سباق مع الزمن تعيشة الأطراف الدولية والعربية، ففى وسط استمرار القصف الإسرائيلي على لبنان وأنباء غير مؤكدة حول التجهيز فى جيش الاحتلال لاجتياح برى، يحاول الجميع استباق نشوب حرب أوسع من خلال الجهود الدبلوماسية، حيث ظهرت على الطاولة مبادرة فرنسية أمريكية لوقف إطلاق النار بين تل أبيب وحزب الله تضمن منع مزيد من الدمار وسقوط الأبرياء.
وخلال الساعات الماضية قدمت كل من الولايات المتحدة وفرنسا خطة تهدئة فى لبنان دعوا من خلالها إلى وقف إطلاق نار مؤقت لمدة 21 يومًا بين دولة الاحتلال الإسرائيلية وحزب الله اللبناني؛ لإفساح المجال أمام مفاوضات أوسع نطاقًا.
وشدد الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك على ضرورة التوصل إلى تسوية على الحدود بين إسرائيل ولبنان بشكل يضمن الأمن والسلامة ويمكن المدنيين من العودة إلى ديارهم.
وجاء في البيان أن "الوضع بين لبنان وإسرائيل منذ 8 أكتوبر 2023 لا يطاق ويشكل خطراً غير مقبول لتصعيد إقليمي أوسع نطاقاً، وهذا لا يصب في مصلحة أحد، لا شعب إسرائيل ولا شعب لبنان".
وقال الموقعون: "لقد حان الوقت لإبرام تسوية دبلوماسية تمكن المدنيين على جانبي الحدود من العودة إلى ديارهم بأمان، لكن الدبلوماسية لا يمكن أن تنجح في ظل تصعيد هذا الصراع".
وأضافوا: "ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل لتوفير مساحة للدبلوماسية نحو التوصل إلى تسوية دبلوماسية تتفق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، وتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2735 بشأن وقف إطلاق النار في غزة".
وتابع البيان: "ندعو جميع الأطراف، بما في ذلك حكومتي إسرائيل ولبنان، إلى تأييد وقف إطلاق النار المؤقت على الفور وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 خلال هذه الفترة، وإعطاء فرصة حقيقية للتوصل إلى تسوية دبلوماسية".
وفي أغسطس 2006، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 1701 الذي نص على وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان، ووضع نهاية لحرب مع إسرائيل استمرت 34 يوماً.
ويسود تفاؤل حذر بإمكانية تطبيق هذا الاتفاق، حيث قال مسئول فى البيت الأبيض إن الولايات المتحدة تتوقع أن يقرر لبنان وإسرائيل "فى غضون ساعات" ما إذا كانا يقبلان بالاستجابة لمبادرة وقف إطلاق النار فى لبنان.
ووفقا لقناة الحرة الأمريكية، أضاف المسئول الأمريكي، أن "دعوة وقف إطلاق النار، لم تشمل غزة، لكننا نأمل في أن يوفر وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، المجال والمساحة لاستئناف مفاوضات تبادل الأسرى".
ورغم التفاؤل الأمريكي إلا أن تصرفات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لا يمكن التكهن بها، خاصة بعد الإجرام الذى ظهر من دولة الاحتلال على مدار العام الماضى تجاه غزة وعدم اكتراث نتنياهو لأى من القرارات الدولية أو القانون الإنساني.
وبالفعل بعد إطلاق المبادرة بساعات سادت حالة من التباين حولها، ففى حين نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول في مكتب نتنياهو أن هناك ضوءا أخضر لوقف إطلاق النار في جبهة الشمال بهدف إفساح المجال للمفاوضات، نفى مكتب نتنياهو الأمر.
وأكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، أن الأنباء عن وقف إطلاق النار مع حزب الله غير صحيحة.
وأشار مكتب نتنياهو إلى أن رئيس الوزراء لم يُعطِ رده على مقترح التهدئة الأمريكي الفرنسي، موضحا أن الحديث عن تعليمات بشأن تهدئة العمليات العسكرية في الشمال مخالفة للحقيقة، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة أوعز للجيش بالاستمرار في القتال بكل قوة ووفقا للمخطط الموضوع.
كما رفض وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الخميس، الدعوة لوقف إطلاق النار في لبنان وطالب بـسحق حزب الله.
وكتب سموتريتش على منصة "إكس" إن "على الحملة في الشمال أن تنتهي بنتيجة واحدة: سحق حزب الله والقضاء على قدرته على إلحاق الضرر بسكان الشمال".
وأضاف: "يتعيّن عدم إعطاء العدو وقتا للتعافي من الضربات الكبيرة التي تعرض لها وإعادة تنظيم صفوفه لمواصلة الحرب بعد 21 يوما".
وتابع: "استسلام حزب الله أو الحرب هذه الطريقة الوحيدة لإعادة السكان والأمن إلى الشمال والبلاد بأسرها".
وفى ظل حالة عدم اليقين بإمكانية التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار يستمر لبنان فى النزيف كل ساعة، حيث أعلن وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ومنسق خطة الطوارئ ناصر ياسين، ارتفاع أعداد النازحين جراء التصعيد الإسرائيلي على بلدات وقرى على الجنوب اللبناني إلى 200 ألف نازح.
وقال ياسين، إن "أعداد النزوح في ارتفاع جراء تصعيد العدوان الإسرائيلي وهو يتراوح بين 150 ألفا إلى 200 ألف نازح، تم توزيعهم على 400 مركز إيواء عبارة عن مدارس حكومية لتكون أماكن آمنة للإيواء"، مشيرا إلى أن أعداد القتلى جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان وصل إلى 1247 قتيلا و 5 آلاف و272 جريحا.
وأضاف أن الوزارة تعمل على تأمين الاحتياجات الأساسية للنازحين اللبنانيين في مراكز الإيواء، مشيرا إلى أنه بالتعاون مع الهيئات الأممية الإغاثية جرى تأمين أكثر من 37 ألف أغطية ومفروشات للمواطنين وتم توزيع معلبات غذائية على أكثر من 47 ألف شخص.
وأكد أنه لا توجد دولة في العالم تواجه آلة قتل وتدمير بهذا الحجم بهذه السرعة والدقة مثل ما تفعل إسرائيل، مطالبا بضرورة إرسال المساعدات الإنسانية عبر المنظمات الدولية أو عبر السفراء في الخارج مثل المواد الطبية.