حصدت الدولة المصرية جهود سنوات من الارتقاء بمجالات قوتها الناعمة، حيث سعت على مدار سنوات لتعزيز هذه القوة بالتزامن مع جهودها الإصلاحية المتواصلة فى شتى المجالات على مدار 8 سنوات، من أجل استدامة التنمية وترسيخ قوة عناصرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويأتى الإعلام المصرى فى مقدمة الأدوات التى منحت مصر مسببات الحصول على مكانة متميزة بمؤشرات القوة الناعمة.
وبشهادة مؤشر القوة الناعمة العالمي الصادر عن شركة الاستشارات العالمية "براند فاينانس"، فإن مصر تصدرت قائمة أكثر 10 دول أفريقية ذات التأثير الأكبر من حيث القوة الناعمة في العالم للعام 2024، وفقًا ما يعكس مكانتها المميزة وتأثيرها الإيجابي وسمعتها الطيبة بين الدول.
ويعتمد المؤشر على استطلاع رأي كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 بشأن تصنيفات الدول ومدى تمتعها بالمقاييس المطلوبة حتى تدرج على القائمة.وأوضح موقع "بيزنس إنسايدر أفريكا" المتخصص في التقارير الأفريقية أن مصر حصلت على نتيجة 44.9 درجة على المؤشر الذي يقيس ثماني ركائز أساسية من بينها، الأعمال والتجارة، والعلاقات الدولية، والتعليم والعلوم، والثقافة والتراث، والحوكمة، والإعلام والاتصالات، والمستقبل المستدام، والشعب والقيم.
وتعرف القوة الناعمة بأنها القدرة على الإقناع والتأثير في بعض الأطراف حتى تتم الاستجابة لرغبات الطرف/ الدولة التي تمارس القوة الناعمة، ويمكن في هذا الصدد الاستفادة من أدوات عديدة؛ منها: الثقافة، والفنون، والرياضة، فضلًا عن الدبلوماسية، والمساعدات الخارجية ويضطلع بهذه الأدوات كلٌ من مؤسسات الدولة، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، إلى جانب إمكانية توظيف وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا في هذا الشأن".
ولعب الإعلام المصرى وفى القلب منه الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية دورا فى صدارة القاهرة للقوة الناعمة على مختلف الأصعدة، فقد نجحت لتكون سفيرا لمصر خارج الحدود، وتعبر بالثقافة المصرية خارج نطاق الاقليم، وتكون بذلك آداة من أدوات قوة مصر الناعمة، فعلى المستوى الإخباري فقد نقل الحقيقة كما هى خلال العدوان الإسرائيلى المتواصل على غزة، وأوفدت قوافل إعلامية غى إطار إطلاق الشركة قافلة إغاثية لدعم الأشقاء الفلسطينيين فى قطاع غزة، تعزيزًا للدور المجتمعي للشركة من خلال المشاركة في الخدمات المجتمعية على جميع الأصعدة، وهو ما يؤكد أن الفن المصري ليس منفصلا عن قضايا العرب جميعًا، وعلى رأسهم القضية الفلسطينية.
وفى الساحة السودانية، لعب الاعلام المصرى دورا نزيها ووقف على الحياد فى المعارك الدائرة بين طرفيها الجيش والدعم السريع، وجائت إشادة من قبل القوات المسلحة السودانية، خلال لقاء سابق لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان بوفد اعلامي، أكد خلاله على نزاهة الإعلام المصرى فى نقل أحداث بلاده.
وتعد القوة الناعمة بمثابة القاطرة لتعزيز دور مصر ومكانتها على الساحة العربية والإقليمية والدولية ومواجهة التحديات، بما يمكنها من طرح ورعاية المبادرات الهادفة إلى تحقيق الأمن والسلام والاستقرار فى المنطقة، فضلًا عن العمل على تحقيق التقارب مع الشعوب من مختلف الثقافات، بجانب الاستثمار فى رأس المال البشرى، واستغلال الإرث الثقافى والتاريخى والثقل الإنسانى والحضارى للترويج للثقافة والحضارة المصرية، الأمر الذى ينعكس إيجابًا على تدعيم مكانة مصر على خريطة الاستثمار والسياحة ويضعها فى موقعها الصحيح كقوة مؤثرة فى محيطها الإقليمى بل والعالمى، وهو ما دفع إلى احتلال مصر مواقع متقدمة فى مؤشرات التصنيف الدولية، باعتبارها نموذجًا متميزًا فى القوة الناعمة، بحسب تقرير سابق للمركز الإعلامى لمجلس الوزراء.
صدارة مصر للقارة الأفريقة دفع الحكومة لإعداد برنامج واضح ومتميز لضمان استمرارية هذه الصدارة، من خلال العمل على أربعة برامج فرعية، هي: تعزيز صورة مصر الدولية، والترويج للعلامات التجارية المصرية، وتحسين الأداء المصري في الصناعات الثقافية، وتحسين الأداء المصري في الإعلام والاتصال.
وتستهدف الحكومة استكمال تفعيل تعزيز صورة مصر دوليًا أمام الرأي العام العالمي، وكذا التركيز على إبراز الصورة الحضارية لمصر، وفيما يلي يمكن بلورة أبرز الإجراءات المستهدفة في إطار ذلك البرنامج: العمل على تطوير استراتيجية شاملة للقوة الناعمة، وذلك من خلال وضع إطار عمل استراتيجي بأهداف رئيسة، مع ضمان التكامل مع الخطط الوطنية، وإنشاء المجلس الثقافي المصري للقوة الناعمة ليكون معنيا بمتابعة تنفيذ البرامج والسياسات المستهدف تنفيذها ضمن استراتيجية القوة الناعمة المصرية.
كذلك يشتهدف البرنامج الحكومى تحسين وضع مصر في مؤشر القوة الناعمة العالمي، و تطبيق مشروع "الهوية الإعلامية المرئية لمصر، عبر اختيار شعار إعلامي يعكس الهوية الوطنية للدولة، ويروج لمسيرتها التنموية، وقيمها الأصيلة، والعمل على تعظيم الاستفادة من المبادرات التي تبنتها الدولة المصرية لتعزيز قوتها الناعمة، على غرار مشروع الهوية البصرية، وتفعيل الدبلوماسية البرلمانية كإحدى أدوات القوة الناعمة المصرية لتعزيز الروابط بين البرلمان المصري والبرلمانات الدولية والإقليمية.