أصدرت الدائرة المدنية "ب" – بمحكمة النقض – حكما قضائيا فريدا من نوعه، يهم الشركاء على الشيوع، يُرسخ لعدة مبادئ قضائية بشأن "الطرد للغصب"، قالت فيه: " دعوى طرد الغاصب من أعمال الحفظ، حيث يكون لكل شريك على الشيوع رفعها منفردًا لكل المال الشائع دون حاجة لموافقة باقي الشركاء مع جواز القضاء له برد القدر المغتصب لكل المال الشائع".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 4002 لسنة 91 قضائية، برئاسة المستشار محمد خليفة البرى، وعضوية أحمد جلال عبد العظيم، ورضا كرم الدين، وأحمد كمال حمدى، ومحمد على إسماعيل، وبحضور كل من رئيس النيابة لدى محكمة النقض أحمد غانم، وأمانة سر عبدالفضيل صالح.
الوقائع.. نزاع قضائى بالطرد للغصب من أرض مبنى عليها عقار صادر ضده قرار إزالة
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين بصفاتهم أقاموا على المطعون ضده الدعوى رقم 49 لسنة 2017 مدني محكمة شمال الزقازيق الابتدائية - مأمورية ديرب نجم - بطلب الحكم باستبقاء المباني مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة، وطرد المطعون ضده وإخلائه من العين المبينة بالصحيفة والتسليم، وبإلزامه بأن يؤدي لهم مقابل الانتفاع من تاريخ التعدي وحتى صدور حكم في الدعوى وإجراء المقاصة بين ما يستحق لهم من تعويض ومقابل انتفاع وبين ما يستحق للمطعون ضده من ثمن أنقاض المبنى.
شخص وضع يده على أرض ملك للدولة وقام بالبناء عليها بدون ترخيص
وقالوا بياناً لذلك إن أرض النزاع تقع ضمن أملاك الدولة الخاصة المملوكة لهم بصفاتهم وأن المطعون ضده قام بوضع يده عليها دون سند، وأقام عليها بناء دون ترخيص مخالفاً أحكام القانون بما يعد معه وضع يده وضع غاصب، ومن ثم أقاموا الدعوى، ثم ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حکمت برفضها، ثم استأنف الطاعنون بصفاتهم ذلك الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة مأمورية الزقازيق بالاستئناف رقم 1974 لسنة 63 قضائية، وبتاريخ 12 يناير 2021 قضت برفضه، ثم طعن الطاعنون بصفاتهم في ذلك الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
محكمتى أول وثانى درجة ترفض دعوى الطرد للغصب
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعنون بصفاتهم على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ أقام قضاءه برفض دعواهم تأسيساً على عدم إمكانية الفصل في كون عقار التداعي ينحل ضمن أملاك الدولة من عدمه رغم أنهم مالكون لحصة الأغلبية على المشاع في الأرض المقام عليها العقار ويحق لهم أن يردوا الاعتداء الواقع على المال الشائع، وسوء نية المطعون ضده الذي قام بالبناء على حصتهم لا سيما وقد أثبت الخبير في النتيجة النهائية بتقريره أن المطعون ضده لم يقدم سنداً رسمياً بشأن ملكيته أو مورثه لعقار التداعي، أو علاقة البائع المورثه بالملاك الأصليين الوارد أسماؤهم بدفتر المساحة الحديثة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
الجهات الحكومية تطعن أمام محكمة النقض
المحكمة في حيثيات الحكم قالت ردا على الدفوع التي استندت عليها مذكرة الطعن إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 830 من القانون المدني على أنه: "لكل شريك على الشيوع الحق في أن يتخذ من الوسائل ما يلزم لحفظ الشيء ولو كان ذلك بغير موافقة باقي الشركاء " يدل على أن لكل شريك على الشيوع منفرداً أن يقوم بأعمال الحفظ وهو في ذلك يعتبر أصيلاً عن نفسه ووكيلاً عن سائر الشركاء طالما لم يعترض أحد منهم على عمله، وكان من المقرر أن أعمال الحفظ المعنية بالنص المشار إليه تتسع لرفع دعاوى الحدود والحيازة والاستحقاق وما يلحق بها من طلبات والإزالة والتعويض ....".
النقض تنصف الجهات الحكومية وتحيل القضية لمحكمة الاستئناف
وبحسب "المحكمة": وأن الدعوى بطلب طرد الغاصب تندرج ضمن أعمال الحفظ التي يحق لكل شريك على الشيوع رفعها بالنسبة لكل المال الشائع دون حاجة لموافقة باقي الشركاء، ومن ثم فإذا رفعها منفرداً أحد الشركاء على الشيوع لرد بعض المال الشائع من يد مغتصبه فإنه يجوز أن يقضى لذلك الشريك بطلباته برد القدر المغتصب لكل المال الشائع.
لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين بصفاتهم على قالة إنهم يمتلكون حصة أغلبية مشاعاً مع آخرين غير مختصمين في الدعوى وأن الأرض المقام عليها عقار المطعون ضده تقع ضمن تلك المساحة المملوكة على الشيوع بما لا يمكن معه الفصل في كون ذلك العقار يدخل ضمن أملاك الدولة من عدمه، وأنه يتعين لإجابة الطاعنين بصفاتهم لطلباتهم أن يتم إنهاء الشيوع وفصل أملاك الدولة عن ملكية باقي الملاك على الشيوع، رغم أن الثابت من تقرير الخبير المندوب أن المطعون ضده لم يقدم سنداً رسمياً بملكيته أو مورثه للأرض المقام عليها العقار أو علاقة البائع لمورثه بأي من الملاك المشتاعين وأن العقود الابتدائية المقدمة منه يصعب تطبيقها على الطبيعة، فإن حكمه يكون معيباً بالقصور الذي جره المخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات وأحالت القضية إلى محكمة استئناف المنصورة مأمورية الزقازيق.