أصدرت الدائرة الخامسة جنايات - بمحكمة القاهرة الاقتصادية – حكما فريدا من نوعه، ببراءة تشكيل عصابي متخصص في الاتجار بالنقد الأجنبي بناء على بطلان الإجراءات، رغم محادثات الاتجار في النقد الأجنبي التى أهدرها الحكم، وكذا عدم إثبات صحة القبض والتفتيش تلبسا، وذكرت في حيثيات الحكم: "أن للواقعة صورة أخرى حجبها ضابط الواقعة لإضفاء الشرعية على الواقعة باختلاق حالة تلبس تسرع إجراء القبض والتفتيش الواقع منه على المتهمين، وهو الأمر الذي تتشكك معه المحكمة في ثبوت التهمة وصحة إسنادها وفقا للصورة التي أثبتها ضابط الواقعة".
كما أهدرت التسجيلات بقولها: "المقرر قانونا أنه لا يجوز الاستناد إلى ما جاء بمحاضر تفريغ المحادثات الصوتية أو ما جاء بتقرير تفريغ المحادثات الهاتفية إلا كقرينة معززة للأدلة الأخرى التي يبنى عليها الحكم قضاءه، فلا يجوز أن يتخذ الحكم من نتيجة هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل المتهم".
صدر الحكم في قضية النيابة العامة رقم 189 لسنة 2024 جنايات مصر القديمة والمقيدة برقم 49 لسنة 2024 كلى جنوب القاهرة وبرقم 724 لسنة 2024 جنايات شئون اقتصادية - لصالح المحامى بالنقض الدكتور محمود رجب فتح الله، برئاسة المستشار أحمد رفعت مهنى، وعضوية المستشارين متى كمال سامي، ومحمود عابدين عمر، وبحضور كل من شريف حلمي، وكيل النيابة، وأمانة سر أحمد نجاح.
الوقائع.. القبض على 3 متهمين بالإتجار في النقد الأجنبي وإحالتهم للمحاكمة
اتهمت النيابة العامة المتهمين لأنهم في يوم 2 فبراير 2024 وبتاريخ سابق عليه بدائرة قسم شرطة القديمة - محافظة القاهرة:
1- تعاملوا في النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً بأن أستبدلوا العملة الأجنبية بما يعادلها من العملة الوطنية خارج نطاق البنوك المعتمدة أو الجهات المرخص لها قانونا في ذلك، على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات.
2- باشروا عملا من أعمال البنوك، بأن اعتادوا التعامل في النقد الاجنبي والمصري بيغا وشراء دون أن يكونوا من المسجلين في البنك المركزي المصري الممارسة هذا النشاط على النحو المبين بالتحقيقات.
وفى تلك الأثناء – أحالت النيابة العامة المتهمين الى المحاكمة الجنائية العاجلة، طبقا لأدلة الثبوت قبل المتهمين، وشهادة الشهود، فقد شهد الرائد "أحمد محمد"، معاون مباحث قسم شرطة مصر القديمة، من أنه وردت إليه معلومات من أحد مصادرة السرية، مفادها قيام المتهم الأول بالإتجار والتعامل في النقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفي من خلال تردده على – دائرة القسم مستخدما في ذلك السيارة رقم "......"، وحيث إنه بتاريخ 2 فبراير 2024 أخطره أحد مصادره السرية يتواجد الأول بمدينة الفسطاط لمزاولة نشاطه المؤثم، فانتقل إلى مكان تواجده بإرشاد مصدره السرى.
شهادة الشهود في واقعة الضبط
وهنا أبصره بداخل السيارة المشار إليه وبرفقته كل من المتهمين الثانى والثالث يتبادلوا فيما بينهم عملات أجنبية بعملات أخرى مصرية، فقام بضبط المتهمين وبتفتيشهم عثر مع المتهم الأول على مبالغ مالية قدرها 45 ألف جنيه مصري، وكذا مبلغ 21 ألفا و900 دولار أمريكي، وكذا هاتف محمول ماركة أي فون، وعثر مع المتهم الثاني على مبالغ مالية قدرها 18 ألف يورو، 11,500 دولار أمريكي، ونظر مع المتهم الثالث على مبلغ قدره 9 آلاف يورو، وكذا مبلغ 7 آلاف و600 دولار أمريكي، وبمواجهتم أقروا بتعاملهم في النقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفي، وأن المبالغ المضبوطة من حصيلة نشاطهم المؤلم.
وشهد العميد "محمد. ع" - الضابط بإدارة مكافحة جرائم الأموال العامة بمديرية أمن القاهرة، بأن تحرياته قد توصلت إلى قيام المتهمين بالتعامل في النقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفي، وانتهي تقرير قسم البحوث الفنية بالإدارة العامة للمساعدات الفنية إلى احتواء الهاتف المحمول الخاص بالمتهم الأول على محادثات تشير إلى تعامله في النقد الأجنبي خارج نطاق السولى المصرفي.
المتهمين ينكرون الاتهامات
وباستجواب كل من المتهمين "محود. س" و"هانى. ع" و"إبراهيم. م" في تحقيقات النيابة أنكر الإتهام المسند إليه، وقرر الأول بأنه قد تم ضبطه في ظهيرة يوم 1 فبراير 2024 حال سيره بسيارته الخاصة بشارع "........." دائرة القسم حيث تم أقتياده إلى مسكنه وضبط مبالغ نقدية قدرها 21700 دولار أمريكى، 45000 جنيه مصري، وقرر الثانى بأنه قد تم ضبطه ظهيرة يوم 1 فبراير 2024 حال سيره بشارع "......" دائرة القسم وبحوزته المبالغ المالية المضبوطة بحوزته، وقرر الثالث بأنه يعمل موظف ببنك "...." بالقاهرة، وقد تم ضبطه مساء يوم 1 فبراير 2024 حال سيره بشارع "....." دائرة القسم، وبحوزته مبلغ 5700 دولار أمريكى حيث تم اقتياده إلى مسكنه وتم ضبط مبالغ أخرى قدرها 1900 دولار أمريكى، 9000 يورو.
مذكرة الدفاع تتضمن عدة دفوع
وبجلسة المحاكمة حضر المتهم الأول بنفسه، وحضر مدافع عن كل من المتهمين الثاني والثالث بوكالة خاصة، والدفاع الحاضر مع المتهم الأول، و عن المتهمين الثاني والثالث طلب القضاء ببراءة المتهمين تأسيسا على الدفع ببطلان القبض والتفتيش، وانفراد الضابط بالشهادة، وانتفاء أركان الجريمة، وعدم معقولية تصور حدوث الواقعة، وبطلان التحريات، وبطلان الدليل المستمد عن فحص الهاتف المحمول الخاص بالمتهم الأول، وبطلان الإقرار المنسوب صدوره للمتهم في محضر الضبط، وقدموا حوافظ مستندات وقدم الدفاع الحاضر عن المتهم الثالث مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته.
والمحكمة في حيثيات الحكم: حيث إنه من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الوقائع الذي يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة، وأن أصل البراءة يعتبر قاعدة أساسية في النظام الاتهامي لا ترخص فيها، ولا ترخصها حقائق الأشياء، وتقتضيها الشرعية الإجرائية وحماية الفرد في مواجهة صور التحكم والتسلط والتحامل بما يحول دون اعتبار واقعة تقوم بها الجريمة ثابته بغير دليل جاد قاطع يبلغ مبلغ الجزم واليقين، ولا يدع مجالا شبهة انتقاء التهمة أو الشك فيها، ودون ذلك لا ينهدم أصل البراءة.
المحكمة تُهدر التسجيلات
وبحسب "المحكمة": وكان من المقرر قانونا أنه لا يجوز الاستناد إلى ما جاء بمحاضر تفريغ المحادثات الصوتية أو ما جاء بتقرير تفريغ المحادثات الهاتفية إلا كقرينة معززة للأدلة الأخرى التي يبنى عليها الحكم قضاءه، فلا يجوز أن يتخذ الحكم من نتيجة هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل المتهم.
ووفقا لـ"المحكمة": وحيث إن المحكمة بعد أن ألمت بواقعة الدعوى، وبظروفها وملابساتها فإنها وفي مجال تقدير الواقع في الدعوى، فإنها يستعصى على وجدانها الاطمئنان إلى هذا الواقع وذلك بشأن الرواية التي قال بها ضابط الواقعة في محضر الضبط، وشهد بها في التحقيقات، وترى أن للواقعة صورة أخرى حجبها ضابط الواقعة لإضفاء الشرعية على الواقعة باختلاق حالة تلبس تسوع إجراء القبض والتفتيش الواقع منه على المتهمين، وهو الأمر الذي تتشكك معه المحكمة في ثبوت التهمة وصحة إسنادها وفقا للصورة التي اثبتها ضابط الواقعة.
المحكمة تُهدر رواية ضابط الواقعة
وتضيف "المحكمة": ومن ثم فلا تقيم المحكمة وزناً لهذه الرواية وترفض هذه الصورة وترى فيها مجرد مجادلة الإسباغ الشرعية على إجراءات تمت على خلاف أحكام القانون وفي غير موجباته باختلاق حالة تلبس لا يصادفها واقع أو يقرها قانون بما يتعين إطراحها وعدم التعوين على شهادة من قال بها ولا على ما أثبته في محضره من أقوال واعترافات مقول بحصولها أمامه من المتهمين، ولا بأى دليل مستمد من تلك الأجراءات الباطلة، والاعتداد بإنكار المتهمين، وما أبداه الدفاع الحاضر بجلسة المحاكمة من أوجه دفاع ترى المحكمة أنه أولى بالاعتبار عما عداه.
ولما كانت الدعوى - وعلى ذلك النحو لم يتبقى فيها دليل يصح على إدائه المتهمين، بمقتضاه سوى تحريات الشرطة وشهادة مجريها، والتي لا تصلح وحدها سنداً للإدانة بحكم أنها تخضع دائماً لرأى صاحبها وتحتمل الصحة والبطلان إلى أن يعرف مصدرها، وإذا كان ذلك وقد خلت الأوراق من دليل يقيني يحول عليه ويصح سنداً لإدانة المتهمين، فإنه يتعين والحال كذلك عملا بنص المادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية القضاء ببراءتهم مما أسند إليهم.
فلهذه الأسباب:
حکمت المحكمة حضورياً ببراءة كل من "محمود. س" و"هانى. ع"، و"إبراهيم. م" مما أسند إليه.
المحامى بالنقض الدكتور محمود رجب فتح الله - دفاع المتهمين