يحرص مجلس النواب على إنهاء مشروع قانون الاجراءات الجنائية الخاص بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية (أو ما يعرف باستحداث نظام استئناف الأحكام الجنائية)، والذي يعد دستور مصر الثاني، لاسيما وأن تعديله يعد ترجمة جادة لتطلعات الجمهورية الجديدة في تعزيز دعائم حقوق الإنسان ويلبي تطلعات الجمهورية الجديدة، التي ترجمت في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
وفي الوقت الذي تستعد فيه لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، لعقد جلسات خلال الإجازة البرلمانية في الأول من سبتمبر، لنظر مسودة مشروع القانون الذي انتهت منه لجنة صياغة قانون الإجراءات الجنائية، تعكف لجنة حقوق الإنسان على الانتهاء من مخرجات جلسة الحبس الاحتياطي التي عقدت خلال الأيام الماضية تمهيدا لرفعها لرئيس الجمهورية.
وتمثل قضية الحبس الاحتياطى جزءا من قانون الإجراءات الجنائية، الذى يعد التزاما دستوريا واتفاقا مع الاستراتيجية لحقوق الإنسان، التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وجاءت مناقشته فى الحوار الوطنى بالتزامن مع توجيه رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفى جبالى، للجنة الشؤون الدستورية والتشريعية فى مناقشة مشروع القانون، خلال فترة الإجازة البرلمانية، تمهيدا لعرضه على المجلس فى دور الانعقاد المقبل، مؤكدا أنه سيكون علامة تاريخية وطفرة فى مجال حقوق الإنسان.
اجتماعات أول سبتمبر.. و14 شهرا مدة صياغة مسودة مشروع القانون
ويؤكد النائب إيهاب الطماوي، رئيس اللجنة الفرعية لصياغة قانون الإجراءات الجنائية ووكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب ، أن اللجنة ستبدأ اجتماعاتها لمناقشة (مسودة مشروع قانون الإجراءات الجنائية المتكامل الذي انتهت من صياغته اللجنة الفرعية) نفاذا لتكليفات المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، أول سبتمبر المقبل، قائلا "اللجنة عملت على مدار 14 شهرا وانتهت إلى صياغات منضبطة لمشروع قانون متكامل للإجراءات".
وأضاف في تصريح خاص، أن اللجنة ستعمل على الانتهاء من تقريرها بشأن مشروع القانون (الذي يعد دستورا ثانيا) حتى يكون جاهزا لإدراجه على جدول أعمال الجلسات العامة لمجلس النواب مع بداية دور الانعقاد المقبل.
ولفت "الطماوي" إلى أن لجنة دراسة وصياغة مشروع قانون الاجراءات الجنائية شارك في أعمالها التي استمرت لمدة 14 شهرا، كافة الجهات ذات الصلة بالقانون مثل مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة ونقابة المحامين والمجلس القومي لحقوق الإنسان وأساتذة القانون الجنائي بالجامعات، وهيئة مستشاري مجلس الوزراء ومجلس الدولة ومجلس الشيوخ والوزارات المعنية مع وزارة العدل، ولجان حقوق الإنسان والدفاع والأمن القومي وممثلي الأحزاب.
وأشار وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أن اللجنة خلال فترة عملها وحتى اللحظة، منفتحة للإطلاع والدراسة الكاملة لكافة الرؤي والأطروحات من كافة الجهات المعنية، والمهتمة بأن يكون هناك قانون الإجراءات الجنائية يناسب الجمهورية الجديدة التي يؤسس لها الرئيس عبد الفتاح السيسي، حتى يكون قانونا متسقا مع أحكام الدستور والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وكافة المواثيق الدولية.
واعتبر "الطماوي" أن كل ما دار من أطروحات محل تقدير طالما كانت تتسق مع أحكام الدستور والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، موضحا أن نتائج العمل المشترك والتعاون المثمر كانت بين كافة الجهات المعنية ومجلس النواب بهدف الوصول لصياغات تحقق الحق الحياة الأمنة لكل مواطن مع صون الحقوق والحريات الشخصية و التي كفلها الدستور، قائلا "نتائج مثمرة ومقدرة من الجميع".
واستطرد: وفى سياق عملها، استصحبت اللجنة بعض الأحكام المستقرة عملا وقضاء في القانون القائم، والتي لا تتعارض مع المتطلبات والمعطيات الدستورية والاجتماعية الراهنة، وبجانب ذلك فقد أضافت أحكاما جديدة تقتضيها طبيعة المرحلة والتطور الذي يشهده المجتمع المصري في المجالات كافة، وصولاً إلى صياغة مسودة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، والذي يعد من أبرز معالمه:
1- ترسيخ سلطة النيابة العامة في تحقيق وتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية، باعتبارها الأمينة عليها، وصاحبة الاختصاص الأصيل في ذلك، كونها ممثلة للمجتمع المصري.
2- الامتثال للضمانات الدستورية المنظمة لحقوق وحريات الأفراد، وخاصة في أحوال القبض، وتفتيش الأشخاص، ودخول المنازل وتفتيشها، وسلطات مأموري الضبط القضائي في هذا الصدد، وأهمها ضرورة الحصول على أمر قضائي مسبب لاتخاذ هذه الإجراءات؛ وكل ذلك فى حدود ما تقتضيه الضرورة الإجرائية.
3- تخفيض مدد الحبس الاحتياطي، ووضع حد أقصى لها، وتنظيم حالات التعويض عنه، تحقيقاً للغاية من كونه تدبيراً احترازياً وليس عقوبة، فضلاً عن إقرار بدائل الحبس الاحتياطي.
4- إعادة تنظيم أحكام الإعلان بما يتفق والتطور التقني والتكنولوجي الذي يشهده العالم الحديث، بإضافة وسائل الإعلان الإلكترونية سواء البريد الإلكتروني أو الهاتف المحمول، مع الإبقاء على وسائل الإعلان التقليدية كضمانة لحقوق الأفراد، وبما يضمن تحقق علمهم اليقيني.
5- تنظيم المنع من السفر والمنع من التصرف، بنصوص محكمة تراعى كافة الضمانات الدستورية، التي تحقق الغاية منهما، دون أن تنال في ذات الوقت من حق الأفراد في حرية التنقل أو الإقامة أو حماية الملكية الخاصة، باعتبارها حقوقا دستورية لا ينبغي تقييدها إلا في إطار الضرورة، وبضوابط محددة.
6- تنظيم إجراءات التحقيق والمحاكمة من خلال الوسائل الإلكترونية، بما من شأنه إحداث نقلة نوعية في هذا الإطار، وبما يضمن مواكبة التطور التقني.
7- توفير حماية فعالة لكل من المتهمين والمبلغين والشهود، بما يضمن حسن سير إجراءات التقاضي، وتمكين أجهزة الدولة من مكافحة الجريمة.
8- إقرار وترسيخ مبدأ (لا محاكمة دون محام)، بما يتيح أن يكون لكل متهم محام حاضر معه، سواء كان موكلا منه أو تندبه سلطة التحقيق أو المحاكمة بحسب الأحوال بالتنسيق مع نقابة المحامين، ترسيخًا للحق في الدفاع.
9- تفعيل حق المتهم في الصمت كضمانة من الضمانات التي قررها الدستور المصري.
10- إعادة تنظيم حق الطعن في الأحكام الغيابية عن طريق المعارضة، بالشكل الذى يحقق التوازن بين كفالة الحق في التقاضي وضمانات حق الدفاع، وبين كفالة تحقيق العدالة الناجزة وسرعة الفصل في القضايا في آن واحد.
11- تنظيم الحق في استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات، وذلك في إطار تعزيز وتدعيم حق التقاضي والحق في الدفاع كضمانات دستورية راسخة.
12- حماية حقوق ذوي الهمم، في مراحل التحقيق والمحاكمة وتنفيذ العقوبة، من خلال توفير المساعدات الفنية، ووسائل الإتاحة اللازمة والمناسبة لهم خلال هذه المراحل.
13- ضمان حقوق وحريات المحكوم عليهم أثناء تنفيذ العقوبات داخل مراكز الإصلاح والتأهيل وأماكن الاحتجاز، عبر إخضاعها للإشراف القضائي وتهيئتها بشكل مناسب من الناحيتين الصحية والاجتماعية، وإلزام القائمين عليها باحترام حقوق وحريات المحكوم عليهم.
14- تنظيم ورعاية حقوق المتهمين والمحكوم عليهم المصابين بأمراض عقلية أو نفسية، سواء أثناء التحقيق أو المحاكمة أو حتى أثناء تنفيذ العقوبة، وذلك بتنظيم أحوال وإجراءات إيداعهم منشآت الصحة النفسية خلال أي مرحلة من هذه المراحل.
15- ضمان حقوق المرأة والطفل، وذلك بتأجيل تنفيذ بعض العقوبات على المرأة الحامل، بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية والاتفاقيات والمواثيق الدولية.
16- إلغاء الإكراه البدني كوسيلة لتحصيل المبالغ الناشئة عن الجريمة المحكوم بها لصالح الدولة، واستبداله بإلزام المحكوم عليهم بأداء أعمال للمنفعة العامة، بالضوابط والإجراءات اللازمة لذلك.
17- تنظيم أحكام التعاون القضائي في المسائل الجنائية بين ممصر وغيرها من الدول، سواء في مجال تسليم المتهمين أو المحكوم عليهم أو الأشياء والأموال المتحصلة من الجرائم أو عائداتها أو التحفظ عليها أو مجال المساعدة والإنابة القضائية من خلال سماع الشهود أو فحص الأشياء والأماكن
وأضاف الطماوي أنه تم تخفيض مدد الحبس الاحتياطي لتكون في الجنح 4 أشهر بدلاً من 6 أشهر، وفي الجنايات 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً بدلاً من سنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أو الإعدام، وتحديد حد أقصى للحبس الاحتياطي من محكمة جنايات الدرجة الثانية أو محكمة النقض في الجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد ليصبح سنتين بحد أقصى بدلاً من عدم التقيد بمدد، لأنه كان هناك بعض التعديلات بسبب القضايا الإرهابية هو اعتبار مدة الحبس في الجرائم التي عقوبتها تصل للإعدام أو أمن الدولة الى مدد مطلقة وقد قيدها القانون بسنتين.
وعن بدائل الحبس الاحتياطي، تتضمن:
1– إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه.
2– إلزام المتهم بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة فى أوقات محددة.
3– حظر ارتياد المتهم أماكن محددة
فيما يشير النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إلى أهمية مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي أنهت اللجنة الفرعية صياغته، حيث ستجري مناقشته في اللجنة الدستورية والتشريعية ولجنة حقوق الإنسان خلال الإجازة البرلمانية ليكون جاهزا للعرض على مجلس النواب بداية دور الانعقاد القادم.
واعتبر أن ذلك يضمن معالجة اشكاليات الحبس الاحتياطي ليبقى كما هو مراد منه أن يكون إجراء احترازيا لضمان سلامة التحقيقات وليس عقوبة خاصة وأن الأصل هو أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة منصفة، كما يجب التأكيد على مزيد من الضمانات لتحقيق هذا الغرض، مشيرا إلى أن كل تلك الخطوات تؤكد أن اختيار تعزيز حقوق الإنسان هو اختيار وطني في المقام الأول، حرص عليه الرئيس والحكومة واتضح ذلك بإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
تنسيق كبير بين البرلمان والحوار الوطني في ملف الحبس الاحتياطي والإجراءات الجنائية
بينما يقول الكاتب الصحفى جمال الكشكى، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني إن هناك تنسيقا قائما بين الحوار الوطنى ومجلس النواب فى هذا الملف وشارك بالجلسات ممثلون عن البرلمان واللجان المختصة، لافتا إلى أن اللجنة المختصة بالحوار الوطني تعكف على صياغة الاقتراحات التي تم طرحها في الجلسات وأيضا ما تتلقاه من اقتراحات من المصريين يتم إرسالها للأمانة الفنية.
وأوضح في تصريح خاص، أن هناك توافقا على تخفيض مدد الحبس الاحتياطى، ويتم في الوقت الحالي فرز التوصيات وصياغتها تمهيدا لرفعها إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى لإحالتها لمجلس النواب، مشددا أن مناقشة ملف الحبس الاحتياطى نجح فى فك كل الخطوط الحمراء، موضحا أن هذا التوقيت يحتاج لتقديم رؤية متكاملة للتوصل إلى توافق عام حول تخفيض مدة الحبس، فإن طرح الحبس الاحتياطى للنقاش يبرهن على وجود إرادة من رأس الدولة لإعادة النظر فى تلك القضية، لضبط إيقاع مواد الحبس الاحتياطى مع مراعاة قضية شائكة تكمن فى المسجلين خطر، الذين يشكلون خطرا كبيرا على المجتمع، لذا فإن معالجة مواد هذه القانون تحتاج إلى جراح بمشرط قانونى للخروج بتوصيات قادرة على تحقيق التوازن بين العدالة وحماية الأمن القومى.