ويعمل في مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة أكثر من 200 صانع وإداري، في أقسام المجمع وهي: قسم المصبغة والنسيج الآلي، وقسم النسيج اليدوي، وقسم الطباعة، وقسم الحزام وقسم المذهبات، وقسم خياطة وتجميع الكسوة الذي يضم أكبر ماكينة خياطة في العالم من ناحية الطول، حيث يبلغ طولها 16 متراً وتعمل بنظام الحاسب الآلي، كما أن هناك بعض الأقسام المساندة مثل: المختبر، والخدمات الإدارية، والجودة، والعلاقات العامة، والصحة للعاملين والسلامة المهنية بالمجمع.
تصنع الكسوة من الحرير المبطن بالقطن ويتم صبغة باللون الأسود، وتزين بضع من الآيات القرآنية المشغولة بخيوط من الذهب والفضة، ويبلغ طولها 14 متراً يوجد بالثلث الأعلى منها الحزام الذي يبلغ عرضة 95 سنتيمترًا وبطول 47 متراً.
يتكون حزام الكسوة من 16 قطعة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية، بينما تتكون الكسوة من 5 قطع تغطي كل واحدة وجهًا من أوجه الكعبة المشرفة، أما عن القطعة الخامسة تتمثل في الستارة التي تضع علي باب الكعبة المشرفة.
وبالنسبة لتاريخ صنع الكسوة ، فيعد عدنان الجد الأعلى للرسول صلى الله عليه وسلم ، أول من صنع كسوة جزئية للكعبة المشرفة وكانت من برودٍ يمانية، وأوصالٍ وثياب.
بينما أول من كسا الكعبة كسوةً كاملة بالبرود اليمانية وجعل عليها بابًا وجعل له مفتاحا هو تبع اليماني من ملوك حمير باليمن.
ثم كساها خلفاؤه من بعده بالجلود والقماش، حيث لم يرد النبي بعد فتح مكة أن ينزع عن الكعبة كسوة قريش حتى التقطت شرارةً من النار على إثر تبخير إحدى النساء لها.
فاستبدل النبى كسوة قريش بكسوة جديدة من البرود اليمانية وهي ثياب مخططة بيضاء وحمراء، فكانت أول كسوة في عهد الإسلام.
وفى عهد الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما فكسوها بالقباطي وهو ثوب دقيق الصنع مُحكم النسج رقيقٌ أبيض كان يصنع في مصر.
ثم جاء عثمان بن عفان رضي الله عنه فكساها كسوتين كسوة بالبرود اليمانية وكان هذا في يوم التروية، وكسوة فوقها بالقباطي المصرية في اليوم السابع والعشرين من رمضان، فهو أول من كسا الكعبة كسوتين.
لماذا اللون الأسود ؟
أما سبب صناعتها من اللون الأسود فيرجع إلى عهد الخليفة العباسي جعفر المتوكل، حيث شكا الناس خفوت بهاء الكسوة من كثرة التمسح بها، فقد كانت تُصنع من الحرير الأحمر، فأمر أن يُصنع لها إزاران كل شهرين، ثم جاء بعده الخليفة الناصر العباسي فكساها باللون الأخضر، ثم باللون الأسود، واستقر المسلمون على ذلك.
وقد نالت مصر شرف صناعتها مع بداية الدولة الفاطمية حيث كانت ترسل كسوة الكعبة كل عام من مصر، وكانت في ذلك الوقت بيضاء اللون، كما كانت ترسل في الدولة المملوكية في عهد السلطان الظاهر بيبرس.
وكانت مدينة تنيس التي تقع بالقرب من بحيرة المنزلة تحوي أمهر النساج في ذلك الوقت، فأوكلوا لها نسج الكسوة، التي ظلت فيهم ستمائة عام.
وفي عهد السلطان العثماني سليمان القانوني أصبحت تسعُ قرى مصرية موقوفةً على صنع كسوة الكعبة المشرفة.
وكان يحمل الكسوة جمل، عليه هودج، وحوله جمال وخيل وجند، وكانوا يدورون به في البلاد، ويستمرون على ذلك أيامًا، تقام فيها الاحتفالات، ويتلى فيها القرآن والمدائح النبوية، حتى خروج المحمل مع بدء موسم الحج إلى مكة المكرمة عبر البحر.
قد استمرت مصر في صناعة كسوة الكعبة بالدولة العثمانية، فقد اهتم السلطان سليم الأول بتصنيع كسوة الكعبة وزركشتها وكذلك كسوة الحجرة النبوية، وكسوة مقام إبراهيم الخليل.
وفي عهد محمد علي باشا توقفت مصر عن إرسال الكسوة بعد الصدام الذي حدث بين أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الأراضي الحجازية وقافلة الحج المصرية في عام 1222هـ الموافق عام 1807م، ولكن أعادت مصر إرسال الكسوة في العام 1228هـ.
وفى العصر الحديث قد تأسست دار لصناعة كسوة الكعبة بحي الخرنفش عام 1233هـ، وما زالت هذه الدار قائمة حتى الآن وتحتفظ بآخر كسوة صنعت للكعبة داخلها، واستمر العمل في دار الخرنفش حتى عام 1962م، إذ توقفت مصر عن إرسال كسوة الكعبة حينما تولت المملكة العربية السعودية صناعتها.
وكانت هناك أيضًا محاولات لصنعها فى العراق و لكن سلاطين المماليك لم يسمحوا لأى أحد أن ينازعهم في هذا، وأوقف الملك الصالح إسماعيل بن عبد الملك الناصر محمد بن قلاوون في عام 751هـ وقفًا خاصًا لكسوة الكعبة الخارجية السوداء مرة كل سنة.