصل العنصري التي ظل يتبناها نظام بريتوريا حتى سنة 1991م.   

 

ب

 

أما فيما يخص موقف اللجنة الدولية الأولمبية من هذا الموضوع، فالملاحظ أنها تباطأت كثيرًا قبل اتخاذ موقف حاسم منه، فعلي عكس السرعة التي ميزت إصدارها لبلاغ 28 فبراير والذي دعت فيه إلي تعليق مشاركة الرياضة الروسية والبيلاروسية 4 أيام فقط بعد اندلاع الحرب، فقد كانت حريًا بها أن تنزل عقوبات رياضية عامة ومؤثرة ضد النظام العنصري مباشرة بعد ما تبني رسميًا سياسة الفصل العنصري سنة 1948 م، في حين أنها لم تبدأ في التحرك ضده إلا في سنة 1964 حينما أصدرت أول قرار جدي في الموضوع بإقصاء جنوب إفريقيا من المشاركة في الألعاب الأولمبية بطوكيو – طبقا لرئيس رابطة المحامين الرياضيين .  

 

الكيل بمكيالين في توقيع العقوبات الرياضية

 

لكنها تراجعت عن هذا الموقف بعد 4 سنوات حينما وجهت إليها الدعوى للمشاركة في الألعاب الأولمبية الصيفية لسنة 1968 بمكسيكو في خضم جدل كبير بين مكونات الحركة الأولمبية، وتهديد 40 دولة أفريقية وأسيوية بمقاطعة الألعاب إذا شاركت فيها، قبل أن تحسم الحكومة المكسيكية هذا الجدل عندما قررت عدم استدعاء الوفد الجنوب إفريقي لأسباب أمنية، ولم تتخذ اللجنة الأولمبية أي قرار نهائي في الموضوع إلا سنة 1970 أي بعد 22 سنة من تاريخ تبني الدولة سياسة رسمية للفصل العنصري حينما سحبت اعترافها باللجنة الوطنية الأولمبية الجنوب إفريقية مما أفضي إلي إقصاء الرياضة في هذا البلد من المشاركة في كافة المنافسات الرياضية القارية والعالمية – هكذا يقول "حسب الله". 

 

ججييي

 

لذلك فإن اعتماد التوصية الصادرة عن الجمعية العامة بخرق الهدنة الأولمبية تفنده المئات من التوصيات الصادرة عن الجمعية العامة منذ تأسيسها سنة 1945 م في مختلف النزاعات عبر العالم، وعلى رأسها الاستيطان الإسرائيلي، والحرب الأمريكية علي كوريا ثم فيتنام، والحرب الروسية الأفغانية، ثم الحرب الأمريكية الأفغانية، والحرب علي العراق، وحروب التحرير علي امتداد العالم الثالث وما شابها من خروقات جمة للقانون الدولي والمعاهدات الدولية، وغير ذلك كثير مما يصعب عده والتي ظلت حبر على ورق، ولم تبادر اللجنة الأولمبية الدولية إلى ترجمتها لقرارات رياضية مماثلة لتلك التي أصدرتها ضد روسيا وبيلاروسيا.

 

جنوب أفريقيا وروسيا خير مثال على ذلك 

 

حاصل القول - فيما تقدم لا سبيل لعقد مقارنة بين العقوبات الرياضية التي أنزلتها اللجنة الأولمبية الدولية بنظام جنوب إفريقيا سنة 1970 م وقرارها الأخير بإقصاء الرياضة الروسية والبيلاروسية، فبرغم أن القرار الأول هذا قد سبقه عدة توصيات صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة إلا أنه في حقيقة الأمر لا يجد سنده في هذه التوصيات رغم أهميتها وثقلها ما دامت لم تترجم إلي قرارات ملزمة في إطار الفصل السابع من الميثاق، إنما يجد سنده القانوني في البندين 2 و4 من ديباجة الميثاق اللذان يربطان بين ممارسة الرياضة وبين اعتبارها حق من حقوق الإنسان وما يقتضي ذلك من واجب صيانة كرامته – طبقا لـ"حسب الله". 

 

ط

 

ونخلص من ذلك أنه رغم أهمية وتأثير الضغوط القوية التي مورست علي اللجنة الدولية الأولمبية من طرف أغلب دول العالم ، ومن طرف المنظمات الحكومية وغير الحكومية وعلي رأسها الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن قرار تعليق مشاركة جنوب إفريقيا في المنافسات الرياضية يجد سنده في خرق سياسة الفصل العنصري للمبادئ الأساسية التي تقوم عليها الحركة الأولمبية والتي كرسها الميثاق الأولمبي وخاصة البندين المذكورين، لذلك فإن القرار، إن جاء ردا علي سياسة تميزية يشجبها العالم، إلا أنه جاء متوافقا مع مقتضيات الميثاق والفكر الأولمبي ولا ينحرف بها عن عقيدة الحياد السياسي التي يقومان عليها.

 

التجاهل الصارخ للقوانين الأخلاقية والإنسانية

 

وفى الحقيقة التجاهل الصارخ للقوانين الأخلاقية والإنسانية، أدى إلى تحويل مرافق كرة القدم في غزة إلى مواقع للأذى والإذلال والإساءة للمدنيين والأطفال الأبرياء، وجرّده من غرضه الأساسي كمساحات للفرح والأمل، وتلك المطالبات العقابية تتفق وتنسجم مع المواقف السابقة للاتحادات واللجان الرياضية الدولية والقارية، بمختلف مؤسساتها وهيئاتها، والتي سارعت دومًا لاتخاذ مواقف حاسمة غير مترددة، لنبذ العنف والظلم والتمييز العنصري، ومجابهته بكافة أشكاله، ونصرة الإنسانية والقضايا المجتمعية، وحماية المعتقدات والأقليات.   

 

طط

 
حححي
 

صالح حسب الله - المحامى بالنقض، ورئيس رابطة المحامين الرياضيين 


print